لم اكن اتصور يوما ما أن يبعث الرئيس مرسي خطابا علي هذا النحو لشيمون بيريز رئيس دولة الكيان الصهيوني بمناسبة اعتماد سفير مصر لديها..فقد وردت في الخطاب عبارات عجيبة تصف شيمون بيريز بالصديق العزيز والعظيم، وتدعو للكيان الصهيوني بحياة الرغد، مما يؤكد كما قال الكثيرون انه سير علي نفس نهج الرئيس المخلوع..وقد حاول البعض إضفاء صفة النمطية او البروتوكولية علي الخطاب، في محاولة لتهدئة الرأي العام الغاضب، لكن احسب ان المحاولة لم تحقق هدفها، حيث اصطدمت هذه التعبيرات بالثوابت العقدية والوطنية والأخلاقية والإنسانية..وبات من الواضح اننا في امس الحاجة اليوم الي التذكير بهذه الثوابت اكثر من أي وقت مضي.يجب ألا ننسي ان الكيان الصهيوني هو كيان محتل غاصب لأرض العروبة والإسلام، وانه قام بارتكاب مجازر وحشية للشعب الفلسطيني، فضلا عن عمليات الطرد والإبادة والتهجير جبرا وقسرا..ناهينا عن تجريف الاراضي الزراعية وهدم المنازل، وإقامة المستخربات مكانها بالقوة..وان نسينا فلا نستطيع ان ننسي اعمال التهويد المستمرة للقدس، علاوة علي المحاولات التي تجري علي قدم وساق لهدم المسجد الأقصي المبارك من اجل إنشاء الهيكل المزعوم..فهل يجوز بعد هذا كله ان يخاطب السفاحون والمجرمون والقتلة رؤساء الكيان الصهيوني، ومنهم شيمون بيريز، علي انهم الأصدقاء العظام..وماذا نقول لأهلنا في فلسطين وفي الشتات؟ بل ماذا نقول للمأسورين والمعتقلين الفلسطينيين من الرجال والنساء في سجون الاحتلال؟ وهل نسينا محرقة غزة بالأمس القريب؟ وهل نسينا المعاناة اليومية التي يلقاها إخواننا وأخواتنا واطفالنا في الضفة الغربية وفي قطاع غزة؟يبدو ان اصحاب الخطابات النمطية والبروتوكولية لا يفرقون بين دولة ودولة، بين دولة عربية تمثل جزءا من كياننا وتجمعنا بها روابط اللغة والدين والتاريخ ، ودولة صهيونية عنصرية مغتصبة اقتطعت جزءا من دمنا ولحمنا ولا يجمعنا بها اي رابط من اي نوع، اللهم الا العداوة والكراهية..اصحاب هذا النوع من الخطابات ينسون - او يتناسون - ان الكيان الصهيوني يمثل خطرا داهما يهدد امننا الوطني والقومي..والمتأمل لما قاله سفيرنا المبجل حين تقديم اوراق اعتماده يجد نفسه أمام مأساة..فماذا قال لا فض فوه، حسبما نقلته صحيفة ميجافون الإخبارية العبرية؟ قال الرجل: انني اشعر بشرف كبير انني في اسرائيل، لقد وصلت الي هنا مع رسالة سلام من دولتي، التي هي ملتزمة بكل الاتفاقيات مع تل أبيب وعلي رأسها اتفاقية السلام، اريد ان أؤكد ان تل أبيب والقاهرة توجد في نفس القارب، ويتعاونان من اجل الوقوف ولابد من العمل علي مستقبل السلام في المنطقة كلها.افهم جيدا ان هناك اتفاقية ومعاهدة بين مصر ودولة الكيان الصهيوني، وانه لابد في ظل هذه الظروف التي نعيشها، ان نلتزم بها كما هي، بالرغم من اننا لا نعرف حتي الآن - كشعب - عدد ونوعية الاتفاقات السرية المرتبطة بالمعاهدة..لكن هناك فارق بين الالتزام وبين ما نسمعه من تصريحات تؤكد علي الاحترام، فالأول قد يعني اننا مكرهون علي المعاهدة، أما الثاني فيعني اننا ننظر اليها بقدر من التقدير والاعتزاز، وهذا لا يجوز.