«حزب الله» وإسرائيل ‚‚ وقواعد اللعبة

في البداية أشارت التقديرات الى ان حزب الله كان سيقدم على اشعال شمال اسرائيل على أمل التشويش على الحملة الأميركية في العراق‚ بعدها عمدت وسائل الإعلام الاسرائيلية الى التضخيم من الأخطار التي يشكلها حزب الله على الدولة العبرية‚ فعلى سبيل المثال نشر الكثير من التقارير الاخبارية التي اطنبت في وصف صواريخ حزب الله بعيدة المدى التي يمكن ان تزود برؤوس كيماوية كإيماءة إلى التعاون القائم بين حزب الله و«القاعدة»‚ وقد اقرت الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في أكثر من مناسبة بانها لا تمتلك أي معلومات عن وجود روابط بين حزب الله وأسامة بن لادن‚
\r\n
\r\n
الآن الحملة العسكرية الأميركية في العراق صارت وراءنا وبقيت الحدود اللبنانية الاسرائيلية على حالها لم تمس بسبب حرب العراق‚ والحقيقة ان ما نراه على الحدود عقب الانسحاب الاسرائيلي في مايو 2000 شيء مختلف عما عاشته اسرائيل خلال سنوات النزاع في جنوب لبنان خاصة بعد الانسحاب أحادي الجانب‚ فلقد بقي الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان لحوالي العقدين من أجل حماية المدن في شمال اسرائيل‚ ولكن لم يتم تحقيق مثل هذا الهدف إلا بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب اللبناني‚
\r\n
\r\n
استمر حزب الله في نشاطه المعادي لاسرائيل منذ انسحابها ولكن الهدف والطبيعة لذلك النشاط كانت محدودة وأقل بكثير مما توقعته الاستخبارات الاسرائيلية‚ فبدل التدهور المتوقع في الأمن انخرط الجانبان أكثر فأكثر في اعادة تحديد «قواعد اللعبة»‚ فمنذ الانسحاب نظمت هذه القواعد حدة فك الاشتباك المتبادل‚ ويمكن ان نصف الوضع الحالي بانه «حرب العقول» حيث تعمد الأطراف لتحديث هذه «القواعد» بصورة منتظمة محاولة تحقيق مزايا على حساب الطرف الآخر‚ وعلى العموم التزمت الأطراف بهذه القواعد متجنبة القيام بأي تحركات غير محسوبة‚ وإذا ما حدث عدم توازن لسبب من الأسباب تسارع الأطراف لاتخاذ خطوات سريعة لإعادة فرض الوضع الراهن‚
\r\n
\r\n
ولكن ماذا عن المستقبل؟
\r\n
\r\n
كل بضعة أشهر تعمد السلطات الاسرائيلية لتحديث معلومات الرأي العام بشأن التهديد الذي يشكله حزب الله للأمن الاسرائيلي مؤكدة ان عدد صواريخ الكاتيوشا التي يمتلكها حزب الله يصل الى 13 ألف صاروخ‚
\r\n
\r\n
وجر حزب الله اسرائيل لاصطدامات محدودة تصب في النهاية في صالح هذا الحزب ولبنان‚ والأكثر غرابة ان اسرائيل قد عودت نفسها على قبول هذا الوضع‚ وقد تحول الصراع بين حزب الله واسرائيل من قتال مستمر الى اشتباكات متقطعة كل بضعة أشهر‚ وحتى هذه الاشتباكات محدودة في طبيعتها ‚
\r\n
\r\n
وقد بدأت اسرائيل مؤخرا بالتخلي التدريجي عن قبول السيناريو الذي يفترض اقدام حزب الله على اطلاق الصواريخ عبر الحدود وتكهنت بصعوبة حدوثه في المستقبل المنظور‚
\r\n
\r\n
ان كل يوم هادىء يمر يقوي من الوضع الراهن القائم‚ لقد ترسخت قواعد اللعبة وتعود كلا الطرفين على الظروف السائدة على الحدود بينهما‚
\r\n