\r\n وقد صدر التقرير يوم الأربعاء في 126 صفحة، تحت عنوان: \"تعزيز الإفلات من العقوبات: الجيش الإسرائيلي يفشل في التحقيق في الجرائم\". وجاء في التقرير أنه ما بين 29 سبتمبر عام 200 وشهر نوفمبر عام 2003 قُتل أكثر من 1600 فلسطيني لم يشاركوا في أعمال العنف، من بينهم 500 طفل على الأقل، على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، كما أصيب آلاف آخرون بإصابات خطيرة. \r\n \r\n \r\n وفي تصريح ل\"سارة لي ويتسون\"، مديرة \"هيومان رايتس ووتش\" في الشرق الأوسط، قالت: \"إن معظم التحقيقات الإسرائيلية في إصابات المدنيين كانت زائفة. إن فشل الحكومة في التحقيق في عمليات قتل الأبرياء قد خلقت جوا يشجع الجنود على التفكير في أنهم يستطيعون الإفلات من العقوبة\". \r\n \r\n وفي بيان جاء ردا على التقرير أنكرت \"قوات الدفاع الإسرائيلية\" أنها قامت بتشجيع ثقافة الإفلات من العقوبة، فقالت: \"إن كل المزاعم القائلة بأن أبرياء أو إرهابيين قُتلوا نتيجة لقيام الجيش بإطلاق النار منتهكا القواعد الرسمية للاشتباك، قد تم دراستها بعناية وجدية\". \r\n \r\n ومع ذلك ففي مايو 2004 كشف الجيش الإسرائيلي ل\"هيومان رايتس ووتش\" أنه قد قام بالتحقيق في 74 حالة فقط ادّعُي فيها استخدام قوة فتاكة، وتضمنت تسجيل نسبة أقل من خمسة بالمائة لقتل المدنيين. \r\n \r\n وهذه النسبة الصغيرة نسبيا تعكس سياسة جديدة تم الإعلان عنها في سبتمبر 2000، وبموجب هذه السياسة توقف الجيش عن قيامه بشكل روتيني بالتحقيق في حوادث قتل المدنيين، محتجا بأن الموقف كان \"يقترب من صراع مسلّح\"، وبالتالي ستكون التحقيقات محصورة في حالات استثنائية، لكن الجيش لم يحدد ما هي المعايير الخاصة بمثل هذه الحالات. \r\n \r\n وقد أضاف التقرير أنه عندما ترفض قوات الدفاع الإسرائيلية القيام بالتحقيق فلن توجد عندئذ بدائل جديدة للمحاسبة؛ لأن الضفة الغربية وقطاع غزة يحكمهما قانون عسكري. \r\n \r\n وبحسب جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية فإنه يوجد حتى الآن 19 اتهاما من بينها 6 إدانات، فقد أدين جنديان إسرائيليان بتهمة القتل غير العمد، وأدين اثنان آخران بتهمة إحداث ضرر شديد، كما أدين آخران بالاستخدام غير الشرعي للسلاح. \r\n \r\n بالإضافة إلى ذلك قالت \"هيومان رايتس ووتش\" إن أطول حكم بالسجن كان 20 شهرا، وقد حُكم به على جندي قام بإطلاق النار على رجل فلسطيني أعزل في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في أكتوبر 2003. وأضافت المنظمة أن معظم من أدينوا تلقوا عقوبات أقل من تلك التي يُحكم بها في حوادث السرقة العادية. \r\n \r\n فعلى سبيل المثال أُدين جندي إسرائيل العام الماضي بتهمة القتل الناتج عن الإهمال لشاب فلسطيني عمره 16 عاما، فتم إنزاله إلى رتبة أدنى والحكم عليه بالحبس لمدة شهرين، بينما أصدرت نفس المحكمة حكما بالسجن لمدة ستة أشهر ضد متهم قام بسرقة جهاز تليفون محمول وولاعة سجائر ومبلغ 500 دولار. \r\n \r\n ومن بين أشد القضايا فظاعة استشهدت جماعة حقوق الإنسان بحادثة جرت في 5 أكتوبر 2004 عندما قام جنود في \"لواء جيفاتي\" بإطلاق النار على تلميذة عمرها 13 عاما في قطاع غزة. وقد انتهت عملية استخلاص المعلومات داخل الجيش الإسرائيلي بعد الحادث مباشرة إلى أن قائد المجموعة \"لم يتصرف بطريقة غير أخلاقية\". \r\n \r\n وقد سرّب بعض الجنود إلى وسائل الإعلام شريطا للاتصالات يظهر فيه أن جنديا آخر حذّر قائد المجموعة قائلا له إنها \"طفلة صغيرة\". وفي الشريط المسجل يقول القائد: \"إن أي شيء مُتنقّل أو يتحرك في المنطقة، حتى ولو كان طفلا عمره ثلاث سنوات، ينبغي أن يُقتل\". ووفقا للتقارير أكد القائد أنه \"تأكد من قتلها\" من خلال إطلاق النار على جثة الطفلة من مدى قريب. \r\n \r\n وقد جاء في تقرير\"هيومان رايتس ووتش\" أن الجيش الإسرائيلي قد فتح تحقيقا فيما بعد وقدم فيه خمس تهم ضد قائد المجموعة، لكن التهم لم يكن من بينها تهمة القتل العمد أو القتل الخطأ. ولا تزال محاكمة القائد جارية. \r\n \r\n وبحسب تقرير \"هيومان رايتس ووتش\" فإن العديد من حوادث القتل والإصابات قد حدثت في مواقف كان واضحا أنها لم تصل إلى درجة \"النزاع المسلح\". \r\n \r\n وأضافت \"ويتسون\": \"حتى عندما قام الجنود الإسرائيليون بقتل وتشويه مدنيين في مواقف تطبيق القانون فشل الجيش أيضا في الوفاء بواجبه والقيام بالتحقيق\". \r\n \r\n وعلى العكس من ذلك كان يتم التحقيق في كل عمليات قتل وإصابة المدنيين في الانتفاضة الفلسطينية التي استمرت من عام 1988 وحتى عام 1993، رغم أن التحقيقات \"غالبا ما كانت متواضعة\" بحسب تعبير التقرير. \r\n \r\n وقد قالت \"هيومان رايتس ووتش\" إن المشكلة الرئيسية هي نظام العدالة العسكرية، وما يُسمى ب\"التحقيقات العسكرية\" التي لا تطلب شهادة الضحايا أو غير العسكريين ولا تأخذها بعين الاعتبار، ولكنها بدلا من ذلك تعتمد على استخلاص المعلومات من الجنود لتحديد ما إذا كان التحقيق بواسطة الشرطة العسكرية له مبرره أم لا. \r\n \r\n وعلى الجانب الآخر يصر الجيش الإسرائيلي على أن جلسات التحقيق \"تسمح للجنود بالتعبير عن أنفسهم في ظل ظروف من الخصوصية والسرية، وبالتالي فهي وسائل فعالة ويعتمد عليها، ويمكن استخدامها لتحديد ما وقع بالفعل في الأحداث\". \r\n \r\n لكن \"هيومان رايتس ووتش\" تقول إن الحكومة يجب عليها في ظل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أن تقوم بالتحقيق في كل عمليات الإساءة الخطيرة، كما حثت \"هيومان رايتس ووتش\" الحكومة على إنشاء هيئة مستقلة لسماع الشكاوى بخصوص الجرائم التي يرتكبها الجنود الإسرائيليون وقوات الأمن الأخرى. \r\n \r\n وأضافت \"ويتسون\": \"ورغم أن \"التحقيقات العسكرية\" ربما تمثل هدفا مفيدا من الناحية العسكرية إلا أن الجيش الإسرائيلي عليه أن يتوقف عن استخدامها كذريعة لتجنّب التحقيقات الجادة وغير المتحيزة\". \r\n \r\n وقد صدر التقرير بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي \"أرييل شارون\" ورئيس السلطة الفلسطينية \"محمود عباس\" في القدس يلتقيان في القدس يوم الثلاثاء لأول مرة منذ توصلهما إلى اتفاق الهدنة في فبراير الماضي. لكن يبدو أنه لم يتم إنجاز شيء ذي قيمة بعد التعهد الأخير من قِبل إسرائيل، والتي يُفترض أن تقوم بإزالة 1600 منزلا قام المستوطنون الإسرائيليون بإنشائها في غزة.