حالة من الحزن العميق يعيشها البنغالي محمد يونس الحاصل علي جائزة نوبل للسلام عام 2006 عن تجربته الرائدة والمتميزة في مكافحة الفقر المعروفة باسم بنك جرامين ومصدر احزانه هو هذا البنك نفسه الذي انشأه من أجل الفقراء حيث يقدم لهم قروضا بسيطة وميسرة تساعدهم علي توفير فرص عمل لأنفسهم وكان النجاح الذي حققه هذا البنك الذي تملك النساء الفقيرات في بنجلاديش 5.96% من اسهمه وراء منحه جائزة نوبل للسلام حيث اعتبرت اللجنة المسئولة عن منحها في البرلمان النرويجي ان محاربة الفقر هي أفضل سبيل منذ إنشائه 1983 قدم قروضا ميسرة زادت علي عشرة مليارات دولار لأكثر من 8 ملايين و300 ألف سيدة فقيرة. ومن هنا تتبع احزان يونس البالغ من العمر سبعين عاما فهو يري ان تجربة جرامين في محاربة الفقر تتعرض بدورها لحرب ضارية تهددها بالانهيار وهذه الحرب للأسف تأتي من موطنه ومسقط رأسه بنجلاديش التي شهدت مولد التجربة وهذه الحرب تتمثل في السياسة التي تتدخل في عمل البنك وتهدده بالفشل وفي ذلك يقول يونس ان التدخل الحكومي لا يهدد جرامين بالانهيار فحسب بل سيجعل منظمات المجتمع المدني في بنجلاديش تحجم عن القيام بأي عمل جاد لخدمة المجتمع مادام ذلك هو المصير مادامت السياسة تتدخل بهذا الشكل السافر. وتتمثل السياسة هنا في الشيخة حسينة رئيسة الحكومة التي يؤكد يونس انها تسعي للانتقام منه عندما تجاوزها عام 2007 وأسس حزبا سياسيا دون الرجوع إليها ورغم ان هذا الحزب تم حله فيما بعد فإنها لم تنس له ذلك واصرت علي الانقتام منه وعزلته من رئاسة البنك في مطلع مارس الماضي بزعم انه تجاوز السن القانونية التي تسمح له بتولي هذا المنصب وهو 60 سنة وكان لعزله صدي كبير في داخل بنجلاديش بل وفي خارجها فقد دعت اكثر من دولة منها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وجارتها الهند الحكومة البنغالية إلي اعادة النظر في قرارها نظرا لأن البنك مؤسسة ذات طابع خاص ولا تخضع للقواعد واللوائح الرسمية. وبناء علي هذا المنطق اقام يونس دعوي قضائية أمام المحكمة العليا طالب فيها بالغاء القرار وجاء حكم المحكمة مخيبا للآمال حيث ايد قرار العزل باعتبار ان البنك مؤسسة حكومية تنطبق عليها كافة القوانين واللوائح التي تحكم الجهاز الاداري للدولة وكاد يونس يصاب بالجنون لأن البنك مؤسسة خاصة بكل المعايير.