بدأت نيابة الاسكندرية في الاسمتاع لأقوال أصحاب المحال التجارية المجاورة للكنيسة المرقسية حول الحادث الإرهابي وتحديد قيمة الخسائر المبدئية للمحال نتيجة الانفجار الشديد. كشفت التحقيقات عن استخراج الفريق الطبي المعالج للمصابين بالحادث أجساماً معدنية مدببة وحادة الأطراف وصغيرة الحجم بالإضافة الي رمان بلي حديدي اخترق أجساد المصابين وتسبب في حالات الوفيات حيث اظهرت التقارير الأولية للطب الشرعي ان أسباب الوفاة لبعض الشهداء كانت بسبب اختراق شطية حديدية مدببة إما للجمجمة أو الشرايين الرئيسية بالجسم كما كشفت المعاينة الميدانية للنيابة عن وجود آثار لفجوات بداخل الأبواب الصاج الحديدية للمحال التجارية المجاورة للكنيسة علي بعد 30 متراً لتخترقها بالرغم من اغلاق المحال لأبوابها ورجحت المعاينة ان الانتحاري منفذ الجريمة الإرهابية كان يحمل حزاماً به مادة شديدة الانفجار مزودة بكميات كبيرة من البلي الحديدي الصغير والقطع الحديدية الأشبه بالشظايا لتنتشر بصورة كبيرة مع الانفجار وتسبب أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية. وعلمت "المساء" انه تم تجميع اشلاء خاصة بجثتين احدهما يرجح ان تكون للإرهابي والأخري لأحد الشهداء المجهولين حيث يقوم الطب الشرعي باجراء تحليل الدي ان ايه علي الأشلاء المتناثرة في الشارع أو واجهات المحال التجارية أو علي الأسطح وتم تسليمها لخبراء الأدلة الجنائية ورجال الإسعاف خاصة وان بعضها متناهي الصغر. قامت مباحث الاسكندرية بتكثيف تحرياتها بمنطقة الحادث والاسمتاع لشهود العيان لبيان ما إذا كان منفذ الجريمة قد حضر بمفرده أم ان هناك شركاء له يرصدون عن بعد خاصة ان الكنيسة لها ثلاثة أبواب وقد اختار الإرهابي الباب الذي يتواجد حوله أكبر عدد من قوات الشرطة وهو ما يجعله احتمالية ان منفذ الجريمة كان يستهدف الأقباط والشرطة معاً خاصة وان الكنيسة لها باب مواجه للمعبد اليهودي ومخصص لدخول وخروج البابا تواضروس بابا الاسكندرية ولم يستخدمه الإرهابي في تفجيره. والغريب ان أقوال المصابين وشهود العيان جميعها تقريباً متطابقة فلم يلحظ أحد المتهم أو يلفت انتباهه خاصة وانه كان واثق الخطي وظل يتجول ذهاباً وإياباً بهدوء أمام الباب ويتابع واجهات المحال التجارية وكأنه يعتزم الشراء قبل ان يحاول ان يدخل الي الباب الفرعي للكنيسة وهو ما رصدته كاميرات المحال التجارية بالمنطقة بالاضافة الي سرعة التفجير. وبالرغم من الحادث الأليم والتكثيفات الأمنية بمنطقة الحادث إلا أن أقباط الاسكندرية استمروا في التردد علي الكنيسة والمشاركة في الصلاة صباحاً ومساء وهو المعتاد في أسبوع الآلام وأكد نادر مرقس عضو المجلس الملي انه يجري العمل حالياً علي ترميم مدخل الممر المؤدي الي الكنيسة الذي شهد الانفجار الخاص بالبوابة بالاضافة الي واجهة البوابة الخارجية والمكتبة وحجرة أمن الكنيسة والعقار المجاور للكنيسة التابع لها بعد ان تأثروا بشدة الانفجار وانهيار الكثير من أجزائها. سادت حالة من الحزن في منطقة العطارين علي الشهيدة أمنية رشدي عريفة الشرطة بسجن الحضرة حيث كشفت زميلتها العديد من المفاجآت فأكدت اسماء محمد ان الشهيدة كانت الأقرب الي مكان التفجير وهو ما ترتب عليه ضياع ملامح وجهها وانقسام الجثة الي نصفين احدهما كان بمشرحة كوم الدكة والآخر بمشرحة المستشفي الأميري وان أصحابها وزملاؤها ظلوا يبحثون عنها وتعرفت والدتها علي الجزء السفلي بسبب اصابة قديمة وتم التعرف علي الجزء العلوي من خلال دبلتها واضافت ليلي عبد الله زميلة الشهيدة أن امنية كانت متفوقة خلال دراستها في معهد أمناء الشرطة كما انها كانت تدرس بكلية الحقوق بالمرحلة الثالثة وتنجح بامتياز كل عام كما انها ترعي شقيقتها الصغري الطالبة بالمرحلة الابتدائية بالاضافة الي اشقائها وتعمل فترات إضافية من أجل تكوين نفسها للمساهمة في جهازها وحتي لا تحمل والدها عبء المسئولية. أما من المفاجآت أيضاً فهي ان الأمين الشهيد عصام أحمد عبد الرازق قد حصل علي لسانس الحقوق وكان يعتزم تسوية وضعه من أمين شرطة الي ملازم بعد أن نجح بتفوق في دراسته. استلمت أسرة الشهيد المجند محمد رفعت دبلوم تجارة جثته ويعد الابن الأصغر لوالده الإمام والخطيب بمديرية الأوقاف وتم دفنه بمدينة درب نجم بالشرقية. وفي إطار المفاجآت بحادث تفجير الكنيسة المرقسية تبين ان هناك ثلاثة مواطنين قد لقوا مصرعهم علي الفور بمنطقة الحادث وليس لهم أي علاقة بالكنيسة أو حتي المحال المجاورة بل شاء سوء الحظ مرورهم أثناء الانفجار ومنهم محمد عبد الصبور من أبناء النوبة الذي أعلنت الجالية النوبية بالاسكندرية الحداد عليه بعد مشاركتهم جميعاً في عزائه ويقول محمود عبد الله زبير عم الشهيد ان محمد يبلغ من العمر 34 سنة ويعمل موظفاً بادارة الشئون القانونية بالبنك العقاري ولديه طفل يبلغ من العمر 7 سنوات كما أنجب حديثاً من زيجته الجديدة طفلة تدعي مليكا "8 أشهر" ويبدو انه كان يشعر بقرب النهاية فيوم الجمعة الماضي اتصل بأقاربه لتوديعهم كما شارك في حفل عرس للأسرة حتي الصباح علي غير العادة وفي يوم الحادث اتصلت به زوجته في ساعة متأخرة لتبلغني بعدم عودته للمنزل خاصة وانها اتصلت به عدة مرات ولا يجيب أحد علي الهاتف فرحنا نبحث عنه بالمستشفيات بعد ان علمنا انه غادر البنك مبكراً حتي عثرنا عليه بالمشرحة وتبين اصابته بكسور في الساق والذراعين وضياع نصف وجهه من تأثير الانفجار. أما حمزة عبدالعال مدير عام الشئون القانونية بالبنك العقاري حيث يعمل الشهيد أكد انه من أبناء النوبة ناصعي بياض اللب والنفس وكان يعمل مندوباً قضائياً بالادارة القانونية وفي يوم الحادث كان عائداً من المحكمة بعد ان انهي بعض الأمور القضائية للبنك واتصل بي ليبلغني بأنه في طريق العودة وعندما حدث الانفجار اعتقدت انه قد عاد لمنزله بعد علمه بأننا أغلقنا أبوابنا حتي فوجئت ان اسرته تتصل لتسأل عنه وعلمنا بوفاته وقال لقد اكتشفنا سرقة الحقيبة التي كان يحملها وبها المستندات القانونية الخاصة بالبنك وأوراق تقاضي بينما عثرنا معه علي مبلغ 37 جنيهاً كانت كل ما يوجد في جيبه وتبين ان الشرطة قد تحفظت علي تليفونه المحمول ولم يكن أحد يجيب علي اتصالاتنا موضحاً ان محمد كانت ظروفه المالية صعبة وينفق علي طفلين في عمر الزهور وراح ضحية في حادث لم يكن له به أي علاقة. كما لقي مصرعه بالحادث أيضاً كل من ابراهيم السيد ابراهيم عطية ومحمد عبدالمحسن حميدو الذي تصادف مروره أمام الكنيسة لتوجهه لاصطحاب نجلته الطفلة من أحد دروس التقوية التي كانت تتلقاها استعداداً للامتحانات فلقي مصرعه متأثراً بالانفجار. قام مدير أمن الاسكندرية ومساعد وزير الداخلية بزيارة لمصابي الشرطة بمستشفي الشرطة للاطمئنان عليهم خاصة العميد شريف الحسيني مدير ادارة الشكاوي والمقترحات والذي تم نقله مرة أخري للعناية المركزة حيث خضع لما يقرب الي ستة عمليات حتي الآن ونقل له 5 لترات من الدماء نتيجة لاصابته بشطايا حديدية بالكبد والرئة النصف السفلي من الجسد. أكدت سحر الدسوقي وكيل مديرية التضامن الاجتماعي للمساء انه سيتم صرف 40 ألف جنيه لكل مصاب بحادث الكنيسة المرقسية طالما مر عليه 72 ساعة داخل المستشفي موضحة انه حتي الان لدينا 17 شهيداً سيتم صرف مبلغ 100 ألف جنيه لكل من ذويهم كما تم تشكيل لجان من ادارة الاغاثة لحصر المصابين وما يستجد من وفيات بالتنسيق مع وزارة الصحة وثلاثة مستشفيات هي الأميري والشرطة ومصطفي كامل لتسهيل الأعباء علي أسر المصابين والمتوفين حيث لا نحتاج سوف شهادة الوفاة ومحضر رسمي من الشرطة. تنظم مديرية الأمن اليوم عزاء جماعياً لشهداء الوطن من أبناء وزارة الداخلية من ضباط وجنود وأمناء شرطة بدار المناسبات في مسجد القائد ابراهيم بحضور الأجهزة التنفيذية والأمنية وأبناء الاسكندرية من مختلف الفئات. وألغي الفنان وليد توفيق حفله المزمع اقامته بالاسكندرية الأحد القادم حداداً علي أرواح شهداء الاسكندرية وطنطا مؤكداً في بيان له كيف يغني ومصر مجروحة وأبناؤها يبكون شهداءهم.