منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تخفض من توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الألماني    مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة موضوعي الرهائن واجتياح رفح    طريق الزمالك.. البداية أمام بروكسي.. والإسماعيلي في مسار الوصول لنهائي الكأس    رانجنيك يوجه صدمة كبرى ل بايرن ميونيخ    حبس طالب جامعي تعدى على زميلته داخل كلية الطب في الزقازيق    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث بالطريق الزراعي بالقليوبية    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال عيدي القيامة وشم النسيم    الثانوية العامة 2024.. مواصفات امتحان اللغة العربية    بحضور سوسن بدر.. انطلاق البروفة الأخيرة لمهرجان بردية لسينما الومضة بالمركز الثقافي الروسي    «الشيوخ» ينعي رئيس لجنة الطاقة والقوى العاملة بالمجلس    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    مصير مقعد رئيس لجنة القوى العاملة بالشيوخ بعد وفاته    السيسي: حملات تفتيش على المنشآت لمتابعة الحماية القانونية للعمال    الأهلي والالومنيوم والزمالك مع بروكسي.. تفاصيل قرعة كأس مصر    نجم الأهلي السابق: إمام عاشور أفضل لاعب في مصر    الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر بمبادرة سيارات المصريين بالخارج    «القومي للأمومة» يطلق برلمان الطفل المصري لتعليم النشئ تولي القيادة والمسؤولية    وزراة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قوات الجيش على بيرديتشي شرقي أوكرانيا    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الأرصاد: الأجواء مستقرة ودرجة الحرارة على القاهرة الآن 24    حداد رشيد حول منزله إلى ورشة تصنيع أسلحة نارية    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    ميقاتي: طالبنا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على لبنان    بعد طرح فيلم السرب.. ما هو ترتيب الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر؟    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 4.. جد بينو وكراكيري يطاردهما في الفندق المسكون    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    فيديو وصور.. مريضة قلب تستغيث بمحافظ الجيزة.. و"راشد" يصدر قرارا عاجلا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التموين والزراعة وأزمة ارتفاع أسعار الغذاء

تبلغ الفجوة الغذائية المصرية نحو 55% حاليا وقد تزيد عن ذلك فى المستقبل القريب بسبب خطط التوسع فى بناء السدود فى منابع النيل الشرقى وأيضا بسبب ضرب تغير المناخ لهذه المنابع واحتمالات يقينية بتراجع معدلات الأمطار بنسبة 70% على هذه المنابع. يعود أمر الفجوة الغذائية المصرية بقدر كبير إلى محدودية المياه والترب الزراعية بشكل أساسي، كما يعود أيضا إلى سوء هيكلة الزراعة المصرية وعدم التخطيط للتحول إلى الزراعات الإستراتيجية للسلع الغذائية لتقليل الاعتماد على الاستيراد والتغيرات التى تضرب العملات الأجنبية والبورصات الغذائية سواء بسبب المضاربات أو الجشع. أزمة نقص إنتاج الغذاء سببها الرئيسى سوء التخطيط للاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وغياب التخطيط المستقبلى أيضا للأمن الغذائى وأمن المياه والطاقة وثلاتهم يرتبطون معا ارتباطا وثيقا وانضم إليهم تغير المناخ كمنظومة رباعية ينبغى ألا تغيب عن أعين الخبراء فى مصر. مثال لسوء التخطيط هو الموسم الزراعى الصيفى الحالى للتخطيط لزراعة نحو 6 ملايين فدان هى المساحة المحصولية المخصصة للزراعات الإستراتيجية (بالإضافة إلى 25 مليون فدان خضراوات وزراعات مستديمة وفاكهة) متوقع أن يزرع منها 1.5 مليون فدان بالأرز وربع مليون فدان بالقطن الطويل والفائق الطول فى غيبة القطن القصير الجاذب للاستثمارات النسيجية المحلية والعالمية بينما يتبقى نحو 425 مليون فدان بلا تخطيط وبالتالى فالأمر متاح تماما لزراعة نصفها بالحاصلات الزيتية التى نستوردها بالكامل من الخارج وخاصة فول الصويا وعباد الشمس وكلاهما متعدد الاستخدامات فى أمن الغذاء كمصدر لزيوت الطعام ثم الاستفادة من الكسبة المتبقية عن عصير بذور الصويا فى مصنعات اللحوم والتى تمثل 50% من هذه الصناعة ونستوردها بالكامل من الخارج ثم المتبقى منها ومعها كسبة بذور عباد الشمس فى مصانع الأعلاف الداجنة والحيوانية والسمكية والتى نستوردها أيضا فيكون لها تأثيرها الفورى فى انخفاض أسعار الأعلاف ومعها أسعار البيض والدواجن واللحوم والأسماك والزبدة والألبان ومنتجاتها والجلود.
يستكمل الأمر بزراعة نحو 2 مليون فدان بالذرة الصفراء للأعلاف والتى نستورد منها 6 ملايين طن سنويا ونصنف كرابع أكبر مستورد عالمى رغم أن الموسم الصيفى خال من الزراعات المهمة كما سبق وبالتالى فإن زراعة ذرة الأعلاف ميسرة تماما والتى تمثل 75% من مكونات الأعلاف فتسهم أيضا فى تراجع أسعار الأعلاف بكل أنواعها وتحفظ لمصر نحو 1.5 مليار دولار نستنزفها فى استيرادها. أما فى العروة الشتوية فلا يمكن أن نتصور أن الدولة تفشل فى تخصيص 90 ألف فدان فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتى من العدس الذى أصبحنا نستورده بالكامل ومعه أيضا نصف مليون فدان لزراعات الفول وربما تنخفض هذه المساحات إلى النصف إذا ما وفرنا للمذارعين التقاوى عالية الإنتاجية منهما والتى تعطى لمزارعى الغرب والشرق ضعف إنتاجية التقاوى المصرية التى تدهورت بسبب نقص مخصصات البحث العلمى الخاصة بالتطوير الدورى للأصناف المصرية التى تتدهور بأصناف جديدة تتماشى مع واقع تغير المناخ وتعطى محصولا أكبر من مياه أقل. نفس الأمر ينطبق على القمح بتطوير تقاويه دوريا والبحث لمنافسه القوى البرسيم عن بدائل أو أنواع أعلى إنتاجية لتُحسن من وضعنا كأكبر مستورد للقمح فى العالم وتوفر لنا عملات صعبة وغش التوريد السنوى للقمح وتؤمن لمصر أمنا غذائيا مستقبليا.
هذه الأمور توضح أن مشكلة ارتفاع الأسعار واحتكارات وتهريب الحبوب هى مشكلة تراجع إنتاج وسوء تخطيط فى الأساس ثم مشكلة رقابة وتوزيع للأسواق ولا بد من قيادة وزارة التموين للأسواق بدلا من سياساتها الحالية فى رد الفعل ومحاولة إطفاء حرائق الأسعار بعد أن تكون دمرت جزءا كبيرا من مخصصات الفقراء. أمر الرقابة والتوزيع يستلزم تفهم أن سلسة الغذاء هى حزمة من السلع ترتفع معا وتنخفض معا وبالتالى فإن الارتفاع المفاجئ لسعر سلعة مثل الأرز سوف يدفع المستهلكين إلى بدائل الأرز فترتفع أسعار المكرونة ثم البقول والزيوت والخضراوات بالإضافة إلى مايقوم به تجار الأرز من محاولات حالية غير شريفة بإقناع الفلاحين بزراعة أكبر مساحة من الأرز وتعهد بتسلم المحصول منهم بما لا يقل عن أربعة آلاف جنيه للطن مقارنة بسعر 1600 جنيه فى العام الماضى مع تحمل غرامات الزراعة التى تفرضها وزارة الرى بما يضرب الموارد المائية المصرية فى مقتل فى ظل ظروف جفاف قاسية نعيشها مع دول منابع النيل ولا ندرى لها انفراجة قريبة. أما الحديث عن أن وزارة التموين سوف تشترى الأرز من الفلاحين فى الشهر المقبل (يونيو) فهذا كلام غير دقيق لأن الأرز يزرع فى مايو ويستمر فى الأرض لأربعة أشهر على الأقل للأصناف مبكرة النضح وبالتالى فلا حصاد قبل حلول سبتمبر وقد تستمر الأزمة حتى أكتوبر لعمليات المضارب والتبييض وتحويل الأرز الشعير إلى أرز أبيض ثم التعبئة والتوزيع ولا أفضل من المصارحة بالأمر وسرعة تدبير 100 ألف طن شهريا للبطاقات التموينية ومثلها للأسواق الشعبية مع تدبير مخزون إستراتيجى لثلاثة أشهر قادمة إستغلالا لهبوط أسعار الأرز الأبيض قصير الحبة فى البورصات العالمية إلى أقل من 350 دولارا للطن أى ثلاثة جنيهات ونصف للكيلوجرام ويمكن أن تصل للمستهلك بنحو خمسة جنيهات بعد نحو شهر وربما شهر ونصف من الآن. أما الحديث عن الشراء بسعر الجملة من البورصات العالمية فينبغى مراجعته ومصارحة الشعب والمسئولين بالحقيقة فالبورصات العالمية لاتبيع ولا تشترى ولكنها مجرد شاشات للإعلان عن الأسعار كمحصلة لما يتجمع لديها من إنتاج الدول المصدرة للسلعة ثم إنتاج الدول المكتفية ذاتيا منها وهل سيدخل بعضها للشراء هذا العام من عدمه، ثم إنتاج الدول المستوردة وهل سيزيد استيرادها أم يتراجع ثم صناعات الوقود الحيوى من الغذاء وتوقفها الحالى بسبب انهيار أسعار البترول وعدم الجدوى الاقتصادية من إنتاجها. فحقيقة الأمر أننا نطرح المناقصات لشراء السلع الغذائية فى مصر فيتقدم إليها وكلاء الشركات الكبرى المصدرة لها (فالدول لا تصدر ولا تستورد وإنما التجار) ويتم فتح المظاريف واختيار الأفضل وبالتالى فلا حديث بغير صدق عن أننا نشترى كميات كبيرة فنحصل على تخفيضات، بما دفع القطاع الخاص لطلب أن تقوم الدولة بالاستيراد وأن يشترى منها فالأمر أن القطاع الخاص يستغل الدولة فى أزمة الدولار فيجعلها تنفق دولاراتها القليلة فى الاستيراد ثم يشترى منها السلعة بالجنيه المصرى وأيضا بالسعر المعلن فى البنك المركزى بعيدا عن الأسواق الموازية، والخبراء يعلمون أن القطاع الخاص يستورد بأسعار أرخص ويستأجر سفنا متهالكة ولا يؤمن على السلعة المنقولة وبالتالى لا يمكن أن تستورد وزارة التموين السلع بسعر أقل مما يستورد به التجار ولكن الأمر استغلال مقيت للدولة وعملاتها الصعبة القليلة وأيضا بسبب المجاملات.
وفى النهاية نشير إلى أن زيوت الطعام حاليا فى أدنى أسعارها بعد توقف إنتاج السولار الحيوى منها ومعها أيضا الذرة الصفراء للأعلاف والتى حرقت منها الولايات المتحدة وحدها 150 مليون طن قدر استهلاك العالم كله من عامين لإنتاج الإيثانول الحيوى وأقل منها قليلا فى الصين، كما حرقت أسبانيا وبريطانيا والنرويج نحو 10 ملايين طن من القمح لنفس الغرض، وبالتالى فعلينا أن نستثمر هذه الوفرة الغذائية وتفعيل دور هيئة السلع التموينية والشركة القابضة للصناعات الغذائية فى إستيراد هذه السلع بأسعارها المنخفضة لحوكمة أسواق الغذاء المنفلته فى مصر، وأن تقود الدولة الأسعار متخلية عن سياسة رد الفعل وترك الأسواق للتجار يفعلون بها مايشاءون.
لمزيد من مقالات د.نادر نور الدين محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.