استيرادنا عدو اقتصادنا (1)

أعود إليك اليوم، عزيزى القارئ، لأكشف عن العدو الحقيقى لاقتصادنا، وهو الاستيراد العشوائى والمخرب لكل مقوماتنا الوطنية. فلقد انغمست فى الفترة الأخيرة فى تحليل ما استوردناه فى سنة مالية واحدة 2010/2011، وفقاً لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء، حيث وصل إجمالى وارداتنا إلى 50.8 مليار دولار فى 30/6/2011 تمثلت فى 6000 منتج وسلعة استوردناها من 180 دولة.
فى مقالة اليوم سأتناول وارداتنا من الغذاء والمحاصيل الزراعية والتجارية، التى فى وجهة نظرى تعتبر المسمار الأول فى نعش اقتصادنا، لما لها من تأثير بالغ الخطورة على أرضنا الزراعية ومجتمع الفلاحين والصيادين، وهم نصف مصر تقريباً، وكذلك الصناعات المرتبطة والتأثير السلبى لتلك الواردات على استثماراتها وأرباحها والعمالة بها علاوة، على استنزاف الاحتياطى الأجنبى.
بلغت أهم الواردات الغذائية والزراعية قرابة 10 مليارات دولار (20% من إجمالى وارداتنا) على النحو التالى:
- قمح 2.9 مليار دولار! ومازلنا نؤكد أننا لا نحتاج معظمه، ولابد من التخطيط الزراعى. - ذرة 1.6 مليار دولار! أسهل محصول للفلاح المصرى. - سكر قصب خام 400 مليون دولار! بعد اغتيال مزارع القصب فى الصعيد. - فول وعدس 326 مليون دولار! - بطاطس 115 مليون دولار! - حمص وأرز 28 مليون دولار! - فول سودانى 8 ملايين دولار! - طماطم وفاصوليا وتوم ولوبيا 15 مليون دولار! - برقوق وتين وموز وعنب 18 مليون دولار! - بذور خضار وترمس وكثبرة وكتان 7 ملايين دولار! على الرغم من أن أمهاتنا الفلاحات يعرفن إنتاج البذور منذ التاريخ.
■ أما عن زراعة القطن (الذهب الأبيض) فعلى النحو التالى:
- قطن خام 340 مليون دولار! مع أنه مُخزّن فى بيوت الفلاحين إلى الآن. - خيوط القطن 448 مليون دولار! مع أن مصانع الحليج تنتظر القطن. - أقمشة منسوجة 536 مليون دولار! مع أن شركات النسيج يمكن أن تنتج معظم هذه المنسوجات محلياً. - سجاد 48 مليون دولار! - شالات وأوشحة ومناديل رأس وخُمُر19 مليون دولار! التى تقتل مجتمع الحرف المنزلية البسيطة.
■ أما عن غذائنا البروتينى فعلى النحو التالى:
- علف 524 مليون دولار! فى حين لو دورتنا الزراعية متكاملة يمكن لنا إنتاجه. - لحوم مجمدة وقطع وأحشاء... إلخ مليار دولار! ومعظمها لا يصلح وغير مطابق للمواصفات.
- أسماك 475 مليون دولار! بالرغم من كل ما لدينا من مياه.
- ألبان وجبن وزبدة ونشا 935 مليون دولار! لأن مصانعنا بتتدلع ولا يوجد منظومة لشراء الألبان من المربين بأسعار عادلة.
- عصائر وزيت زيتون ونشادر 40 مليون دولار!
يا تُرى، هل أدركتم المؤامرة والخراب؟ فنحن لا نأكل من أرض مصر وبيد فلاحى مصر، ولا نتغذى من منتجات مصر ولا نلبس أقطان مصر. يمكننا أن نوفر قدراً كبيراً من 10 مليارات دولار سنوياً وننقذ نزيف الاحتياطى الأجنبى، إذا تواجدت العزيمة الصادقة لإنقاذ الوطن والعناية بمجتمع الفلاحين والصيادين وأسرهم.
أما عن زراعة القطن وحلجه ونسجه وغزله، فإلى متى سنتجاهل الأمر تاركين مصيرها فى يد المحليات التى تتقاضى رشاوى مقابل التعدى على الأراضى الزراعية من جهة أو يد المتآمرين فى الوزارات المعنية والموانى الذين يسهلون دخول منتجات ومحاصيل غير مطابقة من جهة أخرى. فمزارعو القطن وعمال المصانع أصبحوا قنبلة موقوتة. وإذا تساءلنا عن وضع الثروة البروتينية فالأمر أصبح لغزاً. لدينا مربو مواشٍ ولحوم بلدى ومصانع الأعلاف متوفرة، ومع ذلك نهدر هذه الثروة من أجل استيراد لحوم غير صالحة وأعلاف مضرة.
وأطرح سؤالاً على المسؤولين: ماذا لو نفد رصيد الاحتياطى، هل ستطعمنا أمريكا والصين وباقى الدول دون مقابل؟ ونستكمل منتجات وقطاعات أخرى فى المقالات المقبلة. كل ثورة وأنتم بخير.
* خبير اقتصادى
www.shireenalkady.com