لا أعرف من أي مدرسة أو معهد أو كلية أو حتي مركز تدريب يتخرج هؤلاء الذين يسمون أنفسهم أو يسميهم غيرهم بال "ناشطين والناشطات" ولا أعرف كذلك أين يعمل هؤلاء وما المهنة التي يتكسبون منها قوتهم حتي يمكن نسبتهم إليها والتعريف بها كالمحامي والصحفي والطبيب والمهندس والكناس والسباك وهكذا وربما يكون ذلك بسبب جهلي وتخلفي بحقيقة هذا المصطلح الذي تطفح به الآن وسائل الإعلام المصرية والعربية والدولية بدون تحديد مفهومه تحديداً جامعاً مانعاً كما يقول المناطقة فيمكن حينئذ التعرف ولو مبدئياً بأصحاب هذه المهنة التي تعاظم شأنها في الفترة الأخيرة وخاصة أن العامة من البشر أمثالي يعلمون بالفطرة أن كافة بني آدم يفترض أنهم نشطاء وناشطات بدرجة أو أخري في مجال أو آخر علي الأقل للوفاء بالحد الأدني من احتياجات الإنسان إلي درجة تجعل من الشواذ الذين يخالفون هذه الفطرة الطبيعية موصوفين علي سببيل الاستثناء بالكسل أو الخمول. فإذا كان المقصود بهؤلاء الذين يهتمون بالشأن العام كالسياسة والاقتصاد والاجتماع وما يتبع ذلك كحقوق الإنسان والديمقراطية وخلافه. فهل يمنع ذلك نسبة هؤلاء لمهنهم الأصلية حتي نتعرف عليهم ونعرف مؤهلاتهم وإمكانياتهم التي تتيح لهم الحديث بل و"التنظير" في هذه المجالات العامة وحتي نعرف أنهم من "أهل الذكر" فنسألهم عن مئات الألغاز والأحجيات التي لا يفهمها أمثالي في هذه المجالات العويصة علي أفهامنا والتي تفوق ثقافتنا المتواضعة جداً؟! وبفرض أن العيب فينا وليس فيهم وأن جهلنا وتخلفنا هما السبب في أننا لا نفهم ما يتحدثون فيه وينظرون له. أليس من واجبهم تجاهنا وحقنا عليهم وخاصة أنهم يعدون بالمئات والآلاف وربما بعشرات الآلاف الآن. أن يتنازلوا من أجلنا وينزلوا إلينا في الشوارع والحواري والزقاق ليعلمونا بدلا من الصحف والمجلات والاذاعات والفضائيات التي يحتلون فيها مساحات شاسعة علي مدار ال 24 ساعة لمدة 7 أيام في الأسبوع؟! ومادامت هذه المهنة بهذه الأهمية. ومادام الذين يمتهنونها بهذا "الكم" الذي نراه في وسائل الإعلام والمنتديات العامة فما بال مجتمعاتنا ترزح تحت أبشع أنواع الجهل والمرض والفقر والفساد وما شابه ذلك؟! لماذا لا تفرق مجتمعاتنا بين الديني والدنيوي ولا بين الدين والمتدينين الذين يحتكرون الحديث باسم السماء حصرياً رغم أن الرسالة والنبوة قد ختمتا بمحمد صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وتابعيه وسلم منذ ما يزيد علي ألف وأربعمائة عام؟ لماذا كشفت الانتخابات الأخيرة "مجلسي الشعب والشوري" وربما القادمة الرئاسية والمحليات.. عن حقيقة مفادها أن أغلب نسائنا وبناتنا قد صوتن لأمثال هؤلاء الذين لا يفرقون بين أحكام "الاختلاط" المشروع و"الخلوة" غير المشروعة رغم أن ذلك معناه سجن نصف هذا المجتمع في البيوت والخدور علي غير هدي من السنة العملية للصحابيات والتابعيات اللاتي كن يشاركن في شئون الأمة كالرجال سواء بسواء حتي في الحروب علي مسمع ومرأي وإقرار ومباركة من الرسول "ص" والصحابة والتابعين. رغم أن حبس النساء في القرآن الكريم عقوبة لمن تأتين بفاحشة مبينة. فهل معني هذا أن هذا المجتمع المريض يعترف بأن أمهاتنا وزوجاتنا واخواننا وبناتنا هكذا بما في ذلك النساء أنفسهن؟! هذا مثال واحد لسوء حالنا وسوء مآلنا ما لم يتحرك هؤلاء الناشطون والناشطات الذين لا نعرف لهم مكاناً سوي الشاشات والمنتديات أي سوي "المكلمات" دون الشارع. فهل من حقنا أن نطلب من هؤلاء ماداموا بهذا النشاط أن ينزلوا إلي الشارع لتصحيح بعض هذه المفاهيم المقلوبة حتي يكون لهم دور حقيقي. نتمني ذلك والأمل في الله.