يحتاج رؤساء الوزراء عادة للحظ بين الحين والآخر, وليس توني بلير استثناء لهذه القاعدة. فكاد تحقيق القاضي هوتون في قضية وفاة الدكتور كيلي رئيس مفتشي الاسلحة يُخرج توني بلير. ولكن بشكل محير وغامض, صوبت القضية اسلحتها الثقيلة وحولتها الى شبكة \"بي بي سي\" لا الى الحكومة. وجاء في تقرير باتلر عن العراق, والذي رُفع الى الاستخبارات, انه تم اقتراف العديد من الاخطاء لكن اللوم لا يقع على احد بالتحديد ولم يتحمل احد المسؤولية. انه لاستنتاج أحمق. مع هذا فاز توني بلير بتصويت تلو الآخر في مجلس العموم بغالبية ساحقة لحزب العمال, بما فيها تصويت اختياري لفرض الرسوم على التعليم. \r\n \r\n خسر بلير وزير الداخلية ديفيد بلانكيت الذي بالغ في ترقيته, بعد ان تم فضح علاقة ربطت الاخير بإمرأة متزوجة. غير ان خلفه تشارلز كلارك يبدو وزيراً مدهشاً. وفي حين اتسعت سلطة رئيس الوزراء, تراجعت سلطة وزير ماليته غوردن براون الذي يصعب ابقاؤه في الخط. \r\n \r\n ومن المتوقع ان تجرى انتخابات عامة في الربيع المقبل ومن المحتمل اجراؤها في 5/5/2005. قد يكون كل شيء خطأ, ولكن يسود اعتقاد بأن حزب العمال الجدد سيعود الى الحكومة بأصوات اقل. ومن جهته, يبدو حزب المحافظين بعيداً من الجو الانتخابي ويعاني مشاكل كثيرة بعد ان افشله حزب الاستقلال في المملكة المتحدة والذي يسعى الى اخراج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. كما ان من المحتمل ان يفوز الحزب الديموقراطي الليبرالي بثلاثين مقعداً اضافياً اكثريتها على حساب المحافظين. والجدير بالذكر ان الحزب الليبرالي تمتع بالشجاعة والحكمة الكافيتين لمعارضة الخوض في حرب العراق, وحظي من خلال السير مانزيس كامبل بمتحدث مميز في الشؤون الخارجية. وعلى ابواب الصيف, نتوقع رؤية توني بلير الخارج للتو من انتصاره الانتخابي الثالث يتبوأ مرة جديدة مركزاً سياسياً قيادياً. \r\n \r\n والسبب الآخر لحصوله على هذا المركز هو ان بريطانيا سترأس لمدة عام, ابتداء من الأول من كانون الثاني الجاري, نادي مجموعة الثماني اي الدول الاكثر ثراء في العالم. وسيستعمل رئيس الوزراء هذا المنصب للعمل على قضايا افريقيا والتغييرات المناخية والصراع العربي - الاسرائيلي. \r\n \r\n انني على ثقة بأن غالبية الافارقة لا يدركون سبب تجدد اهتمام بريطانيا بقارتهم. قد يرى بعض المراقبين هذا الاهتمام وسيلة الهاء عن اخفاق بريطانيا والولاياتالمتحدة الاميركية في امكنة اخرى من العالم. ولكن الامر ابعد من ذلك بكثير. فلقرون عدة , ارتبطت بريطانيا بعلاقات مع القارة الافريقية وبخاصة مع جنوب افريقيا كما تم تذكيري خلال زيارتي الاخيرة في كانون الاول (ديسمبر) الماضي. وحالياً, تنضم بلدان افريقية عدة الى رابطة الشعوب البريطانية (كومنولث). \r\n \r\n إضافة الى ذلك, يجب ان تؤخذ عوامل اخرى في الاعتبار. فمن المحتمل ان تتحول البلدان الخاسرة في افريقيا الى ملاذ سهل للارهاب الدولي. وافريقيا هي ايضاً القارة الاكثر اصابة بمرض نقص المناعة/الايدز الذي حصد حتى الآن عشرين مليون افريقي. ومع ان توني بلير وغوردن براون قد يختلفان على امور كثيرة كمستقبل وزارة الصحة البريطانية, الا انهما يتشاركان في قلق عميق وحقيقي حول افريقيا. ويشعر ايضاً بهذا القلق معظم نواب حزب العمال الذين يفضلون القاء الخطابات عن الفقر في افريقيا بدل التطرق الى الاحداث في بغداد والفلوجة والموصل او التحدث عن تفاصيل نظام الاتحاد الاوروبي الجديد. \r\n \r\n اما التغيرات المناخية, فهي تدخل في صلب اهتمامات المملكة المتحدة. ومن المهم ان تُقدر محاولة رئيس الوزراء لقيادة العالم في سبيل الحد من تأثيراتها. وينظر الكثير من بلدان اوروبا الغربية بغضب الى رأي الولاياتالمتحدة المتطرف والاناني في ما يخص التغيرات المناخية. وتثير اسباب هذه التغيرات جدلاً في الاوساط كلها, غير ان غالبية العلماء تعتبر ان افعال الانسان هي السبب الاول لحدوث هذه التغيرات, ويستوجب الأمر تحركاً سريعاً لحل المشكلة. \r\n \r\n اتمنى لو استطيع ان اشجع تصميم توني بلير على احراز تقدم في الصراع العربي الاسرائيلي, لكنني لا اقدر. يحب نواب حزب العمل البريطاني ان يعلنوا من على شاشات التلفزة ان الرئيس الاميركي جورج بوش \"مدينٌ\" لرئيس الوزراء توني بلير لأنه يقدم له الدعم في مسألة مستقبل فلسطين, بعد ان سانده هذا الاخير في الاجتياح الاميركي للعراق. للأسف, لا يسير العالم على هذا النحو. فهل سيقاتل الرئيس بوش الى جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون في سبيل برنامج اسرائيل القاضي بتجميد اكثرية المستوطنات الجديدة في قطاع غزة؟ الجواب هو النفي بالتأكيد, كلا لن يفعل ذلك, لا الآن ولا حتى في المستقبل. \r\n \r\n * سياسي بريطاني. \r\n