شهدت كافة ربوع مصر ملايين التعديات بالبناء علي أجود الأراضي الزراعية من جانب البلطجية وأصحاب الضمائر الضعيفة الذين انتهزوا الفرصة واستغلوا حالة الانفلات الأمني التي عاشتها الدولة عقب أحداث ثورة 25 يناير واجتثوا المزروعات من جذورها قبل نضجها ونموها وقاموا بوضع الخرسانة المسلحة في باطن التربة وشيدوا المباني الشاهقة عليها وسط الأراضي الزراعية التي تشوه شكلها. الأمر الذي تسبب في إهدار مساحات من الرقعة الزراعية الخصبة وبالتالي انخفاض الانتاج القومي من المحاصيل الهامة والاستراتيجية مما سيضطرنا إلي استيراد الغذاء من الخارج.. وتعتبر المنوفية مثال صارخ لهذه التعديات. يقول إبراهيم المحروقي "موجه بالتعليم" إن ظاهرة التعدي علي الأراضي الزراعية في الفترة السابقة أثناء الثورة يعد اعتداء علي أنظمة الدولة ساعد عليه الروتين وعقم القوانين في ظل النظام السابق الذي تغافل عن حقوق المواطنين والزيادة المطردة للسكان. فلم يسمح بارتفاعات المباني إلا في حدود مساحة الشوارع عرضا. وتساءل إذا لم تسمح بالتوسع الرأسي فماذا يفعل المواطنون؟ ومن ثم فليس أمامهم إلا الاعتداء علي تلك الأراضي ولاسيما أن مساحات الصحراء الشاسعة لم تصل إليها يد التعيمر والتخطيط. أوضح أن المباني التي أقيمت علي الأراضي الزراعية تعد انتهاكا لتلك الأراضي في الوقت الذي يلهث فيه أفراد المجتمع لاستصلاح أراضي جديدة. بيد أن العلاج لا يكمن في هدم تلك المباني لأن فيه تبديد للطاقات والأموال والجهد وفي الوقت ذاته لا يمكن زراعة تلك الأراضي مرة أخري بعد وضع المسلحات بها.. مشيرا إلي أنه يجب استصلاح مزيد من الأراضي لا أن نبكي علي اللبن المسكوب. وطالب بضرورة غزو الصحراء استصلاحا وزراعة وبناء مع استغلال الأبنية العامة في بناء أدوار عليا فوقها وكذا تطوير العشوائيات بعد إخلائها ثم إعادة البناء فوقها. بالاضافة إلي إقامة مدن جديدة مع حسن تخطيطها. اقترح المهندس السيد يحيي أن يتم ترك المبني المقام علي الأراض الزراعية كمزرعة لمشاريع إنتاجية مثلا ويعوض صاحبها عن المبني والأرض وتصادر لصالح الدولة. ويري أن المباني الواجبة الإزالة هي المحاطة من جهتين أو أكثر بالأراضي الزراعية. أو المباني المحاطة من جهة واحدة زراعية والمباني من جهتين فيتم تركها علي أن يتم إلزام صاحبها بالسير في إجراءات الترخيص. وقال علي حسين إن المواطن المصري ينقصه الوعي لذا يلجأ إلي ارتكاب المخالفة خاصة في حالة عدم وجود الرقابة والانضباط الأمني والمفروض أن يكون لديه الضمير الحي ومراقبة الخالق في كل عمل للتحكم في تصرفاته وليس بالخوف من عقوبة قانون أو لوم مسئول. أشار إلي أنه تلاحظ في الفترة الماضية إبان الثورة والغياب الأمني فضلا عن غياب مسئولي المحليات ومشرفي حماية الأراضي بقطاع الزراعة هجوم غير مسبوق علي أخصب الأراضي الزراعية في كافة أنحاء مصر بهدف استغلالها في الاتجار بها بأسعار مرتفعة والتربح من بنائها وتناسي المستغلون أن تلك الثروة الزراعية ملك لمصر ولأجيالها الحالية والقادمة. موضحا أن طريق مصر اسكندرية الزراعي والطرق الأخري تشهد كثيرا من الاستثمارات المهدرة من خلال مبان كثيرة نالتها معاول الهدم والتحطيم بعد أن فاقت أجهزة الدولة والمحليات عقب الثورة وبالتالي أصبحت تلك الأراضي لا هي زراعية تصلح للاستثمار الزراعي أو مبان يمكن استخدامها مما أضاع علي الدولة آلاف الأفدنة وملايين الجنيهات في الخرسانة وأعمال البناء. أضاف أنه نتيجة للبناء علي الأراضي الزراعية فقد تقلصت الرقعة الزراعية وانحسرت فرص العمل وقلت الموارد الزراعية وأوجدت فئة طفيلية تعيش علي هذا الاستثمار والتجارة غير المشروعة مما أدي إلي ارتفاع أسعار تلك الأراضي. مطالبا بضرورة تفعيل قوانين حماية الأراضي الزراعية والاسراع في تنفيذ أحكام بالغرامة وإعادة أوضاع تلك الأراضي المبورة إلي ما كانت عليه علي حساب المخالفين ومتابعة التنفيذ وتغليظ العقوبة علي المستغلين. وكذلك الاستفادة من الظهير الصحراوي باجتذاب الزيادة السكانية المطردة في كافة المحافظات عن طريق إقامة مشاريع استصلاح واستزراع تلك الأراضي أو بناء مشروعات استثمار صناعي وتصنيع زراعي بها وتيسير الاقراض بفائدة بسيطة من خلال بنوك التنمية والائتمان الزراعي بحيث يتمكن سكان القري من إعادة بناء منازلهم أدوارا متعددة تستوعب الأسر مما يحول دون الاعتداء علي الأراضي الزراعية وذلك بالتوسع الرأسي للمباني. وقالت المهندسة فاطمة حجاج إن البعض من ذوي النفوس الضعيفة استغل الظروف عقب الثورة وقام بتبوير آلاف الأفدنة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة واعتبروا ذلك استثمارا رائجا. الأمر الذي أدي الي انخفاض الانتاجية من المحاصيل وعزوف بعض الفلاحين عن الزراعة بهدف تبوير الأراضي الزراعية فضلا عن تناقص تلك الرقعة الخصبة. طالبت الإرشاد الزراعي وقادة الرأي وأئمة المساجد والدعاة والمهندسين الزراعيين بتوعية المواطنين بأن ثروة مصر في أرضها الزراعية وأنه لا مستقبل لأبنائها إلا بحسن استغلال هذه الأراضي حتي نتمكن من إنتاج غذائنا ولا نلجأ إلي الاستيراد من الخارج. أشار علاء داود إلي أن عدم الوعي واستغلال الفرص تسبب في انتهاك الأراضي الزراعية مما يعد خيانة واجرام وإساءة للثورة. أوضحت د.زينب البرماوي وكيل كلية الزرعة بجامعة المنوفية أن الأراض الزراعية تعد أكبر ثروات مصر الحقيقية والتعدي عليها بالبناء هو تعد علي قوت أهلها. وتساءلت كيف نبحث عن استصلاح أراضي صحراوية ولدينا أراض خصبة جاهزة للزراعة.. وطالبت بتطبيق القوانين وتفعيلها.. مشيرة إلي أنه من المتوقع بعد 150 عاما أن لا تكون هناك دلتا زراعية بل ستحل مكانها الشوارع والمباني. محمود الشريف: القلة القليلة من أفراد الشعب هي التي أقدمت بالقضاء علي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية مستغلين ظروف البلد. واستبدلوا لونها الأخضر الجميل بالمباني العشوائية والمسودة علي أفندة دون تصريح قانوني أو ترخيص. محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين قال: أرفض إزالة التعديات التي وقعت علي الأرض الزراعية خلال الثوة وأري الاكتفاء بفرض غرامة مالية علي المخالف عن كل متر تم التعدي عليه بالبناء مع الاستفادة من قيمة تلك الغرامات في استصلاح أراضي جديدة.. مؤكدا أنه يرفض تلك الظاهرة وكذا كل الاجراءات التي تسهل التعدي عليها. وقال د.أحمد حبليزة وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية إن نسبة التعديات علي مستوي المحافظة خلال أحداث الثورة تقدر بحوالي 532 فدانا. مؤكدا أن المديرية قامت باتخاذ كافة الاجراءات القانونية والإدارية اللازمة ضد المخالفين بتحرير المحاضر طبقا للقانون 119 لسنة .2008 وأشار اللواء شريف البكباشي مدير أمن المنوفية إلي أن المديرية تقوم بإزالة التعديات علي الرقعة الزراعية بالتنسيق مع عناصر القوات المسلحة والمحليات وفقا لخطط زمنية. مؤكدا أنه لم ولن تتواني المديرية في إزالة تلك التعديات تباعا حفاظا علي ثروة مصر الزراعية. من جانبه أعلن المحافظ المستشار أشرف هلال أنه تم تنظيم حملة موسعة من القوات المسلحة والشرطة والزراعة والوحدات المحلية تمكنت من إزالة 23 حالة تعد علي مساحة 10 أفدنة زراعية بقويسنا من إجمالي تعديات بلغت 71 فدانا و22 قيراطا و20 سهما علي مستوي المركز. كما سبق إزالة تعديات علي 17 ألف فدان بمدينة السادات و6 تعديات علي مساحة 1740 مترا مربعا علي أملاك الدولة بمدينة منوف. مؤكدا أن حملات الإزالة مستمرة لعودة هيبة الدولة وتطبيق القانون والتصدي الحاسم للبلطجية وأصحاب الضمائر الضعيفة وحفاظا علي ممتلكات الدولة.