\r\n المصافحة بين الرجلين شكلت في نظر المشاهدين البريطانيين من مؤيدي بلير وخصومه تعبيراً اخر عن ذلك التحالف الشخصي الذي يثير اكبر قسط من الاستفزاز العالمي ممثلاً في الشراكة التي انعقدت ما بين الرئيس الجمهوري ورئيس الوزراء العمالي. \r\n \r\n ما من احد يشك في عمق الصداقة التي تجمعهما فهي حقيقة مفروضة على الجميع وبضمنهم اعضاء حزب بلير الذين استنكروا جبهة بوش - بلير الثنائية التي تشكلت من اجل شن الحرب ضد العراق. \r\n \r\n وقد ارتبط مصير الرجلين ببعضهما الى الحد الذي جعل الجميع يتوقعون ان تؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية في الثاني من تشرين ثاني القادم على ما سوف يحدث لبلير في انتخابات الخامس من ايار الذي يليه وهو اليوم الذي يعتقد الكثيرون انه سوف يتحدد موعداً لاجراء الانتخابات العامة في بريطانيا. \r\n \r\n ان حقائق الحياة السياسية غير قابلة للتلبيس بالسكر. فباستثناء حفنة من المقربين الى بلير ممن يشعرون بالالتزام بالدفاع عن اختياره الشخصي لاصدقائه, فإن جورج بوش لا يحظى بغير الازدراء في لندن حيث تشير استطلاعات الرأي الى تدني شعبيته في بريطانيا, وترى شريحة واسعة من الجمهور البريطاني انه يمثل راعي البقر الذي يهوى اطلاق مسدسه بمناسبة وبدون مناسبة, في حفل غداء اقيم في مركز الدراسات السياسية, وهو معهد تمتع بالنفوذ في ايام مارغريت تاتشر, وحضره عشرة من الكتاب والسياسيين والاستراتيجيين جميعهم من المحافظين, بدأ الاجتماع بوصف بوش بأنه »متهور وغير كفؤ« وانحدر الى ما هو اسوأ من ذلك. \r\n \r\n ويقول باحث مقرب من حكومة بلير ان ما من احد في مجلس الوزراء البريطاني يرغب في اعادة انتخاب بوش باستثناء بلير نفسه وعلى الرغم من تحفظهم الشديد ازاء هذا الموضوع, فان اقرب المقربين من رئيس الوزراء البريطاني يعتقدون, تبعاً لما قاله واحد منهم, بأن سقوط بوش في الانتخابات سوف يسهل عملية تجنيد متطوعين جماهيريين يؤيدون مرشحي حزب العمال في انتخابات ايار القادم. \r\n \r\n كما يسود الاعتقاد دوائر واضعي الاستراتيجيات السياسية في حكومة بلير, بان خسارة بوش لن تأتي الا من اخفاق سياسته الخارجية في العراق اخفاقاً كارثياً. وفي هذه الحالة, فإن السبب نفسه يمكن ان يؤثر على بلير, ففي الربيع الماضي, عندما تصاعدت حدة المواجهات في العراق وهددت فضيحة اساءة معاملة السجناء بالامتداد الى افراد القوات البريطانية, انتشرت شائعات في لندن تفيد بأن بلير قد يرغم على الاستقالة من قبل نواب حزبه. \r\n \r\n لكن تلك المرحلة قد تم تجاوزها, وها هو حزب العمال يبدو مستعداً لخوض الجولة الانتخابية الثالثة تحت زعامة بلير, حتى مع الافتراض بأنه قد يضطر الى التنحي في بحر السنوات الاربع القادمة بعد الاستغناء الموعود حول الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ومن الامور التي ساعدت بلير في مواجهة الموقف كون منافسيه في زعامة حزب المحافظين لا يقلون عنه حماسة في موضوع شن الحرب على العراق واسقاط صدام حسين, اما الحزب الوحيد الذي رجح اختيار السلام على الحرب فهو حزب الليبراليين الاحرار وهو اضعف من ان يشكل تهديداً لبلير. \r\n \r\n ومع كل ذلك, فإن التوتر الملموس يحيط بشراكة بوش - بلير وبالحرب التي تآمرا من اجل شنها على العراق, وفي بحر اسابيع قلائل سيكون على بلير ان يواجه نتائج التحقيق الذي تجريه لجنة خاصة حول اخفاق الاستخبارات البريطانية في موضوع اسلحة الدمار الشامل العراقية. \r\n \r\n يقول احد كبار المستشارين البريطانيين ان بلير يشارك بوش الاعتقاد بان العالم قد اصبح افضل حالاً واكثر امناً بعد القاء القبض على صدام حسين. لكن ثمن الوقوف الى جانب بوش كان باهظاً. فقد اصيبت مساعي بلير لدمج بريطانيا بأوروبا بالانتكاس نتيجة المعارضة التي جوبه بها موقفه من العراق من قبل كل من فرنسا والمانيا اللتين لحقت بهما اسبانيا مؤخراً, كما تقوضت آمال بلير التي عقدها على احراز التقدم على طريق ايجاد تسوية في الشرق الاوسط نتيجة تبني بوش لسياسة اريئيل شارون في الاستيلاء على الاراضي. \r\n \r\n لكن بلير يظل ملتصقاً ببوش كما يلتصق الصمغ لمجموعة من الاسباب الشخصية والسياسية التي تحير المراقبين, وبوسع المهتمين ان يجدوا بعض التعليلات المفيدة لدينامية العلاقة بين الرجلين في كتابين ظهرا مؤخرا لاثنين من الصحفيين البارزين في بريطانيا. فقد انجز بيتر ريدل, المحرر في صحيفة التايمز اللندنية, مؤخراً تحديث كتابه »المتحاضنان بشدة«, الذي كان قد صدر عام ,2003 بينما ستتولى مجلة »بابليك افيرز« طباعة كتاب »الامريكي العابر« لجيمس نوتي الصحفي في هيئة الاذاعة البريطانية. \r\n \r\n ويعرب الكاتبان عن وجهة نظر مشتركة مفادها ان بوش كان محظوظاً بالحصول على صداقة بلير الذي يتمتع بسمعة عالية في امريكا لا تضاهيها سمعته المحلية في بلاده بريطانيا. \r\n \r\n ولكن هل تمتع بلير بنفس القدر في حسن الحظ في صداقته مع بوش, هذا ما سوف تكشف عنه احداث الشهور المقبلة التي قد تتمخض عن السقوط المزدوج للصديقين الحميمين.0 \r\n \r\n عن »واشنطن بوست« \r\n \r\n \r\n