«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام الفذ والبحث الهدية(2/2)
نشر في المصريون يوم 20 - 01 - 2011

عرضنا في المقال السابق رؤية الإمام الفذ لأزمتين كبيرتين وكيف عرض القرآن الكريم حلولا لهما من خلال تقديم حادث الهجرة كمنهج واستراتيجية لإدارة الأزمات وكان قد بقي أزمتان كبيرتان هما :
• أزمة الاستضعاف والتخلي عن أداء الدور في المجتمع الإسلامي الجديد .
• والأزمة الرابعة كانت أزمة التردد والقلق عند التحدي الكبير عندما أعلن الرسول في غير مواربة وعلى غير العادة أنه متوجه إلى قتال الدولة العظمى في ذلك الوقت دولة الرومان في تبوك، فكيف عالجهما القرآن الكريم من خلال الحديث عن الهجرة ، وكيف عرضهما شيخنا الإمام الشيخ محمد الغزالى رحمة الله عليه ؟
• الأزمة الثالثة:
أزمة الاستضعاف والتخلي عن أداء الدور في المجتمع الإسلامي الجديد.
يقول الشيخ الإمام :
"الهجرة من مكة إلى المدينة كانت انطلاقا بدعوة محبوسة مضطهدة إلى مكان جديد أو وطن جديد تستقر فيه وتحاول الانطلاق منه، ولذلك كان فرضا على كل مسلم أن يترك مكة إن كان يعيش في مكة، وأن يترك جنوب الجزيرة إن كان يعيش في جنوب الجزيرة، وأن يترك شمالها إن كان يعيش في الشمال، وأن يلتحق بالإسلام الذي أسس مجتمعا جديدا له في المدينة كي يدعم هذا المجتمع الجديد ويعلي فيه راية التوحيد، ويرد عنه عدوان الشرك ويجعل قوى المؤمنين في هذا الوطن تتماسك وتتلاقى ، ومن هنا فإن البقاء في ظل المظالم اعتبر جريمة دينية ، واعتبر القرآن الذين يؤثرون الضعف في أرضهم حطب جهنم واستثنى القرآن أصحاب الأعذار الحقيقية الذين لا يستطيعون الضرب في الأرض ولا التنقل من مكان إلى مكان، فقد عذر هؤلاء ، لكن صيغة العفو عنهم جاءت مقلقة ، ومع أن الرجاء في الله محقق الوقوع إلا أن القرآن قد اختار صيغة بتعبير دقيق " عسى الله أن يعفو عنهم" والتعبير بعسي جاء قاطعا لدابر اختلاق الأعذار لأن صاحب العذر الحقيقي لا يدرى إن كان سيغفر له أم لا ، وجاءت الآية على هذا النسق حتى لا يختلق أحد عذرا فتأمل كيف عالج القرآن تلك الأزمة وقدمت فيها الهجرة ليست كحادث انتقال من مكان إلى مكان آخر وانتهي الأمر ، وإنما قدمها كاستراتيجية لإدراة أزمة الاستضعاف الحقيقي والاستضعاف المدعى بشكل عام .قال الله تعالى فيهم : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً . فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} ( 98 99) سورة النساء
• الأزمة الرابعة
غزوة تبوك وأزمة التردد والقلق عند التحدي الكبير.
فرز الشرائح المختلفة وتصنيفها
وسبب هذه الغزوة أنه قد بلغ المسلمين من الأنباط (الفلاحين) الذين كانوا يتنقلون بين الشام والمدينة للتجارة أن الروم قد جمعت جموعا وأجلبت إلى جانبها لخم وجذام وغيرهم من نصارى العرب الذين كانوا تحت إمرة الرومان ووصلت طلائعهم إلى أرض البلقاء فندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الخروج وكان ذلك في شهر رجب سنة تسع من الهجرة وكان الفصل صيفا وقد بلغ الحر أقصاه والناس في عسرة من العيش وكانت ثمار المدينة في الوقت نفسه قد أينعت وطابت.
• فمن أجل ذلك أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجهة التى سيتجهون إليها وذلك على خلاف عادته في الغزوات الأخرى فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا وليأخذوا استعدادهم ،
• وكانت الرحلة في هذه الغزوة ثقيلة على النفس فيها أقسى مظاهر الابتلاء والامتحان
• وفي السنة التاسعة من الهجرة أعلن النبي يصلى الله عليه وسلم النفير العام لملاقاة الروم ، والروم أو الرومان كما يذكر اسمهم في التاريخ، كانوا يومئذ الدولة العظمى في العالم.
• كانوا أشبه بأمريكا اليوم، كانت دولة مرهوبة الجانب عظيمة السلطان باطشة بالشمال الأفريقي كله وبأسيا الصغرى كلها ، وكانت قد خرجت من حرب حققت فيه نصرا تجرجر أذياله فخرا على دولة الفرس ، أي أن الأمجاد كلها قد تلاقت لتكلل هامات الرومان.
• ،دولة هي الأعظم ومنتصرة وتبسط نفوذها وسيطرتها على أغلب بقاع الأرض ،وفي هذه اللحظات قيل للمسلمين تحركوا إلى دولة الروم لتقاتلوها.
• وقع الرعب في قلوب الناس، وقع التخاذل والقلق ، وقال المنافقون : انتهى محمد وانتهى دينه، سيشتبك مع الدولة الأولى في العالم، وسيتلاشى تماما ، وأخذ نفاق المنافقين يعلن عن نفسه هنا وهناك فيقولون مثبطين "لا تنفروا في الحر " ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتني.
• وعسكر عبد الله بن سلول مع فئات من أصحابه وحلفائه في ضاحية بالمدينة فلما سار النبي صلى الله عليه وسلم تخلف بكل من معه، ونزل القرآن الكريم يعطى توصيفا عاما للأزمة ويصف المخلفين بما قالوا دون أن يذكر الأسماء، قال تعالى:" {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } (49) سورة التوبة
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
(81 82) سورة التوبة.وكانت تلك طائفة.
• هنالك طائفة أخرى أحست بالخوف والفزع وركنت إلى متاع الحياة وتباطأت في تلبية النداء، فالجو حار وثمار المدينة قد أينعت ودان قطافها ، ثم إن العدو في هذه المرة ليس قرش وليس أحد القبائل التى اعتاد المسلمون قتالها، إنهم الروم وما أدراك ما الروم ، القوة الأعظم في ذلك الوقت ، وهكذا تردد صدى الخوف والرعب في نفوس بعض المسلمين فنزل القرآن ليحسم الأمر ويعالج الأزمة ببيان عاقبة التخاذل وأثر ذلك في ضياع الأرض والعرض وانتهاك الحرمات فقال تعالى :" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ،إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (38 39) سورة التوبة
• ثم يستدعي حادث الهجرة بعد تسع سنوات من وقوعه ويذكرهم بالنبي البطل الفرد الذي تكالبت عليه مكة وهي يومئذ أم القرى وعاصمة الجزيرة العربية .
• إن الرجل الوحيد الذي خرج معه صاحبه يؤنسه ويخدمه ، هذا الرجل ماذا حدث له، خذله الناس وطلبوا قتله وجندوا لذلك كل شباب مكة فماذا حدث له؟ {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة
• ثم كان هناك بجانب تلك النفر الذين ترددوا وارتابت قلوبهم كان هناك الإيمان الصادق الذي أخذ يعلن عن نفسه أيضا في صدور أصحابه فقد أقبل المؤمنون على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل صوب، وكان قد حض على الإنفاق وتقديم ما يتوفر لديهم من الدواب للركوب فجاء الكثيرون منهم بكل ما أمكنهم من المال والعدة،
• وجاء عثمان بثلاثمائة بعير بكل ما تحمله من زاد وعتاد وبألف دينار نثرها بين يدي النبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يضرعثمان ما فعل بعدها"
• روى الترمذي عن زيد ابن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك عندي مالا ، فقلت اليوم أسبق أبا بكر ، إن سبقته يوما قال: فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده . فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال أبقيت لهم الله ورسوله ، قلت : لا أسبقه إلى شئ أبدا " 1
• وأقبل رجال من المسلمين أطلق عليهم(البكاؤون) يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم دواب يركبونها ليجاهدوا معه ، فقال لهم النبي " لا أجد ما أحملكم عليه" فخرجوا وعيونهم تفيض من الدمع حزنا لأنهم لا يجدون ما يقدمونه في تلك الغزوة ، وتخلف عن النبي نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب ، مهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية وأبو خيثمة .
• غير أن الأخير لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك بعدما عاد إلى داره وكان له زوجتان فلما عاد وجد كلتاهما قد فرشت له خيمتها وأعدت أطيب الطعام والماء البارد فلما وقف على الخيمتين ونظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال : رسول الله في الشمس والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام طيب وامرأة حسناء في ماله مقيم ؟ ما هذا والله بالعدل ووالله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله،
• وارتحل أبو خيثمة حتى أدرك رسول الله في تبوك ، كان الجو غائما ومغبرا والرؤية تكاد تكون منعدمة ، وأحس المسلمون بركب قادم ولما دنى من المسلمين ، قالوا هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة ، فقالوا يارسول الله هو والله أبو خيثمة فلما أناخ أقبل إلى رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام أولى لك يا أبا خيثمة ؟ .. ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فدعا له بخير.
• ومما حدث في هذه الغزوة أن الرجلين والثلاثة كانوا يتعاقبون على بعير واحد وأصابهم جوع شديد بعدما نفد الزاد ، ثم أصابهم عطش أشد حتى فكر بعض المسلمين في نحر إبلهم ليشربوا ماءها واستأذنوا الرسول في ذلك فأذن لهم، غير أن عمر قال يا رسول الله إنهم إن فعلوا قل الظهر ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع لهم بالبركة لعل الله أن يجعل فيه ذلك ، فأمرهم النبي أن يأتي كل واحد منهم بما عنده فكان الرجل يأتي بحبة من ذرة والآخر بتمرة والآخر بكسرة من خبز فجمعها النبي ودعا عليها بالبركة ثم قال لهم خذوا في أوعيتكم، قال فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملئوه وأكلوا حتى شبعوا وفضلت منه فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ،لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فتحجب عنه الحنة"2
• ولما انتهوا إلى تبوك لم يجدوا هناك كيدا ولا قتالا فقد اختفى وتفرق ألئك الذين كانوا قد تجمعوا لقتال المسلمين ثم أتاه يوحنه حاكم أيلة فصالح رسول الله على الجزية وكذلك بقية القبائل جرباء وأذرح ونصر الله نبيه وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا.
• وهكذا انتصر النبي صلى الله عليه وسلم وما استطاع الناس أن يصنعوا شيئا أو أن ينالوا منه شيئا بل لقد تحول على امتداد الزمان والمكان إلى حضارة عمرت المشارق والمغارب بمنطق العقل وأدب النفس وسناء الخلق ، وأقام مجتمعا لا تعرف الدنيا نظيرا له تراحما وتناصرا وإخاء وعدلا ولا عجب في ذلك فإن الأنصار الذين التفوا حوله كان الوحي المشع من السماء يضيئ لهم الطريق ويوضح لهم الغاية فصنع منه الإيمان الذي يزن الجبال ولا يطيش والإيمان بمن ؟ بالله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وهو الحكيم الخبير.
• تلك كانت رؤية الإمام الفذ الشيخ محمد الغزالى لحادث الهجرة، قدمتها هدية لقرائنا في جريدة "المصريون" تقديرا وامتنانا :
• تقديرا لوعيهم بمكانة الشيخ الإمام ودوره ورسالته الدعوية وجهوده وجهاده في خدمة الإسلام وقضاياه، وذلك ما أظهروه من خلال تعليقاتهم السابقة.
• وامتنانا لهم واعترافا بفضلهم في تصحيح بعض الصورالذهنية الخاطئة لقلة من الناس حول عظماء أمتنا .
• وما أحوجنا في تلك الظروف الحرجة من حياة أمتنا أن نعرف الفضل لذويه ، وأن نهجر الأفكار الكارثية التى ما برحت تحاول تحطيم كل بناء جاد، وتحاول أيضا أن تنال من كل عظيم، حتى ولو كان قد غادر حياتنا وذهب إلى هناك بين يدي الله حيث لا ظلم هناك.
• هجرة الأفكار الكارثية تحتاج لمزيد من العرض والشرح والبيان حتى لا يظل البعض أسيرا لرؤية وفكرة ضيقة، ففضاء العلم واسع وفسيح ، ووحدة الحقيقة لا تمنع من تعدد وجهة النظر إليها. وقد واجه كل الأئمة الأعلام من قبل صدودا واتهامات، وكان هناك من طعن في إمامتهم بل وطعن في دينهم واستعدى السلطة والسلطان عليهم، وبعضهم سجن وعذب وكان منهم الإمام ابن تيمية .
• خبيث هو ولئيم ذلك المخطط الذي يريدنا أن نعيش بلا رأس ولا رمز ولا مرجعية، بلا رأس تفكر ، ولا رمز نلتقى عنده ، ولا مرجعية تحوِّل اختلافنا إلى ثراء وإضافة وتعددية، ومن ثم تعصمنا من الزلل وتستبقى مع الاختلاف في وجهات النظر أخلاقنا عند حدود الأدب فلا نتعدى على الحرمات ولا نتجاوز.
• رحم الله أئمتنا وعلماءنا ، وغفر الله لنا ولإخواننا من الأحياء ومن سبقونا بالإيمان، وندعوه سبحانه ألا يجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا .
رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
رئيس إذاعة القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.