وجه المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري, في بيان صحفي لمنظمة الإيسيسكو بالرباط, كلمة إلى الحفل الذي أقيم يوم الأحد في مدينة الأقصر, بمناسبة انطلاق حملة التوعية لترشيد استخدام مياه النيل والمحافظة عليها, والتي تنظمها وزارة الموارد المائية والري في جمهورية مصر العربية. وقال المدير العام للإيسيسكو في كلمته التي ألقيت بالنيابة: “تندرج هذه الحملة التي تنطلق اليوم من هذه المدينة الجميلة, من أجل التوعية بترشيد استخدام مياه النيل للمحافظة عليها, في إطار الجهود المبذولة في مجال حماية البيئة من التلوث, من جهة, والحفاظ على الموارد الطبيعية والتحكم في استخدامها من جهة ثانية”, موضحا أن الإفراط في استهلاك الموارد المائية, دون الإحساس بالمسئولية الأخلاقية والوطنية في المحافظة عليها, لا يؤدي إلى السحب من الرصيد المائي فحسب, بل ينتهي إلى الإخلال بالتوازن البيئي الذي إذا ما تفاقم خطره, أفضى إلى الكوارث الطبيعية التي تترتب عليها الأزمات الاقتصادية, بما تفرزه من مشكلات اجتماعية مختلفة”, مضيفا أن مياه النيل أمانة لأجيال المستقبل في أعناق الجيل الحاضر. وقال التويجري: “لست أريد أن أردد المقولة الشهيرة للمؤرخ المقدوني هيرودوت (مصر هبة النيل), فهذا النهر الخالد هبة من الخالق, سبحانه وتعالى, للدول التي يمر عبر أراضيها, وبخاصة مصر التي ينتهي أمره إليها, فمصر كنانة الله في أرضه ونيلها شريان الحياة, هبة عظمى من الله لا تقدر, والحفاظ على سلامة مصر وعلى نظافة نيلها وعلى استمرار مياهه في الجريان والتدفق, واجب ديني ومسؤولية مدنية جماعية يتحملها كل من يعيش على أرض مصر”. وأكد أن مقتضيات الترشيد في استخدام مياه النيل هي من شقين; شق قانوني, وشق أخلاقي, فلا يتم هذا الترشيد إلا بالشقين معا. وذكر أن القوانين إذا كانت تحكم معاملة المواطنين مع الموارد المائية, وتضع الضوابط وتحدد العقوبات, فإن التعاليم الدينية والأخلاقية العامة تربي في المواطن الاحترام العميق للمياه وحمايتها من الهدر وبين أن حملات التوعية تلبي الحاجة إلى نشر الوعي البيئي السليم, وإلى إشاعة ما نطلق عليه (الثقافة المائية) التي هي فرع عن الثقافة البيئية. وأشار إلى أن الإيسيسكو, التي تضم في عضويتها اثنتين وخمسين دولة, من ضمنها جمهورية مصر العربية, تقديرا منها لأهمية الترشيد في استخدام المياه, وقياما بواجبها العلمي في هذا المجال الحيوي, قد أعدت (استراتيجية تدبير الموارد المائية في العالم الإسلامي) التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في ماليزيا سنة 2003, وصادق على تجديدها المؤتمر الإسلامي الثاني لوزراء البيئة المنعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية في سنة 2006. وقال إن هذه الاستراتيجية تمث`ل الإطار العام للسياسة المائية في أبعادها المتعددة, التي يتوجب على الدول الأعضاء العمل بمقتضياتها. وأوضح أن الهدف من هذه الحملة الترشيدية, هو في بعده وفي عمقه, أحد الأهداف الرئيسة التي وضعتها استراتيجية الإيسيسكو لتدبير الموارد المائية, بحكم أن ترشيد مياه الأنهار, والمياه الجوفية بصورة عامة, هو من صميم تدبير الموارد المائية, بل هو قمة هذا التدبير, مشيرا إلى أنه في هذا الإطار تدخل إدارة الموارد المائية التي هي الأساس في السياسة المائية. وجاء في كلمة الدكتور عبد العزيز التويجري أيضا: “إن لنا في ديننا الحنيف, وفي سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام, موعظة وعبرة ودروسا لا تنتهي في ترشيد استخدام المياه في جميع الأحوال. فقد رأى رسول الله, صلى الله عليه وسلم, رجلا يتوضأ, فقال: لا تسرف, لا تسرف. وفي حديث آخر, أن النبي, صلى الله عليه وسلم, مر بسعد وهو يتوضأ, فقال : ما هذا السرف. فقال : أفي الوضوء إسراف. قال نعم, وإن كنت على نهر جار. والماء مكفول للجميع دون إسراف أو احتكار أو منع أو تعطيل, يقول الرسول, صلى الله عليه وسلم : (الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار)”. وأضاف أن في هذه الأحاديث الشريفة, وفي غيرها من أحاديث الرسول الكريم, ما يرسم لنا حدود استعمال المياه, ويوضح قواعد الترشيد الأمثل للمياه في جميع الأحوال, حتى وإن كانت الموارد موفورة تسد الحاجة ولا تنذر بالنضوب, لأن من تعلم كيف يستخدم الماء في الرخاء, عرف كيف يستعمله في الشدة.