كُثرت المؤامرات حول الوطن العربى، بقيادة بن زايد، وذراعة العسكرى عبد الفتاح السيسى، قائد الانقلاب، ولعل أخر تلك المؤامرات كانت فى ليبيا وتظهر فى الدعم الكامل للانقلابى خليفة حفتر، حتى لا يكون هناك صوت فوق صوت الكيان الصهيونى وحلفائه. صحيفة القدس العربى، كشفت فى مقال تحليلى لها، كيف انتزعت حركة النهضة التونسية، ليبيا، من يد "السيسى" وبن زايد والحفاء الدوليين الذين لا يريدون ديمقراطية هناك. وقالت الصحيفة، أن حركة "النهضة" التونسية استطاعت، على عكس بلدان الربيع العربى، تقديم تجربة سلميّة لانسحاب رأس السلطة من المشهد، من دون انقضاض الجيش على الحكم، أو تمسّك الرئيس بالسلطة وقيادة ثورة مضادّة مدعومة إقليميا ودوليًا وجرّ البلد إلى خراب شامل. وقالت الصحيفة إن "النهضة" لعبت، من خلال وسطيّتها ومرونتها وقبولها لآليّات التصويت الديمقراطي واحترامها لأسس الحوكمة الحديثة والحرّيات العامّة، دوراً في إفشال محاولات هائلة لجرّ تونس إلى السيناريوهات المصريّة والسورية واليمنية، وساهمت بذلك في الحفاظ على هذا التوازن العام. وأكدت الصحيفة أيضًا على أن مسئولون فى "النهضة" (وكذلك جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر) تحدثوا عن مراجعات فكرية سينتج عنها فصل العمل السياسي عن الدعويّ، بحيث تتحوّل "النهضة" إلى حزب سياسيّ على الطريقة الحديثة يلتزم بتقديم برامج سياسية واقتصادية واجتماعية ويخوض معاركه على أساسها ولا يخلط العمل الخيريّ والدعويّ بالعمل السياسي. وأوضحت الصحيفة أن "النهضة" فرضت نفسها على تطوّرات الحالة الليبية التي تعبّر حكومة "الوفاق الوطني" عن إرادة دوليّة لحلّ يقارب، في خطوطه العامة، وجعلت الحلّ التونسي بدلاً عن الحل المصريّ الذي يسعى لتحقيقه الجنرال خليفة حفتر ورعاته الإقليميون في مصر وغيرها. ولفتت الصحيفة إلى أن نجاح هذا المسار سيقطف نجاحات أخرى وسيؤثّر، بالضرورة، على المسار السياسيّ العربيّ العام. وهو ما يأخذنا، بالضرورة، إلى المحنة الكبرى التي تعانيها جماعة "الإخوان المسلمين" المصريّة والتي، برغم حرب الاجتثاث الهائلة واعتقال واغتيال عدد من قياداتها وكوادرها العليا والوسطى، والأزمة الداخلية التي تعاني منها، ما زالت متماسكة، بل إن بعض قياداتها تعمل على انتخابات جديدة، وتعد بمراجعات فكرية، وتعبّر عن إرادة في تطوير نظريتها السياسية وأدائها ومدّ تنظيمها بأفكار جديدة.