أثناء فترة انتخابات مجلس الشعب الاخيرة، قام عدد من منظمات المجتمع المدني بمتابعة الاداء الاعلامي في التعامل مع العملية الانتخابية، والي أي مدي التزمت وسائل الاعلام من قنوات تليفزيونية وصحف بالموضوعية والمعايير المهنية في التغطية الاخبارية. بعض تلك المنظمات أصدر بالفعل تقاريره الراصدة لاداء الاعلام، ومنها ما لم يصدر بعد، وعلي رأسها تقرير لجنة الممارسة الصحفية في المجلس الاعلي للصحافة الذي من المقرر أن يصدر خلال الأيام المقبلة. في هذا التقرير، نلقي الضوء علي ثلاث من التقارير التي صدرت بالفعل، وهي لمركز سواسية لحقوق الانسان ومناهضة التمييز، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان وأخيرا تقرير حملة" شارك وراقب" وهو عبارة عن ائتلاف يجمع جمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة ، وشبكة سنا التي تتكون من 20 جمعية أهلية في 10 محافظات، وسوف نواصل لاحقا متابعة التقارير الصادرة تباعا.. بدأ بتقرير مركز سواسية ،وسنركز علي الصحف والقنوات المصرية فقط دون الصحف والقنوات العربية، كما سنتغاضي عن الصحف الحزبية لأنها متحيزة بطبيعة الحال لمرشحي أحزابها . انتهي التقرير الي ان الصحف القومية لم تلتزم ب" فكرة القومية" وانحازت بشكل واضح للحزب الوطني. بشكل عام اهتمت تلك الصحف بالانتخابات وأفردت لها مساحات كبيرة،كانت من نصيب الحزب الوطني، وصلت الي 50% في صحيفة الاخبار، و63% في الاهرام، و66% في روز اليوسف، يليها في التغطية جماعة"الاخوان المسلمين" والتي كان اتجاه الصحافة القومية ناحيتها يتسم بالسلبية الشديدة، خاصة في الاهرام، اما بقية الاحزاب والمستقلين فجاءوا في المرتبة الثالثة، وكان اتجاه التغطية محايدا، لكن المساحة المخصصة كانت ضئيلة للغاية، فكان نصيب حزب الوفد من المادة المنشورة في الاهرام علي سبيل المثال لايتجاوز 10 %، وفي روزاليوسف حظيت الاحزاب مجتمعة ب 15 % . اذا انتقلنا للصحافة الخاصة، فيري تقرير "سواسية" أنها حاولت بقدر الامكان التزام الموضوعية، وإعطاء الجميع مساحات متقاربة،، فمثلا صحيفة" المصري اليوم" اهتمت كثيرا بالانتخابات، وفردت لها صفحات عديدة تناولت برامج المرشحين المختلفين، ورغم ان الحزب الوطني كان له النصيب الاكبر، لكن التغطية اتسمت بالحياد والموضوعية، ، وترجع كثافة التغطية للوطني يليه جماعة الاخوان بحكم الصدامات بينهما خلال فترة الدعاية، أما احزاب التجمع والناصري والغد فحصلوا علي نسب متقاربة مع تلك الموجودة في الصحف القومية، والتغطية لهم اتسمت بالحياد. صحيفة الشروق كانت -وفقا للتقرير- متوازنة وموضوعية الي حد كبير، وحرصت علي فرد مساحات متقاربة لكل الاحزاب المشاركة، مع الحياد في نقل برامجهم، لكن يظل الوطني والاخوان في مقدمة عدد المواد المنشورة يليهما الوفد، ثم بقية الاحزاب. صحيفة الدستور هي الوحيدة التي بدت متحيزة ضد الحزب الوطني، وعلي عكس بقية الصحف القومية والمستقلة جاء الوفد في المرتبة الثانية من حيث حجم التغطية وليس الاخوان . التليفزيون اكد تقرير "سواسية" ان قنوات تليفزيون الدولة الرسمية لم تلتزم الحياد في تغطيتها لانتخابات مجلس الشعب، إذ أبدت اهتماما كبيرا بالحزب الوطني سواء من حيث المساحة او اتجاه التغطية. يري التقرير أن القناة الاولي من خلال برنامجيها "حالة حوار" و"وجهة نظر" قد تحولت الي بوق للحزب الوطني، لكن اتجاه التغطية لبقية الاحزاب كان ايجابيا، اما تناول اخبار جماعة" الاخوان" فكان سلبيا للغاية، والمستقلون لم يحصلوا علي اي متابعة تذكر، رغم ان نسبتهم ضمن المرشحين تتجاوز 70% كما ذكر في التقرير. قناة النيل للاخبار اهتمت بالانتخابات لكن 80 % من متابعاتها كانت للحزب الوطني واتجاه التغطية اتسم بالايجابية، والباقي موزع للاحزاب وكان توجه القناة محايداً تجاههم، وينتهي التقرير الي ان القنوات الرسمية رغم محاولاتها لاعطاء الفرصة للاحزاب لكنها لم تقم بذلك كما ينبغي وحولت معظم اللقاءات لمهاجمة الاخوان وانتقادهم، بدلا من عرض برامج الاحزاب والتعريف بها. فيما يتعلق بالقنوات الخاصة نجد ان قناة المحور قد ابدت اهتماما محدودا بالانتخابات، والحزب الوطني حصل علي النصيب الاكبر يليه الوفد والاخوان، أما بقية الاحزاب فلم تحصل الا علي قدر بسيط، لكن التغطية المتعلقة بهم اتسمت بالحياد. قناة "اون تي في" اهتمت في المقام الاول بالاخوان، ورغم أن التغطية كانت محايدة في البرامج المختلفة للقناة، الا ان برنامج برلمان 2010 اتسم بالانحياز وعدم الموضوعية، ويتساءل التقرير عن الغرض من عرض الفيلم الوثائقي" المحظورة" في هذا التوقيت تحديدا. قناة الحياة لم تهتم كثيرا بالانتخابات ، ولم يتم ذلك الا من خلال برنامج الحياة اليوم، لكنها اتسمت بالموضوعية، وكان للحزب الوطني النصيب الاكبر، ثم الإخوان، ثم الوفد ،لكنها لم تظهر أية اهتمام ببقية الاحزاب أو المستقلين، ويفسر التقرير عدم اهتمام القناة بالانتخابات هو حرصها علي الا يؤخذ عليها الانحياز لجهة دون اخري، خاصة ان مالكها هو د. السيد البدوي رئيس حزب الوفد. اخيرا فيما يتعلق بقناة دريم 2، يجد التقرير أن معظم برامجها قد اهتمت بالانتخابات، وجاء الحزب الوطني رقم 1 في التغطية واتجاه القناة كان سلبيا تجاهه بشكل عام ، يليه "الاخوان" واتجاه التغطية في الغالب سلبي أيضا ثم جاء المستقلون فالاحزاب مجتمعة. شارك وراقب ننتقل الي تقرير حملة"شارك وراقب" الذي شمل 15 جريدة يومية واسبوعية هي الاهرام المسائي والجمهورية، والاخبار، وروزاليوسف، والمساء، والعربي، والوطني اليوم، والوفد، والاهالي، والاحرار، والدستور، والشروق، والمصري اليوم ، ونهضة مصر، والاسبوع.شملت عملية المتابعة والرصد المقالات الافتتاحية وصفحات الحوادث و المرأة بالإضافة الي تحليل ورصد الكاريكاتير.انتهي التقرير الي ملاحظات عامة تتفق مع ما انتهي اليه تقرير"مركز سواسية" أولها أن اخبار الحزب الوطني تصدرت كل الصحف محل العينة علي رأسها روز اليوسف ثم الجمهورية تلتها الاخبار ،بينما جاءت جماعة الاخوان في المرتبة الثانية من حيث معدلات النشر ،و حل حزب الوفد في الترتيب الثالث . حظيت جماعة الاخوان بأعلي معدلات النشر السلبية متقدما علي الحزب الوطني، لكن الجديد الذي يشير اليه التقرير هو وجود معدلات نشر سلبية للحزب الوطني في الصحف القومية و هو الامر الذي اعتبره مغايرا للسنوات الماضية ،وجاء ذلك من خلال التغطية الخاصة باعمال تقديم اوراق الترشيح للحزب الوطني واعتصامات بعض اعضاء الحزب المعترضين علي عدم ترشيحهم بالاضافة الي الوقائع الخاصة بحوادث اعتداءات ما بين أنصار مرشحي الحزب. فيما يخص المقالات الافتتاحية للصحف واهتمامها بالعملية الانتخابية، جاءت روزاليوسف بالنسبة للصحف القومية في المرتبة الأولي ثم الجمهورية فالاهرام المسائي ،اما نهضة مصر فجاءت في مقدمة الصحف الخاصة التي اهتمت عبر مقالاتها الافتتاحية بالعملية الانتخابية تلتها الدستور فالشروق. فيما يخص صفحات المرأة جاءت جريدة الاخبار في المرتبة الاولي من حيث عدد الاخبار المتعلقة بالكوته غالبيتها محايدة، والبقية جاءت ايجابية جدا ، اما بقية صحف العينة فتعرضت لموضوع الكوتة غالبا من خلال باقي الصفحات الاخبارية و التحليلية المعنية بتغطية انتخابات مجلس الشعب. رسومات الكاريكاتير كانت اعمال الكاريكاتير في جريدة العربي منصبة علي الحزب الوطني وكانت دعايتها سلبية للغاية ،بعكس صحيفة الاهرام المسائي التي كانت 90% من رسومات الكاريكاتير بها منصبة علي الحزب لكن في اتجاه ايجابي، والاخبار التي استحوذ الحزب الوطني علي100% من الرسوم الكاريكاتيرية بها و60 % منها ايجابي. الحزب الوطني استحوذ ايضا علي 100 % من رسومات"الاسبوع" لكن بشكل سلبي هذه المرة في 75% منها. جريدة المصري اليوم اعتبرها التقرير الاكثر تميزا فكان أكثر من نصف رسوماتها محايدا، و21 % فقط كان سلبيا تجاه الوطني. صحيفة الوطني اليوم "لسان حال الحزب الوطني- وجهت 100% من رسومها الي الاخوان وكانت سلبية. متابعة صفحات الحوادث انتهت الي ان الحزب الوطني كان الابرز فيها، خاصة في جريدة الدستور، تلته جماعة الاخوان، خاصة في "المساء". تراجع الاهتمام ننتقل الي التقرير الاخير وهو الخاص بمركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، والذي عاب تراجع اهتمام وسائل الاعلام بانتخابات مجلس الشعب هذه الدورة، مقارنة بعام 2005 . يدلل التقرير علي ما توصل اليه من خلال ما رصده من محدودية في المساحة الزمنية التي يقدمها التليفزيون يوميا للانتخابات (ساعتان ونصف الساعة موزعة علي 8 قنوات)، وعدم استئناف بث القناة البرلمانية، التي يري التقرير أنها قامت خلال انتخابات 2005 بدور حيوي في تعريف المواطنين بالمتنافسين الحزبيين والمستقلين. رأي التقرير أن القنوات التليفزيونية الحكومية هي الأقل تخصيصا لوقت لموضوع الانتخابات، مقارنة بالقنوات الخاصة، وقال" إن قناة النيل الإخبارية الحكومية التي من المفترض أن تكون الأكثر تغطية واهتماما بالانتخابات من كل القنوات الحكومية والخاصة، جاءت في الترتيب الأخير" . أشار التقرير أيضا الي أن الوقت المحدود الذي خصصته هذه القناة لعرض وجهات نظر المرشحين، يتم بثه في فترة بعد الظهر، وهي الفترة الأقل مشاهدة من الجمهور. من أبرز مستخلصات التقرير عن التغطية الاعلامية للعملية الانتخابية ان قناة ONTV أسهمت وحدها بربع المساحة الزمنية التي قدمتها كل القنوات الحكومية والخاصة للانتخابات. ، واعتبرها التقرير الأكثر توازنا في تغطيتها للأحزاب، أما في الصحف فكانت جريدة الشروق ،وبعدها المصري اليوم كأكثر الصحف تعبيرا عن التنوع والتوازن في التغطية. عاب تقرير مركز القاهرة تحيز القنوات والصحف المملوكة للدولة للحزب الوطني، وذكر أن القناة الأولي أفردت 72% من إجمالي تغطيتها للانتخابات للحزب الوطني، وفي جريدة الأخبار 75%، و تراوحت إيجابية هذه المساحات الكبيرة في الصحف القومية تجاه الحزب الوطني بين 94% إلي 99.4%. في المقابل شهدت التغطية النقدية للحزب الوطني تراجعا في كل الصحف من 64% في المرحلة التمهيدية إلي 55%. أشار التقرير الي ان الصحف الحكومية قد اهتمت نسبيا بتناول تقارير بعض منظمات "المجتمع المدني" للانتخابات، لكنها اقتصرت في أغلبها علي التقارير التي لا تنتقد الأجهزة الحكومية المسئولة عن الانتخابات، والتي تصب أغلب نقدها علي الإخوان المسلمين، وأخيرا يري التقرير أن المقاطعين للانتخابات لم يحظوا بفرصة إعلامية مناسبة لشرح موقفهم للرأي العام.