\r\n هل سينظر اللبنانيون العاديون الى حزب الله على انه الطرف الذي انتصر في الحرب على اسرائيل؟ ام سيقفون ليوجهوا اللوم لحزب الله على مهاجمة اسرائيل دون التشاور مع الحكومة اللبنانية وبالتالي جلب الخراب والدمار للمناطق السكنية والطرق والجسور وخسارة الكثير من الأرواح البشرية؟ \r\n \r\n الاجابة عن هذه الاسئلة توجد لدى الحكومة اللبنانية الضعيفة ولدى وقف اطلاق النار. علينا ان نتوقف للحظة هناك ونقول ان حزب الله خاض حربا ضروسا مع اسرائيل وينظر اليه كبطل ليس في لبنان فقط بل عبر العالم الاسلامي كله. \r\n \r\n رئيس الوزراء اللبناني الذي يسعى العالم لتقويته يبدو عاجزا أو غير راغب في إثارة قضية نزع سلاح حزب الله في هذا الوقت، اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مقررا لمناقشة خطط نشر الجيش اللبناني الضعيف في الجنوب لأول مرة منذ عام 2000 تم تأجيله الى أجل غير مسمى عندما أوضح وزراء حزب الله ان الجيش اللبناني لن يذهب الى أي مكان الآن. \r\n \r\n وقال حسن نصر الله الامين العام لحزب الله في خطاب متلفز له ان مقاتلي الحزب سيقبلون وقف اطلاق النار، ولكن أكد في نفس الوقت ان الحزب سيستمر في القتال طالما بقيت اسرائيل على التراب اللبناني، وهذا يعني التهديد بخرق وقف اطلاق النار. قد لا يعني ذلك ان نصر الله سيستأنف القتال مبكرا ولكن يعني ان الحزب لن يسمح لأحد بحرمانه من المملكة التي اقامها في جنوب لبنان بمساعدة ايران وسوريا وهذه تعد احدى اهم القضايا التي ستتوضح لاحقا. \r\n \r\n فحسن نصر الله لا يريد تفكيك ميليشياته أو ترك الجنوب وهو يحاول المحافظة على ما يستطيع المحافظة عليه. فكم بامكانه ان يحافظ عليه يا ترى؟ \r\n \r\n القرار الصادر عن مجلس الآمن رقم 1701 الذي ينهي الحرب بدأ وكأنه يسعى لتعزيز مصالح لبنان وتقويض مصالح حزب الله خاصة في المنطقة الواقعة ما بين نهر الليطاني والحدود الاسرائيلية. \r\n \r\n مجلس الأمن وبموافقة الجامعة العربية وجه اللوم لحزب الله على بدء النزاع واصدر مرة أخرى على ان تقوم الحكومة اللبنانية وبمساعدة الاسرة الدولية بفرض سيطرتها على منطقة الحدود وتفكيك جميع الميليشيات. \r\n \r\n ولكن سبق لمجلس الأمن ان اتخذ قرارا اكثر وزنا من هذا وهو القرار رقم 1559 في سبتمبر 2004 حيث دعا الى حل حزب الله والميليشيات الأخرى ومد نفوذ الدولة على كامل البلاد. \r\n \r\n هذا القرار ليس آلية للتنفيذ وتم بالتالي تجاهله بصورة كبيرة. \r\n \r\n القرار الأخير الذي اتخذ بعد 34 يوما من القتال يعيد ويكرر أهداف القرار 1559 ولكنه يقدم المزيد من الاسنان بحيث يسعى لجعل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني منطقة منزوعة السلاح ويحرم على حزب الله التواجد بها وهو أمر يتوجب على الجيش اللبناني تنفيذه بالتعاون مع قوة من الأممالمتحدة يمكن أن يصل تعداد الجنود فيها الى حوالي 15 ألف جندي. \r\n \r\n هذه القوة سيستمر تسميتها باسم يونيفيل ولكنها ستكون بأعداد أكبر ومهام أوسع وتفويض عسكري أوضح، ويفترض بها مساعدة الحكومة اللبنانية على مراقبة حدودها لضمان عدم قيام إيران وسوريا بإعادة تزويد حزب الله بالصواريخ والأسلحة والذخيرة. \r\n \r\n ولكن هل سيتم فعل ذلك؟ وما هي نوعية الجنود الذين سيتوافرون؟ وهل سيصلون؟ وهل سيكونون راغبين في مواجهة حزب الله الذي اكتسب شهرة كحزب به مقاتلون جيدو التدريب والتسليح او سيعملون ببساطة كما تتوقع اسرائيل على السماح لحزب الله بالبقاء على الحدود طالما بقيت الحدود هادئة. \r\n \r\n كما هي العادة دائما فإن الاختبار الحقيقي ليس القرار نفسه بل تنفيذه وهناك الكثير من الأسباب التي تدعونا للتشكيك في النتائج التي سيتم التوصل اليها. \r\n \r\n وإذا ما كان هذا التشكك صحيحا فكم من الوقت ستأخذ اسرائيل حتى تتحرك من جديد وهي ترى حزب الله وهو يعيد تجميع قواته في الجنوب من جديد في خرق واضح لقرار مجلس الأمن؟ \r\n \r\n إن اسرائيل تواجه الكثير من المعضلات حاليا ويأتي على رأسها حجم الدمار الشامل والتقتيل الكثير الذي اقترفه جيشها بحق الشعب اللبناني والمناطق السكنية والمدرسية والبنية التحتية خلال شهر القتال في لبنان، فهذا التدمير أغضب قطاعات كبيرة من الشعب اللبناني ودفع الكثيرين نحو التطرف في مواقفهم تجاه اسرائيل والغرب عموما الذي تردد كثيرا قبل ان يقرر أخيرا العمل على وقف مشروط لإطلاق النار أسماه وقف الأعمال العدائية. \r\n \r\n فوق كل ذلك تجيئ تلك النتائج الهزيلة التي حققتها اسرائيل في حربها فحزب الله لا يزال واقفا على قدميه ولم يتحطم ولم ينكسر كما خططت له اسرائيل، وبقي قادرا على اطلاق الصواريخ عبر الحدود باتجاه العمق الاسرائيلي حتى اليوم الأخير من الحرب حيث أطلق في ذلك اليوم وحده ما يزيد على 200 صاروخ. \r\n \r\n كذلك بقي حسن نصر الله وقيادات حزب الله على قيد الحياة لم يمسسهم سوء، حزب الله يتكتم حول خسائره وهو ينكر بشدة الادعاءات الاسرائيلية القائلة بان الجيش الاسرائيلي قد تمكن من قتل حوالي 500 عنصر من ميليشيات الحزب وتمكن كما تقول اسرائيل من تدمير 80% من ضواريخ الحزب متوسطة وبعيدة المدى. \r\n \r\n باختصار تقول اسرائيل انها الحقت اضراراً بالغة بحزب الله اكثر بكثير مما يقر ذلك الحزب. \r\n \r\n من غير المحتمل ان يلجأ حزب الله لتجربة اسرائيل مرة أخرى وجرها إلى حرب أخرى قبل مرور بعض الوقت على اعتبار ان لا الحكومة اللبنانية ولا غالبية الشعب اللبناني من غير الشيعة لا تريد ان يعيد اعمار البلاد لتدمر من جديد. \r\n \r\n إذا كان الوضع كذلك، فان القضية تصبح برمتها مجرد استراحة المقاتل وهي استراحة قد تستمر لعدة سنوات. \r\n \r\n بالنسبة لاسرائيل لا تبدو الصورة مريحة إلى تلك الدرجة التي اعتادت عليها اسرائيل منذ اقامتها، فالجيش الاسرائيلي الذي كان يلقب بانه لا يقهر ظهر ان هذا اللقب كان فارغاً وتلقى ضربة شبه قاضية على يد حزب الله وهو مبدأ استفادت منه اسرائيل كثيراً في استراتيجية الدفاع التي تبنتها. \r\n \r\n فخلال الحرب الاخيرة لم تحقق اسرائيل تقريباً أيا من الاهداف التي سعت إلى تحقيقها. ويأتي على رأس تلك الاهداف المعلنة اعادة الجنديين اللذين تمكن حزب الله من اسرهما وبالتالي فانه سيتوجب على اسرائيل اجراء مفاوضات مع حزب الله الذي تضفه كمنظمة ارهابية من اجل عقد صفقة حول السجناء واسرى الحرب وجثامين المقاتلين. \r\n \r\n الاسرائيليون معنيون جداً بالطريقة التي سينظر بها الرئيس بشار الأسد للحرب التي دارت في جنوب لبنان. \r\n \r\n فالسوريون يملكون جيشاً جيد التدريب وجيد العتاد وهو اكبر بكثير من ميلشيا حزب الله كما ان لدى السوريون سلاحاً جوياً، والأسد الزم نفسه باستعادة هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل في عام 1967. \r\n \r\n ويقال ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت أمر بشن الهجوم الأرضي الرئيسي على جنوب لبنان قبل وقف اطلاق النار بوقت قصير من اجل اظهار ان اسرائيل لا تزال قادرة من الناحية العسكرية على تحقيق ما تريد، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن. الجيش الإسرائيلي ستكون له مناقشاته الخاصة به حول التكتيكات التي استخدمت والتدريبات غير الكافية وحول الدور الذي لعبته القوة الجوية والقذائف المتطورة المضادة للدبابات التي استخدمت ضد سلاح المدرعات الإسرائيلي ومدى جاهزية القوات الأرضية لهذه الحرب. \r\n \r\n في نفس الوقت القلق الأكبر التالي بالنسبة لإسرائيل هو إيران التي استثمرت ملايين الدولارات في حزب الله وهي تسعى في نفس الوقت لامتلاك القنبلة النووية. \r\n \r\n كيف ينظر الإيرانيون لهذه الحرب الصغيرة هو من بين الأسئلة الكثيرة التي ليس لها إجابات بالنسبة لإسرائيل فإن الحرب الأخيرة تثير الكثير من التساؤلات الخطيرة حول الانسحاب الأحادي الجانب للجيش الإسرائيلي والمستوطنين من بعض أجزاء الضفة الغربية. \r\n \r\n الكثير من الإسرائيليين يقولون الآن إن الانسحاب أحادي الجانب الذي تم من لبنان في عام 2000 أدى إلى نشوب الحرب الأخيرة والانسحاب الأخير الذي تم من قطاع غزة ادى إلى تحقيق حماس لنصر انتخابي وعدم استقرار واطلاق لا يتوقف للصواريخ من قطاع غزة على المستوطنات والمدن الإسرائيلية. \r\n \r\n الصقور الذين دعموا شارون في خطته لفك الارتباط مع غزة بدأوا يبعدون أنفسهم أكثر فأكثر عن فكرة أولمرت للانسحاب من بعض أجزاء الضفة الغربية بسبب هذه الحرب. \r\n \r\n لقد تم انتخاب أولمرت على أساس وعوده لإجراء انسحاب آخر أحادي الجانب وتظهر استطلاعات الرأي ان الرأي العام الإسرائيلي منقسم على نفسه بدرجة تكفي لقتل هذه الفكرة في مهدها. \r\n \r\n الحرب اللبنانية تثير أسئلة أكثر خطورة كما يقول شاي فيلدمان مدير مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة براندايس حل الدولتين مع الفلسطينيين وبالتالي مصير هذا الحل. \r\n \r\n فمن وجهة نظر إسرائيل انها احترمت الحدود الدولية مع لبنان كما رسمتها الأممالمتحدة في الوقت الذي خرقها حزب الله، ويتساءل فيلدمان «إذا كانت الحدود الدولية لا تعني شيئا لماذا يتوجب على الرأي العام في اسرائيل دعم انسحاب آخر من الضفة الغربية يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية؟». \r\n