مرة أخري تطفو ملفات المجالس والإدارة المحلية علي السطح لتكشف لنا عن حقائق كانت وما زالت غائبة،ولكن هذه المرة جاءت التوصيات والمطالب علي لسان رئيس الجمهورية حسني مبارك في خطابين له أمام مجلسي الشعب والشوري منذ أيام و ايضا قبل ذلك بشهر واحد أمام اجتماع موسع لمجلس المحافظين ،استغرق نحو ثلاث ساعات،وشهد نقاشاً مكثفاً حول قضايا العمل الوطني ذات الأولوية خلال المرحلتين الحالية والمقبلة . أكد الرئيس أن اللامركزية وسيلة لتحمل الأجهزة الشعبية والتنفيذية المحلية لمسئوليتها في تحديد أولويات التنمية ووضع البرامج،ومتابعة التنفيذ، وأشار إلي أن الدولة قد بدأت في تطبيق اللامركزية في بعض المجالات، مثل التعليم، والإسكان، والتضامن الاجتماعي، بالإضافة لموازنة الإدارة المحلية، ومن خلال تحويل بعض عناصر الموازنة العامة من الحكومة المركزية إلي المحليات، كما أشار" مبارك" إلي توجيهاته للحكومة باستكمال المناقشات حول تعديل قانون الإدارة المحلية، مؤكداً أن التوسع في اللامركزي، وتعديل قانون الإدارة المحلية، سيتطلب أن تبدأ كل محافظة بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية، والبدء في بناء الكوادر اللازمة علي مستوي المحافظة والمراكز والمدن،لزيادة القدرة علي التخطيط والتنفيذ والمتابعة،لكي تواكب التوسع في إعطاء سلطات أكبر للمحليات. الحكاية هنا أن "مبارك" ركز علي نقاط محددة فيما يخص المحليات وهي تعديل قانون الإدارة المحلية والتوسع في اللامركزية وبناء الكوادر اللازمة علي مستوي المحافظة والمركز والمدن،من هنا طرحت مسألة اللامركزية كحل لمشاكل قصور الادارة المحلية ، ولعلم "القارئ" فإن المقصود بمصطلح اللامركزية هنا هو (نقل جزء كبير من السلطات والمسئوليات والوظائف من المستوي القومي الي المستوي المحلي) ولكي يكون هذا النقل في السلطات ذات معني فإن الأجهزة اللامركزية لابد أن يتوافر لها قانون محدد يكفل لها ما يلي كشرط لفاعلية الأداء: 1- ميزانية خاصة تتضمن الموارد والانفاق،2-سلطة توزيع الموارد علي المهام المختلفة،3-اتخاذ القرارات بواسطة الممثلين المنتخبين للمواطنين. اجراءات شاملة والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الاجراءات الواجب اتخاذها لتفعيل الادارة المحلية في مصر بما يكفل تطبيق اللامركزية في الادارة المحلية . وهنا يجيب عبدالغفار شكر خبير في الإدارة المحلية ونائب مدير مركز الدراسات والبحوث العربية والأفريقية وصاحب عدد من الدراسات عن المجالس المجلية والشعبية قال إن هناك توصيات لابد من توافرها حتي نمتلك إدارة محلية فاعلة وهي:وضع حد لمسألة التعدد في التشريعات المنظمة لعمل الادارة المحلية وجمعها في قانون واحد يكفل الاخذ باللامركزية التزاما بالتعديلات الدستورية الاخيرة،والتمتع بدرجة مناسبة وكافية من الحرية والاستقلال عن السلطة التنفيذية المركزية، بالنسبة الي كل ما يتعلق بادارة الشئون المحلية، من خلال نقل حقيقي وأصيل للسلطات من الجهات التنفيذية المركزية الي المحليات، وعدم الاقتصار علي مسألة التفويض. سلطات حقيقية فاللامركزية تعني في مضمونها سلطات حقيقية تقابلها مسئوليات،وحسن اختيار القيادات المحلية التنفيذية من خلال وضع ضوابط واضحة ودقيقة ومحايدة، وتطوير نظام الانتخابات المحلية، واخضاعه للاشراف القضائي الكامل، فالانتخاب الحر والنزيه هو وحده الكفيل بتفعيل نظام الادارة المحلية في مصر، والتوسع في منح السلطات والصلاحيات لوحدات الادارة المحلية بما في ذلك المجالس الشعبية المحلية ،والانتخاب المباشر للمحافظين ورؤساء المراكز والأحياء والمدن والقري والعمد، واحكام رقابة المجالس الشعبية المحلية المنتخبة علي الأجهزة التنفيذية المقابلة لها ودعم سلطتها عليها بأن تكون قراراتها ملزمة لهذه الأجهزة، وللمجالس الشعبية المنتخبة حق مراقبة ومحاسبة ومساءلة الأجهزة التنفيذية والمسئولين عنها بما في ذلك توجيه الاستجواب لها وحق سحب الثقة عنها، والغاء الحق الممنوح لرئيس الوزراء والوزير المختص والمحافظ في الاعتراض علي قرارات المجالس الشعبية المنتخبة، والغاء حق السلطة التنفيذية في حل المجالس الشعبية المنتخبة، وحق المجالس الشعبية المحلية المنتخبة في توزيع الميزانية علي بنود الصرف المختلفة طبقاً لاحتياجات كل موقع، وتأكيد علنية جلسات المجالس الشعبية المحلية المنتخبة،واعادة النظر في نظام المعلومات بالحكم المحلي وتنظيم الاعلان عن كل ما يتصل بنشاطه بوسائل مناسبة، وتطوير نظام المناقصات والعطاءات بما يضمن العدالة وتكافؤ المنافسة،والغاء نظام الصناديق الخاصة وادماجها بالموازنة العامة، واعادة النظر في رواتب وأجور العاملين بالمحليات بما يضمن حياة كريمة لهم.