اتفق سفراء الدول الأوروبية المتشاركة في الحدود مع بيلاروسيا، والتي تعيش "أزمة مهاجرين" خلال الشهور الماضية، على أن مصر أدت دورها كما ينبغي فيما يخص الحد من الهجرة غير الشرعية، وفتحت حوارًا مع الاتحاد الأوروبي مبكرًا لمنع وصول المهاجرين لدول القارة العجوز. وعقد سفراء الدول الأربعة سفير بولندا ميهاو وابيندا، وليتوانيا أرتوراس جايليوناس، ولاتفيا إيلمارس بريداكس، وأستونيا ميكو هالياس، مؤتمرًا صحفيًا مجمعًا، مساء اليوم الأحد، لمناقشة وضع المهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع بيلاروسيا، وذلك بمقر سفارة بولندا بالقاهرة. حيث قال السفير البولندي ميهاو وابيندا، إن مينسك كثفت من أنشطتها المناهضة لدول الاتحاد الأوروبي وآخرها الهجرة غير الشرعية، التي نظمتها بهدف زعزعة استقرار الوضع السياسي وتهديد أمن بولندا وليتوانيا ولاتفيا وأيضًا تهديد الاتحاد الأوروبي بأكمله، وأن ما يحدث "لعبة جيوسياسية" يشكل فيها اللاجئون بيادق أكثر فأكثر. ونفى قيام حكومة بلاده بإلقاء قنابل الغاز تجاه المهاجرين المحتشدين على الجانب الأخر من الحدود بالأراضي البيلاروسية، وأن ما انتشر من صور وأخبار تؤكد استهداف قوات حرس الحدود البولندي للمهاجرين غير حقيقية، وأنه لو كانت جرائم ضد الإنسانية وقعت هناك فالمسئولية تقع على عاتق الحكومة البيلاروسية، مضيفًا أن الجنود البولنديون على الحدود يتعرضون لضغوط شديدة من قبل المهاجرين واستهدافهم بأشعة الليزر حتى يفقدوا القدرة على الرؤية مؤقتًا، ريثما ينجح بعض المهاجرين في قطع شريط الأسلاك الشائكة والعبور لداخل بولندا. وأوضح سفير بولندا بالقاهرة، أن بلاده حاولت بشكل إنساني تقديم مساعدات لوجستية إلى بيلاروسيا، بهدف مساعدتها على إعادة المهاجرين إلى بلادهم ولكنها رفضت تلك المساعدة، بل ونظمت حملة من المعلومات المضللة والإجراءات التي تستهدف استغلال الناس من منطقة الشرق الأوسط، معتبرًا أن ذلك ليس سوى لعبة سياسية ساخرة تقودها حكومة مينسك، حيث إنها مستمرة في نقل هؤلاء الأبرياء ومساعدتهم في الوصول إلى مينسك ثم نقلهم إلى الحدود مع الدول الثلاث بولندا ولاتفيا وليتوانيا. وأشار السفير ميهاو وابيندا إلى أنه منذ بداية عام 2021 وحتى 5 ديسمبر الجاري، تم تسجيل 38207 محاولة لدخول الأراضي البولندية بشكل غير قانوني، فقط في القسم البولندي من الحدود البيلاروسية، وأن الظروف الاستثنائية التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي الثلاث في الوقت الحالي تتطلب تنحية الخلافات السياسية جانبًا، فالأمر أصبح مسألة تتعلق بأمن المجموعة الأوروبية بأكملها وشركاء الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، ومعارضتهم التي لا تتزعزع لاستخدام بيلاروسيا للمعاناة الإنسانية في ممارسة ضغط سياسي على بروكسل، وكذلك الموقف الأوروبي الثابت في الحفاظ على العمل المنظم لحدود الاتحاد الخارجية يحظى بدعم واسع بين الدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية وحلف شمال الأطلسي "الناتو" في مواجهة هذا التهديد الخطير. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي اتخذ الإجراءات لمنع الهجرة غير الشرعية والمهاجرين غير الشرعيين، مشيرا إلى أن بولندا مازالت تراقب الوضع علي الحدود مع بيلاروسيا، وأنه من الصعب التنبؤ إذا كان سيكون هناك موجة جديدة من الهجرة غير الشرعية. وأضاف السفير البولندي أن جميع الجهات المعنية بالدول الثلاث تبذل قصارى جهدها لضمان سلامة وحماية مواطنيها، وتشمل هذه الجهود الإجراءات الوقائية التي زادت من حرس الحدود، والقوات المسلحة، ووجود الشرطة، وبناء جدار دائم، والأنشطة الدبلوماسية المستمرة. ولفت إلى أن حكومة بلاده استعانت بخبراء ومهندسين عسكريين من بريطانيا والتشيك والمجر بهدف المساعدة في نصب الأسلاك الشائكة وطرق مواجهة تسرب المهاجرين للداخل البولندي. لافتا إلى أن الوضع علي الحدود البولندية مع بيلاروسيا لم يعد متوترا عما كان عليه الوضع في الصيف، وشهد تراجعا في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين جاءوا من العراقوسورياوأفغانستان. فيما قال سفير لاتفيا إيلمارس بريداكس، إن الاتحاد الأوروبي منح حكومات الدول الثلاث 700 ألف يورو بهدف مساعدتها على مواجهة أزمة الهجرة الأخيرة، كما استهدفت الجولة الأولى من العقوبات الغربية على بيلاروسيا 183 شخصا ومسئولا في بيلاروسيا لعبوا دورًا ناشطًا في تلك الأزمة، فضلًا عن 26 هيئة وشركة متنوعة بين شركات طيران نقلت المهاجرين وفنادق استضافتهم في إقامة مؤقتة لحين نقلهم إلى حدود دول الاتحاد الأوروبي مع بيلاروسيا، وأن ذلك يأتي كرد فعل على تلك الأزمة التي أضرت بدول كثيرة، حيث أن بلادهم ليست المحطة النهائية لهؤلاء المهاجرين لكن هدفهم النهائي هو التوجه إلى ألمانيا والاستقرار فيها. وأشاد السفير اللاتفي بالقاهرة إيلمارس بريداكس، بالجهود التي بذلتها الحكومة العراقية لإعادة مواطنيها الذين يشكلون معظم المهاجرين الموجودين على الحدود، والمنحدر معظمهم من إقليم كردستان العراق، وأن حكومة بغداد أرسلت طائرات علي نفقتها الخاصة لاستعادة المهاجرين العراقيين العالقين، مضيفًا أن أوزبكستان هي الأخرى بدأت في تنفيذ سياسات تعمل على تقييد الحركة عبر مطاراتها لانتقال المهاجرين من أفغانستانوسورياوالعراق إلى الدول الثلاث، مشيدا بدعم أستونيا بالرغم من أنها ليس لها حدود مشتركة مع بيلاروسيا، التي قدمت الدعم في شكل قوات ودوريات شرطة ومعدات لمنع المهاجرين غير الشرعيين. ونفى سفير لاتفيا بشكل قاطع أن يتم التعامل مع بيلاروسيا في أزمة المهاجرين، مثلما تم التعامل مع الأزمة نفسها مع تركيا، موضحًا أن المهاجرين الذين استهدفوا دول الاتحاد الأوروبي بعد أحداث الربيع العربي، لجئوا إلى تركيا بمحض إرادتهم لأن لها حدود مباشرة مع هؤلاء المهاجرون سواء من سوريا أو قريبة مثل ليبيا والعراق، لكن ما حدث من حكومة مينسك مختلف، حيث دعت بنفسها المهاجرين من دول بعيدة عن حدودها مثل العراقوسورياوأفغانستان، وقالت لهم: "هيا هاجروا إلى الاتحاد الأوروبي"، مضيفًا أن بيلاروسيا استخدمت البشر كسلاح ضد جيرانها. وأشاد سفير لاتفيا بالقاهرة إيلمارس بريداكس، بسياسة مصر لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والتي تحظي بتقدير كبير من قبل الاتحاد الأوروبي وكذلك الدول الأعضاء في الاتحاد، مؤكدًا أهمية التزام الدول بالقوانين الدولية تجاه المهاجرين غير الشرعيين ومنع الهجرة تحت غطاء السياحة والعمل، مطالبا بيلاروسيا بالعمل على وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين. فيما قال سفير ليتوانيا بالقاهرة أرتوراس جايليوناس، إنه تم تقديم دعم مالي من الاتحاد الأوروبي إلى جمعية الصليب الأحمر البيلاروسية بهدف تقديم الخدمات اللازمة للمهاجرين المرابضين على الحدود خصوصًا مع الأجواء الباردة في الغابات الموجود على حدود دول الاتحاد الثلاث مع بيلاروسيا، وأن فصل الشتاء هذا العام هو الأكثر برودة مع حالة التغيرات المناخية الذي تعاني منه أجزاء كبيرة من العالم، مشيرا إلى أنه تم إجلاء نحو 4 آلاف مهاجر منهم 3500 عراقي من بيلاروسيا، فيما هناك ما بين 5 إلى 7 آلاف مهاجر حاليا في بيلاروسيا. ولفت إلى أنه هناك نحو 100 مهاجر غير شرعي يوميا علي الحدود بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا. وبدوره، أشاد سفير أستونيا بالقاهرة ميكو هالياس، بحكمة مصر في التعامل مع الهجرة غير الشرعية والتعاون مع الاتحاد الأوروبي بهذا الملف، منوها بأن الاتحاد نجح في السيطرة علي الهجرة غير الشرعية عبر الحدود مع بيلاروسيا. واتفق السفراء الأربعة على أنهم إذا كانوا يستوردون الغاز الروسي، لكنهم لا يعتمدون عليه بشكل أساسي، بل يستوردون أيضًا من مصر ونيجيريا وعدد من الدول، مشيرين إلى أن الغاز المسال المصري هو هدف أوروبا القادم لتقليل الاعتماد على مصدر واحد في تلك السلعة الاستراتيجية المهمة التي تمس حياة الناس بشكل مباشر، وأن تنويع المصادر مطلوب حتى ولو كانت مصادر الحصول عليه بعيدة عن دول الاتحاد الأوروبي خصوصًا الجزء الشمالي منه.