قال خبراء قانونيون، إن قرار الحظر فى قضية "يوم الأرض" التى على إثرها ألقى القبض على عشرات المتظاهرين، يتعارض مع نص المادتين 68 و169 من الدستور حول أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية". وكانت محكمة شمال الجيزة، التى انعقدت بمعسكر الأمن المركزي، قررت حظر النشر وذلك فى القضية المعروفة ب "يوم الأرض"، وتأجيل محاكمة معتقلى الدقى والعجوزة فيها، الذين تم إلقاء القبض عليهم يوم 25 أبريل الماضي، وعددهم نحو 107 متهمين لجلسة 14 مايو المقبل؛ للاطلاع وإعادة إعلان المخلى سبيلهم، واستمرار حبس المتهمين. وتضم القضية رقم 11095 لسنة 2016 جنح العجوزة 25 متهمًا، بينهم 9 معتقلين محتجزين على ذمة القضية و16 شابًّا صدر قرار بإخلاء سبيلهم بكفالة، والقضية رقم 3093 لسنة 2016 إدارى الدقى تضم 82 متهمًا، منهم 38 محتجزًا على ذمة القضية و48 آخرين صدر قرار بإخلاء سبيلهم. وقال عمرو عبد السلام، الفقيه الدستوري، إن "المشرّع المصرى منح القاضى أو النائب العام سلطة حظر النشر فى بعض القضايا التى تتعلق بالنظام العام والآداب العامة بالمادة 190 من قانون العقوبات". وأضاف: "قرار الحظر فى قضية "جمعة الأرض" هو إجراء استثنائى "شاذ" وانتقائى لا يجوز للمحكمة أو سلطات التحقيق التوسع فى استخدامه؛ لأن حظر النشر مرهون بالغاية منه وهو للمحافظة على النظام العام والآداب العامة". وأشار إلى أن "هذا يتعلق فقط بالقضايا التى يخشى من نقلها عبر وسائل الإعلام خدش الحياء العام أو الجرائم المتعلقة بأمن واستقلال البلاد أو التأثير على مجريات التحقيق والمحاكمة أو نقل إخبار كاذبة تضر بالسلام والأمن الاجتماعي". وذكر عبدالسلام، أن المادتين 68 و169 من الدستور نصتا على "أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية"، قائلاً: "إن هذا يخل بمبدأ علانية المحاكمات وتداول المعلومات وهى مبادئ دستورية أعلى وأسمى من النص القانونى فلا يجوز لنص قانونى تعطيل نص دستوري، لن يتوسع فى استخدام الحظر المنصوص عليه بالمادة 190 عقوبات وهذا مخالفة للدستور"- حسب قوله. وأضاف عبد السلام، أن الأخبار والمعلومات التى تخص الشأن العام تعتبر من أدوات تشكيل الرأى العام، وأن للمواطنين ولوسائل الإعلام الحق فى اللجوء لمصادر المعلومات الصحيحة للحصول عليها وتداولها ونقلها، وبالتالى لا يجب أن تحرم وسائل الإعلام من المعلومات والأخبار الصحيحة؛ لأن ذلك ينعكس سلباً على الرأى العام. وأشار إلى أن حرمان الصحافة ووسائل الإعلام من نشر وتداول المعلومات يتعارض مع مبدأ حرية الصحافة الذى أصبح فى الآونة الأخيرة مجرد حرية عرفية يمكن القضاء عليها فى أى لحظة باصطناع حجج ومبررات وهمية. وأردف : "صدور قرار المحكمة بحظر النشر فى قضية تظاهرات "جمعة الأرض"، يعد مخالفًا لنص المادة 190 الذى استخدمه القاضى فى قراره بالحظر لأن الاتهامات الموجهة للمتهمين لاتتعلق بالآداب العامة ولا تخل بالنظام العام فهى جرائم تنحصر فى التظاهر بدون تصريح، بالإضافة إلى مخالفته لمبدأ علانية المحاكمات المنصوص عليه بالمادة 169 من الدستور ومخالفا أيضا لمبدأ حرية تداول المعلومات المنصوص عليه بالمادة68 من الدستور" . وأوضح عبد السلام، أن سلطات التحقيق ملزمة باطلاع الرأى العام على مجريات القضايا التى تبشرها وذلك عن طريق إصدار بيان مفصل عن الاتهامات المنسوب صدورها للمتهمين وإجراءات التحقيق التى تمت فى مواجهتهم لسد ذريعة تداول الأخبار الكاذبة وتضليل الرأى العام. من جانبه قال المحامى أحمد عبدالنبي، الناشط بمؤسسة "حرية الفكر والتعبير" وأحد أعضاء هيئة الدفاع في القضية، إن "قرار حظر النشر شيء تقديرى للسلطة القضائية، لكن المدهش فى حظر النشر الذى صدر منها لبعض المتهمين فى قضية الأرض، أنه لا توجد حتى لافتة كحرز أو أى تهم تتسبب فى قرار حظر النشر، وأنها قضية تظاهر عادية جدًّا". وأوضح، أن قرار حظر النشر أثار دهشة المحامين، بعدما أعلن عنه، مضيفًا: "أن قرار حظر النشر جاء كمحاولة لتكميم الرأى العام المهتم بقضية الأرض، والشباب الذين تم إلقاء القبض عليهم، بعد تظاهرهم رافضين اتفاقية ترسيم الحدود، وخصوصًا أن أغلب المتهمين تم إلقاء القبض عليهم بشكل عشوائي". وأشار إلى أن المحكمة قررت اليوم نقل الشباب المحتجزين على ذمة القضية من معسكر الأمن المركزى إلى سجن الجيزة العمومي، بعد شكوى المحتجزين من سوء الوضع. بدوره طالب الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، بضرورة وضع ضوابط قضائية على قرارات حظر النشر، لأنها تخالف الأصل الدستوري. وقال فى تدوينه له على المواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك وتويتر": "لا بد من وضع ضوابط قضائية على قرارات حظر النشر بإتاحة الطعن عليها من ذوى الشأن أمام القضاء لأنها تخالف الأصل الدستورى العام وهو حق المواطنين فى المعلومات".