بيزنس «الأبلكيشن» يستنزف جيوب أولياء الأمور    منطقة السويس الأزهرية تعلن أسماء أوائل الإعدادية    إزالة 40 حالة تعد على الأراضي الزراعية في 4 مراكز بالمنيا    أمين «الإصلاح التشريعي» بوزارة العدل: مصر ملتزمة بدعم سياسات المنافسة    «بيطري المنوفية» تنظم قافلة للكشف على الحيوانات في قرية أبنهس غدا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة الغربية.. بينهم طفل وامرأة    رئيسة المفوضية الأوروبية تدلى بصوتها في انتخابات البرلمان الأوروبي    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: الجنود الإسرائيليون مرتكبو مجزرة النصيرات تنكروا بهيئة نازحين    نائب يدين قصف الاحتلال الإسرائيلي للنصيرات: انتهاك صارخ للمواثيق الدولية    هل يعيد دي لافوينتي بريق بيدري المفقود في يورو 2024؟    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    «تعليم دمياط»: تجهيز 41 لجنة لاستقبال 13 ألف طالب بالثانوية العامة غدا    ضبط عصابة تزوير المحررات الرسمية في الجيزة    «الصرف الصحي» بالقاهرة تحذر من خطورة إلقاء مخلفات الأضاحي بالشبكات    أحمد عز يروج لفيلم «ولاد رزق 3 - القاضية»: «المرة دي مش هنبطل»    «صورة أرشيفية».. متحف كفر الشيخ يعلن عن قطعة شهر يونيو المميزة    منورة يا حكومة    محافظ أسوان: رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات والوحدات الصحية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «الصحة»: انتهاء قوائم انتظار عمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    مصادر ل «أهل مصر»: دمج وزارتي «النقل» و«الطيران» تحت قيادة كامل الوزير    تفاصيل زيادة المعاشات يونيو 2024 وموعد صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الأخيرة 15%    ثنائي الأهلي يتلقى عروضًا من الدوري السعودي    المهرجان القومي للمسرح المصري يضع اللمسات الأخيرة لدورته ال17    في ذكرى رحيل عبد الله محمود.. بدأ موظفًا في كلية الزراعة وتعاون مع عمالقة النجوم وهزمه السرطان (تقرير)    تقرير ل«أ ش أ»: مواقيت الإحرام.. محطات للاستعداد وبوابات لدخول ضيوف الرحمن بيت الله الحرام    ضبط صاحب محل لبيع أجهزة الريسيفرات التي تقوم بفك شفرات القنوات الفضائية بدون تصريح بالقليوبية    سفاح التجمع عن علاقاته الجنسية وممارسة الرذيلة: "كنت عايز أثبت لنفسي إني لسه كويس وراجل"    مركز تحديث الصناعة يشارك في معرض "الأعمال الخضراء" بالأقصر    «لأعضاء هيئة التدريس».. فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لعام 2024    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    ميدو: الزمالك اتظلم في ملف نادي القرن    أفضل الأدعية والأعمال في يوم التروية    بعد تخطيها 48 درجة.. كيف تعاملت الأقصر مع ارتفاع قيم الحرارة؟    موراتا يواصل مطاردة توريس وراؤول    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    إصابة سفينة بصاروخ مجهول جنوب غربي عدن باليمن    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريطانيا ومرحلة الابتعاد عن الحروب الأمريكية

يعطي المؤتمر السنوي لحزب العمال في بريطانيا فكرة عن التحولات التي يشهدها العالم عموما والمملكة المتحدة علي وجه الخصوص. فالانتقادات التي وجهها ادميليباند الزعيم الجديد للحزب إلي بلاده بسبب قرارها القاضي بالمشاركة في الحرب علي العراق تعطي فكرة عن عمق الأزمة التي تواجه السياسة الخارجية البريطانية بسبب انسياقها خلف السياسة الأمريكية. لم يتردد ميليباند في وصف السياسة البريطانية تجاه العراق بأنها كانت "خطأ" ارتكبه رئيس الوزراء السابق توني بلير الذي انجر إلي الحرب في العام 2003 عندما قبل ان يكون وزيرا للخارجية في إدارة بوش الابن، اي مجرد موظف كبير في تلك الإدارة.
يكتشف ادميليباند، ابن الأربعين عاما، أن السبيل الوحيد لإعادة حزب العمال إلي السلطة في يوم من الأيام يتمثل في الانقلاب علي توني بلير وعلي السياسات الخاطئة التي اتبعها والتي حولت بريطانيا إلي تابع للولايات المتحدة ليس إلاّ. ما لا يمكن تجاهله في هذا المجال أن بلير الذي اعاد العمال إلي 10 داونينغ ستريت بعد غياب طويل اعتمد سياسة تقوم علي تقليد مارجريت تاتشر التي اعادت الحياة إلي حزب المحافظين واحدثت ثورة اقتصادية في بريطانيا مستندة إلي أفكار ليبرالية قبل أي شيء آخر. لم تكن تاتشر، في أثناء وجودها في موقعها مجرد رئيسة للوزراء في بريطانيا. كانت زعيمة من زعماء العالم الحر. استطاعت أن تفرض سياساتها علي الولايات المتحدة عندما وقفت إلي جانب الرئيس بوش الأب في العام 1990 ودعته إلي عدم التهاون في موضوع الاحتلال العراقي للكويت. وقد استمع بوش الاب إلي نصيحتها وعمل ما كان عليه عمله بصفة كونه زعيم العالم الحر الخارج من انتصار ساحق علي الاتحاد السوفيتي وكل ما كان يمثله أيام الحرب الباردة.
يكمن الفارق بين بلير وتاتشر في أن الأول اتبع سياسة من كانت تسمي "المرأة الحديدية" ولكن من موقع مختلف. قبل بلير لدي توليه رئاسة الحكومة أن يكون تابعا للولايات المتحدة وليس صاحب أجندة سياسية خاصة يستطيع فرضها علي واشنطن وعلي المقيم في البيت الابيض. الآن، جاء وقت محاسبة بلير علي كل ما ارتكبه. هذه المحاسبة تبدو شرطا لابدّ منه كي يستعيد حزب العمال أي أمل في العودة الي السلطة بعد ثلاث أو أربع سنوات من الآن حين يحل موعد الانتخابات العامة.
في بداية أي محاسبة لبلير يأتي العراق. لماذا ذهب الجيش البريطاني إلي العراق وما الاسباب الحقيقية التي دفعت بلير إلي قبول التورط في حرب ذات نتائج كارثية علي غير صعيد؟ مثل هذا النوع من الاسئلة بدأ يطرح حاليا في بريطانيا. أكثر من ذلك، يعرف ادميليباند، الزعيم الجديد لحزب العمال، ألا امل له في إعادة حزبه الي الواجهة يوما من دون عملية نقد للذات في العمق تؤدي إلي إدانة تصرفات توني بلير.
كان الاعتقاد السائد في مرحلة معينة سبقت الحرب الأمريكية علي العراق أن البريطانيين يعرفون البلد جيدا وأنهم سيعيدون ترتيب الأوضاع فيه بعد اسقاط النظام العائلي البعثي الذي اقامه صدّام حسين كان الأمل كبيرا في ان يلعب البريطانيون، بسبب خبرتهم الطويلة في شئون التركيبة العراقية وتفاصيلها، دورا في مجال إعادة ترتيب الاوضاع في هذا البلد بما يحافظ علي التوازنات الداخلية من جهة وما يحول دون تمدد النفوذ الإيراني فيه من جهة أخري. تبين في ما بعد أن الخبرة البريطانية في العراق محدودة جدا... كل ما في الأمر أن توني بلير قرر ان يسير في ركب جورج بوش الابن من دون طرح أي نوع من الاسئلة.
ما يدل علي حجم الكارثة التي أدت إليها حرب العراق الطريقة التي انسحب بها البريطانيون من البصرة. هناك جنرال أمريكي معروف يدعي جاك كين يعمل حاليا مستشارا في البيت الابيض يقول الآتي: "اعتقد أن انسحاب القوات البريطانية من البصرة وتجمعها في مطار المدينة في العام 2007 شكل خطأ فادحا. جعلت تلك الخطوة سكان المدينة يخضعون لتبعية إيران التي عاملتهم بوحشية وارعبتهم وهددتهم". خرج البريطانيون من العراق وبقي الإيراني يسرح ويمرح في الجنوب وفي مناطق أخري... بعدما تحقق ما كان يحلم به دائما وهو انهيار السلطة المركزية في بغداد، وذلك من دون أن يخسر جنديا واحدا!
كان من بين شروط النجاح لمارجريت تاتشر إعادة ترتيب الاقتصاد وبنائه علي أسس جديدة عصرية بدءا بالتخلص من نفوذ نقابات العمال. كان من بين شروط النجاح لتوني بلير الظهور في مظهر القادر علي السير علي خطي تاتشر، علي الرغم انه يتزعم حزب العمال المنافس، وهو حزب اشتراكي في الأصل.
في السنة 2010، يبدو ان الشرط الأول لنجاح أي زعيم لأي حزب بريطاني، يتمثل في الانقلاب علي توني بلير وما كان يرمز إليه. لهذا السبب، فاز ادميليبند علي شقيقه الأكبر ديفيد ميليباند الذي كان اسمه مرتبطا ببلير وبخليفته جوردون براون. تبحث بريطانيا حاليا عن سياسة خاصة بها. علي الرغم من أنها مضطرة للمشاركة في حرب أفغانستان، ليس امام الحكومة التي يرأسها ديفيد كاميرون والمعارضة التي بات يتزعمها ادميليباند سوي التفكير مليا في كيفية الخروج من الرمال المتحركة الأفغانية. إنها بكل بساطة مرحلة جيدة تدخلها الإمبراطورية السابقة التي لم تكن تغيب عنها الشمس. اسم هذه المرحلة الابتعاد قدر الإمكان عن الولايات المتحدة وعن حروبها...
كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.