ففي تقرير بعنوان \"وزراء القتل: مجلس الوزراء الأمني الإيراني الجديد\" اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش مصطفى بور محمدي، وزير الداخلية في حكومة أحمدي نجاد، بالقيام بدور رئيسي في عمليات الإعدام العاجلة لآلاف من السجناء السياسيين عام 1988، وأنه متورط أيضا فيما سُمي ب\"القتل التسلسلي\" لخمسة من المعارضين البارزين عام 1998، أثناء عمله في وزارة الإعلام. \r\n كما قال التقرير أيضا إن الوزير الجديد للإعلام غلام حسين محسني إزهي قد قاد حملة في أواخر التسعينيات من القرن العشرين نتج عنها إغلاق أكثر من مائة صحيفة عندما شغل منصب المدعي العام للمحكمة الخاصة لرجال الدين. وقد ادعت مصادر موثوق بها أيضا أن غلام حسين قد أصدر أوامره بقتل أحد الناشطين السياسيين المؤثرين، وهو بيروز دافاني، وذلك في عام 1998. \r\n وفي تصريح أدلى به جو ستورك، نائب مدير هيومان رايتس ووتش في الشرق الأوسط، قال: \"ليس من المقبول على الإطلاق أن يشغل أشخاص لديهم هذا التاريخ مناصب في الحكومة الإيرانية. ينبغي أن يتم إبعادهم من مناصبهم وأن تجري محاكمتهم على هذه الجرائم الفظيعة\". \r\n ويأتي هذا التقرير المكون من 16 صفحة، والذي جاء مبنيا على جمع لتقارير وروايات منشورة حول هذه الأحداث إضافة إلى مقابلات مع صحفيين إيرانيين ومفكرين ومسئولين سابقين بالحكومة، يأتي التقرير وسط قلق دولي ومحلي متصاعد حول توجه حكومة أحمدي نجاد، والتي يهيمن عليها مسئولون سابقون بالمخابرات والأمن. \r\n ورغم أن أحمدي نجاد قد قاد حملة ترتكز على خطة شعبية مناهضة للفساد، إلا أن بعض تعييناته وتصريحاته العلنية الأخيرة قد أثارت انتقادات غاضبة من الحكومات الأجنبية، والمنافسين السياسيين، ومن أبرزهم الرئيس السابق هاشمي رافسنجاني، وحتى من رموز أخرى للمحافظين في البرلمان. \r\n فعلى سبيل المثال أشار أحمدي نجاد في خطاب نُقل عبر التليفزيون يوم الأربعاء إلى محرقة النازي (الهولوكوست) ضد اليهود الأوروبيين باعتبارها \"أسطورة\"، وكرر دعوة أطلقها في الأسبوع الماضي بنقل إسرائيل إلى أوروبا من أجل الحفاظ على حقوق الفلسطينيين في أراضيهم. \r\n وفي أكتوبر قال أحمدي نجاد إن إسرائيل ينبغي أن يتم \"محوها من الخريطة\"، وهو تصريح لم يتسبب فقط في غصب دولي وإلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى إيران، ولكن التصريح جلب عليه أيضا –بحسب التقارير– انتقادا خاصا من المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. \r\n وقد أدت هذه التصريحات، إضافة إلى موقف هجومي بشكل أكبر تجاه الجهود الغربية لكبح البرنامج النووي الإيراني، أدت إلى تغذية حملة تقودها إسرائيل وإدارة بوش هنا في واشنطن تصور طهران باعتبارها \"نظاما مارقا\"، وأنه يمثل تهديدا خطيرا للاستقرار الإقليمي. \r\n وبحسب الكاتب الرئيسي للتقرير هادي غائمي، فإن هذا التقرير الأخير لهيومان رايتس ووتش ربما يضيف في الحقيقة إلى هذا الانطباع وأن يكون له صداه في البرلمان، والذي أدت تصريحات الرئيس الخطابية المتشددة وكذلك تعييناته إلى قلق أعضائه، وغالبهم من المحافظين. \r\n وقد رفض البرلمان عددا من التعيينات التي قام بها أحمدي نجاد في البرلمان. وفيما اعتُبر إشارة على قلق متزايد حول توجهه طالب حوالي مائة نائب بتوجيه اتهام إلى وزير دفاعه ردا على الاصطدام المشئوم الذي حدث نهاية الأسبوع الماضي لطائرة نقل عسكري. \r\n وفي تصريح لآي بي إس قال غائمي: \"هناك أشخاص يشعرون بقلق شديد تجاه هذه التعيينات. ونحن نريد أن نلقي الضوء على الخطر الوشيك الذي يواجهه الناس في إيران الآن عندما يكون أشخاص مثل بور محمدي وإزهي في هذه المواقع ذات النفوذ الواسع\". وقال إنه يأمل أن يقوم النواب بالفعل بالمطالبة بتحقيق حول هذين الشخصين في حالة عدم اتخاذ أحمدي نجاد أي إجراء، وهو ما يُرجح حدوثه\". \r\n وبور محمدي هو صاحب السجل الأكثر شؤما بين الوزيرين. فقد لعب هذا الوزير –بحسب التقرير– دورا رئيسيا عام 1988 في البرنامج الذي نتج عنه إعدام آلاف من السجناء السياسيين، كان معظمهم قد حُكم عليه بالفعل بفترات سجن مختلفة. \r\n وقد أُطلق البرنامج مع نهاية الحرب العراقية الإيرانية بعد محاولة فاشلة قامت بها حركة مجاهدي خلق في العراق للإطاحة بالحكومة في طهران. وقد استُغل هذا الهجوم كذريعة للتخلص من السجناء السياسيين، والذين لم يكن معظمهم وقتها في موقع يمكنهم منه مساعدة مجاهدي خلق. \r\n وبحسب السيرة الشخصية لآية الله حسين منتظري، والذي كان في ذلك الوقت قد تم اختياره ليخلف آية الله روح الله الخميني، فقد تم إنشاء \"لجان الموت\" بأمر مكتب الخميني لإجراء مقابلات مع السجناء السياسيين والأمر بإعدام هؤلاء الذين اعتُبروا \"غير نادمين\". \r\n وبحسب منتظري فإن بور محمدي قد ترأّس لجنة الموت في سجن إيفن سيء السمعة في طهران باعتباره ممثلا لوزارة الإعلام. وقد احتج منتظري في خطاب إلى بور محمدي، زميله في اللجنة في ذلك الوقت، على عدم توفر الإجراءات والأصول القانونية. \r\n فقد كتب منتظري أن ما بين 2.800 و3.800 سجين تم إعدامهم، ولكن ناشطين إيرانيين مستقلين قاموا بنشر أسماء حوالي 5 آلاف سجين تم إعدامهم. وبحسب هيومان رايتس ووتش فإن الطريقة المنظمة والمدروسة التي جرى بها إعدام هؤلاء السجناء ربما تمثل جريمة ضد الإنسانية بحسب القانون الدولي. \r\n وبعد سنتين شغل بور محمدي منصب نائب وزير الإعلام عندما قام عملاء من هذه الوزارة باختطاف خمسة من المفكرين البارزين وقتلهم، خلال ثلاثة أسابيع، فيما عرف فيما بعد بأنه \"قتل تسلسلي\". \r\n وقد أكد التقرير أنه رغم أنه لم يتم على الإطلاق القيام بتحقيق كامل إلا أن مصدرا \"مباشرا\" من داخل التحقيق الرئيسي الذي يقوم به البرلمان قد صرح لمنظمة هيومان رايتس ووتش أنه كان من المقرر إصدار أمر بالقبض على بور محمدي في هذه القضية عندما قام بالاستقالة من منصبه على نحو مفاجئ، وتم إسقاط الأمر برمته. وقد أكد \"مصدر موثوق\" هذه الرواية. \r\n ويضيف التقرير أن بور محمدي قد عمل أيضا مديرا للمخابرات الأجنبية في وزارة الإعلام بين عامي 1990 و1999، في وقت تم فيه اغتيال العشرات من رموز المعارضة في الخارج، من بينهم رئيس وزراء سابق. \r\n أما إزهي، وزير الإعلام الجديد، وباعتباره مدعيا عاما للمحكمة الخاصة لرجال الدين، فقد قاد عملية محاكمة رجال الدين الإصلاحيين البارزين، ومن بينهم وزير الداخلية السابق عبد الله نوري ومحسن كاديفار خلال فتر التسعينيات من القرن العشرين، كما لعب دورا رئيسيا في إغلاق عدة صحف منذ عام 2000. \r\n وقد اتهم العديد من الصحفيين البارزين والناشطين السياسيين، من بينهم نوري وأكبر جانجي، اتهموا إزهي بأنه قد أمر عام 1998 باختطاف وقتل بيروز دافاني، وهو أحد الناشطين السياسيين. \r\n وقد ادعى أحد مصادر هيومان رايتس ووتش، والذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه قد رأى أمرا بقتل دافاني وعليه توقيع إزهي. وفي مايو عام 2004 أفادت تقارير بأن إزهي قد قام بمهاجمة أحد الصحفيين الإصلاحيين وضربه أثناء اجتماع لجنة مراقبة الصحافة، والتي كان إزهي عضوا فيها. \r\n وقد أشار التقرير إلى أن الحكومة الجديدة قد أكدت مرارا منذ توليها للسلطة على عزمها الاستمرار في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضين. وخلال الشهرين الماضيين استدعت وزارة الإعلام عشرة على الأقل من الصحفيين ومحرري الصحف وقامت باستجوابهم، كما فعلت ذلك أيضا مع المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبد الفتاح سلطاني، والذي تم احتجازه دون تهمة منذ يوليو الماضي. \r\n وفي نفس الوقت قام بور محمدي بتعيين عدد كبير من مسئولي الأمن والمخابرات –من القيادات السابقة في الحرس الثوري بشكل خاص– في مناصب ذات نفوذ كبير داخل الدولة. \r\n وبحسب غائمي فإن هذه التحركات تأتي بالتوازي مع خطابات أحمدي نجاد المتشددة والسياسة الأجنبية الأكثر تحديا. وأضاف غائمي أن هذه التحركات تبدو مرسومة لخلق \"مناخ أزمة\"، يساعد –من وجهة نظر مؤيدي أحمدي نجاد– على استعادة \"المبادئ الثورية\"، ويبرر التكتيكات الأكثر صرامة ضد الأعداء الظاهرين، وبخاصة المعارضين والإصلاحيين.