بحوث جنوب سيناء يستقبل وفود طلابية لتعزيز التعلم التطبيقي في البيئات الصحراوية    وزير الخارجية يدعو إلى سرعة تشكيل "القوة الدولية" في غزة    وزارة الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على قريتين أخريَيْن شرقي أوكرانيا    القاهرة الإخبارية: غياب الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال يعكس عمق التحديات التي تواجه لبنان    وفاة نبيل خشبة أمين صندوق اتحاد كرة اليد    بذكريات الهاتريك.. مرموش يسعى لاستعادة تألقه في البريميرليج أمام نيوكاسل    تاريخ مواجهات الأهلي وشبيبة القبائل قبل لقاء اليوم    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    إسلام سمير: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    إيداع اللاعب رمضان صبحي في قفص الاتهام    "التضامن": بدء سداد قيمة رسوم اشتراك الرحلة من الحجاج بداية من غد الأحد    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    أكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية عن كيفية كشف تزوير وثائق السفر    غرفة السياحة تشيد بجهود الأجهزة الأمنية في مكافحة عمل سماسرة الحج والعمرة    وزارة الصناعة: تخصيص 100 قطعة أرض لمشروعات صناعية جديدة في 16 محافظة    جهاز تنمية المشروعات يشارك في قمة المعرفة التي تنظمها مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    انتخابات النواب، إقبال متواصل للمصريين بالخارج في اليوم الثاني داخل 4 دول    رئيس الوزراء يشارك في فعاليات قمة مجموعة العشرين «G20» بجوهانسبرج    حملات مرورية.. الأوناش ترفع 39 سيارة ودراجة نارية متهالكة    خاص| لجنة من «تعليم القاهرة» تبدأ التحقيق في وقائع مدرسة سيدز للغات    وفاة شاب إثر اصطدام دراجته النارية بشجرة على طريق بحيرة قارون بالفيوم    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    سوريا.. فرق الإطفاء تكافح لإخماد حرائق غابات في اللاذقية وسط صعوبات    إنقاذ حياة مريض بعد جراحة معقدة لإزالة سدة بالشريان السباتي بمستشفى السنبلاوين    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    إقبال المصريين على سفارة مصر بباريس في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    بعد تصدره التريند.. موعد عرض برنامج «دولة التلاوة» والقنوات الناقلة    استخدمت لأداء المهام المنزلية، سر عرض تماثيل الخدم في المتحف المصري بالتحرير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    فاركو يواجه سيراميكا بحثا عن استفاقة في الدوري    عاشور يناقش مع خبراء تطوير التعليم العالي بالاتحاد الأوروبي تعزيز آفاق التعاون الدولي    وصفات من مكونات طبيعية لتنظيف القولون في المنزل    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 نوفمبر 2025    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    موعد تطبيق منظومة السيارات الجديدة بديلة التوك توك فى الجيزة    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    شيكو بانزا يظهر فى مران الزمالك الأخير استعدادا ل زيسكو بعد وفاة شقيقه    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    سعر الجنيه الإسترلينى اليوم السبت فى البنوك 22-11-2025    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات من أرشيف النظم العربية د. شريف عبد اللطيف
نشر في المصريون يوم 21 - 06 - 2011

منذ سنوات أظهرت شبكة الجزيرة نت استطلاعا للرأي في العالم العربي حول صمت الأنظمة العربية الفادح الفاضح بعد نشر الأمريكان لصور التعذيب والامتهان في سجن أبي غريب بالعراق، وأشارت نتيجة الاستطلاع إلى أن أكثر من 86% من المصوتين يعزون سبب هذا الصمت إلى أن تلك الأنظمة العربية بأجهزتها الأمنية -التي تنفق مليارات الدولارات من أموال ومقدرات شعوبها سنويا على مرتبات الزبانية وأدوات التعذيب بتقنيتها الحديثة والمسالخ والأقبية والمقابر الجماعية- تمارس على ذات الشعوب صورا من القمع والتعذيب البدني والامتهان النفسي أبشع مما أظهرته أمريكا في أبي غريب عن قصد وعلم وثقة بعواقب نشرها، بل إن الأدهى من ذلك أن شهود عيان أثبتوا تورط ضباط أمن مصريين وعرب في التعذيب والتحقيق مع معتقلي سجن أبي غريب وغيره من سجون الاحتلال في العراق وأفغانستان.
ولكن هناك 14% صوتوا عكس ذلك، ولم يذكروا قناعتهم وتبريرهم للصمت العربي الكئيب آنذاك، فيظهر لي أن هذه النسبة هي نسبة المغفلين والأفراد الممثلين لهذه الأنظمة المسخ ولتلك الأجهزة اللقيطة، التي كشفت الأحداث الأخيرة في العالم العربي والمقالات المنشورة في الصحافة الأمريكية والإسرائيلية وشهود عيان ممن قدر الله لهم أن يروا النور ويخرجوا للدنيا أن علاقة وثيقة تربط هذه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بالموساد، والمخابرات الأمريكية الcia، يكفيك ما نشر منذ أسابيع في الصحف الأمريكية عن مبارك، وقصة التعاون بين المخابرات الأمريكية وعمر سليمان وحكاية ذراع محمد الظواهري، والخط الساخن بين سليمان ونتنياهو من أجل تصفية جيوب حماس؛ لأنها على حد زعمهم تقف حجر عثرة أمام المضي قدما في عملية السلام، وبات معلوما للجميع حجم التعاون المفضوح بين نظام باكستان ودول الخليج من جانب والنظام الأمريكي من جانب آخر من أجل جلب الناس دون محاكمة وإيداعهم رهن التعذيب والموت في جوانتانامو.
شاهد عيان من أبناء الجماعة الإسلامية كان معتقلا في التسعينيات من عصر مبارك، يقول: مورست علينا أشد أنواع العذاب وكان يدهشنا أنهم يصوروننا ونحن نعذب عرايا والدم يسيل من كل مكان في أجسادنا، ثم يحتفظون بهذه الصور والمقاطع في أرشيفهم كشرائط فيديو وربما أحالوها لأسطوانات كمبيوتر. قال: فلما انكشفت الغمة وهدأ الأمر قليلا أصبح يدور بيننا وبين ضباط الأمن نقاش، وكان السؤال يراودني حتى سألت أحدهم، فأجابني بصاعقة فقال: إننا نرسل هذه الصور والفيديوهات إلى المسئولين وهم بدورهم يرسلونها إلى المخابرات الأمريكية. فقلت: لعلنا الآن أكثر ثقة في صحة نتيجة التصويت التي أظهرتها شبكة الجزيرة حول أحداث أبي غريب، فالأمر كما يقول الأستاذ مرتضى منصور لمخالفيه دائما: (ملفاتك عندي) فيخسئون ولا يتكلمون، ففي أثناء مشاهدتي لبرنامج رياضي وفيه أحد أعضاء الإتحاد وهو متكلم ومتبجح وصل حد اللدد في الخصومة مع مناوئيه أن خلع لهم البنطال في الجبلاية (إتحاد الكرة)، ولكن بمجرد أن جاءه اتصال مرتضى منصور على الهواء استحال حملا وديعا؛ إذ قال منصور: (متجبش سيرتي على لسانك، ملفاتك عندي، متلعبش مع الأسد) فكان الرد: حاضر يا سيادة المستشار، ولم يكتف منصور بذلك، بل قال كأنه يؤدب طفلا صغيرا خرج عن النص: (قول أنا مش هلعب مع الأسد)، فقال صاغرا: (أنا مش هلعب مع الأسد).
الأمر لم يقف عند حد قمع المعارضة في البلاد العربية، بل تعداه إلى تصفية المعارضة جسديا، فمن صفحات الأرشيف السوري مجزرة سجن تدمر التي نفذتها سرايا الدفاع التابعة لنظام الرئيس حافظ الأسد وهي تمثل طرفا يسيرا من واقع حقوق الإنسان في سورية، وتكشف عن مئات من معتقلي الرأي الأبرياء حُصدوا بنيران من يفترض أن يحموهم ويؤمنوا لهم محاكمات عادلة، ثلة مختارة من أبناء المجتمع السوري من المثقفين والمفكرين وأهل الدين، كانوا خليطا من الأطباء والمهندسين والمعلمين والحرفيين والفلاحين، منهم الحدث والشاب والكهل، وفيهم العربي والكردي والتركماني، وفيهم الرهينة عن ابنه أو أبيه أو قريبه ممن لا ذنب لهم، كلهم ذبحوا بدم بارد، كل تهمتهم أنهم عارضوا النظام السوري الدموي الطائفي، فقام الأجهزة الأمنية السورية بسبك مسرحية مفادها أن ثلة من الإخوان حاولوا اغتيال الزعيم القائد حافظ الضبع، مسرحية تشبه مسرحية حادث المنشية في مصر عام 1954م التي تعرض لها الزعيم الملهم عبد الناصر –على حد زعمهم- وكانت بعد تمهيدا لمذبحة السجن الحربي وخلافه من سجون ناصر.
فالحجة والذريعة التي قام على أساسها قتل الأبرياء السوريين في سجن تدمر لم تكن دقيقة، وغير صحيحة من أساسها. ولا زالت الأعوام تمر على هذه المأساة ويرفض نظام الأسد الكشف عن أسماء هؤلاء الضحايا.
القصة حسبما أفادت تصريحات شهود عيان -ممن عملوا في سرايا الدفاع- للجنة السورية لحقوق الإنسان أنه في يوم 26/6/1980م تعرض الرئيس حافظ الأسد لمحاولة اغتيال مزعومة مرسومة، أو مدبرة فاشلة من أحد عناصر حرسه الجمهوري فأصدر حكما بالإعدام على جماعة الإخوان المسلمين وأمر بإصدار قانون بذلك فصدر القانون 49/1980 بعد أحد عشر يوماً وأوكل لأجهزة الأمن والمخابرات ومحاكم الميدان العسكرية تنفيذه. واعتقل 56 فردا من أسرة الجندي وأقاربه وأصهاره -ولم يكن لا هو ولا هم على علاقة بالإخوان المسلمين أو غيرها من التنظيمات الإسلامية- وقتلوا جميعا.
وفي فجر اليوم الثاني 27/6/1980م، حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحا كان اجتماع في قاعة السينما الموجودة في اللواء 40 بما فيه السلاح الميداني الكامل، وكان عدد المجموعة الموجودة من اللواء 40 حوالي 100 عنصر مع ثلاثة ضباط بعد ذلك حضر قائد اللواء وألقي كلمة، وسب الأخوان وقال لجنوده الآن سنكلفكم بأول مهمة قتالية –ليست إلى الجولان طبعا- اليوم راح تقوموا بهجوم علي أكبر وكر للأخوان وهو سجن تدمر، مين ما بده يقاتل، (طبعا ما حدا رفع إيده، فإما أن تكون قاتلا ظالما أو مقتولا مظلوما، والجبن دائما ما يدفع صاحبه إلى الخيار الأول) ثم أخذهم إلى مطار المزة حيث انضمت إليهم مجموعة من اللواء 132 يقدر عددها بحوالي 100 عنصر، بالإضافة إلى 9 طائرات هيليوكوبتر، ثم جمعوا الجنود على شكل مجموعات وكل مجموعة تسلمها ضابط، وكل طائرة تسع لحوالي 24 عنصر، وانتقوا حوالي 80 عنصر، وحوالي 20 عنصر لحماية الطائرات، والباقي خلوهم على شكل احتياط في المطار، ثم توجهت العناصر التي انتقوها لتنفيذ العملية البطولية داخل السجن، وبدأ إطلاق نار ودوي انفجار 7 قنابل لمدة ثلاثة أرباع الساعة، حصدوا فيها المساجين العزل وهم يستنجدون ويهتفون: "الله أكبر" ويستعطفون الجنود ألا يسفكوا الدم بغير حله قائلين بالعامية السورية: "مشان الله، مشان محمد، مشان أمك، مشان أختك، مشان ما تقتلنا".
ثم خرجت عناصر المهمة الدنسة ملطخة ثيابهم بالدماء الطاهرة، ثم رجعوا إلى مطار المزة الساعة 12 ظهرا، واجتمعوا في السينما مرة أخرى حيث ألقى قائد اللواء الرائد معين ناصيف كلمة شكر وقال: "انتوا قمتوا الآن بعمل بطولة، بعمل رجولة، مع العلم إن أول مرة بنكلفكوا بهيك مهمة، ما لازم تطلع هالعملية خارج منا، يعني لازم تضل مكتومة وسرية" ثم أعطى لكل مجرم اشترك في المهمة 200 ليره سوري مكافأة.
ومع أن السلطات السورية لم تكشف عن هذه المجزرة الرهيبة، إلا أن أخبارها تسربت بعد وقوعها بأيام قليلة، ثم كشفت تفاصيلها بعد اعتقال السلطات الأردنية لعسكريين شاركوا فيها كانوا على وشك تنفيذ أعمال إرهابية. ومرت السنون على مذبحة سجن تدمر الصحراوي التي أجهزت على نحو ألف أو يزيدون من المعتقلين الإسلاميين وهم مصفدون في زنازينهم، ولا يزال السفاحون طلقاء دون أي مساءلة دولية وما يزال النظام البعثي يلغ في دماء السوريين على مرأى ومسمع من أحرار العالم.
ومن الأرشيف (مجزرة صيدنايا) فحسب اتصال شهود عيون باللجنة السورية لحقوق الإنسان في صباح اليوم الباكر (5/7/2008م) وصلت قوة تعزيز إضافية من الشرطة العسكرية تقدر بين 300-400 شرطي، وبدأت حملة تفتيش بطريقة استفزازية مهينة تخللتها مشادات كلامية مع المعتقلين السياسيين، ثم بدأوا بتصعيد الاستفزازات وقاموا بوضع نسخ المصحف الشريف الموجودة بحوزة المعتقلين السياسيين الإسلاميين على الأرض والدوس عليه أكثر من مرة مما أثار احتجاج المعتقلين الإسلاميين الذين تدافعوا نحو الشرطة لاسترداد نسخ المصحف الشريف منهم ففتح عندها عناصر الشرطة العسكرية النار وقتلوا تسعة منهم على الفور. إثر ذلك عمت الفوضى في السجن لا سيما وأن المعتقلين تلقوا تهديدات بمجزرة على غرار مجزرة تدمر خلال الأسابيع الماضية، فبدأوا بخلع الأبواب على أقفالها وخرجوا للتصدي للشرطة العسكرية التي فتحت عليهم النار مجدداً مما أوصل عدد القتلى إلى نحو 25 قتيلاً.
كان عدد المعتقلين الغاضبين أكثر بكثير من عدد الشرطة العسكرية لذلك استطاعوا توقيفهم واتخذوهم رهائن مع مدير السجن وأربع ضباط آخرين وخمسة برتبة مساعد أول، واستسلم جميع من بداخل السجن بعد أسر هؤلاء، كما أخذوا هواتفهم النقالة واتصلوا بالعالم الخارجي لإخبارهم بما يجري، لكن بقية كتيبة الشرطة العسكرية المرابطة حول السجن مع التعزيزات التي وصلتهم فوراً قاموا بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية داخل السجن فهرب المعتقلون إلى سطح السجن وبقوا هناك حتى الساعة الثالثة بتوقيت دمشق حيث انقطع الاتصال مع المصدر بعد ذلك.
ثم استقدمت السلطات الأمنية السورية حوالي 30 دبابة ومدرعة بالإضافة إلى عدد كبير من قوات حفظ النظام ومكافحة الشغب المعززة بالقناصة والأليات والدروع، وفي حوالي الساعة الثانية عشر ظهراً بتوقيت دمشق بدأت عملية تفاوض بين المعتقلين وقوات الأمن. وقد انتدب المعتقلون السجين سمير البحر (60 سنة) لنقل الرسائل المتبادلة بينهم وبين الأمن. كان مطلب المعتقلين الوحيد هو الحصول على وعد قاطع بعدم قتلهم في حال استسلامهم، وقدموا على ذلك دليلاً بحسن النية أنهم لم يستخدموا السلاح الذي وقع بأيديهم، وأنهم مسالمون وأنهم احتجوا فقط على الإهانات والإساءات التي يتعرضون لها، السلطات من جهتها رفضت منحهم أي وعد بعدم قتلهم أو إيذائهم وتطالبهم بالاستسلام فوراً وإطلاق الرهائن، ثم يتحدثون بباقي القضايا. هددت السلطات باقتحام السجن في حال استمر الرفض ودخوله بالقوة ولو أوقع ألف قتيلاً. نقل المعتقل المراسل سمير البحر رفض المعتقلين فقاموا بضربه وأخذوه في سيارة مصفحة بعيداً عن السجن. بقيت الأمور عالقة عن هذه النقطة وفقد الاتصال بالمصدر من داخل سجن صيدنايا.
السلطات السورية من جهتها تجاهلت الموضوع وتكتمت عليه ولم تصدر أي بيان توضح ما يحصل في سجن صيدنايا العسكري الذي يوجد فيه زهاء 3000 معتقلاً سياسياً حسب آخر التقديرات.
اتصل عشرات من أهالي المعتقلين باللجنة السورية لحقوق الإنسان للاستفسار عن أقاربهم وأولادهم وآبائهم سواء من داخل سورية أو من خارجها بالهاتف وبالبريد الالكتروني وبرسائل الهاتف في ظل إشاعات لم تثبت عن تعرض السجن للقصف الجوي مما أشاع حالة من الرعب والخوف على مصير أحبائهم.
وقد بثت شبكة شام الإخبارية على موقع يوتيوب شريط فيديو لمجزرة سجن صيدنايا التي ارتكبها النظام السوري بحق المساجين بحجة التمرّد عام 2008م، وأظهر الشريط عدة جثث مشوهة ونسخة من القرآن الكريم ملقاة على الأرض كما ظهر العميد الركن ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد يحمل جهاز خليوي مع عناصر من الجيش السوري.
وفي سجن صيدنايا العسكري في منتصف فبراير الماضي، قامت مجموعة من الشرطة العسكرية قوامها 40 عنصراً بالدخول إلى السجن واستفزاز المعتقلين مما أدى إلى ردة فعل عفوية من قبل المعتقلين وكانت المحصلة الأولية سقوط عدد من القتلى والجرحى، وحضر اللواء محمد الشعار ليشرف بنفسه على إدارة العملية، ومحمد الشعار معروف بدوره السيئ في أحداث الثمانينات في محافظة حمص حيث كان نقيباً في المخابرات العسكرية تحت أمرة غازي كنعان.
وما يحدث في سجن صيدنايا، هو بعينه ما تمارسه السلطة السورية في سجون تدمر والمزة وكفر سوسة والشيخ حسن والقلعة والبالوني وسواها من المعتقلات حيث أزهقت أرواح عشرات الآلاف من الأرواح البريئة التي صعدت تشكو جور الحاكم وتخاذل المدافعين عن حقوق الآدميين. وتدعو كافة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى إدانة ما جرى ويجري وإلى التدخل الفوري لكشف الممارسات الرهيبة واستنكارها ووقفها.
ومن الأرشيف: مجزرة القامشلي في 12 مارس/آذار عام 2004م، حيث قامت أعمال شغب واضطرابات في المناطق الكردية السورية إثر مباراة كرة قدم بين فريقي (الجهاد والفتوة)، ووقعت مواجهات عنيفة بين الأكراد أنصار فريق الجهاد وبعض العشائر العربية من أنصار فريق الفتوة، وسرعان ما تدخلت فيها قوات الأمن السوريّة بوحشيتها المعهودة، فامتدت الاضطرابات إلى بقية المدن التي يسكنها أكراد واستمرت 6 أيام، تلاها قمع وحشي من أجهزة الأمن السوري مما أدى إلى مقتل 40 مواطناً كرديا وفق مصادر كردية، و25 قتيلا وفق حصيلة رسمية سوريّة، ومئات الجرحى، ونحو 2000 معتقل كردي وفق مصادر الأكراد، مع تعرضهم للتعذيب الوحشي في الأقبية المظلمة لأجهزة الأمن السوري، وما رافقها من هجمة إعلامية موجهة، حيث اتهمت الحكومة السورية جهات كردية خارجية -بتحريض من الولايات المتحدة- بدعم المتظاهرين لفصل منطقة القامشلي عن سوريا.
ومن المؤسف أنه لا يوجد كشف كامل بأسماء ضحايا هذه المجازر المستمرة، ولا يعلم إلى اليوم أماكن دفنهم، فكيف لنا أن نطمع مع اللجنة السورية لحقوق الإنسان في الحصول على محاضر المحاكمات التي حكمت عليهم بهذا المصير المروع.
ومن الأرشيف الليبي تعتبر مجزرة بوسليم إحدى أكبر المجازر الجماعية التي ارتكبها نظام القذافي في ليبيا، حيث راح ضحيتها نحو 1200 معتقل معظمهم من سجناء الرأي ليبيين وفلسطينيين وعرب. وتعد المجزرة إحدى أبرز القضايا التي ألهبت مشاعر الثورة الليبية التي انطلقت منتصف فبراير/شباط 2011م، وخلافا لبقية السجون، لا سلطة لوزارة العدل الليبية على سجن بوسليم الذي يتولى الأمن الداخلي الإشراف عليه والمسؤولية عنه، وهو ما يشكل مخالفة للقانون الليبي الذي يعطي الوصاية عن السجون لوزارة العدل.
وقعت المجزرة عندما داهمت قوات خاصة يوم 29 يونيو/حزيران 1996م السجن الواقع في ضواحي العاصمة طرابلس، وأطلقت النار على السجناء بدعوى تمردهم داخل السجن الذي يعد الأكثر تحصينا وحراسة في ليبيا. ولقد طالب أهالي الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان طيلة سنوات بالكشف عن مصير السجناء، إلا أن نظام القذافي بقي يتكتم على الجريمة ويمنع أي حديث عنها، حتى العام 2009م عندما بدأ بإبلاغ أهالي القتلى نبأ وفاة أبنائهم.
وخلال السنتين الماضيتين صعّد أهالي الضحايا والمفقودين من تحركاتهم ووقفاتهم الاحتجاجية للمطالبة بمعرفة مصير جميع المعتقلين، والكشف عن أسباب الوفاة عبر تشريح الجثث، وفتح تحقيق يحدد المسؤوليات. وفي مواجهة الضغوط عرض النظام الليبي منح أهالي الضحايا تعويضات تقدر ب120 ألف دينار ليبي (98 ألف دولار) للأعزب، و130 ألف دينار (106 آلاف دولار) للمتزوج، مقابل عدم مقاضاة أجهزة الدولة في الداخل والخارج، لكن الأهالي رفضوا تلك التعويضات وتمسكوا بحقهم في معرفة ما جرى في السجن وأماكن دفن القتلى ومعاقبة المسئولين.
وقد نشرت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا تقريرا مفصلا عن المجزرة، حسب وصف شاهد عيان أنه قد استخدمت في هذه المجزرة القنابل يدوية و البنادق الكلاشنكوف ورشاشات الأغراض العامة والغدارات وغيرها. كل هذه المعدات استخدمت لحصد من ألصقت بهم تهمة الزندقة، بعد جلبهم إلى المعتقل حسب إرشاد مكتب مكافحة الزندقة التابع لجهاز الأمن الداخلي.
استمرت الحرب داخل السجن نحو ساعة، وبقيت بعدها الجثث ملقاة على الأرض حتى الليل، عندها دخلت شاحنة ثلاجة تابعة لشركة نقل اللحوم وأخرى تابعة للصيد البحري، وقام الحراس بوضع الجثث داخل الثلاجات، ولم تخرج السيارات إلا في الصباح الباكر، وبقى الحال دون حركة حتى الليل يوم الأحد، حيث جاءت السيارة مرة أخري، وقامت بنفس العملية وفي الاثنين ونظراً لشدة حرارة الجو تعفنت الجثث ولم يعد ممكنا نقلها بتلك الطريقة فأحضروا حاوية كبيرة ورافعة صغيرة قامت بحمل الجثث ووضعها في الحاوية ودامت هذه الحالة حتى يوم الثلاثاء ولم يتمكنوا من القضاء على الرائحة المنبعثة من الجثث رغم كثرة المبيدات التي قاموا برشها داخل السجن وخارجه، ولم يعلم إلى الآن في أي مكان دفنت هذه الجثث.
لعلنا بعد استعراضنا صفحات قليلة من أرشيف النظم العربية المخزي ندرك سبب صمت المتحدثين باسم هذه الأنظمة حيال انتهاك العدو لآدمية الإنسان العربي وتدنيس المصحف الشريف، وهدم البيوت على رؤوس أصحابها في درعا ومصراتة (معذرة: أقصد غزة والفالوجة) وقتل حمزة الخطيب (معذرة مرة أخرى: أقصد محمد الدرة)، وصدق الشاعر:
لا يلام الذئب على فعله *** إذا كان الراعي عدو الغنم
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.