كان لقائى بك فى معرض الشارقة الدولى للكتاب، الذى افتتح يوم الثلاثاء الموافق 7/11/ 2012، حدثا فارقا لى؛ لأنك صديق قديم منذ شبابنا فى الستينيات بالإسكندرية ونلتقى الآن ونكتشف اهتمامات وهموما وإنجازات متشابهة، ونتواصل بالحوار، وكأن الزمن لم يكن له وجود.. وقد استمتعت بحديثك الشيق وذكرياتك عن كل مَن أحبهم من فنانين، مثل: سيف وانلى، ومحمود موسى، وهجرس، وحسن سليمان، وغيرهم. لقد انسحبت من معرض الشارقة الدولى للكتاب بعد محاضرتى مباشرة، والتى حضرتَها أنت مشكورا، وسافرت ظهر اليوم الثانى بعد أن بحثت عنك وعرفت من الصديق العزيز والأديب الكبير محمد جبريل أنك ذهبت إلى مدينة دبى، فتركت معه روايتى (النيل والبحر) وعليها إهداء منى لك؛ لأنه يهمنى معرفة رأيك فى هذه الرواية الأولى لى، وأنا فى السبعين من عمرى. لقد انسحبت غاضبا لمجموعة من الإهانات أصابتنى فى مقتل.. وفى اعتذارهم لى بأنها غير مقصودة أجدها أنا مقصودة مع سبق الإصرار والترصد.. وأنت شخصيًّا شاهد على بعضها: يوم افتتاح المعرض فى الثامنة صباحا، وكانوا قد أيقظونى فى السابعة للذهاب إلى حفل الافتتاح، قالوا لى عند باب الفندق: نظرا إلى أنه ليست معك الدعوة الحمراء فلن تستطيع الدخول.. لماذا لم تعطونى الدعوة مثل الجميع؟.. قالوا لى: إنها من جهة الحاكم وليست من جهتنا نحن -منظمى الجناح المصرى- لحظتها كان لابد لى من أن أنسحب. وكانت أول إهانة لى.. وكان يمكن للدكتور أحمد مجاهد أن يبلغ المسئولين عن المعرض باسمى ضمن المبدعين المصريين من كتاب وشعراء ومفكرين ومسرحيين وممثلين وصحفيين وغيرهم؛ فجميعهم تم دعوتهم وتكريمهم ومكافأتهم من قبل الحاكم، إلا شخصى، وكأن الأمر مقصود.. وأى تبرير للهيئة المصرية للكتاب -التى دعتنى- مرفوض؛ فإن لى مكانتى التى لا تقل عن غيرى من الحاضرين، وأنا مدعوّ مثلهم لإلقاء محاضرة ممثلا لبلدى.. ولكن تم تجاهلى تماما من الجانب المصرى والإماراتى -ومع الأسف- من دون سبب واضح. جاء تنسيق معرض الفن المصرى المعاصر الذى صاحب فعاليات الجناح المصرى الهزيل، وهو ضيف شرف المعرض، هزيلا ضائعا هو الآخر؛ فلم يخصص للأعمال الفنية جناحا خاصا، وإنما وُزّعت فى مدخَلَى الجناح كديكور للمكان، قام به مشكورا الفنان أيمن لطفى الذى تصادف وجوده.. وليس للمعرض كتالوج وليس له قومسير يشرف عليه، ولم تكتب أسماء الفنانين بجوار أعمالهم. ومن ثم لم يشاهد حاكم الشارقة وضيوفه المعرض، ولم يتعرف الجمهور على الفن المصرى المعاصر، وهمش المعرض فنانيه كما همشت أنا. لم يُذكر اسمى ولا محاضرتى (الفن المصرى الحديث) فى مطبوعات المعرض ولا فى أية مطبوعات أو إعلانات عن فعاليات الجناح المصرى، وكأنى غير موجود مطلقا.. وكان هذا هو الواقع.. وتم تأجيل محاضرتى إلى السبت 10 من نوفمبر بعد محاضرة الصديق الأديب الكبير جمال الغيطانى، فى مقهى ريش؛ وهى حجرة صغيرة ملحقة بالجناح المصرى البائس فى كل شىء.. وطبعا لم يحضر محاضرتى غير أنت ومحمد جبريل ود. زينب العسال وبعض الأصدقاء مجاملةً لى.. فالواقع أنه لا أحد مطلاقا يعرف عن محاضرتى ولا عن وجودى أى شىء.. وقد قلت ذلك فى محاضرتى وأنا أعلم أن الأدباء والشعراء والممثلين أكثر شهرة من الفن التشكيلى.. ولكنى قلت أيضا إن للفنان التشكيلى الدور الأساسى لظهور الكتاب؛ فهو الذى يخرجه فنيا ويرسم غلافه الذى يشاهده المتلقى قبل أن يفتح الكتاب ويقرأ النص.. لذلك قدمت محاضرتى عن الريشة والقلم فى الفن المصرى الحديث. لقد طلبوا منى ومن الأستاذ جمال الغيطانى الذهاب قبل المحاضرة إلى مكتبٍ لاستلام مظروف به مكافأة، ولكنهم صرفونى فاسمى غير موجود.. ولم أكن أنتظر أية مكافأة من أحد، وكنت قد تشبعت من الإهانات، والدكتور أحمد مجاهد غير موجود.. يقولون لى إنه مريض.. فقررت الانسحاب والعودة فورا إلى بلدى. رأيت أن أحيطك ببعضٍ مما حدث لى وللفن المصرى على أيدى المصريين والعرب، مع الأسف فى معرض الشارقة الدولى للكتاب هذا العام وفى الجناح المصرى (ضيف الشرف)، الذى كان فى حد ذاته إهانة لمصر.. وفى أكياس ذهب السلطان التى ذهبت إلى البعض دون الآخرين، فى تفرقة غير مقبولة لكبار مبدعى مصر والوطن العربى، وتجاهل تام للإبداع التشكيلى الذى هو مفخرة الثقافة والإبداع المصرى على مر العصور. لقد اشتريت اليوم جريدة "الشعب" وقرأت ملاحظاتك على مشهد الإبداع.. أرجو أن تضيف هذا الحادث المؤسف لاغتيال الإبداع المصرى التشكيلى فى معرض الشارقة للكتاب إلى ملاحظاتك القيمة.. على أن نلتقى قريبا. لك تحياتى وتقديرى.. عصمت داوستاشى الإسكندرية فى 14/ 11/2012 الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة