أكد الدكتور حارث الضاري الأمين العام للهيئة في حوار مع مجلة "الأهرام العربي"، إن المقاومة العراقية هي السبيل الوحيد لتحرير العراق وإنها تمكنت من إفشال المشروع الأمريكي في العراق وفي المنطقة .. موضحا أن العملية السياسية الحالية أثبتت فشلها , ولم يبق من سبيل لتحرير العراق إلا عبر المقاومة العراقية الباسلة , والقوة , لأن ما أخذ بالقوة , لا يستعاد إلا بالقوة .
كما أكد الشيخ الضاري رفضه للانتخابات المقرر إجراؤها في العراق في السابع من آذار المقبل .. واصفا إياها بأنها الأسوأ في تاريخ هذا البلد الجريح .
وأوضح الدكتور الضاري إن إيران ما زالت تمارس دورا خطيرا داخل العراق في جميع المجالات الأمنية, والسياسية, والاقتصادية, والثقافية, وهذا الدور المتصاعد أصبح يضاهي ان لم يفق الدور الأمريكي في هذا البلد .. مشيرا إلى الاحتلال الإيراني الأخير لحقل الفكة النفطي العراقي .
وجاء في الحوار: لا توجد حرب أهلية بالعراق ولكن فتن يؤججها الاحتلال وحلفاؤه .
نعتب على الجامعة العربية مجاملتها لحكام المنطقة الخضراء ونعارض فتح سفارات عربية ببغداد.
الصحوات عملت تحت لواء الاحتلال وخانت المقاومة .
الجيل الثالث يقود المقاومة ضد الأمريكيين.
الانتخابات المقبلة أسوأ.. وحياة العراقيين تحولت لجحيم .
لم نفاوض واشنطن ونشترط موافقتها المسبقة على الانسحاب.
"مجاهدي خلق" غير مسلحين, ونستنكر تعامل حكومة بغداد معهم لخدمة طهران .
نص الحوار الأهرام: العراق مقبل خلال الفترة المقبلة على انتخابات برلمانية مهمة , كيف تنظرون الى الانتخابات? ولماذا تواصلون الامتناع عن المشاركة في العملية السياسية ؟
الضاري: الانتخابات المقبلة لا تختلف عن الانتخابات السابقة التي جرت في العراق مرتين، بل نعتقد أنها ستكون الأسوأ في تاريخ العراق, لأن هذه الانتخابات ستجري على الأسس نفسها التي جرت عليها الانتخابات السابقة, ولن تغير جوهر العملية السياسية أو تأتي بجديد, وإنما قد تقصي بعض الشخصيات فقط ، كما أن آلياتها مازالت كما هي: فالمفوضية مازالت هي المفوضية نفسها, ومسيطر عليها من قبل الاحتلال, وقد شاب عملها الكثير من الشوائب ومنها الاقصاءات, ويبدو أن المسيطرين على الحكم في العراق يريدون أن تكون هذه الانتخابات خاصة وفئوية, ولا تقتصر إلا على القوى المهيمنة، وأما لماذا نواصل الامتناع عن المشاركة, فمرد ذلك إلى أن العملية السياسية باتت غير شرعية، لأنها تجري في ظل الاحتلال, وقد أثبتت الوقائع والأحداث التي جرت في العراق طيلة السنوات الماضية أن هذه العملية هي سبب كل الكوارث في هذا البلد, وهي مشروع أميركي بامتياز, لتحقيق المصالح الأميركية من ناحية ومصالح الدول الأخرى المتدخلة في العراق في ظل الاحتلال من ناحية أخرى فضلا عن أن هذه العملية بنيت على أسس خاطئة من أبرزها المحاصصة الطائفية والعرقية والسياسية التي أقصت الكثير من المكونات العراقية, وعليه فسنبقى نقاطعها ويقاطعها غيرنا من القوى المناهضة للاحتلال.
الأهرام: هل ستؤيدون طرفاً أو تكتلاً سياسياً ما خلال الانتخابات المقبلة ؟
الضاري: لا نؤيد أي طرف سياسي, أو أي تكتل, لأننا نعتقد أن ذلك يعد دخولا في العملية السياسية, وهذه المرة ليس من الباب وإنما من الشباك, كما أننا لا نتوقع أن هذا الطرف السياسي, أو ذاك التكتل قد يغير شيئا من الوضع في العراق, لأن المطلوب كل من يدخل في العملية السياسية أن يعمل وفق محددات العملية السياسية وشروطها ومقتضياتها الموضوعة مسبقا.
الأهرام: هناك من ينظر إلى الانتخابات المقبلة باعتبارها السبيل الوحيد للسنة للعودة إلى المسرح السياسي, فما رأيكم ؟
الضاري: لا نعتقد أنها السبيل الوحيد والصحيح لعودة السنة, أو غيرهم من العراقيين المناهضين للاحتلال, ممن يريدون أن يعود العراق لأهله, بلدا حرا سيدا على نفسه, ولذلك لا نعتقد أن الانتخابات هي السبيل الصحيح لذلك.
الأهرام: برأيكم ما تقييم مسيرة العملية السياسية من الانتخابات الماضية وحتى الآن? وكيف تتوقعون مصير العملية السياسية بالمرحلة المقبلة ؟
الضاري: تقييمنا للعملية السياسية منذ بدايتها والى الآن, أنها عملية كارثية دمرت العراق, وباعته لأعداء العراق والعراقيين, فهي قامت على أناس اختارهم الاحتلال, وبعض القوى الخارجية, ولا يهم القوى السياسية الحالية إلا مصالحها, ومصالح أحزابها, لذلك فهم لا يعيرون للعراق وزنا, ويمر البلد بوضع لا يمر به أي شعب في العالم اليوم. أما نظرتنا الى مصير هذه العملية, فنرى أنها ستنتهي إلى المصير الأسود الذي ينتظر كل عملية إجرامية لصوصية تبنى على الغزو والاحتلال والحقد والإقصاء والقتل والإجرام والنهب والسلب.
الأهرام: تتواصل المشكلات والخلافات داخل النخب السياسية الحاكمة منذ الاحتلال, برأيكم كيف يمكن الوصول إلى اتفاق وطني بين الكتل السياسية ؟
الضاري: هل لدى هذه المجاميع التي تسمى نخبا مشروع وطني? هم حريصون على مصالحهم الخاصة ومصالح أحزابهم ومصالح القوى التي تدعمهم من الخارج? وهذه المجاميع المسماة نخبا لا تهمها إلا مصالحها، لذلك فهي متخاصمة فيما بينها, يكيد بعضها لبعض, وما جرى في العراق في الأيام الماضية خير دليل على أن هذه المجاميع لا يهمها العراق, ولا الشعب العراقي, وإلا لما تسببت في مقتل وجرح الآلاف من العراقيين في الحروب المتبادلة فيما بينها, متخذة من التفجيرات الدموية سبيلا لذلك, بل ويتفننون فيها, حتى يسجل أحدهم على خصمه نقاطا أكبر وأكثر, لإفشاله في عمله وإخراجه من العملية السياسية.
الأهرام: اجتثاث البعث كان ذريعة لتصفية الحسابات قبيل الانتخابات, كيف تنظرون إلى التعامل مع البعثيين؟
الضاري: من المعلوم أن الذين اجتثوا بتهمة الانتماء للبعث كانوا يشاركون هؤلاء الناس في الحكم, وكانوا يتوسلون لمشاركتهم لهم في الحكم, لكن بعد أن شاركوهم وأعطوهم الشرعية وسكتوا على مظالمهم لم تعد الحاجة قائمة إليهم, فاجتثوهم بتهمة اجتثاث البعث, علما بأن أغلبهم لم يكونوا بعثيين, وإنما فعلوا ذلك, لأنهم يعتقدون أنهم قد أصبحوا يشكلون خطرا عليهم في الانتخابات المقبلة, ومرد ذلك إلى أن أصحاب السلطة فقدوا رصيدهم في الشارع العراقي, فبدأ الشعب يبحث عن غيرهم مهما كان هذا الغير، لإزالتهم من الحكم بسبب اساءتهم للناس, وسوء سمعتهم بين أوساط الشعب العراقي.
الأهرام: بعيدا من الانتخابات المقبلة, كيف ترى وضع الشارع العراقي الآن بعد نحو ست سنوات من الاحتلال? وهل تحسنت الأوضاع الحياتية أخيرا أم ما زالت المعاناة مستمرة ؟
الضاري: لم تتحسن الأوضاع على مدى السنوات الماضية, وإنما ازدادت سوءا, وتضاعفت المعاناة لدي الشعب العراقي, ففضلا عن عدم توافر الأمن للشعب وخوفه من الحكومة والاحتلال وما يمارسها لطرفان من متابعات, وإحصاءات, وسجون, واعتقالات, فانه لم تتوافر لهذا الشعب أدنى مقومات الحياة الضرورية: الغذائية والصحية والخدمية وغيرها. ثم هناك أيضا خوف من استمرار هذه الأوضاع مع استمرار هذه الحكومة الحالية أو مجيء حكومة أخرى تكمل مشوار القهر والفساد والدمار الذي سارت عليه الحكومة الحالية.
الأهرام: برغم الفضائح الكثيرة التي ظهرت حول بعض المسؤولين بالحكومات العراقية, فان المحاسبة عنها لم تصل إلى شيء, فهل يرجع ذلك الى القصور في السلطات القضائية أم للتدخلات السياسية؟
الضاري: الأسباب تعود للطرفين فتقصير السلطات القضائية, نابع من أن أغلبها غير مؤهل للقضاء من جهة, وهو تابع لهذا الحزب أو ذاك من جهة أخرى. ثم أيضا تعود أسباب ذلك الى التدخلات السياسية, لأن الحكم في العراق اليوم هو حكم توافقي بين الأطراف المهيمنة بعيدا من الارادة الشعبية الحقيقة, ويقضي هذا الحكم بأن تشترك هذه الأطراف في الحكم, وفي الفساد أيضا, ولذلك اذا اتهم شخص من هذا الطرف بالفساد فان الجهة الأخرى تسكت عنه, مقابل أن يسكت عن أشخاص فاسدين منها, ولهذا قتل العراق والعراقيون بهذه التوافقات القائمة على قاعدة: اسكت أنت, وأنا أسكت.
الأهرام: كيف تصف علاقتكم بالعالم العربي? وهل ما زالت بعض الدول العربية تتعامل معكم بتحفظ في ظل اتهام أميركا لكم بالتورط بالإرهاب؟
الضاري: علاقاتنا بالدول العربية, والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه, تتراوح بين الجيدة والسلبية. أما اتهام أميركا لنا بالتورط في الإرهاب, فهذا لم يثبت, لأن أميركا في أسوأ حالاتها معنا لم تتهمنا بالارهاب, أو التورط فيه, وانما غاية ما تتهمنا به, هو التشدد في موقفنا تجاه الاحتلال, والعملية السياسية, ودعم "التمرد" الذي يقصدون به المقاومة, ولو لم يكن لديهم دليل على هذه الاتهامات.
الأهرام: كانت لكم انتقادات ضمنية للدول العربية, فهل ما زالت أسباب الانتقاد قائمة؟
الضاري: نعم مازالت أسباب الانتقاد قائمة, ونحن حينما ننتقد الدول العربية, فاننا لا ننتقدها من منطلق المصلحة الخاصة, وانما من منطلق المصالح العامة التي تجمعنا مع الدول العربية, ومن منطلق المصير الواحد المهدد في النهاية من أعدائنا وأعداء أمتنا.
الأهرام: انتقدتم خطوة فتح بعض الدول العربية سفارات لها بالعراق, فهل ما زلتم على موقفكم؟
الضاري: نعم, ما زلنا على موقفنا, ونعتقد أن بعض الدول العربية بعد أن فتحت سفاراتها في بغداد تفهمت موقفنا من خلال طريقة تعامل الحكومة الحالية مع الدول العربية وسفاراتها المسجونة داخل المنطقة الخضراء, ومن خلال الاتهامات الموجهة الى هذا الطرف العربي أو ذاك عند كل أزمة, أو مشكلة نواجهها, وقد تكون هذه المشكلة من عملها, أو عمل شركائها في العملية السياسية, أو من حلفائهم.
الأهرام: برغم الجهد الذي تبذله الجامعة العربية لحل الأزمة العراقية الداخلية فان لكم لوماً وعتباً على الجامعة, فما مطالبكم منها ؟
الضاري: لا لوم لنا على الجامعة, لأننا نعلم أنها تمثل توجهات ومواقف الدول العربية, الا أننا نعتب على موقف الجامعة في السنوات الأخيرة حين بدأت تجامل حكومة المنطقة الخضراء على حساب الشعب العراقي والقوى المناهضة للعملية السياسية, والحكومات الفاسدة, رغم من ظهور فسادها وتدميرها, بل وبيعها العراق لكل مشتر في سوق النخاسة.
الأهرام: سمعنا كثيرا عن تقارب بين الهيئة وبين المملكة العربية السعودية ولكن ذلك لم يترجم على أرض الواقع فما سبب ذلك؟
الضاري: لا نعلم لذلك سببا واضحا.
الأهرام: هناك جدل عراقي داخلي بشأن العلاقة مع الكويت, فما نظرتكم إلى العلاقة معها؟
الضاري: الكويت بلد عربي نتمنى له الخير, ونأمل أن يغير من نظرته الى العراق, ونرجو ألا تستمر الكويت في وضع كرتها في ملعب من لا عهد لهم ولا أمان.
الأهرام: إلى أي مدى تتحمل الهيئة مسؤولية العلاقة الفاترة مع الدول العربية المؤثرة مثل مصر والسعودية؟
الضاري: لا تعتقد الهيئة أنها مسؤولة عن فتور العلاقة مع مصر والسعودية, ونأمل أن يعلم اخواننا في هذه الدول, أن استمرار فتور هذه العلاقة ليس في صالحهم, ولا صالح العراق, وأعتقد أن الوقت قد حان لذلك.
الأهرام: برأيكم هل مازالت إيران تؤدي دوراً سلبياً في الساحة العراقية? والى أين وصلت حدود الدور الإيراني في العراق سواء من الناحية السياسية أم على الأرض؟
الضاري: مازالت إيران تؤدي دورا سلبيا في العراق في جميع المجالات الأمنية والسياسية, والاقتصادية, والثقافية, وهذا الدور متصاعد. وتأثير إيران اليوم أصبح يضاهي ان لم يفق الدور الأميركي في العراق, فهي تمارس اليوم دورا خطيرا في العراق بل انها تحتل جزءا من العراق على الحدود العراقية - الايرانية, وهي منطقة الفكة التي لا تزال قواتها فيها, وهي منطقة عراقية داخل الحدود الدولية العراقية.
الأهرام: كيف تنظرون الى تعامل الحكومة العراقية مع جماعة "مجاهدي خلق"؟
الضاري: هذا التعامل غير إنساني, لأن جماعة خلق أصبحت اليوم جماعة سياسية مجردة من السلاح, وهي تعد في العرف العراقي, ضيفة على العراقيين, لذلك فان ما فعلته هذه الحكومة معهم مستنكر منا, ومن غالبية الشعب العراقي, وهي تأتي من باب تقديم خدمة لايران ليس الا، والا فان هذه المجموعة المجردة من السلاح لا تشكل خطرا أمنيا لا على العراق ولا على الحكومة الحالية فيه.
الأهرام: نلاحظ أن لكم علاقات بحلفاء لايران وهو أمر غير مفهوم فمثلا حضرتم أخيرا مؤتمر المقاومة الذي نظمه "حزب الله" في بيروت رغم تحالفه الصريح مع طهران, فما سبب ذلك؟
الضاري: تلقينا دعوة من اللجنة المنظمة للملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة, وهي لجنة مشكلة من قوى عربية واسلامية يهمها شأن المقاومة, ودعينا الى الملتقى كما دعي "حزب الله" - وان كان له حضور ظاهر بحكم وجوده في لبنان - ودعيت المقاومة الفلسطينية ممثلة ب"حماس" وغيرها من الفصائل والأحزاب الفلسطينية, كما حضرتها أطراف عربية وعراقية, ومنها أطراف مقاومة, وأطراف دولية عدة من دول العالم المختلفة, ولذلك فان موقفنا من ايران لا ينعكس بالضرورة على علاقاتنا مع حلفاء ايران, أو من لهم علاقة بايران, ماداموا يحترمون قضيتنا, ولا يتدخلون في شؤوننا.
الاهرام: هل ما زلتم ترفضون مفاوضة الولاياتالمتحدة? أم تمت بالفعل مفاوضات وراء الكواليس؟
الضاري: لم تكن هناك مفاوضات لا من وراء الكواليس, ولا من أمامها, لا ماضيا, ولا حاضرا, أما التفاوض مع الولاياتالمتحدة, فلا يمكن أن يكون الا اذا توافرت شروطه الحقيقة, واذا كان الأميركيون يرغبون في المفاوضات فعلا, وجادين فيها, ومستعدين لاتخاذ القرارات المهمة فيها, وفي مقدمتها الانسحاب الكامل من العراق, حينذاك فقط أعتقد أن الشعب العراقي, ربما يوافق عليها, وسيخول في حينها من يراه مناسبا لتأدية هذه المهمة التمثيلية في تلك المفاوضات, وان كنا نستبعدها في الوقت الحاضر ما لم يضطر الأميركيون اليها.
الأهرام: كيف تقيمون علاقتكم بتركيا? وهل سيكون لأنقرة دور أكبر في الشأن العراقي الداخلي لحل الخلافات؟
الضاري: ليس لدينا علاقات مع الأتراك, مع تقديرنا لهم على اهتمامهم بقضية فلسطين, التي نهتم بها كاهتمامنا بقضيتنا, وقد يكون لتركيا دور في الشأن العراقي, ونرجو أن يكون ايجابيا.
الاهرام: ما انجازات المقاومة برأيكم? وهل تعتقدون أن المقاومة هي السبيل الوحيد للتحرير وانهاء الاحتلال؟
الضاري: نعم, نعتقد أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير العراق, وانهاء المشروع الأميركي فيه, وفي المنطقة, وأن العملية السياسية أثبتت فشلها وأقر بذلك الكثير من رموزها, ولذا لم يبق من سبيل لتحرير العراق الا عبر المقاومة, والقوة, لأن ما أخذ بالقوة, لا يستعاد الا بالقوة. وقد قدمت المقاومة العراقية في هذا السبيل انجازات مهمة وكبيرة اعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء, ومنها على سبيل المثال:
1- وقوفها أمام أكبر قوة عسكرية وتقنية في العالم رغم التفاوت الهائل بينهما في ميزان القوى, وارغام هذه القوة الطاغية على تغيير خططها وستراتيجيتها في العراق أكثر من مرة, كما اعترف به بعض قادة الاحتلال أنفسهم.
2- افشال المشروع الأميركي للهيمنة على العراق والمنطقة بالشكل الذي كانوا يخططون له, وايقاف زخم ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد الساعي الى تقسيم العراق ودول المنطقة.
3- كبح شر العدوان عن بعض دول المنطقة, من خلال وأد نجاح الاحتلال الأميركي للعراق, وتكبيدها الكثير من الخسائر التي لم يكن يتوقعها وأجبرته على تغيير كثير من المهمات المرسومة مسبقا, بل دفعه لشر العولمة الأميركية عن مناطق أخرى في العالم كما يقر بذلك كثيرون.
4- أثبتت المقاومة العراقية أن الشعب العراقي لم يستقبل المحتلين بالورد والأزهار كما كانوا يتوقعون, أو كما كان يروج عملاؤهم, وانما استقبلهم, بالغضب والنار وأوقع فيهم الخسائر الكبيرة.
5- سعيها المتواصل الى تحقيق هدفها الأول, وهو تحرير العراق واستعادة سيادته الكاملة رغم تخلي القريب والبعيد عنها, واعتمادها على الله وحده.
الأهرام: رغم وجود تخويل لكم من بعض الفصائل المقاومة فلماذا لم تطرح فضيلتك مشروعا سياسيا باسم المقاومة ؟
الضاري: لقد وضعت القوى العراقية الرافضة للاحتلال والمناهضة له, وفي مقدمتها المقاومة العراقية الباسلة, منذ الأيام الأولى لهذا الاحتلال البغيض, أسسا للمشروع السياسي المفضي الى تحرير العراق, ويقوم هذا المشروع على مجموعة من الأسس الرئيسة وفي مقدمتها:
أولا: تحرير العراق.
ثانيا: المحافظة على وحدته وسيادته وحدوده.
ثالثا: المحافظة على هويته العربية الاسلامية وعلى قيمه وحضارته.
رابعا: المحافظة على ثرواته ومقدراته.
ومن ثم يكون العراق بعد تحريره واستعادة سيادته لكل أبنائه, بكل أطيافهم ومكوناتهم الدينية, والمذهبية, والعرقية, والفكرية, والسياسية من خلال توافق وتفاهم عام ومصالحة حقيقية تجري بعد الاحتلال, ومن ثم انشاء حكومة عراقية, من خلال الاقتراع العام في انتخابات تعقب الاحتلال, وتخرج من هذه الانتخابات حكومة عراقية, تضع دستورا يؤمن مصالح العراقيين جميعا, من دون اقصاء لأحد منهم, ومن ثم يختارون من يقودهم.
الأهرام: تراجعت المقاومة العراقية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة الماضية, فما سبب ذلك وكيف ترى وضعها في المستقبل ؟
الضاري: لا ينكر أحد أن المقاومة العراقية قد تراجعت عما كانت عليه في الأعوام الأربعة الأولى للاحتلال, وذلك لأسباب أهمها: نشوء الصحوات التي صنعها الاحتلال, وأعانته على ذلك جهات أخرى معادية للمقاومة, لأنها تعارض مصالحهم, ومشاريعهم الخاصة التي اختاروها, وفضلوها على مصالح العراق, ومصالح الأمة. وهي أطراف معدودة معروفة, لا نريد الخوض في تفاصيل ذكرها, ولكن نقول فقط, انها قد أساءت لنفسها, ودينها, ووطنها, اذ ساعدت هذه الصحوات الاحتلال عمليا واستخباراتيا, في متابعة المقاومة بكل فصائلها, تحت ذريعة محاربة "القاعدة", وقد آذت هذه الصحوات وأسيادها والمتعاونون معها المقاومة العراقية, أكثر من أذاها ل"القاعدة", الا أن المقاومة قد استعادت حيويتها, ومبادراتها الجهادية وأعادت تنظيم صفوفها, وانضمت اليها دماء جديدة, من أبناء الجيل الثالث, من أبناء شعبنا. ورغم كل الضغوط, والمضايقات الحالية, فان المقاومة العراقية تمارس دوراً فاعلاً, ومؤثرا, وتلحق بالاحتلال خسائر مؤلمة, وما يعلن من هذه الخسائر, أقل بكثير مما لا يعلن, لأنها تواجه اليوم تعتيما اعلاميا داخليا وتشويشا خارجيا على أعمالها للأسف الشديد.
الأهرام: ما نظرتكم الى التعامل مع الوضع العراقي مع قرب الانسحاب الأميركي بعد عام من الآن ؟
الضاري: اذا انسحب الأمريكيون في هذا الموعد, كما وعدوا, أو غيره, فان انسحابهم سيكون يوم عيد لأبناء الشعب العراقي, لأنه هذا الانسحاب سيكون بفضل رفض هذا الشعب للاحتلال, ومقاومته الباسلة له. ونعتقد أن هذا الانسحاب سيكون البداية لخلاص العراق من مشكلاته, لأن الاحتلال, هو المشكلة الكبرى الأساسية لكل ما حاق بالعراق من مشكلات وكوارث, ويوم هروبهم من العراق سيكون يوم فرحة, ومصالحة كبرى بين أبناء الشعب العراقي, وهزيمة لجهات الشر والهدم, التي أسهمت في دمار العراق, وايذاء أبناء شعبه.
الأهرام: هل تستطيع القوات العراقية من الجيش والشرطة تحمل المسؤولية الكاملة عن الأمن بالعراق الآن أو بعد الانسحاب ؟
الضاري: لا اعتقد أن الجيش الحالي, وقوى الأمن الحالية تستطيع حفظ الأمن, لا الآن ولا مستقبلا, لأنها تمثل جيوشا وأحزابا وفئات متشاكسة, ومتعادية فيما بينها, فرقة من الجيش لهذا الحزب, وفرقة لذاك, وثالثة لحزب آخر, وجهة أمنية لهذا المسئول, وجهة أخرى لذاك المسئول, فقوى الجيش, والأمن خليط غير متجانس, لا في الكفاءة, ولا في السلوك, ولا في الولاء للوطن, ومثل هذا الجيش لا يمكن أن يحقق الأمن لا للعراق, ولا لأبنائه.
الأهرام: هل تتوقعون حلا لمشكلة كركوك أم تكون القنبلة التي تفجر الوضع من جديد بالعراق؟
الضاري: حل مشكلة كركوك واضح, وهو أن تكون مع العراق الواحد, لأن غالبية أطيافها لا تريد الانضمام مع ما يسمى ب"اقليم كردستان", أو مع أي اقليم آخر, ولا أعتقد أنها قنبلة موقوتة كما يزعم بعضهم, الا اذا أراد الحزبان الكرديان الحاكمان استغلال الظرف الراهن للعراق وتصعيد الموضوع.
الأهرام: الحرب الأهلية التي شهدها العراق في ظل الاحتلال هل ستستمر بعد الانسحاب؟
الضاري: لا توجد أصلا حرب أهلية في العراق منذ البداية, وانما كانت- ولا تزال - فتنا يؤججها الاحتلال, وحلفاؤه بين آونة وأخرى, لايقاع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي, وإشغاله عن مشاريعه, ومشاريع حلفائه في العراق, حيث ان الاحتلال سار منذ الأيام الأولى - وربما بنصيحة من حلفائه البريطانيين - على سياسة "فرق تسد" فاستغل هو وحلفاؤه من أصحاب العملية السياسية, غطاء الطائفية والعنصرية, لاثارة هذه الفتن, ولكن لم ينجر شعبنا, باستثناء بعض الفئات الجاهلة, والمأجورة, والمشحونة طائفيا, التي استغلها الاحتلال وحلفاؤه من أصحاب العملية السياسية, لتحقيق مصالحهم, ومشاريعهم في العراق.
الاهرام: هل تتوقعون تقسيم العراق الى دولة كردية بالشمال وأخرى شيعية بالجنوب بعد الانسحاب? وهل هناك ضمانات بعدم تقسيم العراق؟
الضاري: التآمر على العراق لتقسيمه قديم وليس حديثا, وقد ظهر بصورته الواضحة بعد الاحتلال, اذ حاولت فعل هذا جهات عراقية, مدعومة من بعض القوى الخارجية الحاقدة على العراق ويهمها تمزيق أوصال العراق, ولكن هذه المحاولات قد اصطدمت بتمسك الشعب العراقي بوحدته المثالية, التي كانت العامل الرئيس لإفشال هذا المشروع, وأدت الى تراجع بعض هذه القوى, بعد أن أحست برفض الجماهير العراقية لها, وابتعادها منها. كما أنها اصطدمت بوحدة الشعب العراقي, وتمسكه بالعراق الواحد, ورفضه لكل مشاريع التقسيم. هذه المواقف الشجاعة والأصيلة من شعبنا هي التي أجبرت هذه القوى على ترك مشاريعها, بعد أن أحست أن جماهير شعبنا ضد توجهاتها, وخططها, ولا أدل على ذلك من أن هذه الجهات لم تستطع ورغم اثارة الكثير من الفتن السياسية الطائفية أن تحقق هذا المشروع, مشروع الفيدرالية والتقسيم.