\r\n الذي اقنع البرلمان بنهاية القرن التاسع عشر بأن تحكم إيرلندا نفسها بنفسها وهو يعتقد ان اي اغفال للحقيقة التي تشير الى اسلحة الدمار الشامل المختفية الخاصة بصدام حسين سيغتفر أمرها في المدى القصير من قبل الناخب ثم من قبل خالقه في وقت لاحق، عندما يستطيع اقناع كليهما بأن قراره كانت له اسباب اخلاقية اكثر سموا. \r\n \r\n تلك الصور المشينة لعراقيين رؤوسهم مغطاة وعراة، مع أقطاب كهربائية موصولة بعوراتهم، كانت مدمرة لانها قضت على وجه الخصوص على اي طموح ان يبقى الاحتلال مبررا بالتفوق الاخلاقي للمحتلين. \r\n \r\n هذه الشكوك حامت في الأفق الى ان خرج بلير في عطلة بعد ان قال لحزبه انه كان قد تمكن من الخروج سالما من النار، لكن المثير للسخرية هو انه لدى عودته، عاد شبح ابو غريب ليلاحقه بتقريرين اميركيين هذه المرة، فلقد خلص تقرير الجنرال فاي الى ان مسئولية الانتهاكات لا تقتصر على عدد من «التفاحات العفنة» التي وجهت ضدها التهم، فسرعان ما اتسعت دائرة الاتهامات من نصف دزينة من الحالات الى خمسين حالة. \r\n \r\n ويشتق جانب من قوة تقرير فاي من الاشمئزاز الواضح للضباط الحرفيين امام ما اكتشفوه، والذي يحتوي على انتهاكات جنسية وحالات ضرب مبرح، مع حالة ادت الى الموت، وترك السجناء عراة في الزنازين الجليدية، لكن الممارسة. \r\n \r\n التي سببت الاشمئزاز الاكبر تمثلت في استخدام الكلاب في لعبة المنافسة لرؤية اي جندي كان الاول في ادخال الرعب الى قلب سجين وهو يتغوط، ويالها من سخرية همجية ان هذه النماذج السادية التي لا يمكن تصورها قد تجسدت على يد قوات الائتلاف في سجن ابو غريب نفسه الذي كان رمزا لوحشية صدام. \r\n \r\n لكن العنصر الاكثر دلالة في التقرير هو ان غالبية الذين راحت هوياتهم تتكشف كمرتكبين للانتهاكات، لم يكونوا مجرد حراس بسطاء، بل عملاء للمخابرات العسكرية. فضلا عن ان جنود الاحتياط الذين وجهت اليهم الاتهامات دائماً على انهم كانوا ينفذون اوامر لتليين المعتقليين تمهيدا للتحقيق معهم. \r\n \r\n ولذلك وجد الجنرال فاي انه في غالبية الحوادث، طلب جنود الاستخبارات العسكرية اجراء عمليات التعذيب للمعتقلين او شاركوا فيها بأنفسهم وفي هذه النقطة من غير الممكن التذرع بأن الوحشية التي مورست في ابو غريب جاءت نتيجة سادية معزولة، وليس ثمرة سياسة منتظمة. \r\n \r\n ولقد كان مدير عمليات الصليب الاحمر وهو الاول في كشف فضيحة ابو غريب، جافاً عندما اكد: «اننا امام انموذج واسع، وليس ام اعمال فردية» ولقد كان انموذجاً لا يطبق في ذلك المكان فقط، بل في غوانتانامو، وقاعدة باغرام في افغانستان ايضا. \r\n \r\n حيث عرضوا في هذه المراكز، الموجودة في انحاء متفرقة من العالم، التقنيات نفسها لتغطية رؤوس السجناء وحرمانهم من النوم واخضاعهم للاذلال الجنسي وبالتالي لايمكن تصديق ان حفنة من جنود الاحتياط كانوا قد وجدوا هذه المنهجية في شبكة الانترنت والمؤكد ان احدا حمل الى العراق التقنيات التي كان قد تم اقرارها في مكان آخر. \r\n \r\n والمسئول الذي زار بغداد قبل اكتشاف الانتهاكات في ابو غريب كان الجنرال جيفري ميللر، وهو قائد في غوانتانامو، ولقد اكد تقرير شليزنغر ان ميللر حمل معه الخطوط العريضة لسياسة رامسفيلد في غوانتانامو واوصى بها كنموذج ممكن لاجراء التحقيقات في ابو غريب، وكان الجنرال ميللر هو الذي نصح ايضا باستخدام التعذيب بالكلاب داخل السجن. \r\n \r\n والمسألة لا تتوقف عند حدود سفر ميللر الى بغداد في مبادرة مستقلة لانه فعل ذلك بأوامر من ستيفن كيمبون، وهو سياسي اختاره رامسفيلد مؤخرا لمنصب امني بارز. وفي الوقت نفسه كان مقر الاممالمتحدة هدفا لهجوم بالقنابل والبنتاغون واجهت الريبة التي اثارها واقع ان المسئولين فيها لم يتنبأوا بما كان سيحدث ولم يكونوا مستعدين لما يجري. \r\n \r\n الخلاصة هي ان الجنرال ميللر حمل الى ابو غريب تقنيات تحقيق تم اقرارها من قبل رامسفيلد بطلب قدمه احد معاونيه، وعندما ظهرت ممارسات ابو غريب امام عيون العالم المندهشة، كان الجنرال ميللر هو الذي احتفظ بمنصب مسئول السجن وقال ان مهمته تتجسد في تنظيف مراكز الاعتقال، لكن اولويته في الواقع، لابد وأنها تتعلق بالحيلولة دون وقوع انهيار سياسي جراء هذه الفضيحة التي تصل سلسلة مسئوليتها حتى ادارة بوش. \r\n \r\n هذه المسئولية تقوم على عمل مشين وواضح من جانب السياسيين الذين اقروا التقنيات المطبقة من قبل الجيش. كما انها ثمرة ثقافة الافلات من القصاص، التي لقيت تشجيعا من اعلى المستويات. وبوش نفسه اصدر تعليمات تنص على ان اتفاقيات جنيف لا تنطبق على الحرب ضد الارهاب وأن الذين اعتقلوا في هذا السياق لا يتمتعون بحقوق اسرى الحرب. \r\n \r\n وبطلب منه صدرت عن وزارة العدل الاميركية طروحات مفادها ان التعذيب العقلي والمعاناة الجسدية الناجمين عن التحقيق لا يشكلان تعذيباً يندرج في سياق القانون الدولي وانه من اجل اعتبار عمل ما تعذيبا لابد وأن ينطوي هذا العمل على نية محددة لاحداث الألم. \r\n \r\n يجب اعطاء الثقة للجنرالات الذين اعدوا تقرير فاي، وذلك على عدم استعمال اي من هذه الطروحات حول ما يشكل تعذيبا، كما لم يفعل ذلك اي شخص يتمتع بالفطرة السليمة. فالممارسات المصرح بها من قبل رامسفيلد كتقنيات للتحقيق والتي لا تدخل في تعريف التعذيب تشتمل على اوضاع غير مريحة لفترات مطولة وتغطية الرؤوس والعزل الانفرادي و«استغلال الرهاب الفردي عن طريق استعمال الكلاب على سبيل المثال». \r\n \r\n وتزعم قواعد التحقيق الخاصة برامسفيلد ان المعتقلين كانوا مذنبين وكانوا يملكون معلومات جديرة بالسعي الى استخراجها. وعمليات قدر منظمة الصليب الاحمر ان بين 70% الى 90% من المعتقلين في ابوغريب لم تكن لهم اي صلة بالارهاب. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان الكشف عن الممارسات التي خضعوا لها على يد الحراس الليليين شكل مفاجأة رهيبة بالنسبة للغرب الا ان ذلك كان معروفاً على نطاق واسع بين اوساط المجتمع السني في العراق، بعائلاته الكبيرة التي كان فيها افراد عادوا من السجن ورووا قصصا مريرة من تجربتهم. \r\n \r\n ومن المؤكد تقريبا ان ابوغريب قد غذى الغضب الذي يدعم العنف الى حد كبير. ان تقنيات التحقيق المستخدمة في السجن صممت تحديداً من اجل استغلال الثقافة العربية لالحاق اقصى درجة من الذل والعار. والمدهش في الامر هو انه يبدو انه لم يخطر ببال احد من القيادات انه لهذا السبب بالذات كانت هذه الممارسات ستولد اقصى درجات العداء للغرب، عندما تصبح معروفة في العالم العربي بأسره. \r\n \r\n ويخلص تقرير شليزنغر الى تأكيد الضرر الذي ألحقه ابوغريب بصورة الولاياتالمتحدة في بلدان دعمها ضروري لمحاربة الارهاب.وهذا الضرر سيبقى واضحاً طوال الوقت الذي تواصل فيه ادارة بوش اتهام عدد محدود من الحراس وتتهرب من مسئوليتها عن الفضيحة. \r\n \r\n \r\n وزير الخارجية البريطاني السابق \r\n \r\n \r\n «لاناسيون» الارجنتين