النظام يسن قوانين مشددة لمواجهة النشطاء المعارضين بعقوبات تصل للسجن المؤبد بعد أن رفض موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، التجاوب مع دعوات الحكومة المصرية إلى فرض مراقبة على مستخدميه في مصر، تبنى البرلمان دعوات ومطالبات من شأنها التضييق عليهم، فيما أعلن إعلان الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب أن المجلس سيضع تشريعات لتنظيم استخدامه. ولم يكن أمر النيابة بضبط وإحضار خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات بالنقابة، بتهمة سب وقذف الداخلية وإهانة الشرطة، والدعوة لتكدير السلم العام والتظاهر ونشر تدوينات على موقعي التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر" تدعو لقلب نظام الحكم، المحاولة الأولى من نوعها التي تستهدف تخويف مواقع التواصل الاجتماعي الذي أصبح منبرًا قويًا لأصحاب التوجهات المعارضة للنظام. ويقول خبراء، إن الحكومة تسعى لإحكام السيطرة على موقع التواصل الاجتماعي لأنها تشكل لها صداعًا في رأسها، خاصة بعدما كانت السبب الرئيسي في اندلاع ثورة يناير والإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، وهو الكابوس الذي يطارد شبحه النظام الحالي، خوفًا من أن يلقى المصير ذاته، بحسب هؤلاء الخبراء. وقال النائب أحمد سميح، إن الحكومة تقدمت بمشروع قانون لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سيجرّم التجاوزات بحق الأفراد، عملاً بمبدأ أن الحرية الشخصية يجب ألا تتجاوز الحفاظ على حرية الآخرين. وأضاف سميح ل"المصريون"، أن القانون الذي واجه اعتراضات يتطلب وجود قاعدة معلوماتية دقيقة عن مستخدمي "فيس بوك" و"تويتر"، من خلال إجبار المستخدمين على إدخال الرقم القومي وبيانات البطاقة الشخصية عند التسجيل أو إنشاء حساب، أسوة بشركات المحمول ومعاقبة المسيئين ومروجي الشائعات. في الوقت الذي دعا فيه النائب جمال عقبى إلى حظر موقع "فيس بوك" بشكل كامل في مصر، بدعوى أن "أغلب مستخدميه يستخدمونه استخدامًا خاطئًا، إما لتأليب الرأي العام، أو التحريض على العنف". وأشار إلى "نشر صور فاضحة لعدة شخصيات تبين أنها مفبركة، من خلال حسابات مجهولة لشخصيات وهمية"، لافتًا إلى أنه سيتقدم بطلب إلى رئيس مجلس النواب لمخاطبة وزارة الاتصالات لإغلاق موقع "فيس بوك"، خاصة في ظل ما تتعرض له مصر من مؤامرات، خاصة وأن هناك دولاً منعت استخدام "فيس بوك" و"تويتر" عندما تعرض أمنها القومى للخطر". وتابع: "هناك مجموعات وصفحات تم إنشاؤها لابتزاز المسئولين مقابل أموال ومصالح شخصية، كما يقوم البعض بنشر صور فتيات لاستقطاب الشباب للحصول على أموال، فيما يقوم آخرون بالإعلان عن فرص عمل وهمية ويطلبون أموالاً مقابل منح الاستمارات الخاصة بهذه الوظائف للراغبين". وكان وزير الاتصالات السابق خالد نجم أعلن عن موافقة مجلس الوزراء على قانون مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات. وينص على التعريف بجرائم تكنولوجيا المعلومات التي لم يسبق تجريمها من قبل، وتحديد مجموعة الجرائم التي تدخل تحت هذا التصنيف، والأركان المادية الخاصة بتلك الجرائم، وكذا المسؤولية الجنائية للشخص المعنوى فى حال إدانته بأى جريمة، كما تم تشديد العقوبة فى حال وقعت الجريمة على الدولة أو أحد أجهزتها، برفع الفعل إلى الجنايات. تضمن مشروع القرار النص على العقوبات التكميلية كالمصادرة لأية أدوات استخدمت فى ارتكاب تلك الجرائم، أو التسهيل لارتكابها، وكذلك غلق المنشأة الذى ارتكبت من خلالها، وكذا غلق المواقع التى تقع على شبكة المعلومات وتمثل تهديدًا للأمن القومي. ويتضمن القانون عقوبات للجرائم الإلكترونية تتراوح بين الحبس عامًا وعامين أو الغرامة، أو الحبس والغرامة معا، كما يتضمن عقوبات تصل للسجن المؤبد فى الجرائم التى تؤدى للعنف، أو التحريض، أو ازدراء الأديان، أو تهديد الأمن القومى والسلم العام. وقال الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقًا، إن "الجريمة الإلكترونية مستحدثة ولا توجد لها عقوبة محددة بالقانون المصري"، مشيرًا إلى أن إصدار مثل هذا القانون نتيجة انتشار العنف والسب والقذف والتعرض للحياة الخاصة للأشخاص. وأضاف: "القانون يعد مناسبًا إذا لم يضيق على الحريات، لأن الدستور كفل حرية التعبير للمواطنين ولا يجوز استحداث قانون يقيد هذه الحرية وإلا يكون مخالفا للدستور". وأوضح، أن "القانون يستهدف الإرهاب والإرهابيين والأعمال المنافية للآداب"، مشيرًا إلى أن "الجرائم الإلكترونية ليست مثل الجرائم الجنائية، فالجرائم الجنائية تقع فى عالم واقعى محسوس ويمكن توثيق مكانها ومعرفة مرتكبها وزمن حدوثها، أما الجريمة الإلكترونية فتقع فى عالم افتراضي، فقد يرتكب شخص ما جريمة على "فيس بوك" ولا تعرف مكانه ولا تعرف إذا كان ذكرًا أم أنثى ولا يمكن تحديد عمره أو مواصفاته، فقد ينتحل شخصية أخرى لذا يصعب تحديد الجريمة وتتبعها". فيما قال اللواء عبد الرحيم سيد، الخبير الأمني، إن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يأتى فى إطار رغبة الدولة فى إحكام السيطرة على المعارضين، مشيرا إلى أن القانون مخالف للدستور الذى يضمن للمواطن حق التعبير عن الرأي. وأضاف، أن هذا القانون سوف يجرم أفعالاً لم تكن مجرمة من قبل، وأشار إلى صعوبة فى تحديد وضبط المجرم وتقديمه للعدالة، لأنه يتطلب التدخل فى سيادة دول أخرى، بالإضافة إلى صعوبة تحديد النطاق الإقليمى لهذا القانون ومكان الجريمة. وقال مالك صابر، خبير الاتصالات، إن السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعى ليست سهلة وليست مستحيلة، ولكنها تحتاج وقتًا، لأن هناك أكثر من وسيلة يمكن لمستخدمى الإنترنت الهروب من الرقابة بها، أبرزها أن لكل شخص بيانات مسجل بها فى الشركة الخاصة بالإنترنت ومن خلالها تتم معرفة مكان الشخص الجالس على الإنترنت، ولكن بعض الأشخاص تستخدم بعض البرامج لتغيير تلك البيانات لعدم تحديد أماكنها. اللواء جمال أبو ذكري، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أكد أن أجهزة الأمن تتبع الصفحات التى تمثل خطرًا على الأمن العام من خلال دعوتها للانقلاب على النظام وقلب مؤسسات الحكم، مشيرا إلى أن تلك الصفحات لها تأثيرها ويمكن من خلالها الحشد ضد النظام. فيما رأى العميد محمود قطري، الخبير الأمني، أن النظام الحالى لديه خوف مبالغ فيه من مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه يخشى من مواجهة نفس مصير نظام "مبارك" والذى كانت الشرارة الأولى للثورة عليه صفحة "كلنا خالد سعيد".