أكد علماء الدين أن ما نشر في وسائل الإعلام مؤخرا حول تدريب أفراد بالجيش الأمريكي علي إبادة المسلمين وضرب مكةوالمدينة بالقنابل كشف مجددا عن كراهية أمريكا والغرب للإسلام وطالبوا بإنشاء جيش عربي إسلامي للدفاع عن مقدساته. قالوا إن الدين الإسلامي مستهدف منذ الجاهلية إلي الآن ومكة هي الرمز الإسلامي الأول الذي سوف يحميه المسلمون بأرواحهم ودمائهم.. فهو "أول بيت وضع للناس ببكة مباركا". السؤال هو كيف نحافظ علي مقدساتنا الإسلامية وما السبيل لمواجهة أعداء الدين؟ في البداية يقول د. طه حبيشي - أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: نسمع كثيرا ونصدق قليلا.. ومما سمعناه يعد تلويحا بالقوة الناعمة أو بالحرب الباردة.. وليس هناك إمكانية لتخشوشن الحرب أو لتتحول الحرب الباردة إلي حرب ساخنة بين القطب الواحد في هذا العالم والإسلام أو المسلمين. يري دكتور حبيشي أن الإسلام والمسلمين أصحاب تجارب في الماضي وتجارب في الحاضر.. ففي الماضي وفي عصر المبعث بالذات لوح للنبي - صلي الله عليه وسلم - بهذه القوة الناعمة أو باصطناع الحرب الباردة.. والنبي - عليه الصلاة والسلام - ذو خبرة بالنفوس وبصيرة بالمجتمعات.. لوح له الروم أنهم سيأتون إليه من الشمال ويجتاحون مكةوالمدينة ويسيطرون علي الطريق التجاري الممتد من اليمن جنوبا إلي الشام شمالا بمحاذاة البحر الأحمر.. لوحوا للنبي بهذه القوة وأنهم سيقومون بالقضاء علي الإسلام في مهده وعلي دولته بأول عهدها بالدنيا. والنبي لم يكن أقل من الرومان خبرة ولم يكن أنقص من مجاوريه حنكة.. لوحوا له بالقوة الناعمة واصطنعوا له الحرب الباردة فخطط النبي في مواجهة ذلك واصطنع لهم مثلما اصطنعوه فكانت الحملة إلي بلاد الروم في مرتين.. الأولي في الموقعة التي قادها زيد بن حارثة. وعبدالله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب. وخالد بن الوليد.. ونجحت غزوة مؤتة نجاحا أفزع الرومان ومن عاونهم من خونة العرب ولم يكتف النبي بذلك بل سير خطته في اتجاهين بدءا من العام السابع للهجرة عقد معاهدات سلم وصلح مع قريش في الجنوب وأعلن التعبئة من خلال ما يسمي بغزوة "ذات السلاسل" في الشمال. يقول د. حبيشي إن قريش توقفت عن حرب النبي وانضم عرب الشمال لمعسكر النبي وهُزم اليهود هزيمة منكرة في "خيبر" وانتهي كل هذا في العام السابع للهجرة.. ولما أقبل العام العاشر كان لابد أن يحرك النبي الماء الراكد وتحرك النبي بجيشه إلي تبوك ليقول للعدو إنه يحشد علي الحدود فلم يجرأوا أن يواجهوه لأنهم يريدونها قوة ناعمة وحربا باردة.. وعاد النبي ولكنه في العام التالي وهو العام الحادي عشر أراهم النبي قوة الإسلام وهو يودع العالم إلي الرفيق الأعلي فشربوا من يد أسامة بن زيد مرارة الكأس بالقوة المحركة الفاعلة من خلال حرب الكر والفر. ولم تنجح القوة الناعمة في تهديد المسلمين ولم تنجح الحرب الباردة في تركيع التابعين للإسلام. هذه تجربة المسلمين في الماضي.. ونحن الآن نجد الذين يقيمون خلف البحار يلوحون بالقوة الناعمة وبالحرب الباردة ولم يكن النبي في الماضي يملك إلا أن يسير ثلاثة آلاف لحرب الرومان. والمسلمون اليوم يملكون أضعاف هذا العدد ومضاعفاته من العتاد فما المدينة التي يتحدثون عنها.. وما مكة التي يدورون حولها بالكلام؟ إنهم يعلمون كما يؤكد د. حبيشي أن هذين المكانين هما شرف الأمة وعرضها وهما مكان يعد فيه المعسكر الدائم يتدرب المسلمون فيه في كل صباح ومساء علي الخلق العظيم وعلي إثبات الشخصية الإسلامية. في مكة حتي في الجاهلية كان العرب يجتمعون علي اختلاف توجهاتهم الدينية علي هدف واحد وهو إرضاء رب البيت العتيق.. واليوم كالبارحة إن المسلمين يجتمعون في مكة علي اختلاف توجهاتهم لا يعرفون إلا ربا واحدا ينادونه ويستجدونه ويطلبون نصرته ولو فكر عدو من أعداء الإسلام للنيل من هذا المكان فإنه يكون قد أثار الأمة واستمطر غضبها فإن لم تفعل فإن تقاعسها في هذه الحال يكون علامة من علامات الساعة وإيذانا بأن الله - عز وجل - قد آن الأوان ليتسلم أرضه وما عليها حيث ظن الناس أو بعضهم أنهم قادرون عليها ولو قد حدث ذلك فإن فيه مواجهة مع قوله "أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس". أيتها الأمة الإسلامية علمك النبي أن تعدي من القوة مثلما يعد الأعداء وحفزك القرآن إلي ذلك في قوله تعالي "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" وهذه هي القوة الناعمة.. وهذه هي الحرب الباردة فلنصطنعها كما اصطنعوها ولنستعمل لهم السلاح الذي استعملوه لنا.. ولن يكون إلا نصر الله القريب. تهديد للحضارة يقول د. محمد أبوليلة - أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر: إن هذا الخبر يعتبر بمثابة انفجار معمل ذري في وسط العالم. يهدد الشعوب جميعا ويهدد الحضارة التي من أجلها عمل الإنسان طويلا. أضاف أنه لا يمكن أن يتصور أحد فظاعة هذا الجرم أو حتي مجرد التفكير فيه وهو تخطيط لإبادة شاملة للمسلمين تقوم بها الولاياتالمتحدة منفردة بحسب هذا الخبر. يوضح د. أبوليلة أن معني إبادة المسلمين تعني إبادة مليار ونصف المليار من البشر موزعون علي أكثر من 146 دولة بما فيها الدول الغربية وخطورة هذا التخطيط الإجرامي المجنون أنه يطرح اسم الدراسة والتخطيط ووجهات النظر وقد جاءت هذه الدورة تحت عنوان "وجهات نظر حول الإسلام والتطرف الإسلامي" ومن المحاضرين فيها الكولونيل "ماثيودولي" المتحدث باسم رئيس هيئة الأركان المشتركة "الليفتنانت".. ومما ذكر هذا الكولونيل أن هناك إمكانية تدمير مدينتي مكةوالمدينة المقدستين لدي المسلمين والعمل علي إحداث مجاعة في السعودية ولا ندري كيف ستحدث هذه المجاعة - كما يقول د. أبوليلة - ومن الذي سيقوم بها؟ كما يتساءل هل يعني هذا الكولونيل ضرب منابع البترول أم أنه يعني أشياء أخري ولحساب من يكون هذا.. ولا ندري هل تصور هذا المجنون أن أمريكا تعيش وحدها في العالم وأن العرب والمسلمين في كل مكان سيسكتون علي هذا؟ يقول د. أبوليلة إن ما يفكرون فيه عقلية شيطانية تسعي إلي جر العرب وأمريكا تحديدا إلي مواجهة غير محسوبة لن تكون في صالح أحد بما في ذلك الولاياتالمتحدة والغرب.. فالعالم لا يحكم فقط بسلاح الدمار الشامل الذي يمتلكونه.. وهذه الأفكار الشيطانية إنما هي متممة لما كان يقال قبل ذلك في الغرب من تدمير مقدسات المسلمين وإبادتهم. أكد د. أبوليلة أن الذي يهمنا الآن هو أن يتنبه المسلمون وألا يثقوا في أحد ولا يعتمدوا علي أحد في حمايتهم.. فلابد من التسلح الشامل وإنشاء جيش عربي إسلامي للدفاع عن المقدسات الإسلامية. وأن يؤمنوا مواد غذائهم ومقومات حياتهم ويطوروا زراعاتهم وصناعاتهم حتي يعتمدوا علي أنفسهم. وعلي العرب والمسلمين أن يستعدوا من الآن لأي مواجهة محتملة ويتنبهوا للخطر الذ يحيط بهم وللخطوات التي تستهدف وجودهم في التاريخ وهويتهم ودينهم وأن يتحدوا علي الأقل فيما يمكن أن يصد عنهم العدو ويوفر لهم الأمن والأمان. للبيت رب يحميه يقول د. حمدي طه - الأستاذ بجامعة الأزهر: إن البيت الحرام له رب يحميه.. وهذا ما حدث مع أبرهة عندما أرسل الله إلي جيشه طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل وكانت هذه نهاية أبرهة في الجزيرة العربية.. فإذا أقدمت أمريكا أو غيرها من دول العالم علي التفكير وليس الفعل في مثل هذا الأمر فأبشرهم بأنها بداية النهاية للإمبراطورية الأمريكية ولكن هل علي المسلمين أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الأفكار؟ إن مليارا ونصف المليار مسلم في العالم ألا يليق بهم أن يغضبوا من أجل الله فهم يعلمون علم اليقين الذي لا ريب فيه أن أمريكا هي العدو الأول للمسلمين في العالم.. فكيف يتخذونها ولية من دون المؤمنين وكيف يتخذونها قبلة من أجل اقتصاد زائل وعلوم لا تنفع ولا تشفع وأخلاقيات فاسدة وعربدية عالمية انتهت حقوق الإنسان في كل بقاع العالم واتخذت من الإسلام العدو الأول تحاربه ظاهرا وباطنا.. ألم يأن للمسلمين أن يفيقوا من غفلتهم ويلتفتوا إلي دين ربهم الذي أعزهم به وأن يحموا بأجسادهم بيت الله الحرام أم أن الدنيا شغلتهم. أضاف د. طه أنه يجب علي علماء الأمة سنة وشيعة أن يقفوا بلسان رجل واحد ليبينوا للرأي العام العالمي همجية رعاة البقر الذين لا يعرفون لإنسان ولا دين حرمة وأن يكشفوا تلك المخططات القذرة.. ويجب علي قادة الدول الإسلامية وقاداتها أن يفيقوا من غفلتهم فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس وإن الذي يحتمي بأمريكا وحلفاءها ويدير ظهره لدينه وأمته أولئك هم المنافقون حقا وليعلموا جميعا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. ولا عزة لأمريكا تدوم.. فليعلموا أنهم إذا استمروا علي ذلك في محاباتهم لأمريكا من أجل أن تحمي عروشهم فإن عذاب الله قريب وهو ليس من الظالمين ببعيد. كما يجب علي الأمة جميعا أن يقوموا قومة رجل واحد ليروا أمريكا وحلفاءها ما بهم من قوة فإن مصالح أمريكا في بلاد المسلمين وليس في بلاد غيرهم.. فإذا تكاسلت الأمة وتقاعس العلماء وجبن الحكام علي حماية بيت الله الحرام فإن ربك قدير بصير.