بعد إصدار قانون المواطنة الجديد في إسرائيل و الذي يقضي بأن يقسم كل من يريد حمل الجنسية الإسرائيلية من عرب فلسطين أصحاب الأرض الأصليين يمين الولاء لإسرائيل كدولة يهودية تفتق ذهن الحكومة الصهيونية المتطرفة عن مشروع قانون جديد لا يقل خطورة عن سابقه يقضي بأن تكون مدينة القدس الشريف ¢ منطقة أولي بالرعاية "أو" "منطقة أولوية وطنية". وقد لا يتصور من لا يعرفون معني أن تكون القدس "منطقة أولي بالرعاية" أو "الأولوية الوطنية" مدي خطورة هذا القرار أو القانون وربما يعتبرونه شيئا طبيعيا باعتبار القدس- كما تصر إسرائيل- عاصمة للدولة الصهيونية ولكن هذا يتبدد سريعا إذا عرفنا أن ذلك يعني ببساطة تخصيص ميزانيات ضخمة جدا واستثمارات كبيرة جدا لتهويد ما تبقي من القدس الشريف عربيا . ولا شك أن المتطرفين الصهاينة قد مهدوا لصدور مثل هذا القانون الذي من شأنه تهويد القدس الشريف بشكل نهائي أو شبه نهائي بكثير من الإجراءات منها مصادرة الأراضي وهدم البيوت العربية بقرارات إدارية وقضائية حتي وصل الأمر إلي نبش وتدمير كثير من المقابر العربية "إسلامية و مسيحية" وطرد العشرات بل المئات وربما الآلاف من المقدسيين من مدينتهم المشرفة . ورغم أنه ليس لدينا إحصاءات دقيقة عن حالة القدس الآن إلا أنه من المؤكد أنها حالة لا يمكن السكوت عنها حيث تشير بعض التقارير إلي أن كل ما تبقي من القدس العربية دون تهويد يتراوح ما بين 12% و20%. كما أن السكان المقدسيين يقلون و اليهود يزيدون بنسب مطردة يوما بعد يوم . بل ساعة بعد ساعة. فإذا أضفنا إلي ذلك حقيقة أخري هي أن الدولة الصهيونية قد نجحت تقريبا في فصل وعزل المدينة المشرفة عن محيطها العربي في الضفة الغربية بسلسلة شبه متماسكة من المستوطنات الكبيرة والجدار العازل , بات يقينا أنه لن تمضي عدة سنوات أخري إلا قد تحولت القدس إلي قلعة يهودية علي أرض الواقع بغض النظر عن الموقف القانوني الذي تعتبر القدسالشرقية بمقتضاه أراضي محتلة ضمن ما احتلته إسرائيل عام 1967. وشيء طبيعي جدا أن تصل الأمور إلي ما وصلت إليه طالما أن العرب والمسلمين لم يحركوا ساكنا إزاء كافة الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل ولا تزال لتهويد المدينة المقدسة , حيث اختبرتهم إسرائيل مئات المرات وقاست ردود أفعالهم آلاف المرات فوجدتهم أشبه بجثث هامدة أو في أحسن الحالات وجدتهم جثثاً تحتضر لا تقوي علي شيء سوي تسول و استجداء عطف الدولة الصهيونية علي موائد ما يسمي بالمفاوضات !! ولا ريب لدي أي من المراقبين أنه لم يتبق سوي خطوة واحدة - بعد هذا القانون- لإعلان القدس مدينة يهودية خالصة لا يحق لغير اليهود سكناها وربما دخولها أو أن يتم ذلك بموجب أذون إسرائيلية رغم وجود الكثير من المقدسات الإسلامية و المسيحية كالمسجد الأقصي و كنيسة القيامة بها . والسؤال الآن هو لماذا لا يتحرك العرب والمسلمون والمسيحيون في كل مكان للحيلولة دون اتخاذ هذه الخطوة الأخيرة التي ستحول القدس الشريف مدينة الأنبياء إلي كنيس يهودي بل صهيوني صرف ؟! الإجابة ببساطة هي أن أحدا من هؤلاء لا يريد أن يتحرك أصلا بغض النظر عن القدرة علي هذا التحرك من عدمه لأن الجميع استنام لفكرة السلام الموهوم الذي تروج له الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها في كل مكان حتي يسدل الستار عن الفصل الكارثي الأخير من هذه المسرحية المأساوية التي يشارك البعض في تأليفها و إخراجها وتمثيلها بوعي أو بدون وعي !! وليس معني هذا علي الإطلاق أن المسألة باتت حتمية أو قضاء وقدرا. بل معناه أن الزمن يعمل في غير صالحنا بالمرة.