تبرع عالم الرياضيات الأمريكي ديفيد مامفورد اليوم الاثنين بجائزة علمية، كانت إسرائيل قد منحته إياها في وقت سابق، إلى كل من جامعة بير زيت الفلسطينية ومنظمة جيشا الإسرائيلية التي تعنى بحماية حقوق الطلاب الفلسطينيين في قطاع غزة. وكان مامفورد قد فاز بجائزة "وولف برايز"، وتبلغ قيمة نصيبه منها 33333 دولارا أمريكيا وتسلمها خلال حفل أُقيم يوم أمس الأحد في مبنى (الكنيست)، "تقديرا لإسهاماته النظرية الجبارة في مجال علم الهندسة الجبرية." وقال العالم الأمريكي، الذي يعمل في جامعة براون في الولاياتالمتحدة، إنه قرر التبرع بحصته من الجائزة لأنه يؤمن بأن "حرية الحركة والانتقال شيء أساسي وجوهري للتطور الفكري."
مساهمة لتأكيد حق الفلسطينيين فى الدراسة.. وأضاف قائلا: "أشعر بقوة أن الرياضيات هي مشروع دولي مشترك، وهو حقا قد تطور ونما بشكل كبير في كافة البلدان. إنه من الهام جدا أن يتمكن الجميع من الحصول على الدراسات العليا." يبدو لي أنه في المناطق الفلسطينية ليس هذا ما هي عليه الحال. لذلك فقد شعرت كثيرا أن ما أقوم به هو فعلا تجسيد للروح التي تعبر عنها رغبات وولف وأمانيه في حق توفير التحصيل العلمي العالي في كافة المناطق الفلسطينية
عالم الرياضيات الأمريكي ديفيد مامفورد يُذكر أن الكيان الصهيونى، ولسنوات عدة، وضع الاعتبارات الأمنية في سلم أولوياته، إذ حرم معظم الفلسطينيين من مغادرة قطاع غزة، مما أرغم مئات الطلاب الفلسطينيين على ترك أو تأجيل دراستهم الجامعية خارج شريط القطاع الضيق المحاذي لشاطئ البحر.
حتى وإن حصلوا على منح دراسية كاملة تخولهم الالتحاق بالجامعات والمعاهد الأوروبية أو الأمريكية، أو ببساطة مجرد السفر إلى الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية التي تبعد 40 كيلومترا عن القطاع، فالكيان يمنعهم من ذلك، ومن يسافر لا يسمح له بالعودة.
تناقض لا يتفق مع الادعاءات ورأى مامفورد أن التضاد بين ما يجري في الكيان وما يجري في الأراضي الفلسطينية هو تناقض "صارخ"، إذ أن الصهاينة قادرون "أن يسافروا بحرية لحضور الاجتماعات وأن يذهب خريجو الجامعات أينما شاؤوا." وقال مامفورد: "يبدو لي أنه ليس هذا ما هي عليه الحال في المناطق الفلسطينية. لذلك فقد شعرت كثيرا أن ما أقوم به هو فعلا تجسيد للروح التي تعبر عنها رغبات وولف وأمانيه في حق توفير التحصيل العلمي العالي في كافة المناطق الفلسطينية." واضاف أنه لا يصنف نفسه كشخص سياسي، بل أن دافعه لما أقدم عليه هو قناعنه بأن "التعليم العالي والحصول على المعرفة في مجال الرياضيات هو أمر يجب تقاسمه ويجب أن يكون متاحا للجميع."
لماذا بير زيت.. وجيشا؟! وقال إنه اختار جامعة بير زيت ليتبرع لها بحصته من قيمة الجائزة لأنه زارها قبل أربع سنوات، أما مؤسسة جيشا، فقد سمع بها من خلال الأصدقاء.
وفي بيان أصدرته كرد فعل على خطوة مامفورد، قالت جيشا: "نحن ممتنون للبروفيسور مامفورد لما تعبر عنه هديته من اعتراف بعالمية حق الحصول على التعليم والتربية وأهميتها للشعبين: أي الإسرائيليين والفلسطينيين."
إن المؤسسة لا تتدخل بالكيفية التي يقوم بها الفائزون باستخدام الأموال التي يتلقونها
إيلان بيلو، الرئيس التنفيذي لمؤسسة وولف وتابع البيان قائلا: "نأمل أن تؤثر التفاتة البروفيسور مامفورد على المسؤولين الإسرائيليين لكي يزيلوا العوائق والقيود التي تمنع الطلاب الفلسطينيين من ممارسة حقهم في حرية الحركة والحصول على الفرص التعليمية." إيلان بيلو، الرئيس التنفيذي لمؤسسة وولف، فقال: "إن المؤسسة لا تتدخل بالكيفية التي يقوم بها الفائزون باستخدام الأموال التي يتلقونها."
ريكاردو وولف يُذكر أن جائزة وولف، ومقرها الكيان الصهيونى، كان قد أسسها المخترع الألماني المولد ريكاردو وولف، وهو دبلوماسي وأحد الشخصيات العاملة في مجال المشاريع الخيرية وأمضى السنة الأخيرة من حياته ممثلا لكوبا في الكيان حيث فارق الحياة عام 1981. وتقدم "مؤسسة وولف"، وشعارها "ترويج وتشجيع العلم والفن لخير البشرية"، خمس أو ست جوائز سنويا، وغالبا ما يتم اقتسام قيمتها بين أكثر من فائز واحد، إذ تقاسم مامفورد جائزة هذا العام مع عالمي رياضيات آخرين.