نفت مصادر مسئولة في دوائر الحكم وجود أي مناقشات رسمية حول ترشيح أي شخصية أخري غير الرئيس مبارك لمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات الرئاسة القادمة في نهاية 2011، أو وجود قرار من الرئيس حسني مبارك بعدم ترشيح نفسه لولاية سادسة، رغم أن الظروف الحالية تفرض التفكير والاستعداد لاختيار خليفة الرئيس وتوفير الأوضاع الملائمة لتوليه السلطة في سلاسة وبهدوء، وتجنب أي اضطرابات سياسية أو صراعات داخل أجهزة الحكم، مؤكدة في نفس الوقت عدم وجود أي قلق من وجود مرشح معارض في ظل القيود المفروضة علي ترشيح غير الحزبيين «المستقلين»، وكذلك اقتصار الترشيح من الأحزاب علي أعضاء الهيئات العليا للأحزاب التي مضي علي تأسيسها 5 سنوات وأن يكون الشخص المرشح قد قضي في عضوية الهيئة العليا للحزب سنة علي الأقل، وأن يكون للحزب نائب أو أكثر في مجلس الشعب أو مجلس الشوري. ورغم أن الوقت مازال مبكرا علي فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، المفترض أن يكون في أغسطس من العام القادم، فإن الاستقرار علي مرشح الحكم من الآن أصبح ضرورة تحسبا لأي طارئ ولضمان توافر وقت كاف لاتفاق أجهزة الحكم الرئيسية عليه، وتقديمه للقوي الدولية والرأي العام في مصر. وتتركز المناقشات غير الرسمية داخل دوائر الحكم علي جمال مبارك، واللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة. وترشيح جمال مبارك سيناريو قديم جري طرحه منذ سنوات وجري الترويج له من خلال الحزب الوطني وأجهزة الدولة والإعلام، وأجريت تعديلات دستورية لتسهيل ترشيحه، ويحظي جمال بتأييد جزء مهم من مؤسسة الرئاسة ومساندة رجال الأعمال في الحزب والحكومة ومجلس الشعب بزعامة أحمد عز ونجح في تقديم نفسه للقوي الدولية والإقليمية المؤثرة في السياسة المصرية، ولكن حملة الترويج خلال السنوات الماضية جاءت بنتيجة عكسية وعبأت الرأي العام ضده وضد سيناريو التوريث، ولم تفلح المحاولات الأخيرة لتحسين صورته من خلال تقديمه كإنسان بسيط وعادي من خلال حضوره مباريات الفريق القومي لكرة القدم وتشجيعه للاعبين وتواجده بين الجمهور ويتردد أن أجهزة الحكم والأجهزة الأمنية تعارض ترشيحه، إضافة إلي أن العرف جري علي ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية منتميا للقوات المسلحة، وتقول بعض الدوائر إن الرئيس مبارك مازال عند معارضته لسيناريو التوريث. ويحظي عمر سليمان بثقة الرئيس مبارك منذ ما يزيد علي عقدين، خاصة بعد دوره المعروف في إنقاذ الرئيس مبارك من محاولة الاغتيال في أديس أبابا عام 1995 وينتمي بالطبع إلي المؤسسة العسكرية التي تلعب الدور الرئيسي في الحكم منذ ثورة 1952 وإعلان النظام الجمهوري عام 1953، ومن خلال موقعه كمدير للمخابرات العامة وتكليفه بالعديد من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية مارس الحكم واكتسب خبرة سياسية وأصبح معروفاً علي المستويين الإقليمي والدولي، ولا توجد خصومات له مع القوي والأحزاب السياسية المصرية، ورغم أن هناك عقبة أساسية تقف أمام ترشيحه، هي عدم انضمامه للحزب الوطني ووجوده ضمن هيئته العليا لمدة لا تقل عن سنة قبل ترشيحه للرئاسة، وابتعاد أن يتم تعيينه في الأمانة العامة للحزب الوطني خلال الأشهر القليلة القادمة بما يعني تركه منصبه كرئيس للمخابرات العامة، فإن الخبراء أشاروا إلي إمكانية ألا يرشح الحزب الوطني الذي يحتكر الأغلبية المطلقة في مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية أحد قيادته في انتخابات الرئاسة القادمة، ويلجأ إلي توفير الشروط اللازمة لترشيح اللواء عمر سليمان بمنحه تأييد 250 عضوا علي الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات «علي ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب و25 من أعضاء مجلس الشوري، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة علي الأقل» طبقا للمادة 76 المعدلة. وتسعي أحزاب الائتلاف الديمقراطي والقوي السياسية والحركات الاجتماعية وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني لمقاومة انفراد الحزب الحاكم باختيار رئيس الجمهورية من خلال هذا المخطط. وتري أنه لابديل عن فرض تعديلات دستورية تتناول المواد 76 و77 و88 من الدستور ومواد أخري تنهي هيمنة رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية علي باقي السلطات، وإصدار تشريع جديد لمباشرة الحقوق السياسية وتعديل قانون انتخابات مجلس الشعب لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفتح الباب أمام التداول السلمي للسلطة عبر صندوق الانتخابات لأول مرة في مصر.