أثارت قرارات حظر النشر التي كثرت في الفترة الماضية دهشة وتساؤل العديد من القانونيين والحقوقيين والسياسيين، ففي عهد المستشار هشام بركات، النائب العام السابق، أصدر 8 قرارات بحظر النشر فى قضايا تتعلق بالرأي العام، ولم تتوقف مسيرة الحظر النشر عند هذا الحد، فقد استند المستشار على عمران، القائم بأعمال النائب العام، الذي جاء عقب اغتيال المستشار هشام بركات، إلى تلك الطريقة؛ إذ بدأ مهام عمله بحظر النشر في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات. واستكمل المسيرة المستشار نبيل أحمد صادق، النائب العام الحالي، وكان آخرها تلك التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول حجم الفساد في مصر. ومع توالي قرارات الحظر، بدأت أصوات المعارضين لتلك القرارات ترتفع، خاصة أنها مخالفة للدستور المصري؛ حيث إن المادة 68 تنص على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية". وأضافت المادة أنه "ينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمدًا، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون". وتعليقًا على ذلك قال القانوني طارق العوضي: من حق النائب العام أن يصدر قرارات بحظر النشر في قضايا تخص الأمن القومي، أو إذا كان النشر سيؤثر على سير التحقيقات بشأن متهمين ما زالوا هاربين سيتم ضبطهم؛ وبالتالي من حق النائب العام في هذا الأمر أن يحظر النشر. ولكن في الأونة الأخيرة بدأ حق حظر النشر يُستخدَم بشكل فضفاض يثير التساؤلات. وأضاف أن الرأي العام من حقه أن يتابع القضايا التي تخص المجتمع، وأن يحصل على معلومات كما نص الدستور، وخصوصًا تلك القضايا التي ترتبط بالمال العام، ما دامت تبتعد كل البعد عن الأمن القومي. وانتقد الفقيه الدستوري محمد غنيم استخدام حق حظر النشر في القضايا بهذا الشكل، خصوصًا إذا كانت قضايا فساد وإهدارًا للمال العام، قائلًا "من حق المواطنين التعرف على مصير أموالهم، ومن حقهم أن يعرفوا من يقوم بإهدارها. فالشعب هو أعلى سلطة في الدولة، وهو المراقب الأول والأخير؛ ولهذا على البرلمان أن تكون له وقفة حقيقية تليق بالشعب المصري في استخدام حظر النشر في قضايا يتورط فيها رجال من الدولة". وشدد على أن حظر النشر يُستخدَم في حالات تخص الأمن القومي فقط، مثل التخابر، وغير ذلك لا جدوى من استخدامه. وأكد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد أن "المواطنين لهم الحق في الحصول على معلومات وفقًا لما قرره الدستور في القضايا الخاصة بالرأي العام، ومنها قضية المستشار هشام جنينة، ولفت إلى أن نوعية تلك القضايا تخص رجالًا بالدولة، وحظر النشر في قضايا تتهمهم بالفساد يعني التستر عليهم، وهو ما حدث وقت مبارك؛ لذا استطاع رجاله أن يجمعوا ثرواتهم من قوت الشعب". وأضاف أن كل ما يخص القضية بما فيها لجنة تقصي الحقائق تم نشره، وتساءل: لماذا تم إصدار حظر النشر مع اقتراب الوقت المحدد الذي أعلن عنه المستشار هشام جنينة للرد بالمستندات، كما قال في تقريره الذي قدمه؟! مؤكدًا أن ما يحدث غير مفهوم، ويتنافى مع مبادئ حظر النشر، ويقيد من حرية الحصول على معلومات والتعبير.