صوت مجلس الشيوخ بالبرازيل، الخميس 12 مايو 2016، لصالح تعليق مهام رئيسة البلاد ديلما روسيف مع بدء إجراءات إقالتها بتهم التلاعب بالحسابات العامة. وصوت المجلس بغالبية 55 من أصل 81 عضواً لصالح توجيه التهم إلى الزعيمة اليسارية، فيما عارض ذلك 22 عضوًا. وسيتولى نائبها ميشال تامر السلطة إلى حين صدور الحكم النهائي لمجلس الشيوخ بعد 6 أشهر. وتنفي ديلما روسيف (68 عاماً) المتهمة بالتلاعب بمالية الدولة ارتكاب أي مخالفة، وتنتقد ما تسميه "انقلاباً" دستورياً. ومن المفارقات أن الرئيس الأسبق فرناندو كولور دي ميو الذي استقال في 1992 قبل أيام من إقالته بسبب الفساد، يشارك في المناقشات في مجلس الشيوخ. لكنه لم يكشف موقفه. وستطوي البرازيل، التي تعد العملاق الناشئ في أميركا اللاتينية صفحة 13 عاماً من حكومات حزب العمال التي افتتحها في 2002 الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي قاد الطفرة الاجتماعية-الاقتصادية في سنوات الألفين. من جهتها، ستلقي روسيف، أول امرأة تنتخب رئيسة للبرازيل في 2010، خطاباً حوالي الساعة العاشرة (13:00 ت غ) قبل أن تغادر القصر الرئاسي وتلتقي أنصارها، كما قال مكتب الإعلام في حزب العمال رداً على سؤال لوكالة فرانس برس. ودعا حزب العمال نوابه وناشطيه الى التجمع أمام قصر الرئاسة اعتباراً من الساعة 8:30 تحت شعار "لن نقبل بحكومة غير شرعية".
أجواء حزن
بعد ذلك، ستتوجه ديلما روسيف، المناضلة السابقة التي تعرضت للتعذيب أثناء الحكم الديكتاتوري (1964-1985) الى مقر إقامتها الرسمي في الفورادا، حيث ستقيم مع والدتها خلال فترة محاكمتها. أما نائب الرئيسة ميشال تامر (75 عاماً) فسيلقي خطاباً عند الساعة 15:00 من قصر الرئاسة يرافقه وزير المالية إنريكي ميرييس، كما قال الموقع الإخباري "أو أو إل". ومن المفترض أن يعلن عن تشكيل جزء من حكومته التي ستتمحور حول الإنعاش الاقتصادي. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال أحد معاوني الرئيسة - طالباً عدم الكشف عن هويته - إن "أجواء حزن" سادت الأربعاء قصر الرئاسة، حيث جمعت روسيف أغراضها الشخصية. وأكدت سيدة تعمل في مكتب روسيف أن "الأجواء حزينة هنا، يبحث كثيرون منا عن فرصة عمل. لا نريد أن نعمل مع نائب الرئيسة". وخوفاً من حصول صدامات، وضعت السلطات عوائق معدنية أمام مجلس الشيوخ للفصل بين متظاهري الطرفين. وخلال فترة توتر وجيزة، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على أنصار ديلما روسيف. لكن الباحة الكبيرة بقيت مقفرة عملياً. وتتهم المعارضة الرئيسة بارتكاب "جريمة مسؤولية" من خلال التلاعب عمداً بمالية الدولة لإخفاء حجم العجز في 2014 عندما أعيد انتخابها المثير للخلاف في 2015. وتقول روسيف إن جميع أسلافها لجأوا الى هذه "الأساليب" من دون أن يقلقوا. وتؤكد أنها ضحية "انقلاب دستوري" أعده ميشال تامر الذي سرّع سقوطها من خلال دفع حزبه في أواخر مارس/آذار على الانسحاب من الأكثرية. وقد استبعدت روسيف الاستقالة وقالت إنها عازمة "على التصدي بكل الوسائل القانونية والنضالية" لمنع إقالتها. ويقول محللون إن فرص روسيف للنجاة من الإقالة باتت ضعيفة جداً. لذلك سيتولى ميشال تامر الذي لا يحظى بشعبية وبالكاد حصل على 1 الى 2% من نوايا التصويت، حكم البرازيل على الأرجح حتى نهاية الولاية في 2018. وسيرث من الوضع المتفجر الذي تخلفه ديلما روسيف أسوأ كساد منذ الثلاثينيات وفضيحة الفساد الكبيرة في بتروبراس والتطورات القضائية غير المتوقعة التي تلطخ صورة حزبه على أعلى المستويات. ويمكن أن يعتمد في مرحلة أولى على دعم أوساط الأعمال التي تأمل في حصول صدمة ثقة، وبحذر على دعم الأحزاب اليمينية التي سعت الى إقالة ورسيف. ويعد تامر لمجموعة من التدابير الليبرالية وغير الشعبية التي يمكن أن تدفع بالنقابات للنزول الى الشارع، وتصحيح قاس للميزانية وإصلاح نظام التقاعد الذي يعاني من العجز وقانون العمل. وقال المحلل ثياغو بوتينو: "سيرث الى حد كبير استياء البرازيليين من السياسة التقليدية التي يجسدها".