كنت حريصا على قراءة حيثيات حكم الرشيدي بتبرئة المخلوع مبارك, وإخراجه من كل قضاياه بألاعيب حواه, وليس بقضاء قضاه؛ لأعرف شيئا واحدا فقط في حكمه الصدمة الذي فاجأنا فيه بتبرئة مبارك في أهم قضية باتهامه بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء ثورة يناير؛ بقوله بعدم جواز نظر الدعوى استنادا لأمر النيابة العامة بأنه لا يوجد وجه لإقامة الدعوى. كنت حريصا على معرفة شيء واحد فقط، وهو: تاريخ إصدار النيابة العامة لهذا القرار.. وحينما قرأت حيثيات حكم الرشيدي؛ فوجئت بالصاعقة الخطيرة التي تجعل حكم هذا القاضي باطلا جملة وتفصيلا، بل وتنسفه نهائيا. حكم أحمد رفعت وحكم الرشيدى: اتفق القاضيان رفعت والرشيدي في حكميهما الصادر في جناية الرشوى الخاصة بفيلات حسين سالم، وحكما بانقضاء المدة لا يسمح بعدها بإقامة الدعوى.. عظيم.. هنا ستجد الرشيدي قد أخذ نفس الحكم بمنطوقه من حكم رفعت الأول، وقام بتبرئة مبارك ونجليه فيه بسهولة!! أما القضية الكبرى بخصوص جناية قتل المتظاهرين؛ فقد اختلف الحكمان تماما.. الأول قضى بالسجن المؤبد لمبارك، ووزير داخليته العادلي. أما الثاني، فقد أخرجهما من القضية بادعاء أن النيابة العامة قد قدمت أوراقا تفيد بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى.. وتعالوا بنا لنقرأ نصًّا منطوقًا حكم الرشيدي الذي حمل المفاجأة الخطيرة والمذهلة, والتي تنسف حكمه، وتجعله باطلا.. لكن تذكر أولا أن القضية قد تم الحكم فيها حكمها الأول بالإدانة في يونيه 2012 وستعرف جدوى ذكر التاريخ لاحقا!! * قال منطوق حكم المستشار محمود الرشيدي في الفقرة (أ) بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة قبل محمد حسني السيد مبارك يوم 24-5-2011 بشأن اتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، والمقترن بالقتل العمد، والشروع فيه لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله من النيابة العامة يوم 23-3-2011 في الجناية رقم 1227 . وضع ألف مليون خط وعلامة تعجب في السطر الأخير والتاريخ الوارد به (لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى قبله من النيابة العامة يوم 23 – 3 – 2011). أي أن هذا الأمر الذي قدمته النيابة المفروض أنه تم تقديمه لمحكمة أحمد رفعت، وليس لمحكمة الرشيدي؛ لأنه في هذا التاريخ الذي أكده القاضي بورود أمر النيابة في الثالث من مارس للعام ألفين وأحد عشر، كانت القضية حينها تدار جلساتها بمحكمة المستشار أحمد رفعت، الذي أصدر حكمه بالمؤبد بعد أكثر من عام كامل من ورود هذا الأمر المزعوم من النيابة العامة.. أي النائب العام.. وقد حكم رفعت في القضية في يونيه ألفان واثنا عشر. ونحن هنا أمام فرية واضحة وبهتان عظيم.. فأين هذه الورقة من النائب العام التي لم يأت بسيرتها المستشار أحمد رفعت نهائيا لا قبولا ولا رفضا ولم يتناولها أي أحد لا قاض ولا نيابة ولا محامين وقضى رفعت حكمه بالمؤبد على مبارك ووزير الداخلية؟! فأين هذه الورقة يا سيادة القاضي الرشيدي؟! انطق أين هذه الورقة المزعومة التي كتبت أنها في تاريخ كانت القضية متداولة فيها ويعقد جلساتها المستشار أحمد رفعت؟! ثم إذا كان هذا الأمر موجودا، فلماذا كانت مرافعات النيابة، وهي من تقول إنها قدمت أمرا ضمنيا بألا وجه لإقامة الدعوى، فكيف تقول النيابة ذلك وتترافع أمامك؛ من أجل إبراز أسبابها في إدانة المخلوع مبارك وجميع المتهمين.. إيه كانت بتهزر؟! مطلوب من نقابة المحامين أن تقيم دعوى قضائية ضد هذا القاضي إن كان بالنقابة ثمة بقية من عدالة داخل جدرانها لتوضيح هذا الأمر المذهل الذي ينسف حكمه ويبطله نهائيا. ولا تقولوا إنه لا تعليق على حكم, فهذه مقولة تقدس من لا قداسة له, فالله -عز وجل- وحده هو الذي لا معقب لحكمه, ولن يشاركه أي مخلوق أيا كان في صفة من صفاته.