سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    الاحتلال رفض 5 أسرى طالبت حماس بالإفراج عنهم والقائمة الكاملة ليست جاهزة    إجراء عقابي محتمل من ترامب ضد النرويج حال عدم منحه نوبل للسلام وصحيفة تكشف ما يحدث    «ابني مات بجرعة مخدرات».. كيف أقنع مبعوث ترامب «بن جفير» بإنهاء حرب غزة؟    بمشاركة دغموم.. الجزائر المحلي ينتصر على فلسطين بثلاثية وديا    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    غرقت في ثوان، 13 صورة ترصد كسح مياه الأمطار من شوارع وميادين العجمي بالإسكندرية    بسبب محل.. التحقيق مع مسؤول بحي العمرانية لتلقيه رشوة من أحد الجزارين    طقس مائل للحرارة نهارًا ومعتدل ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الجو اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 في مصر    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    4 أعشاب سحرية تريح القولون وتعيد لجهازك الهضمي توازنه الطبيعي بشكل آمن    اليوم.. انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بالبحيرة لاختيار 4 أعضاء    استدعاء كريم العراقي لمعسكر منتخب مصر الثاني بالمغرب استعدادًا لكأس العرب    محمد العدل: 3 أشخاص كنت أتمنى تواجدهم في قائمة الخطيب    حبس ديلر المخدرات وزبائنه في المنيرة الغربية بتهمة حيازة مخدر البودر    اليوم، انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء    حماس: حصلنا على الضمانات.. والحرب انتهت بشكل كامل    رسميًا.. موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر وانخفاض درجات الحرارة (تفاصيل)    متى يتم تحديد سعر البنزين فى مصر؟.. القرار المنتظر    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    رئيس فولكس فاجن: حظر محركات الاحتراق في 2035 غير واقعي    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    وليد صلاح الدين: لا إصابة مزمنة لأشرف دارى وعودة قريبة لإمام عاشور فى الأهلي    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    سعر الذهب اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.. الجنيه الذهب ب42480 جنيها    منتخب المغرب يهزم البحرين بصعوبة وديا (فيديو)    وزير الخارجية الإيطالى يشكر مصر والوسطاء على جهود التوصل لاتفاق سلام فى غزة    النيابة تصدر قرارًا ضد سائق وعامل بتهمة هتك عرض طالب وتصويره في الجيزة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس الجمعة 10 أكتوبر وأماكن سقوط الأمطار    أسامة السعيد ل إكسترا نيوز: اتفاق شرم الشيخ إنجاز تاريخي أجهض مخطط التهجير ومصر تتطلع لحل مستدام    اتحاد كتاب مصر ينعى الناقد والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة    محافظ شمال سيناء: اتفاق وقف الحرب لحظة تاريخية ومستشفياتنا جاهزة منذ 7 أكتوبر    شيماء سيف: «أنا نمبر وان في النكد»    "كارمن" تعود إلى مسرح الطليعة بعد 103 ليلة من النجاح الجماهيري.. صور    كريم فهمي يكشف حقيقية اعتذاره عن مسلسل ياسمين عبد العزيز في رمضان 2026    كيف يحافظ المسلم على صلاته مع ضغط العمل؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    زاخاروفا: الجهود المصرية القطرية التركية لوقف حرب غزة تستحق الإشادة    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    د. عادل مبروك يكتب: كيف ننقذ صحة المصريين؟    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    بيفكروا قبل ما يطلعوا الجنيه من جيبهم.. 5 أبراج بتخاف على فلوسها    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    فلسطين.. تجدد القصف الإسرائيلي شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة بحث عن 500دواء مختفٍ في مصر
نشر في المصريون يوم 27 - 09 - 2015

المرضى على باب "شكاوى الأدوية": "بنلف كعب داير" بحثًا عن علبة دواء.. ولبن الأطفال ودواء القلب الأكثر اختفاءً
- المركز المصرى للحق فى الدواء يعد قائمة بعقاقير علاج الأمراض المزمنة.. ويؤكد: 18 مليون مريض مهددون بالخطر
- الباحثون ومخترعو العقاقير يطالبون الحكومة بحق تأسيس شركات لإنتاج الأدوية.. ولجنة تنسيقية للتواصل مع مصنعى الدواء
- د. محمود فؤاد: 90% من الأدوية أقل من 15 جنيهًا.. وشركات الأدوية تضغط على الصحة لرفع سعر الدواء
- د. مكرم سيد مهنى: 80% من خامات الأدوية نستوردها من الخارج.. وارتفاع سعر الدولار رفع من أسعارها
- د. محمد البهي: جهة سيادية أوقفت استيراد الكيماويات لأنها تدخل فى صناعة المتفجرات

"مش لاقيين علبة دواء.. وبنلف كعب دائر على شريط واحد.. وحتى الأطفال مش لاقيين ليهم علبة لبن".. بتلك العبارات الصارخة اضطرت الحاجة فوزية جمال، ابنة مدينة طوخ، إحدى مدن محافظة القليوبية، والتى اضطرت للحضور إلى القاهرة مبكرًا للوقوف فى طابور لا ينتهى على باب مكتب شكاوى الأدوية التابع للشركة المصرية لتجارة الأدوية بشبرا.

جلست الحاجة فوزية، التى لم تتجاوز الرابعة والخمسين من عمرها، على أقرب صخرة تحت ظل صغير أسفل جدار المكتب، رفعت رأسها الملتحف بطرحة سمراء لتقول بصوت عالٍ لإحدى الفتيات: "أنا وراكى يا بنتي.. هريح شوية لحسن رجلى مش شايلاني"، ثم عادت لتدفن رأسها بين كفيها ألمًا وحسرة.

"لمؤاحذة يا بنتى هقوم بس أريح شوية".. أول كلمة قالتها لى الحاجة فوزية بمجرد أن وضعت يدى على كتفيها، فقد ظنت أننى موظفة بمكتب الشكاوى أدعوها لمغادرة ظل الجدار، ولكنها وبمجرد أن أفصحت عن شخصيتى راحت تسيل عبارات غير مرتبة عن همومها، "جاية من صباحية ربنا.. مش لاقيين دواء القلب من أسبوعين.. الراجل مركب جهاز ينظم قلبه ومش لاقيين دواه.. ومفيش غيرة ينفع ليه.. سيبت بيتى الساعة الخامسة فجرًا عشان ألحق الطابور من أوله.. برضو جيت لقيت الشباك مليان على آخره".

ما خرج من لسان الحاجة فوزية لم يكن حديثًا عشوائيًا كما تصورت، ولكنه لسان حال ما يقرب من ألف مصرى يقفون على باب شكاوى الأدوية التابع للشركة المصرية لتجارة الأدوية، فلكل منهم قصة يرويها عن معاناته بحثًا عن علبة دواء أو حتى شريط واحد، والكارثة أن أغلبهم يكاد يسقط من أثر المرض والانتظار معًا.

وطبقًا لإحصاءات المركز المصرى للحق فى الدواء، فإن عدد الأدوية الناقصة بالسوق المصرية بلغ نحو 500 مستحضر دوائي، وأن هذا الرقم كان قد اقترب من ألف نوع منذ شهرين، ورغم أن وزارة الصحة لا تمتلك عددًا رسميًا حقيقيًا، إلا أنها تؤكد أن عدد الأدوية لم يتخط 50 نوعًا فقط، فى حين خرجت قائمة اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين لتؤكد اختفاء 135 دواءً.
قائمة المختفى
ورغم أن أغلب طوابير مكتب شكاوى الأدوية التابع للشركة المصرية لتجارة الأدوية كانت بحثًا عن أدوية القلب وعلى الأخص "الكردوران" ولبن الأطفال المدعم، إلا أن القائمة التى أعدتها اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين والمركز المصرى للحق فى الدواء، ضمت أدوية مهمة وخطيرة للأمراض المزمنة.

وقد ضمت القائمة أدوية الأنسولين والإيفيدرين والأتروبين وأدرينالين وتيراميسين وميفنيكول، وغيرها، فضلاً عن اختفاء كل من عقار سورريستريت المستخدم للفشل الكلوى وارتفاع نسبة البوتاسيوم فى الدم، وعقار سوليوكورتيف أمبول لعلاج أزمات الربو الحادة وحساسية الصدر، وأدوية "ميوكوسولفان" للأمراض الصدرية ومثيله "ميكو"، و"بيسولفون" للأمراض الصدرية ومثيله "سولفين"، و"فلورست" لنزلات البرد والأنفلونزا ومثيله "باوركولد وفلو اقرأص ونوفاسى" وغيرها من أدوية مرضى القلب والكبد والسكر والسرطان والكلى.

"ملناش دعوة.. الدواء اللى بييجى بنصرفه علطول".. هكذا دافع أصحاب الصيدليات عن أنفسهم، مؤكدين أن مصر بها ما يقرب من 50 ألف صيدلية، يعمل بها 30 ألف صيدلى فقط، وأن هناك أكثر من 40 ألف صيدلى اضطر للسفر إلى دل الخليج بحثًا عن عمل، مبينين فى الوقت نفسه أن أكثر من 80% من الصيدليات لا يوجد بها صيدلى متخصص.

يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه مجموعة من الصيادلة وعلماء الكيمياء الصيدلية والدوائية عن أكبر حملة لإنتاج المواد الخام الدوائية فى مصر على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر"، لتأمين الصناعة الدوائية عن طريق إنتاج المواد الفعالة الدوائية بدلاً من الاستيراد من الخارج، لحماية الأمن القومى المصرى من الخطر إذا حدثت حروب أو أزمات توقف عملية الاستيراد.

الحملة التى ضمت المئات من خبراء وعلماء الكيمياء الدوائية بالمراكز البحثية المختلفة والجامعات لتكوين رأى عام ضاغط فى مصر على القطاع العام والخاص ونقابة الصيادلة والجهات المعنية للبدء فى مشاريع لإنتاج المواد الخام الدوائية فى مصر عن طريق إنشاء مصانع لإنتاج المواد الفعالة والمواد الخام اللازمة لإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية.

وقد أكد الدكتور محمد نصار، المنسق العام للحملة، أن هذه الحملة نتاج أفكار وتطلعات شباب من صيادلة مصر وليست تابعة لأى حزب أو قوى سياسية، موضحًا أن الحملة قدمت تسعة مقترحات لتطوير جميع مصانع القطاع العام التى تقوم بإنتاج المواد الخام الدوائية أو إنشاء مصانع جديدة، والضغط على الشركات متعددة الجنسيات التى تمتلك مصانع لإنتاج الأدوية فى مصر لعمل تراخيص من الشركات الأم لإنتاج المواد الفعالة التى تستخدمها فى تصنيع أدويتها داخل مصر بدلاً من استيرادها من الخارج، على أن تتم زيادة الضرائب على المواد الخام الدوائية المستوردة وإلغاء الضرائب أو تخفيضها جدًا على مثيلاتها المنتجة محليًا.

وكشفت الإحصاءات الأخيرة أن عدد المصانع فى السوق المصرية يصل إلى 160 مصنعًا، وكان من المفترض افتتاح 120 مصنعًا خلال الأربعة أعوام الأخيرة لولا الاضطرابات السياسية، تدر دخلاً على الاقتصاد المصرى يصل إلى 34 مليار جنيه، وتعتمد على 900 باحث فى الكيمياء الدوائية، وتغطى احتياجات السوق المصرية وتقوم بتصدير 8% فقط من إنتاجها، فى حين تستحوذ الأردن على 80%.

الدكتور محمود فؤاد، رئيس الجمعية المصرية للحق فى الدواء، نفى أن يكون هناك أى ضغوط أجنبية لتصنيع الدواء المصري، فى ظل وجود قوانين تحمى صناعة الدواء من المافيا الدوائية العالمية، مماثلة لقوانين الملكية الفكرية، مبينًا أن مصر لم تستفد من تلك البنود كونها لا تنفق على الأبحاث العلمية المخصصة للكيمياء الدوائية، وأن الدولة المصرية أهملت صناعة الدواء على مدار 30 عامًا.

وأكد فؤاد أن أزمة نقص الأدوية من الأسواق مفتعلة، وأن الشركات تفتعل هذه الأزمة للضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار الدواء من خلال امتناعها عن تصنيع العديد من الأدوية المهمة منخفضة السعر، مشيرًا إلى أن 80% من الأدوية الناقصة تقل أسعارها عن 15 جنيهًا، وأن الشركات بافتعال تلك الأزمة ترغب فى رفع الأسعار لتفادى الخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار الدولار وزيادة أسعار الإنتاج.

وقال فؤاد، إن الدول الأوروبية وبعض الدول العربية مثل تونس إذا توقفت لديها إحدى شركات الدواء عن تصنيع صنف لمدة ستة أشهر تسحب منها خط الإنتاج وتمنحه لشركة أخرى جادة، لأن الدواء أمر استراتيجى لا هزل فيه، أما فى مصر فيمكن أن تغلق إحدى الشركات خط الإنتاج وهى تعلم جيدًا أن الدولة لا يمكن أن تتخذ أى أمر عقابى لعدم وجود قانون، مضيفًا أن وزارة الصحة استجابت لطلبات بعض الشركات، وقامت برفع أسعار العديد من الأدوية خلال الفترة الماضية أبرزها حقن الهرومونات وحقن الصبغة وأدوية الكبد، إضافة إلى رفع أسعار ألبان الأطفال بنسب تتراوح بين 25 و50%.

وأشار مدير المركز المصرى للحق فى الدواء إلى أن جميع التوقعات تقول إن الكثير من الأدوية المختفية ستقوم شركات الدواء برفع أسعارها قبل طرحها مرة ثانية فى الأسواق، مؤكدًا أن الشركات الحكومية تمتلك نحو 600 دواء تتراوح أسعارها بين 80 قرشًا و11 جنيهًا، فى الوقت الذى تنتج الشركات الخاصة والأجنبية المثائل والبدائل لنفس الأدوية بأسعار تبدأ من 11 جنيهًا وحتى 63 جنيهًا.

على الجانب الآخر، أكد الدكتور مكرم سيد مهنى، رئيس مجلس إدارة شركة جوبال نابى للأدوية، أن السبب الأول فى أزمة نقص الدواء فى السوق المصرية يعود إلى أن 80% من خامات الأدوية تستورد من الخارج ولا تصنع داخل مصر، مبينًا أن ارتفاع أسعار الدولار أدى إلى زيادة أسعار الخامات، فأصبحت الشركات تخسر فى استيراد الخامات وتصنيعها وبيعها بنفس الأسعار، وأن الكثير من دول العالم تستورد الخامات الدوائية ولا تصنعها.

وأكد مهنى أن دخول مصر لصناعة الخامات الدوائية لن يحل أزمة الدواء، فالخامات الدوائية لها أسواق عالمية وأسعار عالمية، وإذا حاولت مصر أن تدخل مجال تصنيعها سيكون التصنيع أعلى سعرًا من الأسواق العالمية، خاصة أن مصر لن يمكنها أن تنافس الهند والصين فى الصناعة والسعر، نافيًا أن تكون المادة الفعالة فى الدواء المصرى غير مجدية صحيًا، وأن الدواء المصرى يغطى 82% من احتياجات الشعب المصري، فإذا كانت المادة الفعالة ناقصة كيف تعالج مرضى الضغط والسكر وغيرهم من المرضى، مضيفًا أن الدواء لا يحصل على رقم تسجيل من وزارة الصحة قبل أن يخضع لاختبارات فى معامل وزارة الصحة، مؤكدًا عدم وجود أى نوع من الضغوط الخارجية من شركات الأدوية العالمية.

فيما يرى الدكتور محمد البهي، نائب رئيس غرفة الأدوية باتحاد الصناعات، أن أزمة الدواء الأخيرة تعود لإحدى الجهات السيادية فى مصر التى أصدرت قرارًا بإيقاف استيراد الكيماويات حرصًا على الأمن القومي، حتى لا تدخل خامات كيماوية فى تصنيع المفرقعات، مبينًا أن المخابرات الحربية أصدرت أخيرًا للجمارك استثناء للإفراج عن خامات الأدوية دون انتظار لنتائج التحليل، وبالتالى ستكون الأدوية المؤثرة على المريض مثل دواء "الكوردورون" متوفر فى بالصيدليات خلال يومين.

وقال بهى إن البعض يبالغ فى عرض أزمة الدواء، وإن كل دواء أصلى يتوفر له فى الأسواق 11 بديلاً بنفس المادة الفعالة، ولكن المشكلة أن المريض تعود على اسم تجارى بعينه، فهو يرفض أى دواء بأى اسم آخر، ويشعر أنه لن يتحسن عليه، وأن أكثر من 80% من الأدوية الناقصة ناقصة للمريض وليست ناقصة بالأسواق، مشيرًا إلى أن هذه الأدوية عبارة عن أدوية أمراض معتادة كأقراص الأنفلونزا ونقاط الأنف والأذن وغيرها من الأدوية التى تصرف من رف الصيدلى دون الرجوع إلى الطبيب، وهذا ما يجعل المريض يصر على اسم دواء بعينه ولا يرضى بأى دواء آخر يعرضه عليه الصيدلى.

الكارثة الحقيقية التى يرى الدكتور بهى أنها تواجه الدواء المصري، أن بعض جمعيات حقوق الإنسان تقوم بتشويه واضح لسمعة الدواء المصرى بأن المادة الفعالة التى تدخل فى تكوينه أقل من المادة الفعالة التى تدخل فى تكوين الدواء المستورد، مشيرًا إلى أن هذا التشكيك ليس له أساس من الصحة، فالدواء المصرى يعرض على إدارة مركزية لشئون الصيدلة التى تسحب أى دواء من السوق يكون فاعليته أقل من المعدل الطبيعي.

وأضاف بهى أن رؤساء ثلاث شركات دواء قطاع عام تم عرضهم على التحقيق لأنهم حققوا خسائر 150 مليون جنيه العام الماضى بسبب أن سعر تكلفة الدواء أعلى من سعر بيعه، وأن هذه الشركات مرشحة لأن تخسر هذا العام 200 مليون جنيه لنفس السبب، ورغم ذلك لا يمكن أن تتوقف عن إنتاج الدواء، مطالبًا أن يحدث نوع من التحريك فى أسعار الأدوية المحلية لتحقق هامش ربح بسيط يمكنه أن يغطى الخسائر ويغطى تطوير صناعة الدواء فى مصر، خاصة أن شركات الأدوية لا تطلب أكثر من ربح 40 قرشًا فى العبوة الواحدة.

وأشار بهى إلى أن مصر تأخرت كثيرًا فى صناعة الدواء شأنها شأن كل الصناعات، فالإرادة السياسية للدولة على مدى عقود لم تكن إرادة صناعية ولكنها إرادة تجميعية، فأكثر من 80% من صناعات الدواء صناعة تجميعية، قائلاً: "إن الشركات العالمية من مصلحتها أن تظل مصر مستوردة للدواء وليست دولة مصنعة، لأنها تبيع لها الدواء بأضعاف سعر تصنيعه، والكارثة أن الإرادة السياسية للدولة تتفق مع هذه الضغوط، وبالتالى لا يجب أن نتحدث عن الضغوط الدولية لأن الضغوط المحلية أكبر، وإذا ظلت مصر على هذه الحال وتآكلت صناعة الدواء واعتمدنا على الاستيراد بالكامل فلن يتحمل الاحتياطى النقدى المصري، ولذلك يجب أن نحافظ على الصناعة ونتوقف عن التشكيك".

أما الدكتور مصطفى العوضي، أستاذ علم الوراثة الجزيئية بالمركز القومى للبحوث والحاصل على جائزة النيل لسنة 2014، عقب اختراعه لقاحًا واقيًا ضد فيروس سي، فيقول إن الأدوية عبء كبير على موازنة الدولة، فبالرغم من أن فيروس سى ظهرت له مجموعة من الأدوية العلاجية الحديثة الناجحة مثل عقار سوفالدى وغيره من المضادات الفيروسية، إلا أن معدلات الإصابة ونقل العدوى أصبحت كثيرة جدًا، بداية من الوعى الصحى الغائب فى أذهان المصريين ونهاية بالأخطاء التى ترتكبها شركات الأدوية والمستشفيات وعيادات الأطباء، فمعدل الإصابة فى مصر فى فيروس سى على سبيل المثال يصل ما بين 150-170 ألف حالة سنويًا، وبالتالى لا حل عمليًا إلا بالقضاء على منبع الفيروسات من خلال الاهتمام باللقاحات والعقاقير.

وأوضح العوضى أن الكثير من معامل ومؤسسات العالم تسعى لإنتاج اللقاح، ولكنه وفريقه استخدموا أسلوبًا مبتكرًا، فالمشكلة التى تواجه الجميع فى إنشاء أى لقاح أن التركيب الوراثى للفيروس يتغير، وهذا يجعل اللقاح بعد فترة غير فعال، فالجزء الذى يعتمد عليه الفيروس هو الجزء الذى يتغير، مبينًا أنه استخدم نوعين من العلوم لحل هذه المشكلة، الأول له علاقة بعلم المعلوماتية الحيوية أو التحليل الإحصائى للبحث عن الأماكن الثابتة وراثيًا بين أنواع الفيروس المختلفة وعلى الأخص أنواع الفيروس الموجودة فى مصر، أى القائم بإجراء بحثى على أربعين ألف جنس من أجناس فيروس سي، والثانى ممثل فى علم كيمياء الحالة الصلبة، ومن خلاله استطاع تخليق بروتينات قصيرة جدًا تصل طولها من 12 وحتى 20 وحدة، والبروتينات عادة تصل طولها إلى 3000 وحدة، موضحًا أن قصر البروتينات يجعلها لا تسبب للمريض صدمات مناعية تسبب الوفاة كما تفعل البروتينات المعتادة.

وأشار العوضى إلى أن البروتينات القصيرة قادرة على تنشيط الجهاز المناعى للإنسان، فإذا حقن بمجموعة من هذه الجزيئات القصيرة تتوقف دورة حياة الفيروس، فجزء من الأجسام المضادة توقف تعرف الفيروس على الخلية الكبدية فيفشل الفيروس فى الدخول، وفى حالة دخوله للخلية تتعرف الجزيئات على الخلايا المصابة وتواجهها وتدمرها حتى لا ينتشر الفيروس.

وأكد العوضى أنهم طبقوا التجارب المعملية على اللقاح، ونجحت جميعها، كما أنهم أجروا تجارب استكشافية على عدد من المرضى المصابين بموافقة لجان الأخلاقيات الخاصة بالمعاهد البحثية، لدراسة الأعراض الجانبية للقاح على الجسد البشري، مشيرًا إلى أنه بالرغم من أن الجهاز المناعى للمصاب يكون ضعيفًا وغير متوقع أن يقاوم المرض إلا أن حقن اللقاح نشط الجهاز المناعى حتى أن الفيروس انخفض فى بعض الحالات واختفى فى حالات أخرى، مؤكدًا فى الوقت نفسه، أن هذا لا يجعل اللقاح دواءً علاجيًا وإنما هو دواء وقائي، المطلوب منه أن يكسب الجسم السليم مناعة تقاوم المرض إذا تعرض للإصابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.