اختيار المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية بالانتخاب خطوة علي طريق الديمقراطية. وأمل كنا نتمني أن يتحقق علي المدي البعيد. لأنه ركيزة في استقلال المحليات والخروج من قبضة الحكومة المركزية. لجنة الخمسين لتعديل الدستور وضعت مادة تنص علي ذلك في فصل الإدارة المحلية. وبذلك أنهت إلي الأبد اختيار المحافظين بالتعيين والذي ظل معمولاً به منذ قيام نظام المحليات في مصر. وحتي يكتمل نظام اللامركزية نصت المادة الدستورية علي نقل السلطات الإدارية المالية والاقتصادية من الحكومة المركزية في القاهرة إلي المحليات وفقاً لبرنامج زمني محدد. ويكون لكل منها موازنة مستقلة تضعها الأجهزة التنفيذية وتقرها المجالس المحلية. الكلام النظري شيء والتطبيق العملي شيء آخر.. ولذلك فهناك عدة أسئلة تنتظر الإجابة عليها. * ما معني أن تكون للوحدات المحلية موازنة مستقلة تضعها الأجهزة التنفيذية.. فماذا يقصد بالأجهزة التنفيذية؟ هل هي الحكومة المركزية في المحافظة؟! وما هو الفرق بين هذا النظام والنظام المعمول به حالياً حيث تقوم الحكومة المركزية بوضع أو تخصيص ميزانية لكل محافظة؟! * هل ستقوم الوحدات المحلية وعلي رأسها المحافظة بتوزيع ميزانية الخدمات بمعرفتها دون اللجوء إلي الحكومة المركزية؟! أم أن الأخيرة تضع لها الخطوات العريضة.. وبذلك ينتفي استقلال المحليات عن سطوة العاصمة؟ * في نظام اللامركزية بالخارج تعتمد كل مقاطعة علي مواردها الذاتية.. فتضع هي النظام الضريبي.. والنظام الجمركي إذا كانت في موقع جغرافي يسمح لها بتحصيل الجمارك. وهي التي تحدد مسار النشاط الاقتصادي فيها إلي غير ذلك من الأمور.. فأين نحن من هذا النظام في فصل المحليات عن الإدارة المركزية في مصر؟! * ما هي العلاقة بين الحكومة المركزية وبين المحافظات في ظل نظام الإدارة المحلية الجديد؟ هل سيتدخل وزير التربية والتعليم مثلاً أو وزير الصحة أو وزير الكهرباء أو غير ذلك في العمل التنفيذي من خلال وكيل الوزارة الخاص بتلك الوزارات في المحافظات. نحن نعلم ان تعيين وكيل الوزارة في المحافظة هو من اختصاص الوزير المركزي وليس من اختصاص المحافظ.. وكان وكيل الوزارة حائراً بين الاثنين.. هل ينفذ كلام الوزير أم ينفذ كلام المحافظ؟! فهل حسم هذا التشابك في النظام الجديد؟! * هل نحن علي استعداد لتحمل تبعات اختيار المحافظين وقيادات المحليات بطريق الانتخاب؟ وما أدراك ما يحدث في الانتخابات من تجاوزات قد تضع في الصورة من لا يستحق. ومن يقوم بتنفيذ أجندة خاصة لصالح حزب أو فئة معينة؟! وهل نضمن ان تختفي الرشاوي النقدية والعينية في هذه الانتخابات؟! وكلنا نعرف الطرق الملتوية التي يسلكها البعض لكسب توجهات الناخبين. أعتقد أننا تعجلنا في إقرار نظام اختيار المحافظين والقيادات المحلية بالانتخاب. فالمسرح السياسي ليس مهيأ لذلك والوعي السياسي مازال في قبضة جهة محددة في ظل غياب الأحزاب عن الصورة.