تحدثت هنا منذ أيام عن مقايضة الوطنية بتذاكر مترو مجانية.. وهي لم تكن مقايضة رخيصة ومسفة وحسب.. ولكن جعلت من "المواطنة" رديفًا ل"التجسس": تنصت على من بجوارك وبلغ عنه الشرطة، إذا بدر منه ما يريب.. تصبح "وطنيًا" وتستحق جائزة "تذكرة" تركب بها المترو.. ويا بلاش. واللافت أن "المقايضة" تحولت في مصر إلى ممارسة سلطوية ممنهجة: تنازل عن جنسيتك المصرية، واحتفظ بجنسيتك الأجنبية إذا كنت تملكها تحظى بتدليع وتدليل الحكومة، ويُفرج عنك فورًا ويطلق سراحك، بمرسوم رئاسي، حتى لو كنت مدانًا في قضية خطيرة.. والقضاء ثبتها عليك!! ولكي ترتقي في سلم الوطنية، وتقفز من درجة "مواطن عادي" إلى منزلة "المواطنين الشرفاء".. فاعمل "بلطجيًا" تحت إمرة حضرة الضابط.. واعتد على المتظاهرين السلميين في الشوارع واقترف ما تيسر لك من اعتداءات، حتى لو بلغت إذلال المتظاهر "جنسيًا"! ولا تعارض النظام.. وإلا أصبحت "متآمرًا" و"طابور خامس" و"عميلاً" وجزءًا من حروب الجيل الرابع.. وتعمل على إسقاط الدولة!! واحذر حال سمعت أغنية "بشرة خير" ألا تنخرط في الرقص البلدي والأفرنجي والقرداتي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.. حتى لو كنت على "مصلية الصلاة".. وإلا أصبحت معاديًا ل30 يونيو.. وفض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" المسلحين بالآربيجيهات والصواريخ المضادة للطائرات!! ولكي لا تكون إخوانيًا.. فاشتم الجماعة آناء الليل وأطراف النهار، واغتسل بالدم المسفوح فإنه "بركة" ويعصمك من التحرش السلطوي والإعلامي المتزلف.. وفي ذات الوقت تبتل في محراب السلطة، وقبل يديك "وش وضهر".. وأذكر دبر كل صلاة نعمة النجاة من مصير مشابه لما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق. وإذا كنت تريد النجاة من "تدبيسك" تهمة قتل متظاهر.. فاحذر أن تضع يدك في جيبك إذا قادك حظك إلى أن تمر في طريقك بالقرب من أي مظاهرة.. وإذا شئت الحصول على مزيد من معلومات للوقاية من تهمة القتل.. وقضاء ما تبقى من عمرك خلف الزنازين المظلمة.. فعليك بالاتصال بالدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي.. الذي اتهم بقتل الناشطة السياسية والقيادية في حزبه شيماء صباغ.. لأنه شوهد في الصور وهو يضع يده في جيبه.. بينما الذين كانوا يحملون المدافع والأسلحة في مواجهة المتظاهرين، كانوا يلبسون "طاقية الاخفا"!! في الماضي قبل الفساد والإفساد المستشري في كل مفاصل الدولة كان يتهكم قليلو التعليم والحظ على فرص أصحاب الشهادات العلمية في التعيين والتوظيف.. بقولهم "بلد شهادات صحيح".. والآن تبدلت الرايات والشعارات وباتت مصر في طبعتها الحالية "بلد مقايضات".. وقائمة المقايضات طويلة ومتجددة وبلا أسقف.. عليك فقط أن تختار: أنت مع أم ضد.. فلا ألوان متدرجة بينهما.. وبحسب قدرتك على التحمل وتقديم التضحيات. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.