تربي لوجه الله، إعلان وظيفة رسمية للعمل بجبانات أسيوط يثير الجدل ومتابعون: هيعيش على الصدقات    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    بعد انخفاض الأسعار.. أرخص سيارة هيونداي في مصر    حزب الله يستهدف 6 مواقع لجيش الاحتلال في القطاعين الشرقي والغربي من جنوب لبنان    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    بعد سنوات من الغياب.. «مراكز متقدمة للجامعات المصرية فى «الآداب والعلوم الإنسانية»    الوداع الحزين.. ليفربول خارج الدورى الأوروبى    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    وزير الخارجية الإيراني: سنرد على الفور إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحنا    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    بركات قبل لقاء الأهلي: مباراة مازيمبي وبيراميدز شهدت مهازل تحكيمية    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    بالأسماء ... ارتفاع ضحايا حادث تصادم بالدقهلية إلى 10 مصابين ومتوفى    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام الفذ والبحث الهدية ( 1/2 )
نشر في المصريون يوم 12 - 01 - 2011

• ليأذن لى القارئ الكريم في نقطتين قبل أن نطرح رؤية الإمام الفذ في موضوع الهجرة .
• النقطة الأولى: أننى قد وعدت السادة القراءة بعد موضوع المقال قبل الأخير والمنشور يوم الخميس 30 ديسمبر وكان بعنوان " الوزير الدرويش والإمام الفذ " أن أقدم للسادة البحث الهدية وهو رؤية الشيخ الإمام في موضوع الهجرة.
• النقطة الثانية أن حادث الإسكندرية المؤسف قد تطلب منا أن نتدخل بمقال حاولنا فيه قراءة " البعد الغائب في مصاب الوطن " وهو الذى نشر يوم الخميس الماضى 6 يناير 2011 الأمر الذى قطع سياق الحديث عن الهجرة.
• وحتى نعود لذات الموضوع فإنه يسرنى أن اذكر هنا ببعض ما أشرت إليه في مقال سابق بأن الشيخ الغزالى يتفق مع غيره من العلماء على أهمية الأحداث في تاريخنا الإسلامي، ولكنه كان يختلف عنهم في طريقة التناول وكيفية المعالجة.
• تستمع إليه بكل حواسك فيثير ملكاتك كلها وتتمنى ألا يسكت.
• ونحن طلاب كنا نحفظ النصوص التى يستدل بها شيخنا العلامة ، ولكننا حين نستمع إليه وهو يوظفها كأننا لم نقرأها من قبل وكأننا نسمعها لأول مرة ، ويقول كل منا في نفسه من أين جاء الرجل بكل هذه المعانى؟ وكيف لم يلتفت أحد غيره لهذه الروائع والكنوز المكنونة في النص الكريم ؟
• وعندما هممت بكتابة هذا الجزء من هذا المقال ( الهجرة وإدارة الأزمات)، فتشت في ذاكرتى وأوراقي لكي أختار النصوص المناسبة لأكتب عنها، وعدت بذاكرتى إلى أيام الزمن الجميل ونحن طلاب، وتذكرت أن العلامة الإمام الشيخ محمد الغزالى رحمة الله عليه كان قد ألقى خطبة جمعة في مسجد عمرو بن العاص عن الهجرة النبوية خلال فترة السبعينات من القرن الماضى ونحن طلاب، فحفظناها عن ظهر قلب.
• والحقيقة التى لابد من ذكرها أن تناول الرجل العظيم لموضوع الهجرة كان بالنسبة لى هو أنسب ما كتب في هذا الحقل ، ثم إنه يحتوى ويتضمن كل ما تحتاجه تلك الدراسة وفق مفاهيم إدارة الأزمات، كما إنه يشكل من ناحية أخرى متعة ثقافية للقراء عالية القدر والقيمة من حيث موضوعها وطريقة تناولها وعرضها، ومن ثم فقد اخترت هذين الجزئين عن الهجرة من تراث شيخنا الرائع ليكونا موضوع الدراسة .
• دورى في هذين الجزئين ينحصر في ثلاثة أشياء :
• الأول: هو شرف النقل لهذا الكلام الشريف على لسان شيخنا العظيم الإمام محمد الغزالى
• الثانى : هو مجرد ترتيب المقال وإدخال بعض العبارات لربط عناصره بالمقدمة السابقة عن الأزمة وإدارتها ، لا ليكون مقالا وإنما ليكون استراتيجية لإدارة الأزمات.
• الثالث : هو مشاركة القارئ الكريم متعة القراءة والتأمل في هذا البحث القيم والنادر وسيكتشف القارئ مدى عمق شيخنا وقدرته على صياغة النص وتوظيفه واستنباط القواعد العامة في التعامل مع الأحداث المشابهة.
• وإليك عزيزى القارئ هذا البحث الهدية.
• يقول شيخنا الغزالى رحمة الله عليه:
• تعود الناس في القرآن الكريم أن يتنزل تعليقا على ما يكون من أحداث فيوجه التوجيه الذي تفتقر الأمة إليه ، إن كان الذي حدث نصرا ذكر أسبابه بحق وكسر الغرور الذي يصاحب المنتصرين ، وإن كان هزيمة وصف الأسباب بصدق، ومسح التراب الذي عفر جباه المنهزمين وأخذ بأيديهم حتى يستطيعوا استئناف السير والدخول مع أعدائهم في معركة أخرى .
• على هذا النحو نجد أن سورة الأنفال نزلت في أعقاب غزوة بدر ، وأن سورة الأحزاب نزلت في أعقاب غزوة الخندق وأن سورة الفتح نزلت في أعقاب غزوة الحديبية ، وأن سورة آل عمران نزل نصفها الأخير في أعقاب هزيمة أحد ، وأن وأن إلى آخر ما في القرآن من أمور يعرفها المفسرون والمؤرخون .
• وقد يسأل أحد الناس هل تنزلت في حادثة الهجرة سورة كما كان ذلك في أعقاب الغزوات التى وقعت ؟
• والحواب لا، لم يحدث هذا ، ولكن وقع ماهو أخطر وأهم ، كأن الله جل جلاله حكم بأن قصة الهجرة أكبر من أن يعلق عليها في سورة واحدة، وأن تمر مناسبتها بهذا التعليق وينتهى الأمر ، فحكم جل شأنه بأن تكون ذكرى الهجرة قصة تؤخذ منها العبرعلى امتداد الأيام والليالي وتذكر في أمور كثيرة وفي مناسبات مختلفة "وكأنها قواعد ثابتة لإدارة الأزمات إن حلت بالمسلمين نازلة أو تعرضوا لأزمة تمسك بخناقهم وتضعهم في ضيق وحرج ".
• ولذلك فإني سأعرض نماذج "من الأزمات " تعرض لها المسلمون في مسيرة الدعوة على امتداد ثلاث وعشرين عاما وكيف استطاع القرآن أن يوظف حادث الهجرة "في حل الأزمة في إشارة لبقة إلى ما يسمى الآن بعلم توظيف التاريخ وهو علم يوظف الحدث الماضى سارا كان الحدث أو ضارا ، مفرحا كان أو محزنا لخدمة قضية جديدة في الواقع المعاش ويستنبط من حادثة الهجرة القواعد الثابتة لإدارة الأزمات في تلك الظروف وما يشابهها "وأن يجعل من هذه القواعد منارات تضيئ الطريق أمام المسلمين كلما اشتدت عليهم المحن وتكالب عليهم الأعداء. والنماذج التى سأعرضها من سورة البفرة ، وآل عمران ، والنساء ، والأنفال والتوبة، وهذه الآيات تناولت الهجرة وتناول الهجرة في هذه السور تم في إطار الدواعي والملابسات التى قضت بالعودة إلى ذكر الهجرة حديثا عنها وتذكيرا بما فيها .
• الأزمة الأولى: وهي أزمة ذات شقين:
• الشق الأول يعطى توصيفا دقيقا لموضوع الأزمة ويحدد عناصرها في التالي:
• محاولات المشركين المتكررة القضاء علي المسلمين أو فتنتهم في دينهم حتى يرتدوا عن هذا الدين، وذلك عن طريق :
• إلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالمسلمين كالتعذيب الجسدى والسخرية منهم ومصادرة أموالهم.
• منعهم من دخول المسجد الحرام.
• إصرارهم علي قتال المسلمين رغم محاولات المسلمين حقن الدماء ورعاية صلة القرابة والرحم ، فإذا حاول المسلمون رد العدوان والدفاع عن أنفسهم ِأشاع المشركون بأن محمدا وأصحابه لا يحترمون الأشهر الحرم .
• إذا فتلك أزمة فكيف تعامل معها القرآن الكريم ؟ وكيف وظف حادثة الهجرة في وضع الحل المناسب ؟ تعالوا نقرأ النص الكريم .
• {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (217) سورة البقرة
• إذا فهناك قتال كبير وكفر بالله وكفر بالأشهر الحرم وإخراج للمسلمين من المسجد الحرام وصد عن سبيل الله ، وفتنة تفرض على المسلمين في دينهم حتى يرتدوا .
• ما النجاة من هذه الأزمة؟ ومال المخرج من هذه الفتن ؟ وكيف السبيل إلى أن يحافظ المرء على دينه وعقله وعرضه ووطنه وماله ؟
• هنا يأتي دور الشق الثاني وهو شق يوجه المسلم إلى أن يدير الأزمة بكفاءة واقتدار فيضع الحل المناسب وذلك بالآتي
• تحفيز الإرادة أولا.
• توجيه الطاقة النفسية في الاتجاه الصحيح ثانيا.
• ويلفت النظر إلى أن المخرج من هذه الفتن لا تجدي فيه الأماني .
• وأن نصر الله ليس حق الكسالى والعاجزين.
• وأن الشباب الطري لا يمكن أن يكون سنادا لهدف كبير .
• وأن تحقيق الأهداف الضخمة يتطلب جهدا وبذلا وتضحيات.،
• وحتى لا يضيع الطريق وسط اليأس أو ضباب الرؤية التى أحدثتها العواصف ينبه المسلم إلى أن حل هذه الأزمة يتطلب واحدا من أمرين :
• إما الدفاع عن النفس والمقاومة حتى تنكسر شوكة الباطل .
• وإما الهجرة إن كان المسلم أعجز من أن يدافع عن نفسه.
• وهنا يستدعي القرآن من الذاكرة حادثة الهجرة ويوظفها كحدث في الماضي، لكنه يفيد الحاضر ويٌفَعل إرادة الإنسان ليس في إدارة الأزمة فقط بالخروج منها بأقل قدر من الخسائر ، وإنما بالاستفادة منها وتوجيه دفة الحدث في إثارة قدرة الإنسان على قبول التحدي والخروج من الأزمة أصلب عودا وأكثر إصرارا على التضحية ليكون أهلا لرجاء رحمة الله : قال تعالي :
• {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (218) سورة البقرة
• الأزمة الثانية : وهي أزمة أيضا ذات شقين : عدم الطاعة واليأس عند الهزيمة .
• أما الشق الثاني : فهو إزالة الآثار النفسية وإعادة التأهيل.
• الشق الأول يتصل بمبدأ الالتزام بطاعة القيادة وتنفيذ أوامرها وعواقب المخالفة وبخاصة إذا كان الآمر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• ففي موقعة أحد خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك حلت الهزيمة لا بالرماة وحدهم ،وإنما بكل المسلمين، وكانت الهزيمة مرة، ووقعها كان أليما على كل المسلمين، وقد دفعوا فاتورة حسابها من دمائهم وكرامتهم وهذا هو الشق الأول.
• أما الشق الثاني فهو يتصل بإزالة الآثار النفسية وإعادة التأهيل للمسلمين بعد العجز الذي أصابهم بفعل مخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنزل نصوص القرآن الكريم لتَذكرَ أسباب الهزيمة، وتٌذكر المسلمين بأن كل مخالفة لأوامر الشريعة أو لسنن الله في الأسباب لا بد أن يدفعوا ثمنها غاليا وأن القدر الأعلى لا يحابي جنسا من الأجناس ، وأن عدالة الله تأبى أن يفلت مخطئ من العقاب ولو كان صحابيا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
• أما الشق الثاني من الأزمة فهو توقع البلاء في الأنفس والأموال.
• فبينما هم يتلقون هذا الدرس في التربية النفسية وإعادة التأهيل، يمسح القرآن الكريم جباههم التى عفرتها الهزيمة، ويأخذ بأيديهم ويذكرهم بأن الأيام دول، وأن الحرب كر وفر، وأن الألم وتكاليف تحمل تبعات المبدأ قاسم مشترك بين أهل الحق وأهل الباطل ، لكن أهل الحق لهم من الله الرجاء الكبير في الأجر والمثوبة، ومن ثم فإن لهم من الله جزاء عن كل تضحية، ولهم فيه عوضا عن كل مفقود فيقول لهم : {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (104) سورة النساء
• ومهما كانت الهزيمة علقما فلا يجوز أن يقتحم اليأس حياة المؤمن ما دام قلبه مضاء بنور التوحيد وإن تعثر وأخطأ ، وأنه يمكنه أن يقوم ما اعوج من سلوك وأن يصلح ما فات ،قال تعالى :{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} سورة آل عمران (139 140)
• {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (172) سورة آل عمران
• وتذكرهم النصوص بأن المبادئ الكبرى لا ينصرها المهازيل الضعاف ، والأمم المائعة والشباب الطري لا يمكن أن يكون سنادا لهدف ضخم ولا حمالا لواجبات ثقال ، وأنهم في مواجهة التحديات لابد من تحمل المسؤولية ودفع ضريبة العقيدة وأن من طلب عظيما خاطر بعظيمته ،وأن التحديات وما يصحبها من تضحيات لم تنته بعد ولن تنتهي إلي يوم القيامة فيقول لهم : {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(186) سورة آل عمران.
• تلك هي الأزمة إذا بشقيها المادي والمعنوي،
• المادي ممثلا في الهزيمة وتوقع المزيد من الابتلاء في الأنفس والأموال.
• والمعنوي ممثلا في شعور المسلمين بالندم لمخالفتهم لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسرب اليأس إلى نفوس بعضهم .
• ثم يأتي حل الأزمة مكونا من جزأين أحدهما في إعادة التأهيل وإعادة صياغة الواقع المشبع بروح الهزيمة ليصبح واقعا جديدا مملوءا بالعمل والأمل .
• والجزء الثاني يأتي أيضا في تحديد وسائل الخروج من الأزمة والتى تتمثل في الصبر والتقوى ، الصبر على تكاليف الجهاد ، ومراقبة الله في كل عمل، ومن هنا جاء الحديث عن الهجرة كدرس في التربية العقدية وتجرد الإنسان من ماله واستعداد المسلم لمواجهة التحديات في أي لحظة، قال تعالى : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} (195) سورة آل عمران
• بقيت أزمتان الثالثة والرابعة.
• الأزمة الثالثة: أزمة الاستضعاف والتخلي عن أداء الدور في المجتمع الإسلامي الجديد .
• الأزمة الرابعة أزمة التردد والقلق عند التحدي الكبير عندما أعلن الرسول في غير مواربة وعلى غير العادة أنه متوجه إلى قتال الدولة العظمى في ذلك الوقت دولة الرومان في تبوك، فكيف عالجهما القرآن الكريم من خلال الحديث عن الهجرة ، وكيف عرضهما شيخنا الإمام الشيخ محمد الغزالى
• ذالكم هو حديث الإسبوع القادم إن شاء الله .
رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
رئيس إذاعة القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.