اللاجئون بالسلوم أقاموا دولة داخل الدولة وعلقوا لافتات «ممنوع الاقتراب والتصوير»!! مدينة السلوم بوابة مصر الغربية، والتى تقع على ساحل البحر المتوسط، شهدت العديد من الأحداث منذ الفتوحات الإسلامية؛ إذ استخدمها بنو هلال حصنا لتخزين المؤن والعتاد لمحاربة الزناتى خليفة فى تونس، وكانت محطة تزويد المجاهد الليبى عمر المختار ضد الطليان والتى دارت على أرضها أشرس معركة بين دول المحور والحلفاء فى عام 1945 انتهت بطرد الإنكليز. تواجه هذه المدينة أزمة قابلة للانفجار فى أى وقت، وهى مخيمات اللاجئين على الحدود المصرية الليبية، والتى تقع داخل كردون مدينة السلوم، وتبعد نحو خمسة كيلومترات عن الحدود الليبية، وهى موطن لنحو ألفى شخص ما بين لاجئ وطالب لجوء غير مقبول ورعايا دول ثالثة فروا من ليبيا فى عام 2011 ولا يمكنهم العودة إلى بلدانهم الأصلية. مؤخرا شهد مخيم اللاجئين اشتباكات شبه يومية بالأسلحة البيضاء، وتم فرض سياج أمنى من قبل اللاجئين أنفسهم ولجان شكلت بمعرفتهم لمنع الاقتراب من مخيماتهم، ومقابلة ذلك بالعنف لأى شخص يحاول الاقتراب من خارج المخيم،كما يمنعون التصوير نهائيا داخل أو خارج المخيم. وتبحث المفوضية العامة لشئون اللاجئين بالأممالمتحدة تلك الأوضاع من خلال ورشة عمل، كان آخرها بمقر مركز التنمية المستدامة بمدينة مرسى مطروح، استمرت لمدة ثلاثة أيام بمشاركة ممثلى أمن الموانئ والجوازات ومديرية أمن مطروح. ويقول مازن البقاعين، مدير المفوضية بالسلوم: إن المخيم يواجه تهديدا أمنيا من الليبيين القادمين عبر الحدود، رغم أنه يقع فى منطقة يسيطر عليها الجيش المصرى، وبعض الاشتباكات تحدث بين الليبيين واللاجئين فى بعض الأحيان، وقد هدد الليبيون بحرق المخيم. مشيرا إلى أن اللاجئين شكلوا لجانا أمنية فى محيط المخيم. ويشكو لاجئون آخرون من برودة الجو؛ فيقول أبو حسن عثمان، وهو عامل صومالى: إن الجو بارد جدا، خاصة فى الليل، لدرجة أننا لا نتمكن من النوم ليلا أو نهارا بسبب انخفاض درجة الحرارة. بالإضافة إلى الصرف الصحى؛ فيضم المخيم مرحاضين متنقلين، وبعض خزانات المياه للشرب، ومساحة كبيرة تكفى للعب كرة القدم، بالإضافة إلى منطقة المسكن نفسها. وتتقاطع الكابلات الكهربائية المنخفضة فوق المخيم، والناس يطهون الطعام على أسطوانات غاز داخل الخيام، الأمر الذى سبق وأفضى إلى اندلاع عدة حرائق، دمرت إحداها 50 خيمة فى شهر مارس قبل الماضى. واتفقت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشئون اللاجئين مع الجيش المصرى على إقامة مخيم جديد يحيط به سياج بالقرب من الحدود الليبية، وتقوم المفوضية وحدها بإدارته. ومن جانبة قال أشنافى غيبرو، وهو فى الأصل مواطن إريترى وكان يقوم بأعمال يدوية فى بنغازى: إنه من المستحيل -بالنسبة إليه- أن يعود إلى ليبيا، مضيفا: إنهم يقتلون أى شخص أسود، لو كانت لدى عائلة جيدة وبلد جيد، لكنت أول المغادرين، لأننى سئمت العيش بالسلوم. ويضيف: إن إعادة التوطين هى الأولوية الآن حتى يتسنى إغلاق المخيم بحلول نهاية عام 2013. وأكد أنه ما لم تطرأ ظروف غير متوقعة أو استثنائية، لن تطول المدة عن ذلك، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قد تم إعادة توطين نحو 300 شخص بالفعل منذ فبراير 2011. يذكر أن مخيم اللاجئين يضم نحو 2000 لاجئ إفريقى، كانوا قد فروا من بلادهم بسبب الظلم والاضطهاد إلى ليبيا، وبعد اشتعال الثورة الليبية هاجروا إلى الشرق فى اتجاه منفذ السلوم المصرى مع الحدود الليبية، والذين يجدون صعوبة فى العودة إلى ليبيا أو إلى بلادهم مرة أخرى، بالإضافة إلى ما يقرب من 850 سوريا فى السلوم يسكنون الأماكن المهجورة ولم تسمح لهم السلطات المصرية بالإقامة فى المخيمات، ولا يدرون إلى أين يذهبون. كارثة اللاجئين بالسلوم تمثل أكبر خطورة، ولها عواقب وخيمة بسبب إصرار هؤلاء اللاجئين فى الاستيطان وعدم نيتهم العودة إلى بلدانهم نهائيا، وكذلك نيتهم فى إقامة «دويلة» داخل الدولة، يحكمها قانون خاص بهم ولا يجرؤ الأمن على التدخل فى شئونهم، وكذلك المواطنون الغرباء عنهم لا يستطيعون الاقتراب من المخيمات أو الحديث معهم، فهم يعملون فى نقل البضائع والتجارة لتوفير قوت يومهم ولا يقبلون التدخل نهائيا فى حياتهم الخاصة، رغم ما يحدث من مشكلات ومشاجرات شبه يومية تعكر الأمن بالمنطقة.