في الأسبوع الماضي جاءنا أكثر من إنذار. الأول أطلقه وزير الزراعة د.عصام فايد محذراً من الآثار السلبية للتغيرات المناخية علي أراضي الدلتا أهم مناطق إنتاج الغذاء في مصر وأكثرها خصوبة. حيث ان مساحات كبيرة منها معرضة للغرق نظراً لارتفاع منسوب البحر. وتسرب مياهه المالحة لنحو 15% منها. متوقعاً أن يؤثر ارتفاع درجات الحرارة العالمية وما يترتب عليه من نقص المياه وزيادة الآفات الزراعية سلباً علي الإنتاج النباتي والثروة الحيوانية والسمكية.. أما الإنذار الثاني فقد ورد ضمن تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الذي أشار إلي أن 56.7% من سكان الوجه القبلي لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية مقابل 19.7% بريف الوجه البحري.. الأمر الذي يعني أننا بحاجة لاستنفار الجهود للوقاية من تقلبات المناخ وسوء إدارة المنظومة الزراعية. وهل لدي الحكومة خطة لإصلاح ما أفسده المناخ والبشر في البيئة وتدهور الحالة الزراعية.. وهنا يمضي بنا السؤال لمسافة أبعد: هل نحسن استخدام التربة.. وهل نحقق الاستفادة القصوي بالموارد المتاحة.. وهل لدي الحكومة حلول غير تقليدية وفق جداول زمنية لاستعادة مجد مصر الزراعية قبل أن يغزوها إهمال الدورة الزراعية والمبيدات الفاسدة والتخلي عن الفلاح حتي انقلب السؤال من ماذا تصدر مصر إلي ما الذي لا تستورده مصر..؟! خريطة الاستيراد في مصر كاشفة لاختلالات شديدة خصوصاً في السلع الاستراتيجية وعلي رأسها القمح خبز المصريين وطعامهم المفضل. الذي نستورد منه 11 مليون طن سنوياً بنحو 4.7 مليار دولار سنوياً منها 3 مليارات للقمح و1.7 مليار للذرة الصفراء جراء انحسار المساحة المزروعة بهما. وعدم قدرتنا علي تخزين الحبوب. وعزوف الفلاح عن زراعتهما لعدم ربحيتها. ونستورد من الزيوت 90%. ونحو 850 ألف طن من فول الصويا الذي تناقصت مساحته من 147 ألف فدان إلي 19 ألفاً فقط رغم أنه يسهم بنحو 60% من الأعلاف و40% من البروتين. و20% من الزيوت الأمر الذي يزيد مساحة الدهشة أيضاً. ونستورد 99% من العدس. و30% من السكر "بحسب د.نادر نور الدين".. فهل معقول أن يبلغ إجمالي وارداتنا السلعية في العام الماضي 60 مليار دولار مقابل صادرات لا تتجاوز 22 ملياراً أي عجز تجاري بنحو 38 مليار دولار في وقت نعاني نقصاً حاداً في العملات الأجنبية.. ألا يمكن إحلال سلع ومنتجات محلية وخصوصاً الغذائية محل المستوردة..؟! كما أن وارداتنا من المحروقات والبتروكيماويات جاوزت 8 مليارات دولار ولو أننا توسعنا في إنشاء معامل تكرير البترول الخام مثلاً لأمكننا تقليل هذه الفجوة أو سدها تماماً.. وهي مشكلات بإمكان حلها لو توفرت الهمة والإرادة وجري دعم الفلاح والتوسع في إنشاء الصوامع الحديثة. الأدهي والأمر أن وارداتنا من القطن بلغت 640 مليون دولار بعد انخفاض إنتاجنا المحلي بنحو 14% في العام الماضي رغم توصية لجنة شكلها رئيس الوزراء بالتوسع في زراعة أصناف جديدة من الأقطان متوسطة التيلة تحتاجها مصانعنا. والتهمت وارداتنا من اللحوم والدواجن 1.9 مليار دولار والألبان 750 مليون دولار والأسماك 600 مليون دولار وكان يمكن خفض هذه الفاتورة لو أننا اتجهنا إلي زيادة إنتاجنا من الأعلاف. قال جبران خليل جبران ويل لأمة تلبس مما لا تنسج وتأكل مما لا تزرع وتشرب مما لا تعصر.