مجلس النواب أقر مجلس النواب البرازيلي، والذي يتألف من 513 نائبًا، أمس الأحد، وبأغلبية ساحقة إجراءات إقالة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، من قِبَل مجلس الشيوخ، عبر تصويت جرى في أجواء مشحونة بالتوتر الشديد، وكانت روسيف بحاجة لتأييد ثلث النواب على الأقل كي تنجو من مقصلة الإقالة، وهذا ما لم يحدث، حيث أقر إجراء التصويت بموافقة 367 نائبًا، أي بزيادة 25 نائبًا على الثلثين «342 نائبًا»، وهي النسبة المطلوبة لتمرير القرار. في المقابل صوّت ضد الإقالة 137 نائبًا، معظمهم ينتمون إلى اليسار واليسار المتطرف، وامتنع سبعة نواب فقط عن التصويت، بينما تغيب اثنان آخران. وشهدت جلسة مجلس النواب مشادات، وتبادل شتائم منذ افتتاحها، وسط هتافات معادية من نواب اليسار، من قِبَل رئيس المجلس إدواردو كونا، العدو اللدود لروسيف، والمتهم في إطار فضيحة شركة النفط العملاقة بتروبراس. وتحدث نواب اليمين ويمين الوسط عن «تطهير البلاد من الفساد» والتخلص من «حكومة لا تتمتع بالأهلية وتقود البرازيل إلى الخراب». الحزب الحاكم أقر زعيم كتلة نواب حزب روسيف حزب العمال، جوزيه غيمارايس، بأن الهزيمة باتت محتومة، ولا مفر منها، لكنه أكد أن خسارة المعركة «لا تعني خسارة الحرب». وقال غيمارايس للصحافيين، بينما كانت عملية التصويت مستمرة لكنها تميل لمصلحة المعارضة: إن الانقلابين انتصروا هنا في المجلس، لكن هذه الهزيمة المؤقتة لا تعني خسارة الحرب. ونفت الرئيسة، البالغة من العمر 68 عامًا، بشدة ارتكاب أي جرم أو فعل خاطئ، وكتبت السبت الماضي في صحيفة تقول: إن مناهضيها يسعون إلى «إدانة امرأة بريئة والحفاظ على المفسدين». المعارضة المعارضة التي نجحت عبر مجلس النواب في تأمين الأغلبية اللازمة للمضي قدمًا في عملية عزل الرئيسة البرازيلية، واتهمت روسيف التي ناضلت ضد النظام الدكتاتوري «1964 1985» وهي عضو في حزب العمال، بالتلاعب بالحسابات العامة عام 2014 وأوائل عام 2015، وهو ما تنفيه روسيف وتتهم المعارضة بأنها تعد انقلابًا دستوريًّا للإطاحة بها. مجلس الشيوخ يكفي أن يصوّت أعضاء مجلس الشيوخ بالأكثرية البسيطة بحلول 11 مايو، لمصلحة إقالتها من أجل توجيه التهمة إليها رسميًّا، وإبعادها عن الحكم لفترة أقصاها ستة أشهر، في انتظار صدور الحكم النهائي بحقها، وهذا يعني أن مصير الرئيسة البرازيلية بات معلقًا بيد مجلس الشيوخ، الذي بات عليه أن يقرر ما إذا كان سيحيل الرئيسة إلى المحاكمة أم لا. لكن جاك واجنر، مدير العاملين بالرئاسة البرازيلية، قال: إن الحكومة واثقة من رفض مجلس الشيوخ اقتراح مساءلة الرئيسة ديلما روسيف، الذي وافق عليه مجلس النواب، وأضاف: إن تصويت مجلس النواب بتأييد مساءلة روسيف يمثل نكسة للديمقراطية في البرازيل، وإن معارضيها الذين لم يقبلوا قط إعادة انتخابها في 2014، هم الذين نسقوا هذا الإجراء. وفي حال أقرّ مجلس الشيوخ إجراء الإقالة، ستنضم روسيف إلى فرناندو كولور دي ميو، الرئيس البرازيلي الوحيد الذي أقيل بتهمة الفساد في 1992. وتعود أزمة البرازيل إلى فترة إعادة انتخاب روسيف، لكنها تصاعدت في مارس بتظاهرات هائلة تطالب برحيلها، وبعد تعيين راعيها الرئيس السابق إيناسيو لولا دا سيلفا في الحكومة. ماذا لو تمت الإقالة؟ في حال أقال مجلس الشيوخ البرازيلي الرئيسة البرازيلية من منصبها، وقتها سيتولى نائب الرئيسة، ميشال تيمير صاحب ال75 عامًا واللبناني الأصل، الذي كان حليفها في الحكومة وأصبح خصمها في السلطة، ويفترض أن يشكل حكومة انتقالية، المفارقة هنا أن تيمير يواجه هو الآخر إجراءات لعزله؛ بسبب التهم ذاتها الموجهة إلى روسيف. ديلما روسيف التي دخلت التاريخ من بابه العريض عام 2010، كأول امرأة تنتخب كرئيسة للبلاد، على وشك مغادرة منصبها إذا ما نجحت المعارضة البرازيلية في إقالتها، عبر خطوات تتسم بالجدية من قِبَل مجلس النواب البرازيلي، بعد سلسلة من المظاهرات الشعبية ضدها تطالبها بالتنحي.