حين استولي الفرنسيون علي مصر كان السيد عمر مكرم نقيباً للأشراف ولأنه أظهر رفضاً ومقاومة للاحتلال. فقد عزله نابليون بونابرت ساري عسكر الفرنسيين. وعين بدلاً منه السيد خليل البكري الذي أبدي استعداده للتعاون مع سلطات الاحتلال. ولأن التعاون مع سلطات الاحتلال وصل إلي آفاق بعيدة. فقد لمح نابليون الصغيرة زينب ابنة خليل البكري في بيت سيدة فرنسية. وافتتن بعينيها النجلاوين من وراء النقاب. ووسط السيدة الفرنسية لاجتذاب زينب. وقرب الفتاة منه. فتصورت أنها صارت عشيقة ساري عسكر. ارتدت في زيارة تالية زي الفرنسيات وأضافت الزينة التي كانت تميزهن فوجئ نابليون بالتغيير الذي أحدثته الفتاة في هيئتها. أشار إلي الفرنسيات اللائي يملأن حياته. وأنه وجد فيها ما يخالف الصور التي ألفها. وطردها من مجلسه. الوقائع التاريخية تتحدث عن تردد زينب علي الأزبكية. وتعرفها إلي جنود فرنسيين وعقب خروج الفرنسيين. اقتاد المصريون زينب إلي أبيها. وسألوه - والقول للجبرتي- ما رأيك؟ قال الرجل: إني بريء منها. وقطعوا رقبتها. وفي حوار الأستاذ محمد حسنين هيكل مع لميس الحديدي خلط بين زينب عشيقة نابليون. وزبيدة زوجة مينو آخر قادة الحملة الفرنسية. وهي ابنة أسرة شريفة النسب. من رشيد. أبوها السيد علي الرشيدي ومطلقة من سليم أغا ولكي توافق عائلة زبيدة علي اقترانها به. فقد ألزمت مينو بأن يعلن إسلامه. وينطق بالشهادتين. لعلي أعترف بأني من الحريصين علي قراءة أهرام هيكل. كنت أقف علي باب بيتي لأحصل علي نسختي من الجريدة صباح كل جمعة. وأتابع حواراته التليفزيونية. أستعيد الوقائع القديمة. أربط بينها وبين ما نعانيه. وأستشرف آفاق المستقبل. أغوص- أنا الذي لا أحسن العوم- في بحر السياسة العميق أصعد بالكنوز التي طال رقادها في الأعماق أحاول تأملها والإفادة منها. هذه هي المرة الثانية التي ألاحظ خيانة الذاكرة للأستاذ هيكل. المرة الأولي حين قال إن بوللي شماشرجي الملك فاروق رحل معه إلي إيطاليا. وقد أتاحت لي الظروف أن أشاهد بوللي يغادر قصر رأس التين- عصر 26 يوليو- في صحبة البوليس الحربي. كما تابعت أنباءه وهو يعمل بالتجارة عقب الثورة جل من لا يخطئ وإذا اتصل الخطأ بالذاكرة. فإنه لا يعاب علي صاحبه. وبخاصة من كان في قيمة وقامة أستاذ كبير أثري حياتنا السياسية والتاريخية بملاحظاته المهمة. وبالوثائق التي مثلت نقاط ضوء في مسار تاريخنا المعاصر.