سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحيفة لجنة السياسات تهاجم بعنف رؤساء الصحف القومية .. ومطالبة أحزاب المعارضة بمساندة المرشح القبطي في محرم بك .. ودعوة الأقباط للتوقف عن مزاعم إجبار الفتيات لاعتناق الإسلام .. ومطالبة مليونيرات الوطني بالتبرع بجزء من تكاليف الدعاية لمستشفى السرطان
يبدو أن أحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها الإسكندرية الأسبوع الماضي قد نجحت في مزاحمة الانتخابات البرلمانية في الاستحواذ على اهتمام صحف القاهرة خلال الأيام الماضية ، حيث وزعت هذه الصحف تغطياتها اليوم بين متابعة تطورات الانتخابات وبين عرض وجهات النظر التي قامت بتقييم وتحليل مع حدث في الإسكندرية . صحف اليوم ، رصدت تراجع الحزب الوطني عن أسلوب الترهيب الذي استخدمه في الأيام الماضية مع المنشقين على الحزب الذين قاموا بترشيح أنفسهم كمستقلين في مواجهة مرشحي الحزب الوطني ، مشيرة إلى أن الحزب بدأ في التحول لأسلوب الترغيب من خلال منح وعود للمنشقين بترشيحهم لمجلس الشورى والمجالس المحلية مقابل تنازلهم عن خوض الانتخابات ، خاصة في الدوائر التي يواجه فيها الحزب منافسة حادة من قادة ورموز المعارضة . كما لفتت صحف اليوم إلى موافقة جبهة المعارضة الموحدة على إجراء اتصالات مع بعض المرشحين المنشقين عن الوطني لبحث ضمهم إلى قائمة المعارضة . صحف اليوم ، طرحت أيضا اقتراحا على رجال الأعمال الذين يخوضون الانتخابات على قوائم الحزب الوطني بالتبرع بنصف قيمة حملاتهم الانتخابية لصالح مستشفى سرطان الأطفال ، معتبرة أن ذلك سوف يوضع في ميزان حسناتهم الانتخابية ، فيما واصل البعض التساؤلات عن المبررات التي يستند عليها رفض الحكومة السماح بوجود مراقبة دولية على الانتخابات ، مشيرا إلى أن ذلك يؤشر على عزم الحزب الوطني تزوير الانتخابات المقبلة من أجل المحافظة على الأغلبية التي يمتلكها في البرلمان السابق . أما فيما يتعلق بأحداث الإسكندرية ، فقد شهدت صحف اليوم توجيه انتقادات عنيفة لموقف جميع الأحزاب والقوى السياسية التي عجزت عن لعب أي دور في تهدئة واحتواء الأزمة ، خاصة لجنة السياسات بالحزب الوطني ، والتي اعتبر البعض أنها عجزت عن امتلاك آلية للتحرك السريع لمعالجة الأزمة . في إطار نفس القضية ، انتقد البعض إصرار أقباط المهجر على ترويج مزاعم حول تعرض الأقباط في مصر لعمليات اضطهاد واختطاف من أجل إجبارهم على اعتناق الإسلام ، مشيرا إلى أن هذه المزاعم ثبت عدم صحتها جميعا ، لافتا إلى أن الدولة قد ضيقت على حالات قيام المسيحيين باعتناق الإسلام حتى كانت تحظر الأمر بشكل كامل . وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولة اليوم من صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، والتي كشفت على صدر صفحتها الأولى عن أن " الحرب الوطني الحاكم أستبدل أسلوب الترهيب الذي اتبعه خلال الأيام الماضية والتهديد بفصل المرشحين غير الملتزمين حزبيا بأسلوب الترغيب ، حيث عقدت قيادات الحزب المحافظات لقاءات عديدة مع المرشحين المستقلين المؤثرين على مرشحي الحزب من أجل التنازل في مقابل حصولهم على مواقع حزبية ، أو عود بترشيح في انتخابات المجالس المحلية أو مجلس الشورى وخاصة في الدوائر التي تشهد صراعات عنيفة بين الحزب وقيادات المعارضة ، مثل دائرة باب الشعرية التي يتنافس فيها الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد ضد مرشح الحزب الوطني يحيي وهدان ، حيث تم إقناع كل من نبيل بولس وصلاح زكي بالتنازل عن الترشيح لصالح وهدان ، وتكرر الأمر في دائرة دمنهور التي يتنافس فيها نائب الإخوان السابق الدكتور جمال حشمت أمام مرشح الحزب الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب ، حيث تم عقد جلسات مع المنافس الأبرز المستقل محمد محمود المنيسي رئيس حي العامرية السابق الذي سيتنازل أيضا عن الترشيح " . وكشفت الصحيفة أن " الحزب الوطني سيتراجع عن قراراته بفصل غير الملتزمين لحين إجراء المرحلة الأولى وأن الحزب سيقوم بتسمية مرشحين آخرين من أعضائه المستقلين في حالة خروج أي مرشح من الانتخابات نتيجة الطعون أو في حالة فشل مرشح الحزب في الانتخابات الأولى سيضطر الحزب إلى تسمية أحد المرشحين المستقلين في معركة الإعادة " . نبقى مع الانتخابات البرلمانية ، حيث أشارت صحيفة " روز اليوسف " الحكومية إلى أن " جبهة المعارضة اتفقت في اجتماعاها أمس الأول على فتح حساب مشترك بأحد البنوك باسم الجبهة تساهم فيه الأحزاب والحركات المشاركة لدعم مرشحيها في الانتخابات ، مشيرة إلى أن الجبهة وافقت على الاقتراح الذي تقدم به الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوطني والمتحدث باسم الجبهة ، والذي يدعو لإجراء اتصالات مع عدد من المنشقين على الحزب الوطني وضمهم للترشيح على قوائم المعارضة خاصة في الدوائر المفتوحة التي تخلو من مرشحين معارضين ، ومن جانبه أكد الدكتور عصام العريان أن هناك اتصالات بين جماعة الإخوان وجبهة المعارضة من أجل حسم الدوائر المفتوحة ، مشيرا إلى أن برنامج الجماعة يختلف عن برنامج الجبهة " . ننتقل إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث انتقاد سليمان جودة رفض الحكومة للقبول بمراقبة دولية للانتخابات البرلمانية ، قائلا " لا تمر ساعة، إلا ونقرأ تصريحاً علي لسان رئيس الحكومة، أو علي لسان احد قادة الحزب الحاكم، يقول ما معناه، أن الحكومة سوف تلتزم الحياد، في الانتخابات، وأنها سوف تحرص علي نزاهتها، ولن تسمح بأي تزوير لإرادة الناس. وهو كلام جميل.. لولا أن الحكومة نفسها، بعد كلامها هذا، بخطوة واحدة، تصاب بحالة رعب، وتفقد أعصابها تماما، إذا فتح احد ملف الرقابة الدولية علي الانتخابات، وطالب بها، وأيدها أو حتى أشار إليها! وهو موقف، كما تري، غير مفهوم، وينطوي علي لغز كبير.. لان السؤال هو: إذا كانت الانتخابات سوف تكون نزيهة، كما تقول وتؤكد الحكومة نفسها، فلماذا الخوف من الرقابة ولماذا الفزع منها، ولماذا رفضها بهذه الدرجة من العصبية الزائدة علي الحد.. أليس من الواجب، إذا كانت العملية سوف تكون نزيهة حقا، أن نبادر نحن، إلي دعوة الدنيا كلها لتراقب، وتري، وتشهد لنا؟! " وأضاف جودة " إن التخوف من الرقابة، بهذا الشكل، وبهذه الصورة، يكاد يخفي وراءه سراً لا احد يعرفه.. آسف فليس هناك سر، ولا يحزنون، وإنما هي نية مبيتة نحو اللعب بأصوات المواطنين، وإسقاط من لا تريدهم الحكومة، وإنجاح مرشحي الحزب الحاكم بأي طريقة.. فلا نزال نذكر، أن الحزب الوطني فاز ب 38% من مقاعد البرلمان في الجولة الأولي، من انتخابات ،2000 وتحول للمرة الأولي، في تاريخه، إلي حزب أقلية!! ولنا أن نتخيل الصورة التي كان من الممكن أن نصبح عليها، لو حصل الحزب في الجولتين التاليتين، علي نفس النسبة من المقاعد.. كيف كان له، وقتها، أن يحكم؟! ويعرف القائمون عليه، أن وجود رقابة دولية، سوف يضمن أن تظل الحقائق في مواقعها، بغير تزوير ولا تزييف، ولذلك فإن كل الكلام الذي يقال عن النزاهة والحيدة، والشفافية، لا يساوي وزنه ترابا، ولا يصمد لحظة واحدة، أمام رفض الرقابة بلا نقاش.. فلا يرفضها إلا الذي سوف يفعل ما لا ترضاه الرقابة، ولا تقره، ولا توافق عليه.. ولا تزال الحكومة، وهي تواصل الكلام عن حيدتها تتصرف بمنطق المريب الذي يكاد يقول خذوني! " . نبقى مع نفس الموضوع ، لكن نتحول إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، وذلك الاقتراح الذي طرحه عصام على رفعت ، قائلا " لذلك أدعو مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي وقياداته خاصة أصحاب الفكر الجديد منهم بدعوة مرشحي الحزب الوطني للاجتماع حول تنفيذ مشروع قومي بتخصيص نصف ما كانوا سينفقونه في( دعايتهم التي سيطلقونها في الهواء الطلق بلا عائد وليكن مبلغا موحدا لكل منهم وهو100 ألف جنيه وبذلك يرصد الأعضاء المرشحون عن الحزب مبلغ نحو45 مليون جنيه توجه لفرش وتجهيز مستشفي السرطان الجديد الذي يخدم كل الشعب المصري وأن يعطي أبناء الصعيد من المرشحين عشرة آلاف جنيه لتحسين عربات قطارات الصعيد ويرصد كل مرشح عشرة آلاف جنيه لتوفير الأغطية والمقاعد المتحركة والتروللي الذي ينقل عليه المرضي وتركيب زجاج غرف المستشفيات العامة والأسرة الآدمية في الطواريء بالمستشفيات.. هذا هو الفكر الجديد وهذه هي الدعاية الحقيقية للناخب الصادق الذي يريد أن يخدم أهل دائرته وشعب مصر والفقراء والمرضي وهم الذين سيقومون بالدعاية بقلوبهم ومن قلوبهم لمرشحي الحزب الوطني..فهل من مجيب وربنا يثقل صناديق الحسنات والانتخابات ". ونتحول إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث طالب حمدي رزق من النائب القبطي ماهر خلة مرشح الحزب الوطني في دائرة محرم بك بالإسكندرية ، والتي شهدت احتجاجات على قيام إحدى الكنائس في المنطقة بعرض مسرحية مسيئة للإسلام ، بالتراجع عن قراره بعدم خوض الانتخابات ، هو ما حدث بالفعل ، قائلا " لو كنت مكان الرئيس مبارك ، الذي وجه خلة لسيادته خطاب اعتذاره عن عدم الترشيح ، لأمرته أن يترشح وأمرت بتوفير كل الحماية ورعاية والأجواء الآمنة ليخوض معركته بأمان ولينجح إذ حق له النجاح ، وإذا فشل فهذا لأسباب أخرى إلا أن يكون مسيحيا وهذا أضعف الإيمان . وإذا كنت مكان أمين الحزب الوطني صفوت الشريف ، لألزمت خلة بمكانه مرشحا للوطني ولوقفت وراءه بكل أدوات الحزب الممكنة ليخوض معركته كمواطن مصري على أرض مصرية ، له فيها كل ما لنا وعليه ما علينا وإذا تقاعس أو تخاذل خوفا من الفتنة أو كمال قال لحماية البلد ، فمن بين صفوف المسيحيين من يملك القلب الوطني ليترشح ، حتى لو كان أسيوطيا أو منوفيا ، ولن تعدم أرض مصر مسيحيا يترشح لإثبات المواطنة الحق في تجليها المسلم المسيحي على لافتة انتخابية واحدة . وإذا كنت مكان أحزاب المعارضة لأخليت الدائرة لخلة فورا وعمدته مرشحا لأحزاب مصر كلها ، وإذا كان هناك من يحب مصر في مكتب الإرشاد الإخواني فليسحب مرشحه ، إذا كان له مرشح أمام خلة ويوصي الإخوان به خيرا ، أقلها دليل حسن نوايا وإبراء ذمة مما جرى " . وأضاف رزق " وعلى مثقفي مصر وعشاقها الذين وقفوا مع منير فخري عبد النور وقفة رجل واحد ضد الطائفية التي هددته ، أن يقفوا ذات الوقفة واشد مع خلة حتى يعبر الوطن في شخصه علته الطائفية . انسحاب خلة يشين المسلمين قبل أن يهين المسيحيين ، يشين المسلمين أنهم لم تصونوا عهد الأمان للمسيحيين ، وأفزعوا مسيحيا أمنا في وطنه وألزموه داره بدلا من جولاته الانتخابية ، وعندي أن يشد مشايخ المساجد وعقلاء المسلمين على أيدي خلة ويطلبوا منه الاستمرار ليس لأنه مسيحيا ولكن لأنه مصري يتمتع بحب الأغلبية المسلمة . ويهين المسيحيين ويلزمهم جيتو الخوف ويعمق لديهم أحاسيس الأقلية والاضطهاد في وطن ، من فيض خيره أن يعيش بين ظهرانيه يهود في أمان كامل ، كما أنه يسجل سابقة مسيحية خطيرة قابلة للتكرار وهذا جد خطير وإذا كان المسيحيون ينسحبون أمام المسلمين ، فمن أين لنا بمرشحين يترشحون على قدم المساواة مع إخوانهم المسلمين . وإذا كان خلة سينسحب خوفا من الهوس الطائفي إذن فلينسحب منير فخري عبد النور في الوايلي ومنى مكرم عبيد في شبرا ، ويخلو الجو لدعاة الفتنة لإنجاح مرشحيهم وبئس ما يخططون " . سبحان الله .. حمدي رزق يدعو الجميع للوقوف وراء ماهر خلة من منطلق الوحدة الوطني ، لكن ما فاته أن هناك أيضا مرشحين أقباط ينافسون خلة على نفس المقعد ، كما أن كلا من منير عبد النور ومنى مكرم عبيد ورائهم تاريخ وطني عريق لعائلاتهما ، وأخيرا فإن أحداث الإسكندرية لم تكن لها علاقة بترشيح خلة من الأساس ، لكنه نجح – في ذكاء حاد - في القفز بنفسه إلى قلب الأحداث ولعب بجدارة دور الضحية . نبقى مع نفس الموضوع ، لكن نعود مجددا إلى صحيفة " روز اليوسف " حيث فتح الدكتور وحيد عبد المجيد النار على موقف جميع الأطراف والقوى الوطنية والسياسية من الأزمة ، قائلا " الاختيار العسير لم ينجح فيه أحد حتى الآن ، بل غاب ولم يذهب كثير من الذين يتوجب عليهم خوضه إلى لجنة الامتحانات أصلا ، غابت الأحزاب والقوى السياسية إلا أولئك الذين حاولوا استغلال الأحداث لمصالح انتخابية وسياسية ضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا ، وتبين أن التجديد الذي بدأ في الحزب الوطني لم يصل بعد إلى المستوى الذي يوفر إمكانية التحرك السريع لإدارة أزمات يتطلب حلها عملا حزبيا منهجيا منظما . مازال الحزب ثقيل الحركة عاجزا عن المبادرة يفتقر إلى فريق لإدارة الأزمات قادر على تحديد اتجاهات الحركة الفورية ومتابعتها على مدار الساعة بل الدقيقة ، لو أن هناك شيئا من ذلك لما ترك الحزب مرشحه ماهر خلة في موقف بالغ الصعوبة دفعه إلى طلب التنازل عن الترشيح بل مناشدة جماعة محظورة التدخل لتحقيق من أسماه " إطفاء نار الفتنة " . وأضاف عبد المجيد " وغاب عن الحزب الوطني جميع أحزاب المعارضة التي أكتفي بعضها بإصدار بيانات من القاهرة كعادتها ولكن لهذه عذرها لأنها رسبت في اختبارات اقل صعوبة ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . ويبقى بعد ذلك ، المجتمع المدني الذي تملا منظماته الدنيا ضجيجا حول دورها في مراقبة الانتخابات وتعطي انطباعا بأنها تمتلك قدرة هائلة على الحركة والرصد والتقويم والنصح ، ولكننا نعرف أنها في مجملها ظواهر إعلامية حتى الآن . ومع ذلك مازال في إمكان هذه المنظمات أن تخوض الاختبار متأخرة ، فإذا كانت قد غابت ومعها الأحزاب السياسية عن الأحداث ولم تقم بأي دور لاحتواء الأزمة ، فلتفعل الآن ما يتوجب فعله لتقليص آثارها والسعي إلى منع تكرارها " . نتحول إلى صحيفة "الأهرام " ، حيث انتقد مكرم محمد أحمد المزاعم التي يرددها بعض أقباط المهجر حول تعرض الأقباط لعمليات اختطاف لإجبارهم على اعتناق الإسلام ، قائلا " إن هناك أزمة ثقة في العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها, تظهر علي السطح كلما ظهر مسوغ أو مبرر بصرف النظر عن صحته أو كذبه وتختفي تحت ضغوط الدولة والرأي العام حرصا علي وحدة الوطن دون ضمان بألا يتكرر الأمر مرة أخري! وقد تفيد كلمات التطييب والتهدئة, والتي تصدر عن الجانبين القبطي والمسلم في هذه الملمات الصغيرة, لكنها أحيانا تذهب أدراج الريح, لنجد أنفسنا وسط حادث جلل يأسف الجميع علي وقوعه! بما يؤكد أن الأمر يحتاج إلي مصارحة أكثر شفافية وعمقا, تعالج المشكلة من جذورها, وتستأصل هواجس الشك والقلق لدي الجانبين, خصوصا وأن مصر قطعت في عقدها الأخير شوطا كبيرا في إرساء حقوق المواطنة, التي لا تفرق بين مواطن ومواطن بسبب الجنس أو اللغة أو الدين, ولم يعد ممكنا أن نتكلم عن حقوق منتقصة لأقباط مصر, وإن كان يمكن أن نتكلم عن بعض أخطاء التطبيق. وربما يدخل ضمن أخطاء التطبيق غياب وجود محافظين ومديرين للجامعات وعمداء الكليات ونوابا أقباط في مجلس الشعب بالقدر المطلوب, بسبب عزوف الأقباط الطويل عن العمل العام وتباطؤ إجراءات التغيير, لكن ثمة أخطاء أكثر خطورة لأنها تمس مشاعر الكتل الجماهيرية يتعلق معظمها بقضية حرية الاعتقاد الديني التي تعرضت لها مسرحية الكنيسة وهي تتحدث عن محاولات بعض المسلمين إكراه بعض الأقباط علي تغيير دينهم, الأمر الذي لم نسمع عنه! " . وأضاف مكرم " ومع الأسف, تصر بعض الجماعات القبطية علي أن توصف كل علاقة بين فتاة قبطية وشاب مسلم علي أنها جريمة اختطاف, رغم كل الاحترازات التي ترتبها الإجراءات الحكومية لضمان الشفافية والإرادة الحرة في أي عملية توثيق تتعلق بتغيير الديانة حتى أنها تكاد تغلق هذا الباب, وقد لا تكون هذه العلاقات ناضجة تؤهل لزواج ناجح لأنها تنشأ في سن مراهقة, يصعب فيها اتخاذ القرار الصحيح وربما يكون لها وقع الصدمة علي بعض الأسر, لكن ذلك لا يبرر الإصرار علي توصيفها بأنها عمليات اختطاف, خصوصا أنه في جميع الحالات دون استثناء لم يثبت علي وجه الإطلاق وقوع حادثة اختطاف واحدة! إن تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة تساعد علي التوصيف الدقيق لقضية حرية الاعتقاد الديني التي تأخذ منها الكنيسة موقفا متشددا, وربما تساعد أيضا علي سد واحد من أهم أسباب الاحتكاك الديني في مصر. نبقى مع إلى صحيفة " الأهرام " ، حيث قام صلاح الدين حافظ باستعراض المشكلة في مداها الأوسع ، قائلا " علينا أن نعيد فتح الملف الملغوم الذي يهدد فعلا بخطر محدق علي الوطن والمواطنين, ملف الفتنة التي تهدد الوحدة الوطنية وحقوق المواطنة وإطلاق الحريات العامة للجميع دون تمييز, حتى نواجه مخططات التقسيم علي أسس دينية وطائفية وعرقية, علي غرار ما يجري الآن في أكثر من دولة عربية.. وفي حديثنا اليوم, نبدأ أولا بنموذج ما يجري في مصر, في ظل حدثين مهمين ووسط مناخ يسوده الشحن والتوتر, وربما التربص والتحريض أيضا, يقف وراءه مستفيدون ومستغلون من الداخل كما من الخارج, ولكل أهدافه ومراميه.. ونعني بالحدثين أولا ما ينشر بكثافة عن مؤتمر الأقباط المصريين في الخارج المقرر عقده في العاصمة الأمريكيةواشنطن مابين السادس عشر والثامن عشر من نوفمبر القادم, بدعوى استعادة حقوق الأقباط المضطهدين في مصر.. وثانيا ردود الفعل المتتالية علي هذا المؤتمر القبطي, التي حدثت داخل مصر ومن بينها ما نشر أيضا عن وثيقة لعدد من الدعاة والمثقفين المسلمين للرد عليه, ودعوة الناس للتجمع حولها دفاعا عن إسلام مصر, ثم اتساع ردود الأفعال وصولا للأحداث المؤسفة حول كنيسة مار جرجس بالإسكندرية, التي سقط فيها قتلي وجرحي! لاشك أن الترويج الواسع لمؤتمر الأقباط في واشنطن, استفز عناصر كثيرة من مسلمي مصر, وجدت أن المطالب التي يطرحها هذا المؤتمر استنادا إلي خلفية المؤتمر السابق في زيورخ تحديدا, إنما هي اعتداء علي الإسلام في مصر, ومن ثم بدأت البيانات والتحركات المضادة, علي غرار البيان الذي أذاعه علي عجل بعض رجال الدين والمفكرين المسلمين قبل أيام, وهي تحركات ستتصاعد مع قرب انعقاد مؤتمر واشنطن وبعده, بحجة الدفاع عن الإسلام, والتحذير من جانب هؤلاء جبهة العلماء والمثقفين لحماية الشريعة لكل من يحاول إلغاء نص الدستور في مادته الثانية, علي أن الإسلام دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. باعتبار أن محاولة الإلغاء المدفوعة بضغوط أجنبية تمثل خطا أحمر وخطأ فادحا يؤدي تجاوزه إلي خرق الإجماع الوطني ويهدد السلم الاجتماعي في دولة أغلبيتها الساحقة من المسلمين, تتعايش بسلام عبر القرون الطويلة مع أشقاء من المسيحيين, لا تزيد نسبتهم علي10 إلي12% وفق التقديرات المسيحية المصرية, وتنقص إلي حدود7,5% طبقا للأرقام الرسمية, منهم نحو المليون ونصف المليون هاجروا إلي الخارج من استراليا شرقا إلي أمريكا غربا ". وأضاف حافظ " أمام هذا الاستقطاب المتزايد والشحن الطائفي الخطير, يصبح تجاهل الاعتراف بوجود مشاكل خطأ تاريخيا, يستوجب ليس فقط سرعة تدخل الدولة المدنية بقانونها النافذ وإنما يستوجب أيضا تحركا للمجتمع المدني الذي يضم المسلمين والمسيحيين في نسيج موحد, لإنارة الجميع بالمخاطر المحدقة وإشاعة روح التسامح والتعايش والعيش المشترك, بالاستنارة وإحياء الروح الوطنية وفق قاعدة حقوق المواطنة للجميع دون تمييز. ولأننا لم نفعل ذلك ولم نقم بالواجب المنزلي علي خير وجه, ظلت كرة اللهب تكبر علي وقع حوادث صدامية في الداخل, تتلقفها عناصر في الخارج تضخم وتبالغ وتحرض, وصولا لإشاعة مقولة اضطهاد المسيحيين وإبادتهم وخطف واغتصاب نسائهم جماعيا وأسلمتهم بالقوة, في ظل حماية أو صمت أجهزة الدولة!! إذن نحن أمام مناخ محتقن وغضب متبادل وأصوات متطرفة صاخبة, تصرخ في الداخل, وتضخم في الخارج استغلالا واستهدافا.. لكن هذا كله لا يلغي عقولنا التي تري أن هناك مشكلات حقيقية ومطالب عادلة ومعروفة, استجابت الدولة لبعضها ولم تحقق بعضها الآخر حتى الآن, ومن هنا يتجدد الغضب والضيق والالتجاء أحيانا للاستقواء بالخارج, طالما أن الحل لم يأت حتى الآن من الداخل.. فإذا ما بدأنا بالاعتراف بوجود المشكلات, يجب أن نضع لها الحلول الجذرية بالعدل الناجز, وبقوة وسلطة الدولة المدنية, وبوعي واستنارة نابعة من القلب والعقل, وقائمة علي الحوار والجدل بالتي هي أحسن, ولا نعتقد أن موائد الوحدة الوطنية والتصريحات العاطفية من القيادات المختلفة, تكفي لحل المشكلات القائمة, وإنهاء حالة الاحتقان والتحريض والإثارة المتعمدة وافتعال الأزمات في الداخل لتصديرها إلي الخارج, حيث تختلف الأهداف والمصالح والسياسات الراغبة في كسر ظهر الأوطان!! " . نتحول إلى صحيفة " الدستور " المستقلة ، حيث كتب شن إبراهيم عيسى هجوما لاذعا ضد الخلط بين الدولة والرئيس ، قائلا " إن جماعة الحكم في مصر ، حرسه القديم والجديد ومراكز القوى في القصر الجمهوري أو في البيت الحاكم أو في شارع القصر العيني أو في لاظوغلي ، تتصور هذه الجماعات ( والذين تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) أنها تمتلك حق تحديد ما فيه مصلحة البلد وما فيه ضدها ، فإذا أردنا أن نتحدث عن الفتنة الطائفية نطوا في كرشك : بس هس مصلحة البلد ، وإذا أردت أن تطالب برقابة دولية على الانتخابات كتفوك وألجموك وصرخوا فيك : أسكت أصمت ، مصلحة البلد ، وإذا رأيت أن التطبيع جريمة قالوا لك مصلحة مصر ، وإذا عارضت مشاركة مصر ( أو تواطؤها ) في حرب مع الأمريكان ضد العراق ، قالوا لك أصلها مصلحة مصر وإذا وصفت ما يحدث من مصر وحكومتها في القضية الفلسطينية بالسمسرة السياسية غنوا علينا بأغنيتهم الشهيرة مصلحة مصر ؟ . والواحد يسأل نفسه أحيانا أين هي مصر تلك الطيبة العبيطة التي تسلم نفسها ومصلحتها لمستبدين فسدة لم ينجحوا إلا في شيء واحد وهو الفشل ؟ فنحن في قاع قوائم الدول في العالم من حيث درجة الشفافية في سياستنا وتصرفاتنا السياسية والاقتصادية ، ونحن في قعر دول العالم من حيث التصدير ونحن من بلداء الفصل ( بل والمدرسة ) في مكافحة الفساد ثم كذلك نحن دولة فير مصنفة دوليا في التكنولوجيا وكمان علشان الواحد يقول للأعوار أنت أعور في عينه نحن في ذيل الدول فيما يخص حرية الصحافة وحريات التعبير فضلا عن موقعنا المتدني في قائمة ترتيب الفيفا " . وأضاف عيسى " مصر الغلبانه الشقيانه التي تركت مصلحته في أيدي دببة سياسيين جابوها الأرض لا تزال تعتقد أن مصلحتها هي تلك التي يحددها ويقررها شركة فساد استبداد ليمتد ، التي يعرفها الناس اختصارا باسم الحكومة ، فكلما أرادت الحكومة أن تكتم الأفواه وتلجم الألسنة وتصادر رأينا ( وربما صحفنا ) تكلمت فورا عن مصلحة البلد وتحججت في كل ما تفعله من قرارات غاشمة وإجراءات قمعية بأن هذا ما تمليه مصلحة مصر . لقد أدخل مبارك الآلاف إلى المعتقلات والسجون حتى دعوى أن هذا لمصلحة مصر وغير وبدل وشال وحط ومد في قانون طوارئ ووقف أمام إي إصلاح حقيقي وأية تغييرات جوهرية جذرية في الدستور بدعوى أن هذه مصلحة مصر وعشرات الأمور على مدى أربعة وعشرين عاما يمشي فيها الشعب وراء الرئيس باعتباره وحده اللي عارف مصلحة مصر ومصلحتنا ، أما نحن فأشبه بحنان ترك في مسلسل سارة التي تملك إلا أن نتهته ( إيزه أروح لحسن ) ثم إن كل السياسيين والموظفين المحيطين بمبارك يعتبرون أن مصلحة مصر هي مصلحة الرئيس طبعا وإللي فيه خير للرئيس فيه خير للبلد والعكس ليس بالضرورة صحيحا " , نعود مجددا إلى صحيفة " روز اليوسف " ، حيث واصل عمرو عبد السميع الهجوم الحاد على رؤساء الصحف القومية ، وفي هذه المرة كان الهجوم من نصيب أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام ، وإن كان عبد السميع لم يذكر أسمه صراحة ، وأعتبر عبد السميع أنه " بغض النظر عن الجدل المستمر والنقاش المحتدم حول " قومية " الصحف القومية من حيث التوجه والأداء السياسي ، وهو أمر طالبنا به ما وسعتنا المطالبة ، وتطلعنا من خلاله إلى تغيير شكل الملكية ومن ثم سياسات التحرير وإقرار منهج إدارة ربما يؤدي إلى اختيار القيادات على أساس المعايير ، فإن الحاصل – حتى كتابة هذه السطور – أن مجلس الشورى يمتلك النسبة الأغلب من المؤسسات الصحفية القومية ، ويعين – نظريا – قيادات تلك المؤسسات . والحال كذلك ، فإننا لا يجب أن نرى ولاء بعض رؤساء التحرير الجدد للدولة معطوبا أو مثقوبا ، بل ينبغي ألا يحيد قيد أنملة عن تمثل مصالح الدولة والعمل لحساب مصالح مضادة أو تغليب المصلحة الشخصية لأصحابه وإلا فهو يجافي مقتضيات الواقع وينتحل صفة إدارية وسياسية مستقلة ليست له ، وينكر فضل يد الدولة التي امتدت له بالخير ، ووضعته على رأس هذه الصحيفة أو تلك المجلة ، ويجحد فضلها الذي كان عليه عظيما حين تخطت به عشرات العوائق الموضوعية واصطفته على العالمين " . وأضاف عبد السميع " ما هالني – حقيقة – هو أن أحد رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد وسط آتون معركة انتخابية برلمانية تشغل الذهن السياسي في البلد بأسره ، وفي قلب عملية استهداف لوحدة البلد الوطنية بالتحريض على فتنة طائفية وإيقاظ روح الاستقطاب الديني ، وبين التباسات متعددة تمر بها مؤسسته ، قرر – استرسالا في منهج الحنجلة الذي يتوخاه منذ هبط على مقعده منذ شهور – أن يحزم أمتعته ويستعد للسفر إلى الخليج في رحلة لوضع اللمسات الأخيرة على دورة جديدة لسباق خيل اعتاد أن يكون طرفا في تنظيمه قبل تعيينه السعيد رئيسا لتحرير صحيفة التي يقودها . إننا انتظرنا شهورا حتى نرى للرجل مكرمة صحفية تعوضنا خيرا عن تحملنا لآثار وتداعيات أسلوب الانفجارات الإدارية الذي يتبناه في صحيفته ، حين يعمد إلى الفك والضم ، والفصل الدمج ، في كل يوم عشر مرات أو يعزل هذا ويعمد ذلك ، ثم يعيد من عزله إلى موقعه ويدين من عمده ويقصيه إلى أبعد بعيد " .