"كان هناك في الأساس ثلاثة يمثلون توني بلير، وثلاثة يمثلون جورج بوش، ولكن هيئة "بي بي سي" أصرت من أجل "التوازن السياسي" على إظهار قادة الأحزاب البريطانية الآخرين وعلى ان يكون هناك بلير واحد وجورج بوش واحد". \r\n \r\n وتعرضت فكرة إننا نعيش في مجتمع حر، للسخرية على نحو أشد خطورة في الأسبوع الماضي من خلال عزل وزير الخارجية جاك سترو من المنصب في آخر تغيير وزاري. وزعمت اثنتان من أكبر صحف لندن في الأسبوع الماضي ان سترو أقصي من المنصب بسبب معارضته استخدام القوة النووية ضد إيران، وان جورج بوش شكا من ذلك. وذكرت صحيفة "ذا اندبندنت" في مقالة بتاريخ السابع من الشهر الجاري: "تقرر مصير جاك سترو خلال اتصال هاتفي من البيت الابيض بتوني بلير الشهر الماضي.. وكان بوش غاضباً للغاية، لأن سترو قال ان "من الجنون" استخدام الأسلحة النووية ضد إيران، وهو خيار يقال إنه يخضع لدراسة جادة في واشنطن". \r\n \r\n وفي ابريل/ نيسان الماضي، حذر سترو زملاءه وزراء الحكومة من ان تقديم بريطانيا الدعم للولايات المتحدة في عمل عسكري ضد إيران سيكون عملاً غير قانوني. ولكن بلير ساند بوش عندما أصر على ان استبعاد العمل العسكري سيبعث "برسالة ضعف" الى ايران. وقيل إن هذا سبب "خلافات" بين سترو وبلير. \r\n \r\n وصرح سترو بعد ذلك لإذاعة بي بي سي رقم "4" بأن "من غير المتصور" ان تؤيد بريطانيا ضربة عسكرية ضد طهران، وبعد أربع ساعات من ذلك التصريح، رفض بلير مجدداً الموافقة على ذلك عند طرح الأسئلة عليه. وأبلغ سترو الوزراء لاحقاً انه لا يعتقد ان النائب العام اللورد جولد سميث، سيوافق على شرعية الاجراء البريطاني لأن ايران لم تشكل خطراً مباشراً على بريطانيا. \r\n \r\n ونتيجة لذلك، تم إقصاء سترو من منصبه علماً بأنه أحد أبرز المخلصين والمدافعين دون حياء عن بلير في غزوه غير القانوني للعراق. \r\n \r\n وحلت محل سترو في وزارة الخارجية مارجريت بيكيت الشديدة الولاء لبلير. وتوضح صفحة بيكيت السياسية سجل تاريخ تصويتها داخل مجلس العموم بما في ذلك التعليق التالي: "مؤيدة بقوة للحرب على العراق". وعلقت صحيفة "ذا جارديان" على تعيين بيكيت في منصب وزيرة الخارجية بقولها: "إن قيادة طهران الذكورية المحافظة إلى حد بعيد ربما تكتشف قريباً صلابتها السياسية الداخلية المتلائمة على الأرجح مع خبيرة في المعادن الصناعية". \r\n \r\n في لحظة نادرة من الأمانة الصحافية، كتب روبرت سكيدلسكي في "تايمز" بتاريخ 24 ابريل/ نيسان الماضي ما يلي: \r\n \r\n "لا يوجد شك في أن الرأي العام الغربي يجري تليينه لضربة أمريكية أو "اسرائيلية" ضد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية في نطنز". \r\n \r\n واستشهد سكيدلسكي بإعلان على صفحة كاملة نشرته صحيفة "انترناشيونال هيرالد تريبيون" الأمريكية تظهر فيه خريطة لكتلة الأرض الأورو آسيوية وإيران في وسطها. وجاء في التعليق المصاحب للخريطة ما يلي: "هل يستطيع أحد موجود داخل نطاق صواريخ إيران ان يشعر بالأمان؟". \r\n \r\n ويتذكر القراء ولا ريب دعاية شبه مطابقة خلال التحذير في 2002 ،2003 من ان الصواريخ العراقية يمكن ان تصل الى القواعد البريطانية في قبرص. وقد اتضح لاحقاً ان ما قيل كان محض افتراء. \r\n \r\n وفي إطار عملية "التليين"، كتب محرر "بي بي سي توداي" السابق رود ليدل في "ذا صنداي تايمز" يوم 30 ابريل/ نيسان الماضي ما يلي: \r\n \r\n "تبدو نطنز بلدة صغيرة لطيفة تربض على ارتفاع 5000 قدم في جبال مهيبة وسط ايران وتعج بآثار الاسكندر الأكبر، وبالمزارعين بأزيائهم السوداء وهم ينطلقون مسرعين هنا وهناك. وإنه لعار أن نضطر لقصفها لتتحول الى فتات، وانه لعار أكبر إن لم نفعل". \r\n \r\n وأشار ليدل إلى ان بعض الناس يتساءلون عن السبب الذي يدعو إلى ضرورة منع إيران بالقوة ان دعا الأمر من الحصول على قنبلة نووية، ويقول: "إن الإجابة بسيطة ولكنها وبالنسبة للبعض لا يمكن قولها، وهي: لأنها إيران". \r\n \r\n ولأنه العراق. ولأنها أفغانستان، ولأنها صربيا. ولأنه السودان، ولأنها ليبيا.. وتطول القائمة. وهذه هي الطريقة التي يصفها المنشقون في كثير من الأحيان بأنها "تحويل صورة المرء أو البلد الى صورة شيطانية"، ولكن الوصف الأفضل في الحقيقة ربما يكون "نزع الصفة الإنسانية، وقد علق الصحافي الشهير جون بيلجر المعروف بمواقفه المناوئة للحرب على محاربي الكراسي الوثيرة أمثال ليدل بقوله: \r\n \r\n "إن شغف محبي الحروب هؤلاء يمثل ظاهرة لا تخفت أبداً، بصرف النظر عن بعد المسافة بينهم وبين الهدف الذي يطمعون لشن الحرب عليه. \r\n \r\n وما على المرء إلا ان يلتقط صحف الأحد وسيجدهم هناك بكل أنانيتهم وافتقارهم لأي تجربة وخبرة عملية تتجاوز قضاء يوم سبت في سينزبيري". \r\n \r\n لا شك أن الولاياتالمتحدة ستزعم انها بوحي من الدفاع عن النفس. ولكن، ومرة اخرى، ان الضربة الاستباقية مبررة بموجب القانون الدولي فقط في حالة الدفاع ضد هجوم "وشيك ومؤكد". \r\n \r\n وكما يجمع معظم الخبراء فإن أمام إيران عشر سنوات قبل ان تصنع قنبلة ذرية، ولا يمكن القول انها تمثل "تهديداً وشيكاً ومؤكداً". وإذا هاجم بوش وبلير ايران، سيكونان مسؤولين عن جرائم حرب خطيرة أخرى. \r\n \r\n \r\n \r\n * رئيس تحرير مشارك في موقع "ميديالنس" \r\n