كثير من الانظمة القانونية فى العالم تفرض نوع من الرقابة على ماقع التواصل الاجتماعى وهى الرقابة الالكترونية والتي يقصد بها التحكم في نشر والوصول إلى المعلومات على الانترنت، وتنقسم إلى نوعين هما الرقابة النشطة التي تتم من قبل السلطات والرقابة الذاتية من قبل المواقع الالكترونية نفسها التي تتجنب الصدام مع الحكومات فتمتنع عن تقديم ما يتعارض مع النظام الحاكم وتمثل الرقابة على الانترنت وملاحقة مستخدمي التواصل الاجتماعي بصفة خاصة جزء أساسي من السلطة الأبوية التي تمارسها السلطات المصرية على المواطنين، حيث تتحكم الحكومة بهذا الأسلوب في ما يصل إلى الشعب من معلومات وأخبار وما يقومون بنشره وتداوله حسب ما يتوافق مع سياسة الدولة ونظام الحكم . والحقيقة أن الفيسبوك فى مصر تحول من مجرد ساحة للتواصل الاجتماعي والتعبير الحر إلى منصة سياسية تمثل خطورة ليست هينة على مستخدميها حيث أصبح أي شخص معرض أن يوجه له تهم جنائية لمجرد تدوينه بعض الأسطر على صفحته على فيسبوك ولذلك أنتشرت في الآونة الأخيرة العديد من حالات القبض على الأشخاص النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إثر تدوينهم أو كتابتهم لبعض المحررات الالكترونية على صفحاتهم على فيسبوك والتي من المفترض أن تكون صفحات شخصية لإبداء و تبادل الآراء والأفكار, ومثال على ذلك الناشط الساخر إسلام جاويش مؤسس صفحة الورقة. اسيذكر التاريخ أن موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك " كان له أٔهمية كبير في أحداث ثورة "25يناير" وفي أحداث الثورات العربية أيضا، إذ حولها من مجرد احتجاجات فردية ضيقة إلى تنظيم قوى قام بدور التعبئة الإيديولوجية للثورة فانقلبت من ثورة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ثورة حقيقية على أرض ميدان التحرير، فالإنترنت الذي أسقط نظام مبارك يعتبره الكثير من المتابعين للوضع انه أصبح الأن سلاحا في يد الشعب، فحركت مواقع التواصل الاجتماعي الشباب وكونت منهم جيشا على فيس بوك، فمصر الدولة الأولى في الشرق الأوسط استخداما للفيس بوك . ولقد حددت القواعد الإجرائية في القانون المصري الخاصة باستخدام فيس بوك صور التوصل لشخص مستخدم الفيس بوك ويعتبر التوقيع الإلكتروني أحد هذه الصور للتعرف على شخص المستخدم وهى مجموعة من الإجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته، والتوقيع الإلكتروني له حجيته في القانون المصري في المادة رقم 14 من قانون رقم 15 لسنة 2004. ويعتبر كتابة أي بوست أو محرر علي فيس بوك دليل يعتد بيه في الإثبات ، حيث أعترف المشرع المصري بالكتابة الالكترونية وبالمحررات الالكترونية، في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، بذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، وبناءا عليه قرر القانون المصري في حكم المادة رقم 15 من قانون رقم 15 لسنة 2004 الإعتداد بالمحرر الإلكتروني أيا كان صورته أو شكله في الإثبات وهو ما يعني إمكانية أن يكون المحرر الإلكتروني دليل أستخدمه علي الغير – فقد يستخدمه الغير عليك وتستخدمه علي الغير سواء كان هذا الغير شخص طبيعي أو شخص اعتباري.
كما يعتبرنسخ صورة من علي فيس بوك علي ورقة عادية دليل يؤخذ به في الإثبات ، الصورة المنسوخة على الورق من المحرر الالكتروني الرسمي حجة على الكافة بالقدر الذي تكون فيها مطابقة لأصل هذا المحرر ، وذلك مادام المحرر الالكتروني الرسمي والتوقيع الالكتروني موجودين على الدعامة الالكترونية، وفقا لما نظمه القانون رقم 15 لسنة 2004.
وبناءا عليه السب والقذف والتشهير علي فيس بوك يعاقب عليه بموجب قانون العقوبات في المواد 302، 306، 308 عقوبات وكذلك نشر صور أو فيديوهات إباحية علي فيس بوك معاقب عليه؟ حيث تندرج هذه الأفعال تحت جريمة "إتيان الأعمال الفاضحة علنية والتحريض على ممارستها" والمعاقب عليها وفقا لقانون العقوبات المصري ولذلك لا يجوز لأحد مطلقا بما في ذلك السلطات العامة جبر الأشخاص علي إفشاء المعلومات الخاصة بحساباتهم الإلكترونية و في حالة حدوث ذلك يعتبر تصرف باطل يترتب عليه بطلان ما تلاه من إجراءات حتي لو كانت قانونية ولقد نشرت إدارة الفيس بوك سياستها الامنية التى تكشف فيها عن إمكانية إعطاء بياناتك الشخصية للسلطات العامة في حالة صدور أمر قضائي أو قرار محكمة فإنه يجوز لإدارة فيس بوك تسليم بياناتك الشخصية للسلطات العامة، وذلك وفقا لما قررته إدارة فيس بوك. (يتبع الأسبوع القادم)
* دكتور القانون العام مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية و القانونية