محللون: حتى لا تتدهور شعبيته فى الشارع.. وسياسيون: لتحسين صورة مصر الخارجية واصل النظام المصرى، على مدار عامين، تجاهله للعديد من الأزمات الاقتصادية والسياسية، التى تمر بها مصر فى خُطبه أمام الرأى العام, بدءًا من أزمة سد النهضة، الذى ستكون آثاره كارثية فى المستقبل, وسقوط الطائرة الروسية مرورًا بأزمة تهديد الأمن العام بمقتل مواطنين مصريين فى ليبيا بشكل مستمر وأزمة المواطن الإيطالى وانتهاك حقوق الإنسان نهاية بالأزمات الاقتصادية الكبيرة والمستمرة وعلى رأسها ارتفاع قيمة الدولار والتى أرهقت الدولة بشكل كبير. وفسر خبراء سياسيون، انتهاج النظام الحالى لسياسة التجاهل للأخطاء والأزمات التى تمر بها مصر ومزجها بالقمع الأمنى, لخوفه الشديد من حدوث حراك سياسى يكرر ما حدث فى السنوات اللاحقة له, قد يطيح به من السلطة, خاصة أنه جاءت تغييرات مجتمعية وفكرية استطاعت أن تقتلع نظامين من السلطة . وفى إطار ذلك رصدت"المصريون" أسباب تجاهل النظام لأخطائه على مدار عامين من خلال خُطبه أمام الرأى العام ولماذا يصر دائمًا على التغنى بإنجازاته ويتجاهل أزماته..
النظام يخشى أن يثير الأزمات التى تمر بها الدولة
فى البداية قال زياد عقل الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن النظام السياسى ما بعد 30 يونيو 2013 يتحرك وفق استراتيجية تعتمد على تفادى الحديث عن أية سلبيات موجودة, والتركيز على الإيجابيات بصرف النظر عن حجمها وذلك من أجل استمرار حكمة لأكبر فترة ممكنة. وأوضح عقل، أن تجاهل الرئيس الحديث عن أزمة الدولار وهو يعقد مؤتمرًا يتحدث فيه عن التنمية هو أمر غير مفهوم, وهو أمر يتفق مع استراتيجية النظام فى تجاهل ذكر الأزمات التى قد تقلل من شعبيته وتعمد الحديث عن الإيجابيات والتى لابد من تقييمها ومقارنتها بحجم الأزمات الموجودة على أرض الواقع. وأضاف عقل، أن اتخاذ مثل هذه الاستراتيجية يأتى لكون النظام جاء بعد هزة اجتماعية عنيفة وخلاف سياسى مع جماعة الإخوان المسلمين وتحركات سياسية لإنشاء نظام سياسى جديد مما يجعله يخشى من أن يتكرر هذا الأمر معه إذا تراخى فى استخدام القوى وقام بذكر أزماته. وتابع:"إلى الآن النظام يخشى أن يثير الأزمات التى تمر بها الدولة والتى جاء فى الأساس وأطاح بجماعة الإخوان المسلمين من أجل إصلاحها, ومن ثم فإظهار فشلة فى حلها سيكون اعترافًا بضعف النظام والتأكيد على قوة جماعة الإخوان, لكن تجاهل الأزمات يعنى تعميتها بشكل أكثر, مشيرًا إلى أنه لا يوجد نظام بدون أزمات ولكن النظام الجيد هو من يسعى لإصلاحها وتجاهلها يعنى استمرارها حتى تتفاقم ومن ثم إسقاط هذا النظام. وأشار عقل، إلى أن وجود مصارحة وشفافية لأفراد المجتمع من شأنه خلق تهدئه كبيرة وهذا لم يحدث, فحتى الآن هناك جدل واسع فيما يتعلق بتنازل الدولة عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية, فكلا الطرفين يمتلكا المستندات والوثائق التى تؤكد صحت قوله, لكن الحقيقية الواضحة هى فشل الإدارة السياسية فى التعامل مع هذا الملف أمام الشعب وإلا لما كان تحرك الشارع بقوة, كما أن غياب الشفافية ينطبق على أزمة الدولار التى مازالت مستمرة ولا يعلم أحد حلها, وأيضًا أزمة مقتل المواطن الإيطالى ريجينى, ومقتل 25 مصريًا مؤخرًا فى ليبيا دون أن يعلم أحد لماذا قتلوا , حتى الآن رغم أن الدولة تحدثت عن مقتل مواطن مصرى فى بريطانيا على سبيل الشهرة . وانتقد الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية, كثرة تبرير التعامل مع الأزمات التى تواجه الدولة تحت مسمى الأمن القومي, فلو كان التعامل مع أزمة الطائرة الروسية ومقتل ريجينى بصدق, كانت التهمه ستقع على الأفراد وليس الدولة.
مشكلة النظام هى عدم الاعتراف بوجود أزمات حقيقية وفى سياق متصل، يرى عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مشكلة النظام الحالى هى عدم الاعتراف بوجود أزمات حقيقية يواجهها, ويعتبر أن كل الأمور بسيطة, ففى أزمة سد النهضة، يقول إن هناك اجتماعات تجرى وستسير الأمور للأحسن وهو ما لم يتحقق بل أن الأوضاع تسوء, وفى أزمة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير يستعين بأحد دعاة التوريث أيام مبارك ليتعامل مع هذا الملف, وأيضًا فيما يتعلق بأزمة مقتل المواطن الإيطالى ريجينى يتعامل معه كأنه مواطن عادى تم قتلة, وعندما تصعد إيطاليا يتحدث عن موت مواطن مصرى هناك بفخر لتسوية الأزمة, متجاهلاً أن موت هذا المواطن قد تم على أيدى عصابات بينما تتهم إيطاليا الدولة المصرية بأكملها. وأكد ربيع، أن"النظام الحالى يتعامل مع أزمة الدولار بشيء من الاستخفاف عبر وضع حلول مؤقتة وغير مجدية انتقدها الكثير من الاقتصاديين وسط تصريحات غير مسئولة من قبل محافظ البنك المركزي. وأضاف ربيع، أن الدولة لا يوجد بها لجان للتعامل مع الأزمات ولا جهات رقابية ولا يوجد أيضًا برلمان قوى فيما سعت أيضًا لخلق عداوة مع الرأى العام بتصعيدها ضد نقابة الصحفيين، فى محاولها يعلمها الجميع لكسر حرية الرأى والتعبير, بجانب حبسها للعديد ممن يعارضوها الآن وكانوا بجوارها في30 يونيو حتى أصبحت أعداد مؤيدى الرئيس فى السجون أكثر من أعداد جماعة الإخوان المسلمين,هذا بجانب تهميش التيار السلفى وبُعد الأحزاب المعارضة . وأوضح نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, أن الدولة تسير فى طريق عمل انغلاق سياسى كامل بشكل أمنى متعمد, فالجيش والشرطة لن يستطيعان أن يبنيا دولة بأكملها.
النظام الحالى يتبع نفس ثقافة نظام مبارك على جانب آخر قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى: إن النظام الحالى يكرر نفس الأخطاء والثقافة والأداء، التى كان يتبعها نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك بطريقة "خليهم يتسلوا" من خلال الوعود الكثيرة بعمل إنجازات دون الاهتمام بتحديد دور أجهزة الدولة فى تحقيق ما طالب به الشعب المصرى فى هتافات ثورة 25 يناير وهى "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية". وأضاف صادق، بأن النظام الحالى وقع فى عدة أخطاء على رأسها تأتى تفاقم الأزمة الاقتصادية مما أدى لارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى، فضلاً عن التصريحات والوعود بإنجازات على المستوى الاقتصادى فيما لم يتم تحقيق أى من هذه الإنجازات. وعلى المستوى الدولى، أوضح صادق، بأن الوقوف أمام أزمة الطائرة الروسية سبب تدهور السياحة والعلاقات الخارجية مع الدول، فضلاً عما يخص الملف الأمنى من خلال عدم التأمين على المطارات أو حياة السياح. وأكد صادق، أن رفض النظام الاعتراف بأخطائه يعود إلى عدم اعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى اتخاذ قراراته إزاء القضايا والتحديات على مستشاريه، بالرغم من العدد الأكبر لهم، بالإضافة إلى الضعف الكبير فى الإعداد الإعلامى للخُطب التى يلقيها الرئيس السيسى والتى تفقده شعبيته نظرًا لعدم تيقنه من إلقاء الخُطب الارتجالية فكان الأفضل له أن يلقى الخُطب مسجلة بما لا يؤثر على الشكل الإعلامى لفوبيا القائد والممثل للنظام الحالى . مشكلات المواطن البسيط من جانبه قال المستشار حسنى السيد المحلل السياسى والمحامى بالنقض: إن أسباب رفض النظام الحالى الاعتراف بأخطائه، إن الدولة تعيش حالة حرب داخليًا وخارجيًا، فضلاً عن الاهتمام بصورة مصر أم العالم العربى والإفريقى والدولى بشكل أعم. وأكد المحلل السياسى، أن اهتمام النظام الحالى بالحفاظ على الاستثمارات الأجنبية والنهوض بالمشكلة الاقتصادية المتفاقمة والاهتمام بتحسين صورة مصر أمام المحافل الدولية والإعلان عن الإنجازات بهدف جذب المستثمر الأجنبى، فضلاً عن وجود التمثيل الدبلوماسى للدول الخارجية بمصر ووجود عيون لها تنقل الحياة السياسية والاقتصادية للخارج تدفع النظام إلى سياسة الهروب وعدم الاعتراف بالأخطاء للحفاظ على حركة جذب السياحة والاستثمار. وأوضح السيد، أن الأخطاء والخلافات تزداد وفقًا للاختلاف على المصالح حال عدم النظر إلى مصلحة مصر، مشيرًا إلى أهمية إبراز إنجازات النظام مثل موسم حصاد القمح بما يوفر فرص عمل للعاطلين. وأكد المحلل السياسى، أن المشكلة الأهم التى تواجه النظام الحالى هى مشكلة المواطن البسيط من خلال اتساع دائرة الفجوة بين طبقة الأثرياء والفقراء من ارتفاع أسعار الكهرباء وفاتورة المياه والتليفون والغاز وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية فى حين نجد الإنفاق بالأموال الطائلة على الملاهى الليلية. وأكد السيد، أهمية وجود المعارضة السياسية للنظام فى نفس الوقت التى تتماشى تلك المعارضة مع القانون وعدم التعجل فى الحكم على إنجازات النظام عقب مرور عامين فقط فالثورة الفرنسية لم يتم الوصول لإنجازاتها إلا بعد عقود من الزمن، فضلاً عن أهمية الاهتمام بالملف الحقوقى للإنسان بما يتماشى والحفاظ على الأمن القومي.