خدعة الديمقراطية بداية عندما يكون كلامنا عن فيس بوك فإننا نتذكر جيدا كيف لهذه القوة التواصلية الجبارة أن تلعب دورا مهما ورئيسيا في حياتنا جميعا في كل أرجاء المعمورة . فيس بوك كلمة قد تعني كثيرا لكل المهتمين بالتحليل السياسي والثقافي الاجتماعي لأي شعب أو منطقة أو تيار أو بلد بكاملة . لا يوجد أحد يمكن أن ينكر دوره في ثورات العالم الآن بداية بتونس ثم مصر ومرورا بليبيا واليمن وسوريا حتى أسبانيا واليونان جميعها ثورات يعتبر فيس بوك بطلها الأول وأداة التواصل بين أفرادها وديناميت اشتعالها وكلمة السر فيها , حتى الأنظمة الديكتاتورية والتي تحاول قمع الثورات سارعت بالاعتراف بهذه القوة المذهلة وبدأت في نشر صفحاتها للتواصل مع المتظاهرين والمعارضين علها تتقي شر هذا البركان الذي ما يلبث أن يخمد في منطقة حتى تفور حممه البركانية في منطقة أخرى .. هل يعتبر فيس بوك أداة لنشر الديمقراطية في العالم ؟ .... نتوقف قليلا عند هذا السؤال فكل الدلائل تشير أن فيس بوك اختصر قرون من محاربة الفساد عن طريق تجميع دعاة الإصلاح والديمقراطية والمدنية وجعلهم قوة تقهر كل مظاهر الفساد المجتمعي والسلطوي والاستبدادي , ولكن بقليل من التمعن سنجد الآتي: غلق الفيس بوك صفحتين يدعون الفلسطينيين للعودة في مارس الماضي بعدما وصل عدد أحداها إلى أكثر من 350 ألف شخص في أقل من شهر... السؤال هنا لصالح من داعي الديمقراطية الفيس بوك يحجر على أحلام ملايين الفلسطينيين ويحرمهم من التواصل والتنسيق للعودة ؟ هل الفيس بوك له أياد خفية تحركه ليتلاعب بأحلامنا الديمقراطية وآمالنا فى الحرية والعدالة ؟ لماذا الفيس بوك كان الفاعل الرئيسي في ثورات مصر وتونس وباقي البلدان العربية ويتخلى عن دوره في المشكلة الفلسطينية ؟ بعد هذه الأسئلة يجب أن نسأل أكثر هل كانت الثورة والإطاحة بالأنظمة العربية والتي هي موالية للغرب بكل توجهاتها مرتبة من قبل الغرب خصوصا بعدما عرفنا أنهم يستطيعوا أن يلغوا ويحبطوا أي خطة للثورة بضغطة زر واحدة مثلما حدث في فلسطين ؟ هل وصل حكامنا بعد كل سنين الخدمة الشاقة تلك للأجندات الغريبة إلى سن التقاعد والتغيير من المنظور الغربي ؟ ولماذا يرعى الغرب التحول الديمقراطي في حين أن مصالحه على ما يرام في ظل الأنظمة المستبدة ؟ وفي النهاية يتوجب علينا السؤال هل الثورة صنع غربي ؟ لخدمة مصالح لم تظهر ملامحها إلي الآن وهل كانوا شباب التحرير أكبر طعم في التاريخ المصري المعاصر للإطاحة بنظام مترهل لم يعد يقوي علي خدمة الغرب ؟ بعد تلك الأسئلة والتحليلات التي ترددت كثيرا قبل كتابتها أقول وأنا مؤمن بالثورة وبكل ما أتت به أن ما حدث في التحرير وباقي البلدان العربية إن كان من صنع ساحر غربي فأنا أبشره أن السحر انقلب على الساحر وأن الثورة أخرجت الجني وأن الجني لن يعود إلى معتقله , لن نوافق على معاوناتكم الديمقراطية ولن يعجزنا قرضكم من البنك الدولي ولن ننظر للخلف ثانية ولن ننساق وراء أحلامكم التي طالما ما كانت ليست بقدر أحلامنا ..ا شكرا للمساعدة ونراكم ونحن العضو الجديد في قمة الدول الثماني الكبرى ( من المخابرات المصرية إلى المخابرات الغربية ...... نشكركم على حسن تعاونكم معنا ) مع الاعتذار لجمعة الشوان تحليل قديم لثورة حديثة إن انتهاء شهر العسل بين المنتصرين في الثورة بدت علاماته واضحة , حيث أنه لم يعد واضحا في أي الاتجاهات سنتجه لإعادة بناء البلاد , ففي معظم ثورات العالم يحدث تحول دائما تلقائيا إلى الفكر الثوري وتتجه الأمور عادة من اليمين المحافظ والذي يمثله النظام القديم إلى الوسط المعتدل والمتمثل في القوي المعارضة أو من كان له دور حزبي أو سياسي معارض إبان النظام القديم ثم تتجه الثورة بشكل قوي ومباشر إلى اليسار الممثل في الثوار الغاضبون وهو في الغالب يكون تطرف ولكن من نوع خاص ألا وهو التطرف الثوري وهو أطهر أنواع التطرف . هذا الفكر الثوري والذي لا يقبل أي فكر حتى ولو كان معتدل حيث يصفه بالخيانة والخروج عن مبادئ الثورة . وبعد كل معركة سياسية تخوضها الثورة ضد أي من الفئات السياسية المتناحرة على وليمة الدولة الثمينة معتدلة كانت أو محافظة- وإن كانت أهداف الثوار نبيلة وعادلة علي عكس شيوخ السياسة في الساحة - نجد انتصار قوى للثوار وتراجع دائم لأي تيار معتدل أو محافظ مرتكنة للدعم الشعبي الهائل , ونلاحظ أن القاعدة تضيق أكثر فأكثر وفى كل مرة ينجح الثوار ينقسموا على أنفسهم فمنهم من يكتفي بما وصلت إليه ومنهم المتطرف ثوريا الذي يريد مكاسب أكثر و تهميش وإقصاء لأي تيار معتدل أو محافظ . في ذلك معنى خطير وهو أن الثورة كل يوم تخلق وتطور جيل من الثوار أكثر تطرفا ثوريا وأن الهدف سيكون الوصول لسدة الحكم قريبا , وهذا الهدف ستطلب عدة خطوات منها نظام قديم في السجون أو هاربون بتهم جنائية كانت أو سياسية ثورية ,أو نجد معتدلون متهمون بخيانة الثورة والخروج عنها وعن أهدافها ومنهم من سيضطر إلى الرحيل أو يعتزل الحياة السياسية بإقصاء مباشر من الثوار . لذلك أعلم جيدا أن الأيام القادمة ستكون إعلان إغلاق المد الثوري لحناجر الاعتدال في هذا البلد والإطاحة بكل الشخصيات التي تنادى بالاعتدال وأعلم أن سكين الثورة سيقطع حبل العودة على كل من كان له ولو مجرد كادر في صورة قديمة لنظام احتضر . أكتب هذه الكلمات وأنا أعلم أن الثورة ستنتصر ولن تخمد نارها وأن التحرير لن يهدأ فوران بركانه..أكتب كلماتي وأنا أري الموقف يزداد كل يوم تعقيدا وتشابكا لأطراف اللعبة السياسية في هذا الوطن . حفظ الله مصر