علي مدي سنوات ممتدة حجز القطن المصري طويل التيلة لنفسه مكانا ومكانة في الأسواق العالمية, قبل المصرية.. وكان هناك إقبال كبير من الفلاحين المصريين علي زراعة هذا المحصول. والذي كان يدر ربحا كبيرا عليهم, بل إن هذا المحصول صنع ثروات كثير من المصريين في سنوات سابقة. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا في حجم إنتاج هذا المحصول, حتي اضطررنا في بعض الأحيان إلي استيراد أنواع متعددة من الأقطان, ولكن بقيت سمعة القطن المصري طويل التيلة تحتفظ بمكانتها! ونادي الكثيرون بزيادة المساحات المزروعة بالقطن, وبتحديد سعر ضمان يشجع المزارعين, حتي يعود هذا المحصول لصدارة المنتجات الزراعية المصرية ويبدو أن هذا العام سيشهد بداية تحقيق هذه المطالب, وجني ثمار طال انتظارها. فهذه الأيام تشهد افتتاح موسم جني القطن, وسط توقعات للخبراء بزيادة انتاجيته لتصل إلي2,7 مليون قنطار, بمتوسط7,5 قنطار للفدان الواحد, وذلك بعد عودة الفلاحين لزراعته, إلا أنه في الوقت نفسه حذر خبراء آخرون من خطورة الاتجاه لزراعة القطن الأمريكي لأنه سيقضي علي القطن المصري طويل التيلة, الذي سيخرج تباعا من السوق نهائيا. أخيرا أعدت لجنة القوي العاملة للشعب ورقة عمل عن تدهور صناعة الغزل والنسيج في مصر طالبت فيها بضرورة إعادة الدولة النظر في سياستها الزراعية, التي أدت إلي عزوف الفلاح عن زراعة القطن واتخاذ الإجراءات التي تشجع علي العودة لزراعة هذا المحصول الحيوي المهم, فبالاضافة إلي أنه محصول استراتيجي تتمتع فيه مصر بميزة نسبية كبيرة وسمعة عالمية طيبة, فهو يكاد يمثل اقتصادا متكاملا حيث انه يعد الركيزة الأساسية لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة, كما يعتبر رافدا أساسيا للتشغيل سواء بطريق مباشر أو غير مباشر, فضلا عن كونه مصدرا للزيوت التي تستورد مصر الغالبية العظمي من احتياجاتها منها ومصدرا مهما كذلك للعلف الحيواني. القيمة المضافة وأوصت ورقة العمل بضرورة تفعيل دور صندوق دعم الحاصلات الزراعية لدعم الفلاح وتشجيعه علي الاقبال علي زراعة القطن وتحديد سعر مجز للفلاح مدعوم من الدولة والعمل علي زيادة المساحة المزروعة من القطن بما يكفل ضمان تلبية احتياجات المغازل المصرية بالكميات والنوعيات المطلوبة, وكذا انتاج الأقطان اللازمة للتصدير حتي لاتفقد مصر نصيبها من الصادرات الدولية, وكذلك ضرورة العمل علي استنباط سلالات جيدة ذات صفات غزلية تفي بالغرض وتوفير أصناف عالية الانتاجية بما يضمن عائدا مجزيا للفلاح يشجعه علي الاقبال علي زراعة القطن مع اعطاء أهمية خاصة لزراعة الأقطان المتوسطة وقصيرة التيلة التي تشكل97% من حجم الاستخدام العالمي وضرورة تيسير استيراد الأقطان من كل بلاد العالم المنتجة بالشروط المطلوبة وعدم قصرها علي دول بعينها مالم يكن هناك ضرر علي الأقطان المصرية وسلالاتها. كما أكدت اللجنة ضرورة تحقيق الاستغلال الأمثل للقطن المصري طويل التيلة والاهتمام بانتاج الغزول الرفيعة والمنتجات عالية الجودة التي تتميز فيها مصر بميزة نسبية وتوجيهها أساسا للتصدير بما يزيد من القيمة المضافة بدلا من تصدير القطن شعرا, كما أكدت أن المنطقة الخاصة بالمنسوجات الاوروبية التي يجري انشاؤها حاليا بمدينة برج العرب والتي سيعتمد انتاجها علي القطن طويل التيلة خطوة في الاتجاه الصحيح. 2,7 مليون قنطار من ناحيته أكد الدكتور محمد عبد المجيد عميد معهد القطن أنه يتوقع زيادة إنتاج محصول القطن هذا العام ليصل إلي2,7 مليون قنطار بمتوسط7.5قنطارا للفدان الواحد بعد أن توقف حجم الانتاج العام الماضي عند مليوني قنطار, موضحا أن ذلك يرجع إلي أن الحكومة ولأول مرة أعلنت عن سعر ضمان للقطن وهو750 جنيها لقنطار النوع جيزة81 و700 جنيه لجيزة86 و600 جنيه لجيزة80 و90 وهذا شجع المزارعين علي الزراعة ومتوقع أن يرتفع السعر بنسبة تتراوح من30% إلي40% عن الأسعار المعلنة مما يبشر بزراعة مساحات كبيرة الموسم القادم. وأضاف د.عبد المجيد أن هذا الانتاج العالي وهذه الزيادات من المساحات المزروعة لابد أن يتم استخدامها بشكل جيد يعود بالنفع علي الاقتصاد القومي وذلك بأن يتم استهلاك تلك الأقطان في صناعة الغزل والنسيج المصري للاستفادة من الحليج والبذور والصناعات التكميلية للقطن وألا يسمح بتصدير القطن خاما للخارج, وذلك حتي تعود القيمة المضافة للغزل والنسيج بالنفع علي المزارع والاقتصاد الوطني وكذلك لابد أن تعود الحماية للقطن عن طريق وضع خطة يشارك فيها الفلاح والمنتج والتاجر. وأشار إلي أن تكلفة جني القطن مرتفعة جدا وتشكل نحو40% من تكلفة الانتاج ولذلك نسعي إلي تعميم الجني الآلي في التجارب الموسعة التي تجري هذا العام ولذلك يجري تصميم ماكينة جني آلية للقطن المصري بالاشتراك مع فرنسا, موضوحا أن ذلك يتطلب في نفس الوقت العودة لنظام الدورة الزراعية الاختيارية وزراعة القطن في تجمعات لاتقل عن50 فدانا وتفعيل دور الارشاد الزراعي وكذلك لابد من إعادة هيكلة صناعة الغزل والنسيج وزيادة الاستثمارات الخاصة بها لتتمكن من الاستفادة من المادة الخام ذات الجودة العالية خصوصا أن السوق العالمية هذا العام في مصلحة مزارعي القطن حيث وصل السعر إلي مستويات قياسية بزيادة40% علي العام الماضي. تجريم خلط الاقطان وطالب د.عبد المجيد بتجريم عملية خلط الأقطان, للمحافظة علي نقاوة البذور وجودة القطن المصري حيث يقوم بعض التجار والمزارعين بخلط أقطان الوجه القبلي المتمثلة في جيزة80 وجيزة90 بأقطان الوجه البحري المتمثلة في جيزة88 للحصول علي عائد مرتفع مما يهدد النقاوة الوراثية للأصناف المزروعة ويؤدي إلي تدني الانتاجية علي المستوي العام خصوصا بعد أن تم إلغاء الصنف جيزة70 وذلك لسهولة خلطه مع الأصناف الأخري نظرا لتشابه درجة لونه( الكريمي) مع الألوان الأخري. وأشار إلي أن زيادة الأسعار وبالتالي تحسن الوضع الاقتصادي للفلاح سوف يرفع الانتاجية وذلك لأن القطن له احتياجات مناخية معينة في مواعيد الزراعة والنمو ونظرا لمعاناة الفلاح اقتصاديا فإنه كان يؤخر زراعة القطن إلي شهري مايو ويونيو ولكي يأخذ المحصول الشتوي وقته, ولذلك نقوم حاليا بعمل تجارب لتحميل محاصيل أخري علي القطن كالخيار والبصل والخضراوات في الشهور الأولي لمحصول القطن ليتمكن المزارع من الحصول علي عائد مجز يشجعه علي زراعة القطن. وكشف عن أن كل بلاد العالم التي تزرع القطن تعطيه أولوية قصوي فمثلا, الهند لها وزارة تسمي وزارة النسيج, ونفس الأمر ينطبق علي الصين وبنجلاديش وأوزبكستان وطاجيكستان وغيرها من الدول,علما بأن القطن يزرع ويتداول في102 دولة في العالم وتجارة القطن تمثل سنويا50 مليار دولار ويعمل بها100 مليون عامل والقطن يمثل محصول كساء وغذاء للانسان والحيوان وزيت القطن يمثل خمس استهلاك العالم من الزيوت ولذلك لابد من العمل علي زيادة المساحات المزروعة في مصر خصوصا أن أكبر10 دول انتاجا للقطن في العالم ليس من بينها مصر, حيث تأتي الصين في المرتبة الأولي بإنتاج7 ملايين هكتار( الهكتار فدانان ونصف) والهند5 ملايين هكتار, ثم تأتي أمريكا وباكستان وأوزبكستان وتركيا من بعدها وتنتج مصر من1% إلي2% فقط من انتاج العالم, بعد أن كان القطن في عهد الثورة هو المصدر الثاني للعملة الصعبة بعد قناة السويس ولكن المشكلة بدأت في عام94 عند صدور قانون تحرير تجارة القطن الذي سمح باستيراد القطن من الخارج اضافة لخصخصة قطاع الغزل والنسيج والتي تم فيها بيع7 شركات, وكان ذلك علي حساب أقطاننا. الدعم لغير الفلاحين وأشار علي أنه في العام الماضي أنتجنا مليون قنطار واستوردنا مليوني قنطار, ودفعنا365 مليون جنيه دعما لم يصل منها للفلاح مليم واحد حيث ذهب المبلغ بالكامل للتجار, وذلك لأن المصانع الموجودة تحتاج إلي200 ألف قنطار شهريا أي أن المنتج المحلي كان يكفي ل10 شهور فقط بما يعني أننا نحتاج إلي400 ألف قنطار فقط ولكننا استوردنا مليوني وعندما تم جني القطن رفضت المصانع شراءه, وفضلت عليه القطن الأمريكي والصيني فاستغل التجار ذلك وقاموا بشرائه من الفلاحين بأسعار زهيدة جدا فقامت الحكومة بتقديم دعم300 مليون جنيه للتجار بحيث يتم صرف270 جنيها لكل قنطار جيزة86 يتم توريده لمصانع الغزل و150 جنيها لكل قنطار من جيزة80 وجيزة90( أقطان الصعيد) عن كل قنطار يتم توريده بعد أن صدر قرار بشراء كل الأقطان الموجودة ثم بعد ذلك قامت الشركة القابضة بتقديم325 مليون جنيه دعما للغزل بواقع1750 للطن المغزول, وذلك لحماية الصناعة المحلية وللحد من استيراد الغزول من الخارج. مساحة لاتتناسب ومن جانبه أكد الدكتور محمد عبد الحكيم وكيل معهد بحوث القطن للانتاج انه برغم ارتفاع المساحة المزروعة من القطن هذا العام والتي وصلت إلي371198 فدانا بزيادة تصل إلي86583 فدانا علي العام الماضي فانه مازالت تلك المساحة لاتتناسب مع أهمية القطن وضرورة زراعته بمساحات كبيرة, وذلك يعود إلي وجود محاصيل منافسة في الدورة الزراعية مثل الأرز والذرة ومحاصيل الأعلاف الصيفية مثل البرسيم الحجازي, وكذلك ارتفاع تكلفة انتاج القطن من أجور ومستلزمات انتاج وخصوصا الأسمدة بالأضافة إلي عدم الالتزام بالدورة الزراعية مما يجعل النباتات عرضة للاصابة بالحشرات خاصة ديدان اللوز, ولذلك نقوم بارشاد المزارعين وتوعيتهم بضرورة الزراعة في تجمعات زراعية لاتقل عن20 فدانا وذلك لسهولة المقاومة وللقيام بباقي العمليات المطلوبة ولكي تتناسب مع عملية الجني الميكانيكي, كما نعمل علي استنباط أصناف عالية المحصول عن الأصناف المزروعة حاليا فمثلا تم تهجين الصنف جيزة90 في الصنف استرال وتم زراعته في ملوي ليكون بديلا لجيزة80, وفي الوجه البحري توجد أصناف جديدة كبدائل للأصناف المزروعة وهي تتميز بأنها عالية الانتاجية كما نعمل علي استحداث مساحات في المناطق الجديدة مثل أبو سمبل والنوبارية لزراعتها قطنا وتحديد الأصناف الأفضل لها وكذلك استنباط أصناف تتحمل الملوحة والجفاف لزراعتها في تلك المناطق. وأكد الدكتور منير جاد مدير معهد بحوث القطن السابق أن التراكيب الوراثية للقطن المصري وكذلك الظروف البيئية تجعله يختص بصفات جودة لا يضاهيها أي نوع آخر, كما أن القيمة المضافة لمنتجات القطن المصري عالية جدا ولكن بكل أسف فإن صناعة الغزل والنسيج المصري عاجزة عن الاستفادة بالامكانات الغزلية العالية له وذلك بسبب تقادم معدات المصانع وعدم تحديث الفكر والأسلوب الاداري الذي تدار به هذه الصناعة, حيث إن الانتاج لابد أن يكون للجودة ولكن ذلك يحتاج إلي منظومة متكاملة غير موجودة مثل ضرورة وجود نظام إداري عال ومراقبة جودة جيدة, مشيرا إلي أن منظومة قطاع الغزل والنسيج في مصر تحتاج إلي إعادة هيكلة, فمثلا بعض المقاصف تشتري الخيوط بسعر أقل من انتاجها وذلك دلالة علي تخلف الصناعة مما ينعكس بالسلب علي القطن لأن المصانع عاجزة عن استخدامه في حين أن المستوردين يتحملون مكاسب عالية جدا ومع ذلك فالمكاسب ايضا مرتفعة جدا, وكذلك فإن المصانع تتحجج بأن الطلب علي القطن قليل وهذه كلمة حق يراد بها باطل, وذلك لأن الطلب قليل بسبب ان الانتاج قليل بدليل ان ماينتج يتم تسويقه واستهلاكه. الغش التجاري وأضاف أن قطاع الغزل والنسيج المصري يقوم بعملية غش تجاري منظمة حيث يقوم باستيراد الأقطان من الخارج ثم يقوم بتصنيعها ويبيعها علي أنها من القطن المصري مما يسيء إلي سمعة القطن المصري ويهدد بخروجه من السوق العالمية ولذلك لابد من منع استيراد الأقطان نهائيا إلا في حالة عدم كفاية الانتاج للمصانع وأن يتم ذلك بعد تحديث المصانع وبمقارنة مانصدره للخارج فإن عائد صناعة الغزل والنسيج1,5 مليار دولار في حين أن تونس حجم صادراتها من الملابس الجاهزة أكبر من حجم صادراتنا مجتمعة وليس الغزل والنسيج بما فيها البترول. وكشف د.جاد عن أن وزير الزراعة يرغب في زراعة القطن الأمريكي( الابلم) وهو يتميز بانه قطن قصير العمر وهذا الأمر ستكون نتيجته القضاء علي القطن المصري, حيث انه مع التجربة قارننا بين الأمريكي والمصري فوجدنا أنه يشبه الدندرة ولم يتعد محصوله8 قناطير, ولم يثبت علي الاطلاق ان انتاجه يصل إلي22 قنطارا كما يدعي البعض. وأشار إلي أن القطن يشترك فيه أكثر من قطاع مثل الزراعة والصناعة والبحوث والتجارة كل منها يعمل في جزيرة منعزلة عن القطاع الآخر وهذا يؤثر بالسلب كثيرا علي المحصول, موضحا أنه حتما سيتم رفع الدعم عن القطن الأمريكي بما سيؤدي إلي رفع أسعار تلك الأقطان, وهو ماسيمثل خطورة علي الصناعة المصرية بعد أن خرجت الأقطان المصرية من السوق, ولذلك فإن فكرة الاعتماد عليه سوف تكون كارثية علي الصناعة المصرية, في ضوء ان طاقة السوق التصديرية محدودة, فأكبر دولتين لانتاج القطن وهما الصين والهند كان حجم انتاجهما في الستينات من الأقطان عالية الجودة يصل إلي6%, أما الآن فإن انتاجهما يصل إلي أقل من30% وذلك لأن شركات الغزل والنسيج تعزف عن استخدامه في الصناعة. حلول إرشادية أما الدكتور أحمد عطا وكيل معهد بحوث القطن للارشاد فأكد وجود فجوة بين المزارع والباحث بسبب عدم التزام المزارع بالتوصيات ولذلك نحاول عمل حلول ارشادية حيث تم عمل134 تجميعة ارشادية مساحة التجميعة لاتقل عن5 فدادين, كما تم تخصيص باحث من المعهد لكل محافظة من المحافظات ال17 التي تزرع القطن وذلك أدي إلي أننا وصلنا إلي انتاجية في التجميعات الارشادية تتراوح بين12 و16 قنطارا للفدان الواحد حيث يلتزم الباحث بالاشراف من بداية الزراعة حتي الجني, مع العلم بأن التفاوت في الانتاج بين الأراضي المتجاورة يرجع للالتزام بالارشادات كما توجد ارشادات خاصة للهجين الجديد لأن كل صنف له طبيعة خاصة. ومن جانبه تحدث الدكتور محمود أنور عميد معهد القطن الأسبق بلغة الأرقام مؤكدا أن مساحة القطن المزروعة تجاوزت المستهدف بنسبة114,12% محققة بذلك ارتفاعا عن الموسم الماضي لنفس الفترة بنسبة30,17% ويتوقع ان يكون إنتاج هذه المساحة2,17 مليون قنطار زهر تعطي2,6 قنطار شعر وذلك طبقا لتقديرات هيئة تحكيم واختبارات القطن كما بلغت كمية القطن الزهر المفروزة لموسم2010/2009(1624116 قنطار زهر) وكانت أكبر كمية زهر من محافظة البحيرة بنسبة23,81% من الاجمالي تليها كفر الشيخ بنسبة20,14% وبالنسبة للأصناف فإن أعلي كمية للصنف جيزة86 وتمثل70,68% من الكمية الكلية يليه الصنف جيزة88 بنسبة13,85%