أكد الدكتورعمرو حمزاوي، أستاذ مساعد العلوم السياسة بجامعتي القاهرة والجامعة الأمريكية وعضو مجلس الشعب السابق بمقاله فى صحيفة الشروق، أن مصطلح «أهل الشر» على تهافته ليس الذى يلصقه الحكم فى مصر بمن يصنفهم حاليًا فى خانات الأعداء والمعارضين بمجهل الهوية أو بنادر الحضور فى سياقات نظم الاستبداد والحكومات السلطوية. جاء ذلك ردًا على ما ردده الرئيس عبدالفتاح السيسي في أكثر من خطاب له متحدثًا عما يسمى ب"أهل الشر" تلك الكلمة الأكثر تداولاً بين خطابات السيسى الأخيرة، حيث يشير إليها فى كل لقاءاته دون التطرق إلى طبيعة أهل الشر ومن هم بالتحديد. وكان آخر ذكر لأهل الشر على لسان الرئيس السيسى، أثناء إلقاء خطابه للشعب المصرى بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء، فيما سبق ذلك بيوم واحد حديث للرئيس عن أهل الشر أثناء كلمته بدار القضاء العالى فى ذكرى الاحتفال بعيد القضاء، وسبق هذا الخطاب بأسبوعين حديث آخر عنهم خلال لقائه بعدد من ممثلى المجتمع بقصر الاتحادية. وأوضح حمزاوي أن اليهود الألمان والأوروبيين كانوا هم «أهل الشر» الذين وصمتهم النازية بالتدني، وألحقت بهم طيفًا واسعًا من التوصيفات العنصرية من «الرائحة الكريهة» مرورًا «بشهوة المال وسلوكيات المرابين» إلى «الخيانة والتآمر» ونشر «الانحطاط الأخلاقي» والفساد. وأشار حمزاوي إلى أن نهج النازية استنسخته العديد من نظم الحكم الفاشية والمستبدة والسلطوية التى بحثت عن «أهل الشر» الذين يتهمون دومًا بالخيانة والتآمر وتعطيل المسيرة ويحملون بمسئولية الهزائم والإخفاقات عوضًا عن مساءلة ومحاسبة الحكام، ووجدت ضالتها إما فى معارضي الداخل وإما في القوى الإقليمية والدولية المناوئة. وفى السياقين الداخلى والخارجي، تجاوز تعريف ووصم «أهل الشر» الصفات والسلوكيات المرفوضة شعبيًا إلى الخصائص الفسيولوجية المكروهة شعبيًا. كما وصمت الأحزاب الشيوعية الحاكمة في الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا الشرقية (حتى الانهيار فى نهاية ثمانينيات القرن العشرين) الكتاب والمفكرين والمبدعين المتمسكين بحرية التعبير عن الرأي «كأعداء الشعوب»، وكمنشقين يتآمرون مع الرأسمالية العالمية (الشر الأعظم) لإسقاط التجارب الشيوعية، وألصقت وهما بالمنشقين الأشرار فى الأعمال الفنية خصائص فسيولوجية مذمومة كالبدانة والشراهة وصنوف الإدمان لتبيان التناقض بينهم وبين«الإنسان الشيوعي» (الإنسان السوفييتي) الرياضى والمتحكم فى رغباته والواعى صحيًا لشخصه ولدوره فى المجتمع (المختزل إلى عجلة الإنتاج). وأضاف أنه على ذات الدرب سارت الفاشيات العسكرية الأمنية ونظم الاستبداد والسلطوية فى أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، ولم تحد عن نهج تعيين ووصم «أهل الشر» بلاد العرب وبقية الشرق الأوسط. وعبرت إيران ما بعد الثورة الإسلامية (1979) عن التوظيف الأشمل للمصطلح الذى طال الولاياتالمتحدةالأمريكية كالشيطان الأكبر، ومعارضى الداخل والمطالبين بالديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان كأعوان الشيطان الأكبر، وإسرائيل والوهابيين كشيطانين يستدعيان أو لا يستدعيان وفقا لظروف السياسة وعلاقات القوة. وقال حمزاوي: "إنه إذا كان الحكم فى مصر يعتزم استخدام ذات المصطلح وتطوير مكارثيته باتجاه تصنيف رافضي السلطوية والمطالبين بالديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان كأهل شر، فالأفضل له التفكير فى سبل تطوير خطابه الزائف باتجاه المزج بين إلصاق الصفات والسلوكيات المرفوضة شعبيًا بمعارضيه وبين استدعاء الخطاب الذكوري التقليدي لكي تلصق بهم زيفًا أيضًا خصائص فسيولوجية مكروهة ومدانة شعبيًا كالتخنيث والضعف الجنسي فى مقابل فحولة الذكور الملتحقين بالحكم ودوائره".