تعيش البرازيل اوضاعا سياسية مضطربة في هذه الايام بسبب محاولات بعض الجهات البرلمانية للاطاحة برئيسة البلاد ديلما روسيف على خلفية ما يقال بأنه تلاعب مالي قامت به الرئيسة للتستر على عجز مالي في البلاد. البرلمان البرازيلي يؤيد مساءلة روسيف تمهيدا لإقالتها.. وفى خطوة نحو احتمال إنهاء 13 عاما من حكم حزب العمال اليساري ، وافق مجلس النواب البرازيلي، على مساءلة الرئيسة ديلما روسيف بسبب خرقها قوانين الميزانية، مما يمهد إقالتها. ووصل خصوم روسيف إلى الحد اللازم من الأصوات وهو 342 صوتا، من أجل إحالة قضية مساءلتها إلى مجلس الشيوخ لمحاكمتها. وأقر زعيم كتلة الحزب في المجلس جوزيه غيمارايس بأن هزيمة الرئيسة في التصويت الجاري في المجلس على إقالتها من منصبها باتت محتومة ولا مفر منها،مضيفا ان هذه "الهزيمة المؤقتة لا تعني خسارة الحرب". وجمعت المعارضة ثلثي أصوات النواب (342 من أصل 513) لكي تربح معركتها ضد روسيف في مجلس النواب، بالتصويت الذي تابعه الآلاف في الشوارع على الهواء عبر شاشات عملاقة. وكانت روسيف بحاجة لتأييد ثلث النواب على الأقل كي تنجو، لكنها فشلت في ذلك. وضع حرج جدا.. وروسيف التي دخلت التاريخ في 2010 كأول امرأة تنتخب رئيسة للبرازيل، تجد نفسها في وضع حرج جدا، إذ يكفي أن يصوت أعضاء مجلس الشيوخ بالأكثرية البسيطة في مايو على إقالتها. إلا أن مدير العاملين بالرئاسة البرازيلية جاك واغنر، قال إن الحكومة "واثقة" من رفض مجلس الشيوخ اقتراح مساءلة روسيف. وأضاف أن تصويت مجلس النواب بتأييد المساءلة "يمثل نكسة للديمقراطية في البرازيل"، وأن معارضيها الذين لم يقبلوا قط إعادة انتخابها في 2014 "هم الذين نسقوا هذا الإجراء". وكانت لجنة برلمانية قد أوصت بتنحية الرئيسة ديلما روسيف من منصبها لكن التصويت كان بأغلبية بسيطة، وذلك قبل أيام من التصويت الحاسم في جلسة علنية بمجلس النواب على مستقبل الرئيسة البرازيلية. التهم الموجهة لروسيف .. المعارضة تتهم روسيف (68 عاما) ب"تجميل" حسابات عامة في 2014، وهي سنة إعادة انتخابها، وايضا في عام 2015، لتخفيف العجز العام، كما تواجه الرئيسة البرازيلية تهماً بعدم إلتزامها بوعود قطعتها مسبقاً، حول إعادة المبالغ التي تم سحبها من البنك المركزي لسد العجر الحاصل في الميزانية في الوقت المحدد، إلى جانب حدوث حالات فساد إبان توليها رئاسة شركة بتروبراز النفطية بين عامي 2003- 2010، حيث قررت المحكمة العليا في البلاد الشهر الماضي فتح تحقيق بحق 54 شخصاً بينهم سياسيون بتهمة الفساد. روسيف تنفى تورطها .. وفي المقابل تؤكد روسيف عدم تورطها "بأي جريمة مسؤولية" ادارية تبرر اقالتها، واصفة ما يحدث "بالانقلاب المؤسساتي". وفى جلسة صاخبة للبرلمان استمرت 11 ساعة تخللتها مصادمات، أيد 38 نائبا في هذه اللجنة مواصلة إجراءات الإقالة في حين عارض ذلك 27 نائبا. اما النواب اليساريون المؤيدون لروسيف فقد وصفوا ذلك بالانقلاب ، مخاطبين نواب اليمين الذين هتفوا بدورهم "ديلما ارحلي". وتم إحالة تقرير اللجنة إلى مجلس النواب الذي شهد تصويتا بالامس . ولمواصلة إجراءات الإقالة أمام مجلس الشيوخ، يتعين تأييد أغلبية ثلثي أعضاء المجلس (342 من 513) . الرئاسة بالنيابة حتى انتهاء ولايتها.. ومن المقررأن يصوت مجلس الشيوخ على توجيه التهمة إلى الرئيسة، وبعد التصويت بالامس يتم استبعادها من السلطة خلال مهلة لا تتجاوز 180 يوما، بانتظار تصويت نهائي على إقالتها الذى يتطلب تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، وفي هذه الحالة، يتولى نائب الرئيسة، ميشال تامر (75 عاما) الرئاسة بالنيابة حتى انتهاء ولايتها في 2018. اما الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا المؤيد للرئيسة روسيف فقد انتقد بشدة من وصفهم"بالانقلابيين الذين يحاولون الإطاحة برئيسة منتخبة ديمقراطيا"، في إشارة إلى ديلما روسيف. انقسام فى الشارع البرازيلى .. وينقسم الشارع البرازيلي الان الى فريقين: الأول يؤيد الحكومة، ويقول إن عملية العزل هي انقلاب على الرئيسة روسيف، والثاني يدعي أنها هي وسلفها السابق في المنصب الرئيس لولا دا سيلفا، فاسدان. ويخضع لولا حاليا للتحقيق لاتهامه بغسيل أموال، وهي تهمة ينفيها. ويتوقع أن تصدر المحكمة العليا في البرازيل حكما بشأن إن كان لولا يستطيع ممارسة مهامه كرئيس لديوان روسيف، وكان لولا قد أدى اليمين لتولي المنصب الشهر الماضي، لكنه أوقف عن العمل بعدها بحكم قضائي بسبب الادعاءات ضده. وقد أدى ترشيح روسيف للرئيس السابق لولا في هذا المنصب إلى حدوث اشتباكات بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها لكن قوات الأمن اعلنت أنها عازمة على فصل الجانبين عن بعضهما هذه المرة. الرئيسة البرازيلية روسيف تقول إنها ضحية محاولة "انقلاب مؤسساتي غير شرعي" تقوم بها المعارضة وتؤيدها في ذلك مجموعات الإعلام البرازيلية المهيمنة وقضاة مسيسون. وقد تسارعت هذه الأزمة السياسية التي تهز البلد العملاق في أمريكا اللاتينية الذي يشهد انكماشا اقتصاديا، فجأة في شهر مارس الماضي. وفى مواجهة كبيرة بين اقطاب السياسة في البرازيل التي تعتبر أكبر دولة في أمريكا الجنوبية ،تظاهر ملايين البرازيليين وبصفة خاصة من الطبقة الوسطى، للمطالبة برحيل روسيف، ما دفع اليسار المؤيد لروسيف إلى تنظيم تظاهرات مضادة كبيرة.