وزير الدفاع الصيني: سنتحرك بحزم وقوة لمنع استقلال تايوان    وسام أبوعلي: معظم عائلتي استشهدت    «الأرصاد»: طقس الأحد شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 37 درجة    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    إنفوجراف| ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الأحد 2 يونيو    مبروك للناجحين وأوائل 3 إعدادي..رابط سريع لنتيجة الشهادة الإعدادية 2024 الترم الأول في الفيوم    32 لجنة تستقبل 5 آلاف و698 طالبا لأداء امتحانات الثانوية الأزهرية بكفر الشيخ    منصة ستيم لألعاب الكمبيوتر: حسابات ألعاب المستخدمين غير قابلة للتوريث    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس شعبة المخابز يتحدث عن تطبيق قرار الخبز    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ محمد سيد طنطاوي في ذكراه

إن علماء الأزهر الشريف وشيوخه الذين تربوا في أحضانه نشأوا في ظل تعاليم الإسلام، يساندون الحق أينما وجد، ولا يخافون في الله لومة لائم والتاريخ يشهد بمواقفهم الشجاعة التي كانوا يصدون بها كل من وقف في طريق الحق، وحاد عن طريق الجادة والصواب، كما أن التاريخ يسجل لهم بعض تلك المواقف بمداد من ذهب على صفحات من النور، ليثبت للعالم بأسره قديماً وحديثاً أن شيوخ الأزهر قاموا بأداء الرسالة الدينية والسياسية على أكمل وجه، وأنهم كانوا يساندون الحق ويقفون بجواره ويزلزلون الظلم ويقاومون المعتدي والمارق بشتى أنواع الطرق.
كل ذلك يبين أن هناك مواقف خالدة لعلماء الأزهر وحرص شيوخه على أداء رسالته الدينية العادلة أمام التاريخ.
وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر السابق (رحمه الله) الذي ننشر هذا المقال بمناسبه ذكرى وفاته الخامسة، يعد واحداً من قمم مشايخ الأزهر الشريف الذين تعاقبوا على هذا المنصب العظيم والرفيع.
وشخصية فضيلة الإمام شخصية عظيمة وفريدة من نوعها، يتعامل مع الأحداث والمستجدات بواقعية وموضوعية فائقة، وعادة ما ينطق وجه فضيلته بما يفصح عن داخله ومكنون نفسه، فتقرأ المعاني في تعبيرات وجهه السمح قبل أن ينطق بها في كلمات ، وفي كل تجعيدة وجه وانطلاقة لفظه تلمس الصدق ناطقاً والحكمة فياضة والمنطق ناصعاً.
ولد رحمه الله في 28 أكتوبر 1928 بقرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج. تعلم وحفظ القرآن في الإسكندرية، وتولى مشيخة الأزهر من عام 1996 إلى 2010، وتوفي في الرياض بالمملكة العربية السعودية صباح يوم الأربعاء 24 ربيع الأول 1431 ه الموافق 10 مارس 2010.، عن عمر يناهز 81 عاما إثر نوبة قلبية تعرض لها في مطار الملك خالد الدولي عند عودته من مؤتمر دولي عقده الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها عام 2010، وقد صليَّ عليه صلاة العشاء في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة ووري الثرى في مقبرة البقيع.
وفضيلة الإمام الأكبر منذ توليه مشيخة الأزهر الشريف إلى وفاته وهو يؤدي دوره بأمانة وفاعلية وأبقى الأزهر كما هو عليه يؤدي رسالته لمصر والعالم الإسلامي على أكمل وجه في سبيل المحافظة على مكانة الإسلام وتراثه الخالد العظيم.
وإنه لمن العسير أن أكتب عن فرد من أفراد الزمان، وعلم من أعلام الإسلام وشيخ من المشايخ الكبار لأكبر وأعرق وأعظم مؤسسة إسلامية وتعليمية على مستوى العالم بأسره وهو الأزهر الشريف.
إنه من العسير والصعب أن أكتب عنه في كلمات قليلة يجرها القلم يشعر المرء منها أنني لم أوفه حقه، فبعد كل كلام سيكون ذلك العلم والشيخ أكبر مما قيل وتظل حقيقته أعلى مما سطر.
والشخصية تتكون من العقلية والنفسية، فالعقلية تنمو بالعلم والربط الصحيح بين المعلومات والسعى الحثيث نحو الانتقال من الفكر السطحي إلى النفاذ إلى الفكر العميق الذي يسعى لمعرفة حقائق الأشياء ثم النفاذ بذلك كله إلى الفكر الحر المستنير الذي يربط الأسباب بمسبباتها ويربط العالم بخالقه سبحانه وتعالى.
وأما النفسية فتنشأ عن الإخلاص والعمل، ولقد وصل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في الناحيتين إلى المنتهى، ففسر كتاب الله تعالى، وأحيا سنة رسول الله بين الناس، ونشر الخير فيهم، وأقام الحق بينهم بما لا نوفيه بكثرة الكلام حقه… عقلية ونفسية تكون شخصيته فريدة هى حجة من حجج الله تعالى على الناس في ذلك العصر شديد التدهور لا سيما وأن حياة الإمام الأكبر تؤثر إيجابياً في نفوس الشعوب المسلمة، وتمنح المسلمين قوة ومدداً باعتباره رمزاً للمسلمين في كل مكان.
احتل الإمام مناصب عديدة ومرموقة، ووصل إلى أعلى المراتب لكنه لم ينقطع عن التدريس والإفادة فدرس التفسير والحديث وعلوم القرآن، وتخرج عليه جمع من الفضلاء .
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أنه قد نال خطاً وافراً من الشهرة والمكانة العلمية ولا عجب في ذلك ولا غرابة فهو من البارزين وقمم الفكر في عصره.
هذا والتراث العلمي الضخم الذي يملأ المكتبة العربية والإسلامية الذي ألفه فضيلته ليدل على أنه علم من أعلام الإسلام ونابغة من نوابغ العلم، ففضيلة الإمام بإخلاص نيته وطموحه الكبير وهمته العالية وعزيمته الصادقة وأخلاقه الكريمة، وصفاته النبيلة تعرض لنفحات ربه، فأفاض عليه من جوده ومنحه التأييد والتسديد، وقذف في قلبه نور العلم والمعرفة فأصبح بحراً زاخراً وبدراً باهراً وروضاً زاهراً، ينير العالم بأشعة معارفه ويضيئه بأنوار علومه، ويعطر الحياة بثقافته وأفكاره، ويرصعها بدرره وجواهره.
وعلى الجملة يمتاز بنبالة النفس، وسخاء الكف، وحسن التواضع، ونزاهة اللسان، ونقاء السيرة ووفرة العلم ذكياً تقياً.
فهو من الفضلاء الذين طبعهم الله على الخير ومن الأئمة الكبار الذين طار ذكرهم في الأفاق وانتشر أمرهم في الأقطار.
كما أنه من الذين بخل الزمان أن يجود بمثلهم، وعقمت الأيام أن تنجب أشباههم ومن النجباء الأذكياء أصحاب العقل والرأى والدهاء. كما أنه من أهل التحقيق والإتقان والمعرفة والإيقان أستاذاً مفيداً علماً وعملاً.
وكان فضيلة الإمام الأكبر الراحل يتمتع بمكانة علمية وأدبية كبرى في عصرنا الحاضر، وقد أتاه الله تعالى براعة فائقة، وبياناً بليغاً عجيباً يأخذ بألباب الطلبة والمحصلين في توضيح المسائل، وتحقيق الدلائل وكشف المعضلات وحل المشكلات.
ففضيلته يغوص بثاقب فكره في بحار العلوم والمعارف لا سيما في علم التفسير لاقتناص درر الشريعة المحمدية الغراء.
وخير شاهد على ذلك ما أنتجته قريحته من تراث علمي ضخم سيظل مفخرة له على مر العصور والأزمان، وهذا يدل بوضوح على مكانته العلمية المرموقة لم يختص بنوع واحد من العلوم بل إنه موسوعة علمية متحركة تكشف لنا عن دقة فهمه، ورجاحة عقله، وسلامة اجتهاده حتى أذعن له القريب والبعيد، مما أثر في حركة الفكر الإسلامي تأثيراً مباشراً، وهذا بدوره أثر إيجابياً على حركة الدعوة الإسلامية في شتى أنحاء العالم.
ولقد أظهرت مصنفاته الكثيرة المتنوعة سمو مكانته وعلو درجته في جميع ميادين العلوم والفنون التي خاضها وكان مبرزاً فيها. وتحلت مصنفاته كلها بالابتكار والتميز لغة وأسلوباً بحثاً وتنقيباً تدقيقاً وتحقيقاً جمعاً وتنسيقاً ، تنظيماً وترتيباً، حتى ألزمت القريب والبعيد بالإذعان لإمامته ومشيخته ولو لم يكن له من المصنفات إلا كتابه( التفسير الوسيط) لكفى دليلاً علة علو كعبه في العلم وسمو مكانته في سماء الفكر الإسلامي، فهو كتاب نسيج وحده في عصره وجاءت مؤلفاته في غاية الجودة والإتقان، والدقة والإحكام تنم عن عقل واعٍ وذهن ثاقب ، وفهم دقيق، لأنه يتأنى ويتثبت في كتاباته مع طول البحث، وإدامة الفكر وعمق النظر فطبعت بطابع الدقة والتركيز بما حوته من مادة علمية خصبة وحسن ترتيب وجودة صناعة.
ولفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي (رحمه الله) دور كبير وفاعل في بعث الحضارة ونشر التراث للارتقاء بمستوى الفكر الإسلامي، والوصول به إلى أسمى الغايات، وذلك لأن الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم البشر ورقى الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة.
كما تهتم تلك الهيئة ( الأزهر) ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها وتعمل على رقى الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأى فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن الكريم وتخريج علماء عاملين متفقهين في الدين يجمعون إلى الإيمان بالله تعالى والثقة بالنفس وقوة الروح كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة والربط بين العقيدة والسلوك وتأهيل عالم الدين للمشاركة بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وفي عهده رحمه الله اهتم الأزهر الشريف بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية.
وشيخ الأزهر الراحل هو صاحب الرأى في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن الكريم وعلوم الإسلام وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته ويرأس المجلس الأعلى للأزهر فشيخ الأزهر إذن هو الذي يمثل الأزهر بكل أبعاده ومن هنا نجد أن المنصب رفيع والدرجة عظيمة لا يصل إليها إلا الأفذاذ المبدعون، فكان منهم فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي رحمه الله الذي قام بجهود جبارة في ميدان الفكر الإسلامي، وكذلك بذل جهودا مشكورة سجلها له التاريخ في قيادة حركة الدعوة الإسلامية في عصرنا الحديث.
هذا وقد رأى الأزهر أنه من الواجب عليه أن يمتد نشاطه في الدعوة الإسلامية إلى الخارج فأرسل من العلماء من يقومون بنشر تعاليم الشريعة الإسلامية بين جميع الدول العربية وغيرها ليتفهموا حقيقته والتبشير لمن يريدون اعتناق هذا الدين.
وانساب علماء الأزهر إلى بقاع كثيرة من الأرض كإفريقيا وآسيا، وبعض هؤلاء المبعوثين كانت تستدعيهم الهيئات والحكومات من الخارج وبعضهم كان يتعاقد شخصياً ويسمح له بالسفر لأداء مهمته.
ومن البلاد التي قام علماء الأزهر فيها بدعوة الإسلام ونشر تعاليمه الكويت، وقطر، والسعودية، والعراق، وأفغانستان، والهند، وإندونيسيا، والفلبين، والصومال، والسودان، والمغرب، وأمريكا، وكندا، ونيجيريا، واليمن، بل وكل دول العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا.
وقد ضرب هؤلاء العلماء أروع الأمثلة في البلاد التي سافروا إليها في الدعوة إلى سبيل الله ودين الحق ليظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون.
فالأزهر يقوم بهداية حكيمة تملأ مشارق الأرض ومغاربها نوراً يطمئن به العاقل ويسعد به الأشقياء وتنعم به الإنسانية المعذبة، وتسود كلمة الحق والخير والفضيلة.
ولم ييأس الأزهر من نشر هذه الدعوة ولم يتوقف لحظة واحدة، وتوسع الأزهر بشكل كبير في عصرنا الحاضر في ظل شيخه الفاضل الموقر فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي في إرسال الدعاة إلى الخارج فلا يكاد يوجد بلد من بلاد العالم لم يتمتع بثمرة الأزهر ومن هؤلاء العلماء وشرح حقائق الإسلام وتوضيحها لهم مما كان له الأثر في رغبة الكثير في اعتناق الدين الإسلامي عن صدق وإخلاص.
ومن هنا نلاحظ ذلك الدور الريادى الفعال الذي قام به فضيلة الإمام شيخ الأزهر في مجال الدعوة الإسلامية على المستوى الدولي والعالمي، وجهوده المشكورة في هذا المجال.
بالإضافة إلى جهود فضيلة الإمام الملموسة في ميدان الفكر الإسلامي والدعوة الإسلامية فإنه قد أخذ على عاتقه في هذه الحياة مهمة التنوير والعمل على حشد الأدلة التي بها ينتصر الحق والحرص على شئون المسلمين والاهتمام البالغ بقضاياهم وتقديم أقصى الجهود الممكنة في سبيل إتمام رسالة التنوير والتوجيه بالانتصار على ركام التخلف الفكري والمادي.
ولقد أسهم رحمه الله بنصيب كبير في عملية تبنى قضايا العالم الإسلامي وإثارتها في جميع المحافل الدولية والعالمية وقد حرص فضيلته على طرح هذه القضايا بالأسلوب العلمي المؤثر والدعوة الدؤوبة لإيجاد حل جذري لتلك القضايا التي يئن بها عالمنا الإسلامي المعاصر.
وظل يواصل فضيلة الإمام -رحمه الله حتى وفاته- بدأب على خدمة قضايا المسلمين والدفاع عنها في كل مكان، ويحاول جاهداً أن يظهر الصورة السليمة للتدين الصحيح السليم، كما يجتهد كل الاجتهاد في مطاردة الأفكار العقيمة التي تنتشر باسم الإسلام وتراثه العلمي ودراساته الاستراتيجية تدل دلالة واضحة على هذا الجهد العظيم.
وإن كل من يطلع على كتاباته وبحوثه ومقالاته يرى أنها تحمل في طياتها صرخات عالية من شأنها أن توقظ النيام وتنبه الغافلين، وبها من الاستدلالات ما يرتبط دائماً بالواقع فيقوم معوجه، ويعالج ما به من أمراض ويعين على تسديد المسيرة في ضوء تعاليم الدين السمحة فهو أولاً وقبل كل شئ داعية للدين الإسلامي شغل نهاره وحلم ليله ، فيه يفكر وعنه يتحدث.
ولقد سخر فضيلته للدعوة عقله وقلبه ولسانه وقلمه وجهده وجهاده لله تعالى، ولذلك فإنه عندما يتحدث عن الإسلام وقضاياه فإنما يعبر لسانه وقلمه عما يجيش في صدره ويشغل خاطره.
ولصدق حديثه وإخلاص دعوته نجد كلامه ورأيه ينفذ إلى القلوب فيلهبها بمشاعر اليقين، ومعاني الإيمان الصادق فهو من العارفين بكتاب الله تعالى وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) وإنجازات الحضارة الإسلامية في جميع المجالات.
وهو في نفس الوقت على دراية تامة بالتاريخ الإنساني وعلوم الكون والحياة والثقافة الإنسانية المعاصرة التي تتصل بشتى المذاهب والفلسفات. ولقد انطلق فضيلة الإمام بفكره وقلمه ولغته يتحدث ويكتب عن قضايا العالم الإسلامي قديمها وحديثها مركزاً على القضايا الإسلامية التي تشغل قلب وعقل كل مسلم مخلص لربه ودينه، فتحدث عن قضايا العالم الإسلامي في كل مكان في العالم. هذا إلى جانب العديد من القضايا التي يئن تحت وطأتها العالم الإسلامي في شرق الأرض وغربها.
وقد استطاع بقوة منطقه وبلاغة أسلوبه أن يرد على أباطيل وادعاءات أعداء الإسلام وخصومه في الداخل والخارج، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. وفضيلة الإمام كان من المحققين المدققين يستخدم في بحوثه وحديثه الأدلة والبراهين القاطعة في الرد على أعداء الإسلام وتفنيد شبههم التي يتشدقون بها شبهة شبهة بأسلوب علمي هادف،ومنهج فكري مستنير، يظهر ذلك جلياً لمن تلقى عنه أو طالع كتبه ومصنفاته.
ثم إنه –رحمه الله- شخصية هادئة واقعية موضوعية يشرح ويحلل ويعلل ويرد وينقد بأسلوب هادئ وفكر رشيد، يلاحظ الحال والزمان والمكان وتلك هى سمة العلماء العاملين. فعلماء الأزهر وشيوخه في الحقيقة هم القوانين النفسية المريحة لجميع الشعوب وهى أقوى وأنفذ من قوانين الحكومة لأنها هى وحدها التي تسيطر على الناس دون حاجة إلى رقيب يلاحظ امتثال الأوامر المطلوبة.
فجزى الله فضيلة الإمام الأكبر خير الجزاء على ما قدمه للإسلام والمسلمين من خير عميم ونفع عظيم، ونسأل الله تعالى أن يكلأه برعايته في قبره وفي الآخرة، ويرحمه رحمة واسعة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ومن أراد المزيد من المعلومات و التفاصيل فليرجع إلى كتابنا:
"الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي ... ودوره البارز في مسيرة النهوض بالأزهر"

* المفكر الإسلامي - مستشار وزير الخارجية الكوسوفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.